بسبب الثلوج.. “سكان المغرب الأولون” يفترشون الأرض وينامون في العراء

منتصر إثري

بين قساوة الثلوج الكثيفة والبرد القارس، وبين الفقر والتهميش و العزلة التامة عن العالم الخارجي، تتضاعف معاناة الأمازيغ في قرى وبلدات “المغرب المنسي” مع كل فصل الشتاء، نظرا لقساوة المناخ التي تزداد سوء في فصل الشتاء بسبب الثلوج الكثيفة التي تحاصر الساكنة في بيوتها الطينية الآلية للسقوط، وفيها من سقط بالفعل، والفقر الذي يحاصرهم من كل زاوية وفي كل الفصول.

معاناة سكان المغرب الأولون، تتكرر وتزداد في كل فصل شتاء، هذا الفصل الذي يعري واقع مؤلم ومحزن ومؤسف تعيشه ساكنة المغرب المنتفع به في القرن الـ21، وفي مغرب التنمية البشرية وفك العزلة عن العالم القروي والمساواة وخطابات وهلم جر من شعارات مزركشة لا تمت للواقع الذي يعيش فيه هؤلاء بصلة، من “إمكون حتى مسمرير، ومن تازارين حتى تنغير”، ومن “مراكش حتى لتوبقال” ومن الخميسات حتى القباب وأزيلال وقرى وبلدات الأطلس المتوسط”، وفي قرى سوس والريف، يتشارك سكان المغرب الأقدمون في المعاناة والحرمان، في الحصار والتهميش، في الإقصاء واستنزاف ثرواتهم وخيراتهم، وتركهم في بيوتهم الطينية يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت الثلوج الكثيفة التي تحاصرهم من كل مكان.

سكان المغرب الأقدمون، هذه الأيام يقاومون بعزة النفس لإنقاذ أبنائهم وأطفالهم من الموت، في منطقة الريش بإقليم الرشيدية، تفاقمت معاناة الساكنة بسبب ضعف البنية التحتية في ظل التساقطات الثلجية التي استمرت لأزيد من ثلاثة أيام، هذا ما تسبب في سقوط عدد من البيوت الطينية التي لم تتحمل الكمية الكثيفة من الثلوج التي سقطت على أسطحها، وهذا ما دفع بعدد من العائلات وأطفالها الصغار للخروج هربا من الموت، لكن لسوء حضهم لم يجدوا غير الأرض والسماء، ناموا في العراء وأطلقوا النداءات ولا من مجيب.

معاناة ساكنة منطقة الريش، نفسها معاناة ساكنة منطقة أملاكو بنفس الإقليم، والتي عاشت هي الأخرى معاناة جمة بسبب موجة الصقيع والثلوج الكثيفة والأمطار التي أفضت إلى عزل المنطقة بأكملها عن محيطها الخارجي وتركت الساكنة في بيوتها الطينية المهترئة تواجه مصيرها. ذات المعاناة تكررت في المناطق الواقعة بين إقليمي تنغير وأزيلال، حيث واجهت الآلاف من الأسر وضعية كارثة مع تساقط الثلوج الكثيفة في قراهم ومداشرهم، وهذا ما تسبب في عزل المناطق ومحاصرة العائلات في بيوتها وتوقف الحياة وارتفاع المواد الغذائية وتوقف الدراسة والعمل، مما زاد من معاناة الساكنة .

تساقط الثلوج في بعض المناطق الجبلية والنائية في المغرب المنسي، لم تستثني كذلك ساكنة إميلشيل والمناطق المحيطة بها، إذ تعيش الساكنة هذه الأيام المعاناة والمآسي بالجملة، وهي المعاناة التي تعيشها خلال فترة تساقط الثلوج في كل موسم، بالإضافة للمعاناة القاسية الأخرى من انقطاع الكهرباء والطرقات المهترئة وغياب المواد الغذائية وارتفاع أثمنتها في غياب لأي مراقبة. وفي غياب تام للحكومة والمنتخبين والمسؤولين الذين يعيشون في “فيلاتهم” المكيفة بالرباط، إجابات واضحة عن الهوة والفرق الشاسع بين المواطنين والمسؤولين، وهذا ما لخصه قائد بمنطقة “أكدال” بين تنغير و اميلشيل، عندما أجاب مواطن بالقول: “شكون أنتما، متنعرفكومش”.

مآسي ومعاناة سكان المغرب الأولون المهمشون والمنسيون، تتنقل من قرية إلى أخرى، ومن إقليم إلى الأخر، ومن جهة إلى أخرى، وتتقاسمها الأسر والساكنة المهمشة، في مغرب “منتفع به”، مغرب يزخر بالثروات المعدنية الطبيعية، الفضة، الذهب، النحاس، الزنك و… و..، وكل أنواع المعادن، لكن قدر أحفاد الملكة ديهيا وماسينيسا هو أن يقاوموا ويشمروا على سواعدهم إن أرادوا الاستمرار على قيد الحياة في وطنهم.

شاهد أيضاً

ندوة دولية بأكادير حول أهمية التربة في التنمية المستدامة

افتتحت يوم الاثنين فاتح يوليوز بأكادير ندوة دولية حول موضوع “متجذرة في القدرة على الصمود: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *