تصعيد البوليساريو في الصحراء: السياق والأهداف

بقلم: محمد برشي “كاتب مغربي مقيم في واشنطن”
بعد تدخل الأمم المتحدة لفرض اتفاق وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو كتدشين لمرحلة سابقة لمرحلة حاسمة هي إجراء إستفتاء عام لتحديد مصير الصحراء، كانت كل المؤشرات آنذاك تنذر بقرب طَي ملف هذا النزاع الذي طال أمده، إلا أن تشبث كل طرف بموقفه جعل هذا الاستفتاء يدخل النفق المسدود لصعوبة تحديد معيار “الإنسان الصحراوي” الذي يحق له التصويت في الاستفتاء. ففي الوقت الذي كان فيه المغرب يتهم البوليساريو بإقحام رُحل غير صحراويين في لوائح تحديد الهوية، كانت البوليساريو بدورها تتهم المغرب بمحاولة حسم الاستفتاء لصالحه بعد تقديمه للائحة المئة ألف مواطن من شمال المملكة يدعي المغرب أنهم من أصول صحراوية فرّوا من الصحراء نحو الشمال هروبا من جحيم الاستعمار. ليطول أمد النزاع أكثر من اللازم،ليتم بعدها اقتراح مجموعة من الحلول البديلة لتسويته دون جدوى أمام تمسك الجبهة بالانفصال وتمسك المغرب بكل الحلول التي تحفظ الصحراء داخل سيادة المملكة.
اعتادت البوليساريو على إثارة القلاقل كل سنة مع مطلع شهر أبريل، خصوصا عندما تتسرب مضامين مسودة التقرير الأممي التي لا تكون في مستوى تطلعاتها الرامية الى إدانة المغرب وإرغامه على التنازل عن مواقفه، وهذا ما تفعله الآن عندما قامت بنصب الخيام في المناطق التي سلمها المغرب للمينورسو كي تراقب منها اتفاق وقف إطلاق النار.
في اعتقادي المتواضع أرى أن جبهة البوليساريو متحمسة للدخول في حرب ولو أنها ستكون غير متكافئة مع المغرب، ويعود حماسها الى الحرب الى كون هذه الحرب هي الخيار الوحيد أمامها الذي سيجعل المنتظم الدولي يعيد إهتمامه بهذه القضية في أفق حلها حلا نهائيا، ما دامت الطرق السامية قد أثبتت فشلها الذريع.
الا أن حماسها في دخول هذه الحرب تراه الجبهة رهين بتصرف متهور من جانب القوات المغربية حتى لا تتحمل الجبهة مسؤولية انتهاك وقف إطلاق النار. لهذا فهي دائمة التحرش بالقوات المغربية لارغامها على إطلاق الرصاصة الأولى التي ستكون بما لا يدع مجالا للشك تدشينا لحرب طويلة لن تتوقف إلا بحصول البوليساريو على ضمانات من المجتمع الدولي بحلّ هذا النزاع الذي طال أمده أكثر من اللازم، وهنا ستضطر الأمم المتحدة الى فرض حلّ على الطرفين الذي سيتأرجح بين إثنين: -١- الاستفتاء على مقاس الأمم المتحدة، -٢- أو خيار التقسيم.
ما تجدر الإشارة اليه هو أن هناك أغلبية المغاربة يؤيدون الحرب التي يرونها حسب اعتقادهم حلا للتخلص من البوليساريو نظرا للفوارق في إمكانية الجيشين، وهو تصور خاطئ للأسباب التالية:
– التباهي بكون جيش المغرب ثاني أو ثالث جيش في القارة الافريقية ليس سوى مقارنة بين الجيوش النظامية وقدرتها على حسم المعارك النظامية، ومهما كان الجيش قويا فهو يضعف أمام حروب العصابات التي تستنزفه بشدة.
– الدخول في حرب مع البوليساريو لن يكون محصورا في مناطق التماس بين الجيشين، بل ستصل عدوى الحرب الى كل مدن الصحراء التي ينشط فيها الانفصاليون.
– الحرب التي ستندلع لا قدر الله، ليست أول حرب بين الطرفين اللذين دخلا في حرب طويلة الأمد قبل أن تنتهي باتفاق وقف إطلاق النار في السادس من شتنبر 1991 وخلالها كانت البوليساريو تحتفظ في سجونها بأكثر من 1900 سجين من القوات المسلحة المغربية قامت بأسرهم في الكمائن أو من داخل الثكنات العسكرية!!.

شاهد أيضاً

«مهند القاطع» عروبة الأمازيغ / الكُرد… قدر أم خيار ؟!

يتسائل مهند القاطع، ثم يجيب على نفسه في مكان أخر ( الهوية لأي شعب ليست …

تعليق واحد

  1. تحليل منطقي جدا لكن التزمت الحياد وحبذ لو كتبته وانت منحاز لجانب الوطن الذي هو المغرب طبعا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *