بعد 20 سنة وأكثر من البحوث العلمية يجيب كتاب “التونسيون: من هم ؟ ومن أين جاؤوا ؟» على عديد الأسئلة الحائرة حول الهوية والأصول والأعراق المعروفة والمجهولة في تونس.
وقد صدر الكتاب باللغة الفرنسية في تأليف جماعي تحت إشراف الدكتورة في علم المناعة آمال بن عمار القعيّد، وهي مختصة في علم المناعة وعضو قار ومديرة قسم العلوم ببيت الحكمة.
ويضم هذا الكتاب في طياته، وفق ما أوردته جريدة “المغرب” التونسية، إضاءات حول “الاستيطان القديم والحديث للبلاد التونسية حسب ما أثبته علم وراثة المجموعات الإنسانية”.
“وتم تقييم وتأريخ الهجرات الاستيطانية لتونس وشمال إفريقيا، استنادا للتنوع الجيني العالي للسكان التونسيين الحاليين، حسب المصدر الإعلامي التونسي، ثمرة عمل دؤوب امتد على عشرين سنة ونيف، قام به أعضاء مخبر علم الوراثة والمناعة والأمراض البشرية بكلية العلوم بتونس تحت إشراف الدكتورة آمال بن عمار القعيّد. وهو أيضا باكورة ملخص وترجمة لنتائج أبحاث قيمة منشورة في كبرى المجلات العلمية المرموقة”.
وقد أبرز هذا الكتاب “امتداد استيطان شمال إفريقيا إلى عصور ما قبل التاريخ، حيث وجد التهجين والاختلاط، وحيث حددت الأحداث الديمغرافية للعصرين الحجريين القديم والحديث التركيبة الوراثية للسكان الحاليين لتونس. كما إن الوافدين على شمال إفريقيا خلال الحقبة التاريخية قد أثروا في التنوع الجيني للمرحلة السابقة”.
وخلص الكتاب إلى أنّ “مؤشرات التنوع الجيني أثبتت أن الأصول الجينية القادمة من إفريقيا جنوب إفريقيا تعود إلى أكثر من 20000 ألف سنة قبل الحاضر. ينضاف إلى هذه الوفود الإفريقية الأولى العنصر الأيبيري أو الأيييروموريسي صانع الحضارة الساحلية الأيبيروموريسية. حيث يعود تاريخ الهجرة الأيبيرية لشمال إفريقيا حسب ما تبينه أبحاثنا إلى ما يزيد عن 10000 سنة خلت. كما تجدر الإشارة إلى أنّ العنصر الأيبيري الوافد كان حصريا من الإناث. وبالتالي فإن التهجين الأيييروموريسي مع العنصر الإفريقي يعتبر دون شك العامل الثاني الذي حدد الهوية الوراثية لشمال إفريقيا عامة والبلاد التونسية خاصة”. تورد “المغرب”.
كما أشار كتاب «التونسيون: من هم ؟ ومن أين جاؤوا ؟» إلى أنّ الوفود القادمة من الشرق الأوسط والأدنى إلى عصور ما قبل التاريخ معظمها يتزامن مع انتشار الفلاحة خلال العصر الحجري الحديث وتتفاوت المساهمات الشرق الأوسطية حسب الجهات بشمال إفريقيا عامة وتونس خاصة”.
ويرى الباحثون الذين ساهموا في محتوى الكتاب أنّ “العنصر الأمازيغي يعتبر خلاصة هذا التهجين المتعدد منذ عصور ما قبل التاريخ. كما إنّ الأمازيغ غير متجانسين وراثيا رغم وجود كروموزوم Y يميزهم. وهذا ما يثبت إلى حد كبير أن الأمازيغ هم ثقافة وليسوا مجموعة عرقية بالمعنى الوراثي للمصطلح”.
وأكدت الدراسة أن 72 بالمائة من سلالات الأب من شمال إفريقيا، مشيرة إلى أن الشعب التونسي يمثل “فسيفساء من الأجناس كل له تركيبته. كما كشفت الدراسات المنجزة تنوّعا جينيّا كبيرا من الأمازيغ الذين يمثّلون القاعدة الشعبيّة في تونس».
وقد عرّج كتاب «التونسيون: من هم ؟ ومن أين جاؤوا ؟» على دور التجارة البحرية للفينيقيين وغزو الهلاليين والهجرة الأندلسية في رسم ملامح الهوية التونسية وإثراء الأصول الجينية.
وانتهى كتاب «التونسيون: من هم ؟ ومن أين جاؤوا ؟» إلى أن “ما يميز هذه البنية الوراثية هو طابعها الفسيفسائي القائم على تمايز الأصول الوراثية للسكان دون أي تأثير عرقي أو جغرافي أو ألسني. وفي ما يلي النقاط، الرئيسية المشتركة بين هؤلاء السكان : غلبة السلالة الأمازيغية الأبوية الرئيسية في تونس مع سلالات أمومة أكثر تنوعا وأغلبية مكوناتها أوروبية: في المتوسط 72 % من سلالات الأب من شمال إفريقيا بينما 45 % من سلالات الأمهات أوروبية. وفق ما ذكره المصدر الإعلامي التونسي.