بن كيران والعقل المغربي، من ينتصر؟

عبد النبي إدسالم

إنهمك أطباء العدالة والتنمية المتخصصون وغير المتخصصون منهم لعلاج آفات المغرب في ولايتهم الحكومية، متبجحين منذ البداية على أن لهم دواء الداء، غير أنهم وجدوا تخصصاتهم لا تجدي نفعا مع أمراض المغرب المزمنة، وتحول معها خطاب زعيمهم الفريد من نوعه وبرنامجهم الانتخابي إلى هرطقات تزيد أدان المغاربة مرضا، وزادت قراراتهم من حدة استنزاف جيوب الفقراء الضعفاء لصالح الأغنياء الأقوياء، ليتحول معها ما قاله الخبير الاقتصادي ستيغليتز “عندما فقدت البورجوازية عقلها” في تحليله للنظام الرأسمالي، إلى قولنا نحن “عندما فقدت العدالة والتنمية عقلها” وخلخلت معها عقول وجيوب المغاربة. ولكم في قراءة البرنامج الانتخابي للعدالة والتنمية لتبين لكم الخيط الأبيض من الأسود، من ارتفاع الأسعار، والتوظيفات المشبوهة، وتعثر إصلاح التعليم، وتزايد أفواج المعطلين، ووقف تنزيل الدستور إلى إشعار آخر، ووضع ملف الأمازيغية في الرفوف، إلى الشوكولاطة وأتاي… وارتفاع المديونية الخارجية إلى أرقام قياسية لأول مرة يستدعي منا عقود من الزمن للفك منها، أمر يبدو وأنه من سابع المستحيلات إذ سنظل رهائنها الأبديين ما لم نعثر على عصا موسى نشق بها الأعماق بحثا عن الذهب والبترول لنلتحق بركب البترودولار.

وجرى لبن كيران ورفاقه ما يقول عنه المثل الأمازيغي “تفلك تاكوت غيلي غاتفال أوشن” أي “تركك الضباب الكثيف حيث يترك الذئب” ليظهر الذئب للعيان فأطلق أرجله للريح أمام صيحات الرعاة وعواء الكلاب. ويقول المولى سبحانه وتعالى في القران الكريم: هل ننبئكم بألاخسرين أعمالا. الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا” سورة الكهف18-13، وهذا ما ينطبق على رئيس حكومتنا الموقرة.

الشعب المغربي إذن أمام مفترق الطرق حيال هذا الحزب الذي ملأ الدنيا هرجا ومرجا، وتنبين أنه مجرد سيرك يأتيه العباد من كل فج عميق للترويح عن نفوسهم المكتوية بألام اليومي الذي لا يقبل التأجيل، وزاد من هوله إبن كيران، فهل سيقول الشعب المغربي لساكن حي الليمون وحزبه وداعا، على غرار قصيدة “وداعاً .. أيها الدفترْ” لنزار قباني، وداعا يا بن كيران فأنت التمساح والعفريت النفريت، أم أنهم سيعلنون “نهاية العقل المغربي” بإعادته مرة أخرى ليتربع على عرش الانتخابات المقبلة.، فلا نريد للعقل المغربي أن ينتهي ولا أن يموت ولا حتى أن يتوقف للحظة لأننا لم نألف منه ذلك.

المهم أن قناع بن كيران قد سقط أمام العقل المغربي، هذا الأخير سيظل حاضرا إلى أن يرث الأرض ومن عليها، فهو الذي ترك للبي جيدي فرصة التفنن في فن الخطابة حتى تبين أنها مجرد نشر أوهام، خطب رنانة، صيغ هلامية، تلاعب بالألفاظ، المراوغة في غير محلها وكلها أساليب وألاعيب الفاشلين في تدبير الشؤون العامة. ولم يبق معها لبن كيران سوى بيع صكوك الغفران تيمنا بالكنيسة الكاثوليكية في الإعفاء الكامل أو الجزئي من العقاب الدنيوي على الخطايا.

هذا هو عالم بن كيران ورفاقه يا سادة، عالم يستدعي من الشعب المغربي الخروج منه و تأمله قراءته و تحليله بالقول:

– أن الله أراد بالإسلام أن يكون دينا و أراد به الناس أن يكون سياسة.

– أن زمن الشعارات المدغدغة للعواطف قد ولى فلا يصح إلا الصحيح المجسد على أرض الواقع.

– أن الأزمات تواجه بالحلول العلمية لا بالإديولوجية من قبل الأقدار.

– أن الدول الحديثة تقوم على تجديد الفكر لما فيه من خير للأمة و العباد.

وفي الأخير لا يسعنا إلا القول أن الشعب المغربي اختبر تجربة حكم الملتحيين الإسلاميين بما فيه الكفاية، و هو وحده من له الحق في تقييم أدائها ونتائجها إن كانت لها، وإدراك حقيقة دعواهم.

وقد قال المولى سبحانه وتعالى” اِقْرَأْ كِتَابك كَفَى بِنَفْسِك الْيَوْم عَلَيْك حَسِيبًا” سورة الإسراء 17-14.

اقرأ أيضا

“اللغة الأمازيغية بالمغرب: تحديات البقاء ومخاطر الانقراض بعد إحصاء 2024”

تقف اليوم اللغة الأمازيغية بالمغرب، باعتبارها ركيزة أساسية في تكوين الهوية الوطنية المغربية، أمام تحدٍ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *