تقرير يبرز الأدوار الكبيرة لـ”المرأة الريفية” في الحراك الاجتماعي

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة قررت جريدة “العالم الأمازيغي” نشر هذا التقرير حول دور المرأة الريفية في الحراك الاجتماعي، الذي أعدته للتجمع العالمي الأمازيغي، السوسيولوجية الريفية كريمة وعلي.

تقديم:

يعتبر الحراك “الشعبي” الاجتماعي الذي عرفه اقليم الحسيمة خصوصا والريف عموما نتيجة للتضافر الايجابي الحاصل بين العوامل الاقتصادية والاجتماعية للساكنة (ظروف عيش غير ملائمة؛ فقر وبطالة وتهميش…)

واستمرار للسيرورة التاريخية المتمثلة في الهزات الاجتماعية والتوتر الحاصل بين الريف والمركز ابتداءا من النصف الثاني من القرن 19 مرورا بخمسينيات وثمانينيات القرن 20 وصولا إلى القرن 21 منذ 2004 إلى حدود

2018، ثم انعكاس الغضب الافتراضي “الفايسبوكي”. فلولا هذه العوامل الثلاث لما ترجمت الشعارات الثنائية للأفراد من مواقع التواصل الاجتماعي إلى شعارات جماهيرية في الساحات العمومية ولما اقتنعت الساكنة بضرورة التغيير والمطالبة بالمحاسبة والمسائلة، ولما استمر الحراك الاجتماعي لما ما يزيد عن 8 أشهر وامتد إلى مختلف المناطق القروية والشبه الحضرية والحضرية بالريف.

وتجدر الإشارة إلىى حضور المرأة الريفية كمساندة وفاعلة ومشاركة في ظل هزات التوتر والمحطات التاريخية بالريف.

وانطلاقا مما سبق نطرح التساؤلات التالية:

  • ماهي أبرز خصائص الحراك الاجتماعي بالريف؟
  • ماهي طبيعة المجتمع بمنطقة الريف؟
  • ما دور المرأة الريفية في الحراك الاجتماعي؟
  • ما هي الظروف السوسيواقتصادية للنساء المشاركات في الحراك؟
  • من هن أبرز الفاعلات في الأشكال الاحتجاجية والتعبوية؟

1- الحراك الاجتماعي بالريف:

انفجر الغضب الشعبي والسخط الاجتماعي على فاجعة مقتل بائع السمك “محسن فكري”[1] الذي قامت السلطات المحلية بتصدير بضعاته بحجة أنها غير مرخص لها وذلك برميها في حاوية النفايات ليلا قرب المحكمة الابتدائية بالحسيمة، اعترض الشاب على بضاعته محاولا ارجاعها من الحاوية إلا أنه قتل طحنا في الحاوية كما طحنت بضاعته ليلة يوم الجمعة 28 أكتوبر2016.

في تلك الليلة خرجت الساكنة إلى الشارع احتجاجا على الحكرة التي مست بائع السمك وعلى كرامة المواطن المغربي التي أهينت، كما عرفت مواقع التواصل الاجتماعي غضبا وتم تداول هشتاغ “#طحن_مو” والصورة والفيديو اللذان يوثقان مقتل بائع السمك في شاحنة النفايات، وعبر هذه المواقع تمت الدعوة إلى مسيرات في مختلف المدن المغربية يوم الأحد 31 أكتوبر للمطابلة بالكشف عن مقتل بائع السمك  ومحاسبة المسؤوليين.

انبثق عن هذا الغضب الاجتماعي والتعطش للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية حراك اجتماعي سمي بالحراك الشعبي بالريف[2] في الأسابيع الأولى من انطلاق الحراك وبالضبط في شهر نونبر بعدما أراد بعض الأفراد تسميته ب “حركة 28 أكتوبر”  دون إجماع كافة النشطاء، كما تشكلت لجان مختلفة المهام كلجنة الإعلام والتواصل ولجنة اللوجستيك بالإضافة إلى اللجنة المكلفة بالشعارات ولجنة المالية… وغيرها، ولهذا الحراك مطالب إجتماعية، اقتصادية، ثقافية بالاضافة إلى المطلب الاستعجالي المتمثل حسب نشطاء الحراك “رفع العسكرة عن الريف ” أي (الغاء ظهير 1.58.381 الذي يعتبر اقليم الحسيمة منطقة عسكرية وتعويضه بظهير يعلن اقليم الحسيمة منطقة منكوبة )… صيغت في ملف مطلبي يضم21 مطلبا باجماع من الجماهير وهذه المطالب محلية تهم الاقليم، كما أن هناك مطالب تهم الريف ككل مثل مستشفى السرطان والجامعة والبنيات التحتية … لم ينحصر الحراك “الشعبي” بالحسيمة كمدينة وكاقليم فقط بل امتد إلى مختلف مناطق الريف (اقليم الناظور والدريوش وتازة) وأنشئت لجان بهذه المناطق؛ لجنة الحراك الشعبي بالناظور، لجنة الحراك الشعبي بالعروي، لجنة الحراك الشعبي بميضار، بالدريوش، بإكزناية، زايو، تماسينت، عين زورة ، بن طيب  وتمسمان وتلارواق… وغيرها، فكل لجنة من هذه اللجان لها صفحة خاصة بها على الفايسبوك ولها ملف مطلبي يضم مطالب محلية تراعي خصوصيات المنطقة ومطالب تهم الريف ككل، بالاضافة إلى هذه اللجان على مستوى الريف نجد لجان الحراك “الشعبي” الاجتماعي على المستوى الوطني كلجان للتضامن مع الريف كلجنة الرباط وطنجة والبيضاء… أما على المستوى الدولي فهناك لجان التضامن بمختلف الدول كلجنة الباسك، لجنة بلجيكا، هولندا، ألمانيا، السويد، اسبانيا، فرنسا… هذه اللجان الاقليمية والوطنية والدولية أيضا تنظم أشكال احتجاجية أسبوعية يومية وشهرية منذ مقتل بائع السمك إلى حدود الاعتقالات كشكل من أشكال الوحدة والدعم والتضامن.

يتميز  الحراك الاجتماعي بالريف عن باقي الحركات الاجتماعية التي عرفها الريف خصوصا والمغرب عموما بجملة من الخصائص:

  • انحصر الحراك الاجتماعي بالمنطقة أي بالريف أما بالنسبة للأشكال الاحتجاجية الأخرى بباقي المدن المغربية، فهي كأشكال تضامن فقط ليست لديها ملفات مطلبية بالرغم من أن لها لجان إلا أنها تختلف عن لجان الحراك “الشعبي” بالريف.
  • غياب الأعلام المغربية بالحراك “الشعبي”:في جل المناطق التي امتد بها الحراك، وحضور الأعلام الأمازيغية وأعلام جمهورية الريف، وفي بعض الأحيان يحضر العلم الكردي، إلا أن مسيرات ساكنة تلارواق باتجاه الحسيمة تحضر فيها الأعلام المغربية، كما أن الاشكال الاحتجاجية بتماسينت عرفت غياب الأعلام سواء الوطنية أو الأمازيغية أو الريفية.
  • غياب الإطارات الحزبية: حيث تم استبعادها منذ بداية الحراك، من خلال رفع النشطاء لشعار “لا للدكاكين السياسية” خوفا من الركوب على الحراك.
  • سلمية الحراك: تبني نشطاء الحراك والمشاركون في الأشكال الاحتجاجية مبدأ السلمية المتمثل في احترام الممتلكات العمومية، وهذا المبدأ نص عليه الناشط ناصر الزفزافي وباقي النشطاء قبل وخلال فترة الاعتقالات، ومن داخل السجن أيضا، وتتجسد هذه السلمية في السلاسل البشرية التي شكلها شباب وشابات الحراك حماية لهذه الممتلكات.
  • حضور الخطاب الديني في الحراك واستعماله بقوة منذ بداية الحراك إلى غاية مرحلة الاعتقالات، فخطابات ناصر الزفزافي التعبوية عبر الفايسبوك أو خلال الأشكال الاحتجاجية لم يغب عنها.
  • حضور المرأة في الحراك الاجتماعي بشكل قوي: على خلاف الأشكال الاحتجاجية السابقة بالريف، لكن هذا الحضور يكاد يقتصر على المجالات الحضرية فقط بحيث ينخفض وينعدم في بعض المجالات القروية.

مثلا المرأة الريفية في بوعياش، بوكيدان وامزورن… كانت شبه غائبة في الأشكال الاحتجاجية بهذه المناطق لكنها كانت حاضرة في الأشكال المنظمة بالحسيمة المدينة[3].

2- طبيعة المجتمع بالريف:

بالإضافة إلى خصائص الحراك “الشعبي” الاجتماعي بالريف لابد من الوقوف عند طبيعة المجتمع بهذه المنطقة قبل الخوض في الحديث عن أدوار المرأة في المرحلة المعاصرة لكي نضع القارئ في السياق العام.

يرى رايمون جامسون في دراسة “العرض والبركة”[4] أن المجتمع الريفي مجتمع إنقسامي قائم على “العرض” و”المرأة” و”الأرض” بالاضافة إلى “الملك” إذ تندرج هذه المكونات حسب الأنثروبولوجيا على المستوى القروي في خانة المحظور والمحرم فما إن مس أو أعتدي على أحد المكونات ثار الرجل وقاتل من أجلها والحال بالنسبة للقبيلة ككل.

أما المجتمع الريفي لدى دافيد هارت[5]؛ يندرج ضمن المجتمعات المغلقة،  ذات الطبيعة الذكورية الأبوية أي الرجل يهتم بالمهام والأدوار  الخارجية والمرأة بالداخلية وتربية الأبناء، بالاضافة إلى “روح التعاون” من خلال  “ثويزة” و”نوبث” و “روزيعث”، ويظل الفقيه وغيره من رجال الدين بعيدين عن الأمور السياسية بحيث تعطى الأولوية في هذه المجىتمعات للأعراف على الشريعة.

المجتمع الريفي مجتمع ذو طبيعة ذكورية بطريركية تمنح فيه السلطة للذكر على حساب الأنثى ويهيمن فيه الجنس الأول على الثاني، لكن مع التوسع الحضري الذي عرفته ولازالت تعرفه المنطقة وما صاحبه من تمدرس وولوج المرأة لسوق الشغل مكنها ولو نسبيا من التحرر من السلطة والهيمنة الذكورية.

فصارت المرأة المتعلمة والمستقلة ماديا غير ملزمة بالزوج الذي تختاره العائلة بعد بلوغها سن 18سنة عكس الغير المتعلمة والتابعة ماديا للعائلة، كما لم تعد الزوجة حبيسة الجدران الأربعة والأشغال المنزلية بل ترتاد الأسواق والمؤسسات العمومية وفاعلة ومشاركة في الأعمال الجمعوية والسياسية منها أيضا. لكن هذه التحولات  لايمكننا تعميمها على الريف ككل بل على بعض المناطق الحضرية والشبه الحضرية ( الحسيمة، الناظور،الدريوش، إمزورن…).

3- دور المرأة الريفية في الحراك الاجتماعي:

لعبت المرأة الريفية أدوارا مهمة خلال مرحلة الحرب والمقاومة التي عرفها الريف في عشرينيات وخمسينيات القرن20، فكانت الأم والزوجة والإبنة والأخت… المخلصة والمساندة والمقاومة داخل البيت (الطهي والغسل وتربية الأبناء…) وخارجه (الرعي في غياب الرجل، نشر الأخبار بين المقاومين، وتوثيق الانتصارات من خلال الأشعار “إزران” وإسعافات الجرحى…).

لكن  خلال مرحلة الحراك الاجتماعي (28 أكتوبر 2016 إلى حدود أكتوبر 2017) لم تعد أدوار المرأة مقتصرة على مساندة الزوج أو الابن فقط بل صارت مشاركة منذ بداية الحراك وفاعلة أيضا.

لقد كانت المرأة في بداية الحراك وبالخصوص في المرحلة الأولى أي “مرحلة العفوية في الحركات الاجتماعية” الى حدود نهاية المرحلة الثانية وهي “مرحلة التنظيم”، ( من 28 أكتوبر 2016 إلى 8 مارس 2017) مجرد مشاركة[6] فقط الى جانب الجنس الأول في الأشكال الاحتجاجية والتعبوية في المنطقة، لكن هذه المشاركة تكاد تقتصر على المستوى الحضري فقط فكلما اتجهنا صوب المستوى الشبه الحضري والقروي تقلصت المشاركة أو انعدمت، وكانت كل من ياسمين فارسي وكريمة محاول …. من أبرز الوجوه في المسيرات والوقفات الاحتجاجية وفي الإعلام الرقمي الوطني والدولي.

  • تجسد مبدأ الشمولية للحركات الاجتماعية في الحسيمة المدينة المركز من خلال مشاركة  نساء من مختلف الفئات العمرية والطبقية، ثم في مدينة الناظور أيضا لكن  المشاركة في الأولى كانت مرتفعة عن الثانية، و انطلاقا من المقابلات  توصلت إلى أن النساء المشاركات كن يتحملن مصاريف التنقل والبعد للحضور في الأشكال المنظمة في الحسيمة المركز ويغبن عن الأشكال المنظمة في مناطقهن كما هو الأمر لنساء بني بوعياش وإمزورن… ويعزى هذا إلى طبيعة المجتمع والسلطة الذكورية بتلك المناطق.

لكن بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 8 مارس2017[7]، لم تعد المرأة مشاركة فقط بل صارت فاعلة؛ زعيمة وقائدة.

وخلال المناسبة برزت الناشطة نوال بن عيسى كقائدة للمسيرة مخاطبة اياهن  بحرائر الريف كما يفعل ناصر الزفزافي، خرجت المشاركات بالبالونات والورود رافعات شعار “لا للتمييز بين الجنسين”… للاستجابة لمطالب الحراك الاجتماعي  ومرددات “بالروح بالدم نفديك يا نوال”.

وقد استمرت هذه القيادة والزعامة النسائية خلال مرحلة الاعتقالات أي من 11 أبريل 2017 إلى حدود الآن لكن هذه المرة لم تقتصر قيادتها وزعامتها كما تعبئتها على الجنس الثاني فقط بل ضمت الجنس الأول أيضا “قيادة وتعبئة الأشكال الاحتجاجية التي يشارك بها الرجال والنساء معا”، فمع الاعتقالات التي شهدها الريف والتي تجاوزت 200ناشط أضحى الحراك دون زعيم وموجه فملأت المرأة الريفية هذا الفراغ، وانتقلت معها الاحتجاجات إلى سيدي عابد وامزورن وآيث حذيفة…

وكانت خطاباتهن خطابات عفوية مشتقة من خطابات الزعيم ناصر الزفزافي لا خطابات خاصة ومستقلة ومبنية وهادفة، بل تدور حول المعتقلين والحكرة فقط  “نحن كذا… والحكرة…والمخزن… ولذا توجب علينا الاستمرار”. اعتقلت قوى الأمن الناشطة “سيليا زياني” إلى جانب مئات النشطاء الذكور لكن تم الافراج عنها في عيد الفطر كمعتقلة وحيدة من معتقلي الحراك الشعبي عموما ومعتقلي سجن عكاشة خصوصا، بعد الأزمات النفسية والانهيار العصبي لها في الزنزانة وما صاحبها من غضب فايسبوكي واحتجاجات بالمغرب وأروبا.

تخللت مرحلة الاعتقالات مرحلة أخرى هي “مابعد الاعتقالات”[8] أي اعتقال أبرز النشطاء “ناصر الزفزافي، نبيل أحمجيق، محمد لمجاوي، محمد جلول…” وفيها ظهرت أمهات  كل من ناصر الزفزافي، محمد جلول و نبيل أحمجيق، وزوجات المعتقلين كمؤثرات في الرأي العام المحلي والوطني والدولي. وخلال المرحلة تم استدعاء مجموعة من الناشطات إلى مخافر الشرطة كنوال بن عيسى، ثم وردة العجوري المواظبة على الحضور في الحراك منذ بدايته والتي أخذت على عاتقها مهمة زيارة عائلات المعتقلين ومحاولة زرع البسمة  في وجوه أبناء المعتقلين من خلال الهدايا والخرجات، بالاضافة إلى الناشطة بشرى اليحياوي خطيبة المعتقل وسيم البوستاتي… وغيرهن. فهناك من تم ترهيبها وتخويفها بالسجن والاغتصاب لكي تتراجع وتراجعت، وهناك من استمررن فتم تأجيل محاكمتهن.

  • برزت القيادات والزعامات الذكورية بالحراك الاجتماعي بالريف في االفضاء الافتراضي ثم انتقلت للفضاء العام لتقود الحراك وتتحدث باسم الجماهير، عكس القيادات النسوية التي انطلقت من الفضاء العام كمشاركة ثم فاعلة وقائدة للأشكال الاحتجاجية ومتحدثة باسم الجماهير ثم انتقلت للافتراضي بعد المنع والحصار الأمني بالأماكن العمومية.

4- الظروف السوسيواقتصادية للنساء المشاركات بالحراك:

انطلاقا من الدراسة الميدانية التي أجريتها بإقليم الحسيمة “الحراك الاجتماعي بالريف: احتجاجات إقليم الحسيمة نموذجا من 28 أكتوبر إلى 30 يونيو.” عن طريق الاستمارة وقمت بتحليلها ببرنامج  SPSS version 23، توصلت إلى أن نسبة الذكور المشاركين في الحراك الاجتماعي بالريف كانت مضاعفة لنسبة الإناث المشاركات، وتعزى هذه النسبة أولا إلى قلة النساء  المشاركات في الاحتجاجات انطلاقا من الملاحظة والمقابلات ،ثم التوزيع العشوائي للاستمارات على أفراد العينة، كما أن الجنس الثاني من العينة عكس الجنس الأول من حيث تقبل الموضوع والتجاوب مع الباحث ومع مواضيع الاستمارة بالاضافة إلى طبيعة المجتمع  بالمناطق الريفية فهو مجتمع ذكوري.  كما أن   للمستوى التعليمي دورا فنسبة الإناث البالغ مستواهن الدراسي الجامعة هو%46و% 0 بالنسبة للعالي وما نسبته %54 مستواهن موزع على الابتدائي والثانوي والاعدادي والأمي إذن للمؤشر التعليمي دور أساسي  في هذا التوزيع.

رسم توضيحي: يبين نسبة الأفراد المشاركين في الحراك الاجتماعي بالحسيمة من كلا الجنسين

وهؤلاء المشاركات تتراوح أعمارهن ما بين أقل من 20 سنة وأكثر من 50سنة، والفئة الشابة من المشاركات هي التي كانت حاضرة بقوة على غرار  الفئات العمرية  الأخرى طيلة الحراك الاجتماعي وتقدر ب 44 مشاركة شابة.

والحالة العائلية ل 65 مشاركة أي مانسبته %30.95 ؛ 34 عازبة، 23 متزوجة، 7 أرملة و1 مطلقة.

وأغلب المشاركات التي تم استجوابهن ليست لهن أية انتماءات وقد كان عددهن 47 مشاركة، وتتعادل نسبة المشاركات في كل من الحركة الأمازيغية والجمعيات ب 6 مشاركات، عكس الانتماء إلى الفصائل الطلابية اليسارية ب 2 مشاركات والانتماء النقابي ب 3 مشاركات، أما الانتماء الحزبي  فلم تسجل أية إجابة.

  • تشترك النساء المستجوبات مع الذكور في الحالة الاقتصادية وبالأخص الوضعي المهني فمعظم المشاركين من كلا الجنسين هم طلاب عاطلون عن العمل. وقد جاءت نتائج الوضع المهني للنساء كاللآتي:
  • 25: طالبات عاطلات عن العمل.
  • 19 ربات بيت.
  • 9: العمل بدوام كامل.
  • 5: العمل للحساب الخاص.
  • 3: عاطلات عن العمل.
  • 2: عمل متقطع.
  • 2: عاجزات.

وانطلاقا من النتائج المحصل عليها فيما يتعلق بالدخل الشهري لأسر  المشاركات في الحراك، إرتأيت حصره بين دخلين؛

  • الأول: محصور بين أقل من 1000 درهم و3000 رهم: وتمثله 31 مشاركة.
  • الثاني: محصور مابين 3000 درهم وأكثر من 5000 درهم: مثلته 34 مشاركة.

وقد كانالأب هو المعيل الأول لأسر النساء المشاركات في الحراك الاجتماعي حسب النسب المئوية المتوصل إليها، يليه االأخ ثم الزوج ثم هن أي النساء المشاركات وبالأخص العاملات وأخيرا الابن.

  • يتضح من خلال عرض نتائج الدراسة الميدانية  أن الدوافع الاقتصادية والاجتماعية للمشاركين عموما وللمشاركات خصوصا هي الدافع الرئيسي والأول لخروجهن للشارع والاحتجاج على الأوضاع للمطالبة بتغييرها، كي تتمكن من اتمام دراستهن خارج اقليم الحسمة والحصول على عمل بالنسبة للطالبات العاطلات والعاطلات عموما مما سيمكنهن من الاستقلال والتحرر من السلطة الذكورية التي لازالت سارية إلى حدود الآن.

5- أبرز الفاعلات في الأشكال الاحتجاجية والتعبوية:

  • ياسمين فارسي:

ياسمين فارسي شابة عازبة في العشرينيات من العمر تقطن بالحسيمة، مقاولة ومدربة في المجال المقاولاتي، حاصلة على ديبلوم في التسيير المقولاتي ودرست أربع سنوات في معهد متخصص في الاعلام والتواصل، هي أول إمرأة ظهرت في الحراك الحراك الشعبي بالحسيمة  وأول وجه نسائي في الاعلام، إلا أنها انسحبت في الاشهر الأولى من الحراك طواعية لا ضغطا أو إكراها، وقد عللت انسحابها هذا بنهج الاقصاء والاحتكار والتخوين ورفض الحوار الذي تبناه بعض النشطاء.

  • كريمة محاول:

كريمة هي الأخرى  كياسمين فارسي من أبرز الوجوه النسائية في بداية الحراك الاجتماعي بالمنطقة، إلا أن كريمة استمرت في المشاركة في الحراك إلى حدود ما بعد الاعتقالات،هي في الثلاثنيات من عمرها انقطت الناشطة عن الدراسة بسبب بعد الإعدادية عن منزلها، وكانت تعمل قبل الحراك كعاملة نظافة بالمعهد الإسباني، تعتبر كريمة من بين الناشطات المواظبات على الحضور في الحراك الاجتماعي بالريف منذ مقتل بائع السمك محسن فكري إلأى حدود الآن بالأشكال التضامنية المقيمة بالخارج. بالاضافة إلى مشاركتها في الأشكال الاحتجاجية المنظمة خارج إقليم الحسيمة مع نشطاء الحسيمة كمسيرة الناظور وميضار.

  • نوال بن عيسى:

هي أم لأربعة أطفال، رية بيت في الثلاثنيات من العمر، تقطن بالحسيمة المدينة، حاصلة على الباكالوريا، ليست لها أية انتماءات سياسية أو جمعوية نقابية، كانت منخرطة في مبادرات فردية وثنائية لمساعدة مرضى السرطان.

ظهرت نوال بن عيسى في مسيرة 8 مارس كقائدة للشكل الاحتجاجي، وبه صارت نوال بن عيسى أول عزيمة للحركات الاجتماعية وقائدة للمسيرات والوقفات ومتحدثة باسم الجماهير النسائية والذكورية معا.

بعد اعتقال النشطاء كانت هي القائدة والداعية لأغلب الأشكال المنظمة بالحسيمة المركز (سيدي عابد) والمعبئة للساكنة عبر تقنية البث الحي فايسبوكيا. وكانت الوجه النسائي البارز في الاعلام الوطني والدولي.

و قد لاقت تشجيعا على جرأتها وشجاعتها في كسر الطابوه المجتمعي الذكوري، كما اعترضتها الكثير من الانتقادات والخيانات والإشاعات.

  • سليمة الزياني “سيليا”:

شابة في العشرينيات من العمر، تقطن ببلدة إزمورن إقليم الحسيمة، لم تنهي دراستها بجامعة محمد الأول بوجدة تخصص دراسات أمازيغية لظروف مادية، لكنها اتجهت صوب الغناء بالأمازيغية والتمثيل والمسرح، في البداية كانت مجرد مشاركة وناقلة للأحداث والاحتجاجات ببثها عبر الفايسبوك بتقنية البث الحي “اللايف” وبعدها صارت رفقة المعتقل نبيل أحمجيق مسؤولة عن الشعارات، لكن أثناء مرحلة الاعتقالات وبعدها عملت سيليا الزياني مع نوال بنعيسى بتعبئة الجماهير على الاستمرار في الحراك الاجتماعي بالرغم من الاعتقالات، إلا أنها أعتقلت هي الأخرى مع مئات المعتقلين الذكور بسجن عكاشة في 5 يونيو 2017

عانت المعتقلة داخل السجن من أزمات نفسية وعصبية جراء الضغوطات التي تعرضت لها بالسجن وبمخفر الشرطة، ووضعها هذا أجج الشارع المغربي والدولي أيضا والغضب الفايسبوكي، فلقبت  ب “بلبلة الحراك الشعبي”، وكانت هي المعتقلة الوحيدة ضمن معتقلي سجن عكاشة المستفيدة من العفو الملكي مع بعض نشطاء الحراك الشعبي بباقي السجون ومعتقلي الناظور في عيد الفطر (23 يونيو2017).

  • وردة العجوري:

الناشطة وردة العجوري أستاذة السلك الإبتدائي بإقليم الحسيمة في الثلاثينيات، تتابع دراستها بكلية الناظور المتعددة التخصصات، شعبة قانون عام، لها إنتماءات نقابيةس حرصت الناشطة منذ بداية الحراك التوفيق بين مهنتها وواجب الحضور في الحراك وقد نجحت في ذلك، لكن بعد مرحلة الاعتقالات اتخذت وردة على عاتقها زيارة عائلات المعتقلين ومساندتهم، وزرع الابتسامة بالهدايا والحلوى والخرجات الجماعية.

  • أم محمد جلول:

حيموت أو رحيمو جلول في الستينيات من العمر، أرملة أم لست أبناء، لم تلج المدرسة تقطن ببني بوعياش، أم المتقل محمد جلول الذي أعتقل خلال أحداث ب 20 فبراير ببني بوعياش وقضى بالسجن  خمس سنوات وشهر، ولم يمضي على حريته شهرين حتى كان أول معتقل من معتقلي الحراك الشعبي. ظهر أم المعتقل قبل وبعد اعتناقه الحرية والاعتقال مجددا كوجه نسائي ريفي مؤثر في الرأي العام ومطالبا باطلاق سراح فلذة كبدها إلى جانب زوجه المعتقل سعاد واببنته هدى جلول.

  • أم ناصر الزفزافي:

زوليخا أم زعيم الحراك كما يطلق عليه كانت من ضمن المشاركات في الأشكال الاحتجاجية بالمنطقة بشكل متقطع لكن بعد إعتقال ابنها صارت تقود  المسيرات إلى جانب أمهات وأخوات وزوجات المعتقلين من أجل إطلاق سراح المعتقلين، إلا أن مرضها بالسرطان جعلها تغيب عن الندوات المنظمة على المستوى الوطني حول الحراك وعن الاعلام الوطني والدولي.

 

  • أم نبيل أحمجيق:

غالية بوغروم  أم لست أبناء، أرملة عملت كما باقي أمهات المعتقلين على الحضور في كل المبادرات الوطنية والمحلية للدفاع عن حرية  إبنها  وباقي المعتقلين، وتحمل عناء السفري الأسبوعي من الحسيمة إلى الدار البيضاء.

 

  • بشرى اليحياوي:

    ناشطة من ناشطات الحراك الشعبي بإمزورن بالإضافة إلى أنها خطيبة المعتقل وسيم البوستاوي، شابة في العشرينيات لم تتابع دراستها بجامعة محمد الأول بوجدة بعد وفاة والدها، طالبة عاطلة كانت من ضمن ناشطات امزورن المنظمات والقائدات للأشكال الاحتجاجية التي شهدتها إمزورن، تلقت استدعاءات من طرف الشرطة بعد اللايف الذي بثته على فايسبوكها بخصوص حرية المعتقل وسيم البوستاتي وباقي المعتقيل، تم تأجيل محاكمتها وهي الآن متابعة في حالة سراح مؤقت.

  • قمت برصد أبرز الفاعلات وهذا لايعني اقصاء الفاعلات الأخريات فهناك من لم تسنح لي الفرصة لمقابلتهن والتواصل معهن، مثل زهرة وزوجات المعتقلين ثم هدى جلول وغيرهم. كما أن هذا الرصد لايعني أن نساء باقي مناطق الريف مقصيات بل العكس فنساء الناظور هن الأخريات شاركن في الاشكال الاحتجاجية المنظمة بالمدينة بالرغم من قلتهن، ونساء العروي خرجن أيضا في بعض المسيرات بعد الاعتقالات بحضور نوال بنعيسى وغيرهن. بالاضافة إلى أن نساء المجال القروي كما هو الأمر بالنسبة لبلدة تماسينت نظمن شكلا احتجاجيا نسائيا دون حضور أي من الجنس الأول بمكان منعزل نظرا لطبيعة المجتمع هناك.

خاتمة:

أخلص إلى أن خروج المرأة في الأشكال الاحتجاجية التي شهدها الريف وتزعمها لهذه الأشكال  مكنها من تغيير العقلية والنظرة  الذكورية  لدى الذكور والاناث معا بالمنطقة حول المرأة فقد صار ينظر إليها على أنها فاعلة في الفضاء العام والافتراضي لا حبيسة البيوت فقط، لكن التغيير الجذري لهذه العقلية يتطلب من النساء العمل على مستويات عدة ( التعليم، الاعلام، المجتمع المدني، التربية…). إذن هل الحراك الإجتماعي ساهم في تغيير وضعية المرأة في الريف كما نظن؟ أم ظلت وضعيتها كما السابق؟ وهل المرأة الريفية قادرة على تحمل مسؤولية التحرر من هذه العقلية  وواجب التغيير على مختلف المستويات؟

تقرير من إنجاز: الباحثة كريمة وعلي

إحالات:

[1]– محسن فكري: شاب ينحدر من مدينة امزورن الحسيمة، ولد في شتنبر 1985 انقطع عن الدراسة من السلك الثانوي، مساره المهني بدء من عامل مساعد لأحد التجار وانتهى ببائع سمك، توفي في 28 أكتوبر 2016 مقتولا.

[2]– من خلال المقابلة التي أجريت مع عضو من أعضاء لجنة الحراك الشعبي بالحسيمة

[3]– انطلاقا من مقابلة مع أحد نشطاء الحراك الشعبي بالحسيمة.

[4]– محمد أوني، “التصور الانقسامي للمجتمع القروي بشمال المغرب، ملاحظات حول أعمال رايمون جاموس ودافيد هارت”، مجلة أمل، العدد 12، السنة4، 1997، ص.62.

[5] – دافيد مونتجمري هارت، ترجمة محمد الوالي، القانون العرفي الريفي،سلسلة الترجمة –رقم- 3،المهد الملكي للثقافة الأمازيغية مركز الترجمة والتوثيق والنشر والتواصل، الرباط 2004، ص15-21-42-50.

[6] – انطلاقا من الاملاحظة المباشرة والشبه المباشرة بالاضافة إلى مجموع المقابلات التي أجريت مع النشطاء والناشطات بالمنطقة.

[7] – المبادرة والمقترح كان من طرف النشطاء ولقي استجابة من طرف المشاركات والناشطات.

[8] – كون مرحلة الاعتقالات لم تنتهي بعد فلا زالت مستمرة إلى حدود الآن، ونقصد بما بعد الاعتقالات أي بعد حملة اعتقال أبرز النشطاء بسجن عكاشة الدار البيضاء.

اقرأ أيضا

الاتحاد الإقليمي لنقابات الناظور يعلن عن تنظيم أيام السينما العمالية

في إطار سعيه لتعزيز الوعي الثقافي وتسليط الضوء على قضايا العمال، أعلن الاتحاد الإقليمي لنقابات …

2 تعليقات

  1. اضافة اختي كريمة ان الحراك منذ بدايته الى يوم اعتقال الصنديد ناصر الزفزافي الذي مان يحث دائما ان الحراك الشعبي جماهيري ليست له قيادة القيادة تعود للجماهير الشعبية

  2. اولا نحيي الاخت كريمة عن المجهود الذي بذلته في اخراج هذا البحث القيم للوجود و بحكم تواجدي في الساحة من بداية الحراك الى نهايته اظن كان هناك اجحاف في حق بعض الاسماء المتواجدة هنا و كما نرى انه اعطي اكثر لاسماء لا علاقة لها بالحراك لا من بعيد و لا من قريب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *