أوضح تقرير أممي حول التنوع البيولوجي، أطلق يوم الاثنين، 6 ماي 2019، في مقر اليونسكو في باريس، أن تأثير البشر على الطبيعة يهدد ما يقرب من مليون نوع من الكائنات بالانقراض خلال عقود، في حين أن الجهود الحالية للحفاظ على موارد الأرض ستفشل على الأرجح إن لم يتم القيام بعمل جذري.
وقالت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي، التي تحدثت خلال إطلاق دراسة “التقييم العالمي” – وهو أول تقرير من هذا النوع منذ عام 2005 –إن “نتائج هذا التقرير التاريخي لفتت انتباه العالم. وبعد اعتماده لن يتمكن أحد من الادعاء بأنه لم يعرف. لم يعد بإمكاننا الاستمرار في تدمير تنوع الحياة. هذه مسؤوليتنا تجاه الأجيال القادمة”.
وفيما سلطت الضوء على الأهمية العالمية للتنوع البيولوجي شددت أزولاي على أن حمايتها حيوية تماما مثل مكافحة تغير المناخ.
والتقرير الذي قدِم إلى أكثر من 130 وفدا حكوميا للموافقة عليه في مقر اليونسكو، هو خلاصة عمل 400 خبير من 50 دولة على الأقل، بتنسيق من المنتدى الحكومي الدولي للعلوم والسياسات المعني بالتنوع البيولوجي وخدمات النُظم الإيكولوجية (IPBES) والذي يتخذ من بون في ألمانيا مقرا له.
وأورد الموقع الرسمي لليونسكو أنه بالإضافة إلى تقديم رؤى شاملة عن حالة الطبيعة والنظم الإيكولوجية وما توفره الطبيعة للناس، تناقش الدراسة أيضا التقدم المحرز في تحقيق الأهداف الدولية الرئيسية، مثل أهـداف التنمية المستدامة وأهداف أيشي للتنوع البيولوجي (Aichi) واتـفاق باريس بشأن تغير المناخ.
كما يدرس التقرير خمسة دوافع رئيسية “غير مسبوقة” للتغير في التنوع البيولوجي والنظام الإيكولوجي على مدار الخمسين عاما الماضية، وهي: التغيرات في استخدام الأراضي والبحر، والاستغلال المباشر للكائنات الحية، وتغير المناخ، والتلوث، وغزو الأنواع الغريبة.
واحد من كل أربعة أنواع معرض لخطر الانقراض
فيما يتعلق بالحيوانات والنباتات المعرضة للخطر، تؤكد الدراسة أن الأنشطة البشرية “تهدد عددا أكبر من الأنواع الآن أكثر من أي وقت مضى” – وهو اكتشاف يستند إلى حقيقة أن حوالي 25 في المائة من الأنواع في مجموعات النباتات والحيوانات معرضة للخطر.
ويدل هذا الأمر على أن حوالي مليون نوع “يواجه بالفعل الانقراض، العديد منها خلال عقود، ما لم يتم اتخاذ إجراءات لتقليل شدة دوافع فقدان التنوع البيولوجي”.
وبدون هذه التدابير، سيحدث تسارع إضافي في المعدل العالمي لانقراض الأنواع. غير أن المعدل الحالي ليس بقليل، إذ إنه أعلى على الأقل بعشرات إلى مئات المرات مما كان عليه في المتوسط على مدى العشرة ملايين سنة الماضية، كما يشير التقرير.
أمن المحاصيل مهدد على المدى الطويل
بالإضافة إلى ذلك، يشدد التقرير على أن “العديد من الأقارب البرية للمحاصيل اللازمة للأمن الغذائي على المدى الطويل تفتقر إلى الحماية الفعالة، في حين أن وضع الأقارب البرية للثدييات والطيور المستأنسة يزداد سوءا”.
وفي الوقت نفسه، فإن الانخفاض في تنوع المحاصيل المزروعة والأقارب البرية للمحاصيل والسلالات المستأنسة تعني أن الزراعة ستكون أقل مرونة في مواجهة تغير المناخ والآفات ومسببات الأمراض في المستقبل.
ويذكر التقرير أنه “في الوقت الذي يتم فيه توفير مزيد من الغذاء والطاقة والمواد أكثر من أي وقت مضى للناس في معظم الأماكن، فإن ذلك يتم على نحو متزايد على حساب قدرة الطبيعة على تقديم مثل هذه المساهمات في المستقبل”، مضيفا أن “المحيط الحيوي، الذي تعتمد عليه البشرية ككل … يتراجع بشكل أسرع من أي وقت مضى في التاريخ البشري”.
التلوث البحري “زاد عشرة أضعاف منذ عام 1980”
فيما يتعلق بمسألة التلوث، على الرغم من أن الاتجاهات العالمية مختلفة، إلا أن تلوث الهواء والماء والتربة استمر في الارتفاع في بعض المناطق، كما يؤكد التقرير، مشيرا إلى أن “التلوث البلاستيكي البحري على وجه الخصوص زاد عشرة أضعاف منذ عام 1980، مما أثر على ما لا يقل عن 267 نوعا بما في ذلك 86 في المائة من السلاحف البحرية و44 في المائة من الطيور البحرية و43 في المائة من الثدييات البحرية”.
يُذكر أن تقرير التقييم العالمي لعام 2019 بشأن التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية هو الأول من نوعه لدراسة وإدراج المعارف والقضايا والأولويات الأصلية والمحلية. وتتركز مهمته في تعزيز عملية صنع السياسات للاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي ورفاهية الإنسان على المدى الطويل والتنمية المستدامة.
وفي هذا السياق شدد السير روبرت واتسون، رئيس IPBES، على أن فقدان الأنواع والنظم الإيكولوجية والتنوع الجيني هو بالفعل تهديد عالمي لرفاه الإنسان، قائلا “إن حماية المساهمات القيمة التي توفرها الطبيعة للناس ستكون التحدي الرئيسي لعقود قادمة. ولن تنجح السياسات والجهود والإجراءات – على كل مستوى – إلا عندما تستند إلى أفضل المعارف والأدلة”.