تنغير عاصمة أسامر

بقلم: احمد الدغرني

تعتبر المسيرة التاريخية التي نظمت بتنغير يوم الأحد 30 أبريل 2017 منطلقا سياسيا، يستحق الانتباه، ويستوجب العناية من المفكرين والمؤرخين، والسياسيين..لكي لا تتاح الفرصة للجهال والمفسدين ليتكلموا ويكتبوا، ويهاجموا النشطاء المخلصين للشعب بالاتهامات بالفتنة، ويزعموا أنهم وطنيين، وهم لا يعرفون ما هو وطنهم الحقيقي، ويعرفون فقط ما علمهم الذين يسيطرون عليهم، ويجمد ون عقولهم لتعبد أصنام المخزن، الذي يسرق ثرواتهم،ويستغلها باسم الوحدة التي هي تعميق للتجزئة، ،والتخويف من الفتنة، وباسم استقرار الأموال والسلطة في جيوبه،هو وخدامه …

وبذلك فالخلافات بتنغير (عاصمة اسامر) والحسيمة (عاصمة الريف) في صفوف الحراك هي عملية تنظيف لابد منها لينتشر الوعي، ويزول ضيق الفكر، وانعدام النظرية السياسية المؤسسة للحراك التاريخي وهو ما سنحاول التطرق إليه خدمة لشبابنا ووفاء لتاريخنا، خاصة وأن حراك تنغير ليس صدفة، ولا عبثا، وقع ليلة فاتح ماي2017 في ذكرى مرور 33 سنة على اعتقال مسؤولي جمعية تيللي في فاتح ماي1994ونقول:

تتوفر بلاد أسامر Asammrr على مراكز حضرية وقرى متعددة منها تنجداد، وكلميمة، وتزناخت والريصاني، وميدالت، واملشيل، وبومية، والريش،وزايدا، وتوسعت فيه جغرافية التنظيمات الأمازيغية الحديثة التي يقودها شباب الجامعات (MCA-Ayt ghighuch) والخبراء السياسيين الأمازيغ الى أن تشمل وارزازات وزاوكورة، وبومالن دادس، وتازارين ،وأرفود،وحتى بني ملال ،وأزيلال،ودمنات، وبودنيب وتالسينت ،وغيرها،من القادمين من مناطق أخرى تجمعهم الراية الأمازيغية كسوس والريف والصحراء

ويوسعها التاريخ والسياسيون القدامى الى تتدوف، وتوات، وكير، وتهارت، وغدامس وتبسة….

وكانت هذه المنطقة محورا وموقعا تاريخيا في شمال إفريقيا، يمتد إلى تومبكتو Tombctou،  وشرق ليبيا، ويشتهر بثلاثة أسماء تاريخية “أسامر”و”تافيلالت” و”سجلماسة” ويمكن ذكرغيرها الى مواقع السينيغال والنيجر….

ولاشك أن شباب اليوم يحتاجون إلى  عاصمة للمنطقة، بعد أن كانت القبائل الأمازيغية الكبرى التي تسكن المنطقة تتخذ مراكز أخرى وهي ايت عطا، وايت مرغاد،وايت خباش ، وايت عتاب، وايت ازدك، وايت يافلمان،وأيت حديدو…. واختار الشباب والحكماء تنغير التي انفجرت فيها فضيحة موت ايديا ليبدءوا الحراك التاريخي.

وبعد أن بدل المخزن اسم “ايغرم  ايمطغران ” Ighrm Imtghrann وسماه “بالراشدية “نسبة إلى اسم السلطان العلوي رشيد بن علي، رجع العارفون بالعمق السياسي والدلالة التاريخية، إلى تبني اسم أسامر ،وتنغير،وهي أصول وجذور لا تتكسر، ترتبط بجبال صغرو Saghru ومقدسات تودغا التي تنطق محليا Tudghet أو توتغت Tutghet ،التي توحي لغويا بالجذر المشترك مع قدماء مصر Tutghanx Amun من ملوك مصر القديمة. وتقترب من اله الأمازيغ الأقدمين Amun عندما كان كل شعب يختار اسم الهه.

هذه منطقة أريد لها بالتخطيط الإ داري المخزني والفرنسي أن تقسم الى حوالي دول مصطنعة،وولايات وعمالات ودوائر، همها الكبير هو خلق روح وطنية مزيفة تتنكر للتاريخ القديم الذي يرجع الى آلاف السنين،ورسم حدود بين هذه الدول لتميم قوتها،تظل موضوع نزاعات طويلة ،وتربي الأحقاد بين سكان وطن قديم تجمعهم الأصول والأنساب واللغة،مثل الصراع بين مخزن المغرب والجزائر،وحروب أزواض Azawadh، وصنع رايات رسمها الاستعمار.

وأسألكم أيها الأتباع (قوم تبع ،بتعبير القرآن)من رسم راية الجزائر الحالية؟ ومن رسم راية المغرب الحمراء مع النجمة الخماسية التي تقدسونها؟لماذا لايوجد أي درس في التعليم المغربي والجزائري يذكر الطلاب والتلاميذ باسمه ؟

لا يعرف التلاميذ من هو العبقري والفنان والوطني الكبير الذي رسم بريشته تلك الرايات؟ ماعلاقة  المغاربة والجزائريين بالنجمة الخماسية التي هي حسب معرفتي نجمة الملك سليمان ابن داوود مؤسس مملكة بني إسرائيل منذ ثلاثة آلاف سنة؟

ونصارحكم بأن العلم Achenial الأمازيغي رسمته لجنة الإستراتيجية الأمازيغية بجزيرة  Gran Canaria بمناسبة انعقاد أول مؤتمر للأمازيغ في التاريخ المعاصر ، بموقع Tafira في صيف سنة 1996وكنت أنا واحدا من اللجنة التي وضعتها، وكنا حوالي 22 شخصا،وجلساتنا موثقة بالصور والوثائق، وهي راية الأمازيغ في العالم، وليس راية دولة من صنع الاستعمار، لاهي مغربية ولا جزائرية، ولا غيرها، هي راية وطن الأمازيغ، وراية شتات الهجرة الأمازيغية في العالم أجمع، وهي راية الوحدة الجديدة، وهي راية الحداثة، ليس فيها نجمة سليمان، ولا نجمة داوود (علم اسرائيل)، ولا جداول سحر الفقهاء (فقهاء سوس يصورون النجمة الخماسية في ألواح تلاميذ المساجد العتيقة ويسمونها اختصارا بِسْم الله…)، والأحبار والرهبان، ومن الواجب علينا أن نشارككم بالحقائق ليس بالكذب والقداسة المزورة…..

تميزت هذه المنطقة المسماة اسامر بقيام وبداية أنظمة حكم قديمة يدرسها لتلاميذ مشوهة، ونختصر في هذه المقالة الإشارة الى عائلتين حاكمتين هما:

1- السعديون الذين انطلقوا من نواحي تنغير الحالية، وكانت دولتهم تسمى التكمدارتية نسبة الى موقع بجبل صغرو يسمى “تاكمدارت” Tagmaddart” وبعد أن انتشر حكمهم، وصاروا محتاجين الى شرف قبيلة قريش سموا أنفسهم بالسعديين…

2- وأولاد علي الشريف السجلماسي(بتعبير المؤرخ محمد أكنسوس في كتابه الجيش العرمرم الخماسي)وهم الذين يسمون حاليا بالعلويين ،وهم الأسرة السياسية التي لازالت تحكم المغرب،وقد انطلقت من الرصاني، Rissani وهي مدينة توحي باسم قبيلة كبيرة تسمى Irashan تسكن حاليا في نواحي تارودانت،بنيت على أنقاض مدينة سجلماسة القديمة التي لاتزال آثارها قائمة، وهي آثار مهمشة لأسباب سياسية، ومذهبية لأنها قامت فيها قبل الأدارسة دول الخوارج الذين يرفضون حكم أشراف قريش… ويرفضون بناء الحكم على أنساب الشرفاء القرشيين كما يفعل الشيعة ومن يزورون الأنساب…..

كان من الضروري أن نذكر شباب المغرب والجزائر اليوم أن حراك تنغير وهي بمثابة  مدينة مراكش التي لم تعد سوى عاصمة سياحية، بعد أن كانت بلادإله الأمازيغ Amur n Wakuch هو علامة على تحرك التغيير السياسي في المنطقة التي انطلقت فيها آخر امبراطورية كبيرة في شمال افريقيا والساحل وهي الدولة التكمدارتية، التي بعد سقوطها تشتت المنطقة تدريجيا بين دول الاستعمار ((تركيا،فرنسا إيطاليا،اسبانيا) حتى صارت موزعة كما نرى اليوم…

والترابط بين حراك الريف، وتنغير، وأزا واض،والقبايل، ومزاب Mzhabb هو مؤشر له أصول تاريخية، فعندما تحتاج المنطقة الى تجديد جذري للسياسة والحكم تتحرك هذه المناطق لينتشر التغيير كما فعل بنوا مرين (الريف) عندما فسد حكم الموحدين….. وليس كما يروجه البعض من دعم الخارج وبلاد الكفر!!!

وَكما فعل العلويون عندما فسد حكم السعديين (التكمدارتية)، وفشلت سلطنة جزولة Gzula (بمدينة اليغ) التي حاولت تعويض فراغ حكم السعديين انطلا قامن سوس،والسؤال التاريخي هو من سيعوض فساد حكام اليوم ؟لأن هذا الحراك هو مؤشر تاريخي يدلعليه التاريخ الملموس،وليس تنبؤات بالغيب…

لا يمكن إيجاد أجوبة أفراد وتحليل سياسي متسرع لفهم مايجري انطلاقا من ليبيا وتونس  ومالي والنيجر التي بدأت التغييرات الجذرية منذ أوائل سنة 2011.

ولاشك أن الصراع يحتاج الى تأويل علمي وتاريخي لكي لا يسبب أمراض اليأس لدى الشباب الذي يحركه التاريخ نحو التغيير

،فالتاريخ هو الذي جعل محسن فكري، وايديا  يموتان ليستيقظ الغافلون،ولا خوف من الخلافات التي لابد من وجودها ،فلم تقم دولة العلويين الا بقطع رؤوس الجزوليين (راجع كتاب خلال جزولة للمختار السوسي) وتخريب عاصمتهم،وتهجير السملاليين إلى صحراء شنقيط هربا من الموت ونهب الأموال، وكذلك ترحيل قبيلة شيشاوة الى الصحراء….

هذه إشارات في انتظار ماسيقع في سوس والصحراء وبلاد بني يزناسن، والشاوية ودكالة وزعير وغيرها.

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *