جريدة «العالم الأمازيغي» في حوار مع عبدالواحد حنو، رئيس جمعية مدرسي اللغة الأمازيغية بجهة الشرق

عبرت عدة جمعيات لمدرسي اللغة الأمازيغية في مختلف المناطق المغربية، عن قلقها مما اعتبرته تدهور وضعية الأمازيغية في التعليم في ضوء مستجدات الدخول المدرسي للسنة الحالية، انطلاقا من العديد من الشكايات التي وردت عليها من مختلف مناطق المغرب، خاصة بعد بروز قضية الأستاذة كوثر التوزاني المعنفة من طرف مدير لها بنيابة الناظور.

بصفتكم رئيسا لجمعية مدرسي الأمازيغية بجهة الشرق، هل يمكن أن تتحدث لنا قليلا عن الوضعية الحالية لتدريس الأمازيغية بالجهة والمغرب عموما؟

منذ أن تقرر تدريس الأمازيغية في المدرسة المغربية، تبين بالملموس حجم الهوة الشاسعة بين القرارات والوعود المكتوبة من جهة، وبين التعثر والتخبط وعدم الرغبة في إنجاح هذا الورش في الواقع من جهة أخرى.

في البداية، اعتمدت الأكاديميات الجهوية للتربية و التعليم على تكوينات متسرعة وغير كافية للمدرسين الذين يزاولون مهامهم كمدرسين مزدوجين، ودون أن يتمكنوا من كل ما يحيط بالمادة من معجم وتركيب وقواعد إملائية…، وجدوا بين عشية وضحاها مادة الأمازيغية في جدول حصصهم. هذا ما حذا بالكثير من المدرسين إلى تفاديها وتعويض الزمن المخصص لها بالدعم في مواد أخرى، وهناك أيضا من الأساتذة من اقتصر فقط على تلقين أبجدية تيفناغ. ولا ننكر أن هناك شريحة من الأساتذة دفعتها الغيرة والوعي إلى التعلم الذاتي للأمازيغية قصد تعليمها على أحسن وجه. ومن بين هؤلاء من تم تكليفهم ليصبحوا متخصصين في المادة، إذ راكموا تجربة لا يستهان بها في هذا المجال.

إلا أننا استغربنا للخطوة الخطيرة التي أقدمت عليها مجموعة من المديريات الإقليمية بالتراجع عن هذه التكاليف، وذلك بعد بداية تكوين أساتذة متخصصين في مراكز التكوين ابتداء من الموسم 2012/2013. ستأتي بعدها سلسلة من التراجعات خصوصا بعد صدور مذكرة تغيير الإطار، والتي بموجبها أصبح أساتذة اللغة الأمازيغية الحاصلين على شواهد عليا مجبرين على الالتحاق بالتعليم الثانوي وفق ما تقتضيه المذكرة. بعد ذلك، ستتماطل الوزارة الوصية في تحيين برنام الحركة الانتقالية وإضافة خانة لتخصص الأمازيغية، مما جعل أن أساتذة اللغة الأمازيغية المستفيدين من الحركة الانتقالية يجدون أنفسهم في صراع مع المسؤولين المحليين الذين يعتمدون على وثيقة إشعار بانتقال التي تتضمن معطى مفاده أن تخصص الأساتذة المعنيين مزدوج لإجبارهم على تدريس مواد غير الأمازيغية.

وحاليا يوجد خمسة أساتذة على مستوى الناظور لا زالوا ينتظرون حلا لمشكلهم، بالاضافة إلى ثلاثة أساتذة على مستوى الدريوش يبدوا أن هناك بوادر كي يتم القبول على مستوى المديرية الاقليمية هناك للوصول إلى حل كي يدرس الاساتذة مادة تخصصهم.

وقد سبق لجمعية مدرسي اللغة الأمازيغية أن دخلت في حوارات مع المسؤولين، إلا أننا اصطدمنا بعقليات ربما لا تواكب تحديات ورش الامازيغية في التعليم، ولا تعي حجم المسؤولية في الانخراط في إنجاحه.

وللاشارة، فالأمازيغية هي المادة الوحيدة التي لم يتم تجديد مناهجها، كما لم تصدر أية مذكرة وزارية خاصة بتنظيم تدريس الأمازيغية منذ 2013، رغم وجود عدة مشاكل.

ما حجم الصعوبات التي تواجه تدريس اللغة الأمازيغية بالجهة؟

جهة الشرق مثلها مثل جهات أخرى تعرف تأخرا كبيرا في تدريس الأمازيغية.ه ففي الوقت الذي كنا ننتظر فيه أن تعمم هذه المادة في جميع مستويات التعليم، وفي جميع المؤسسات، نجد أنفسنا بعيدين كل البعد عن هذا المبتغى الذي من المفروض أن يكون قد تحقق في 2010 حسب اتفاق الوزارة الوصية و المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. في جهة الشرق مثلا لا توجد أية مؤسسة تعليمية تحقق فيها التعميم، ولم يصل أي أستاذ للأمازيغية أن يستوفي تدريس كل المستويات بمناهجها المخصصة. وهذا راجع إلى عدة إكراهات منها ما يتعلق بالاقتصار على إدخال نسبة ضئيلة من الأطر المتخصصة في هذا المجال، وأيضا إلى انتقال الأساتذة من مقرات عملهم دون أن يجدوا من يعوضهم.

من جهة أخرى هناك غياب الالتزام بمقتضيات المذكرات المنظمة لتدريس الأمازيغية، خصوصا فيما يتعلق بخلايا التتبع على مستوى الجهة و الأقاليم. بالاضافة إلى غياب مفتشين متخصصين يعطون شحنة إضافية للأساتذة عن طريق التوجيه والتأطير والتتبع.. إلى جانب العديد من المشاكل تعاني منها الأمازيغية في التعليم على مستوى الجهة كغياب الكتب المدرسية على سبيل المثال.

برز مؤخرا مشكل يتعلق باساتذة الأمازيغية المنتقلين، تحدث لنا عن سبب هذا المشكل

كما سبق وقلت، لم يتم تحيين برنام الحركة الانتقالية واضافة خانة خاصة بتخصص الأمازيغية، هذا ما جعل وثيقة إشعار بانتقال الخاصة بأستاذ اللغة الأمازيغية تتضمن معلومة خاطئة مفادها أن الأستاذ المعني تخصصه مزدوج. هذه الوثيقة التي يتخذها المديرون و المسؤولون على مستوى المديريات الإقليمية كذريعة قصد الضغط على أساتذة الأمازيغية و إجباره على تدريس العربية و الفرنسية و مواد أخرى.

والحقيقة أن ما يبين بالفعل تخصص الأساتذة هو شهادة التأهيل التربوية التي حصلوا عليها بعد سنة كاملة من التكوين في الأمازيغية، وقرار التعيين، وليس وثيقة إشعار بانتقال التي ورد فيها خطأ نتيجة عدم تحيين و تحديث البرنام.

وقد تقدم أساتذة اللغة الامازيغية بطلب تصحيح هذا الخطأ الوارد في هذه الوثيقة دون أن يتلقوا أي رد. ولحد الآن، مر شهر ونصف على بداية دخول التلاميذ إلى أقسامهم دون أن يتم السماح لأساتذة الأمازيغية خصوصا في الناظور بمزاولة مهمة تدريس مادة تخصصهم، والأكثر من ذلك، يتعرض بعضهم الى مضايقات واستفزازات من طرف بعض المديرين.

هل تعتقد أن هناك فعلا تراجعات فيما يخص ورش تدريس الأمازيغية بالمغرب؟

نعم، هناك تراجع خطير في ملف تدريس الأمازيغية. فتوضيف المتعاقدين مثلا لم يشمل تخصص الأمازيغية، أضف إلى ذلك الميز الذي تعيشه الأمازيغية داخل المؤسسات التعليمية، حيث يتم التعامل معها بمنطق “زايد ناقص”. ويتجلى هذا في المضايقات والاستفزازات التي يتعرض لها أساتذة الأمازيغية كي يتم إرغامهم على التخلي عن تدريسها من أجل تدريس مواد أخرى. الشيء الذي لا يتعرض له أساتذة اللغة العربية و الفرنسية…

كيف تعلق على مقررات جديدة لدول مجاورة تعتمد بشكل جدي المصالحة مع الثقافة الأمازيغية؟

بالنسبة للأمازيغية في دول شمال إفريقيا يجب أن تنال مكانها في المدرسة مثلها مثل العربية، خصوصا في الدول التي اعترفت بها رسميا في دساتيرها. لا يعقل أن تكون الأمازيغية لغة رسمية، ويخصص لها غلاف زمني ضيق لا يسع لأن يتمكن فيه المتعلم من مكونات المادة.

بالاضافة الى هذا، يجب أن تتطرق المناهج إلى الجوانب الثقافية و الحضارية و التاريخية للأمازيغية في كل شمال إفريقيا حتى يتم التصالح مع الذات الهويات التي تم تهجيرها لتتبنى هموم المشرق. كما يجب ملائمة مناهج باقي المواد في إطار مقاربة تقطع مع النمط القديم من الأحادية والانحياز للعروبة و المشرق. والقطع مع مصطلحات عنصرية إقصائية من قبيل المغرب العربي.

ماذا بخصوص تطورات ملف أستاذة اللغة الأمازيغية المعنفة كوثر التوزاني؟

كوثر التوزاني أستاذة الأمازيغية وفدت على مديرية الناظور في إطار الحركة الانتقالية الجهوية، وإذا بها تجد نفسها بين يدي مسؤول في المؤسسة ينهج معها أساليب لا علاقة لها بالمحيط التربوي، محاولا الضغط عليها و ترهيبها قصد التنازل عن تدريس الامازيغية. وهذا ما رفضته الأستاذة متشبثة في حقها في أن تدرس مادة تخصصها.

بدأت الاستفزازات منذ التحاقها في اليوم الاول بالمؤسسة، واستمر الأمر على ما هو عليه، مما جعلها ترفع تظلما إلى المدير الإقليمي تشتكي فيه من تعسفات مدير المؤسسة. هذا التظلم الذي ظل مسجونا في الرفوف دون أن تتدخل المديرية لمعرفة الحقيقة وإنصافها. إلى أن تطورت الأمور عندما أقدم هذا المدير على ممارسة العنف اللفظي وطرد الأستاذة من الإدارة عندما طلبت منه تسليمها استمارة الترقية، مما جعل الأستاذة عاجزة على تحمل ذلك، فسقط مغمى عليها في الإدارة أمام أنظار بعض زملائها. الشيء الذي استدعى نقلها على متن سيارة إسعاف إلى مستشفى محمد السادس بالعروي.

وعوض أن تشكل المديرية الإقليمية لجنة للوقوف على حقيقة ما حدث، تفاجأوا بإقدامها على محاولة تبرئته من خلال مراسلتها لبعض المنابر الاعلامية في هذا الشأن.

وقد كان لنا كجمعية لمدرسي اللغة الأمازيغية رد في الموضوع وضحنا فيه حيثيات التصرفات اللا تربوية لمدير مجموعة مدارس أقوضاض ضد أستاذة اللغة الأمازيغية.

حاوره: كمال الوسطاني

اقرأ أيضا

خديجة يكن: الأمازيغية نبض حياة ووسيلة لإبراز قيم الإنسانية والجمال والكتابة بها فعل مقاومة

خديجة يكن: الأمازيغية نبض حياة ووسيلة لإبراز قيم الإنسانية والجمال والكتابة بها فعل مقاومة (1/2)

باعتبار الكلمات بوابة عميقة نحو الأرواح والأفكار، وجسرا يتماهى عبره الإبداع مع الإنسانية. اليوم نلتقي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *