حروف تيفيناغ

يمتد مجال انتشار حروف تيفيناغ، من شمالي السودان إلى الجزر الخالدات غربا، وصقيلية والأندلس شمالا، وهي مشتقة اشتقاقا من اللغة الأمازيغية تيفيناغ أي “اكتشافنا”، وقد أثبتت الدراسات أنه لم ينشأ على أرض القارة الإفريقية كلها إلا أبجديتان اثنتان بصرف النظر عن الهيروغليفيات، هما الأبجدية الأمازيغية والأبجدية الأثيوبية كما جاء في المرجع السابق.

ويعود أول اكتشاف للكتابة الأمازيغية إلى سنة 1631، عندما عثر الباحث طوماس داركوTomas D’Arco في مدينةThugga على جدار ضريح “مس ن آسن”، على نقيشة مزدوجة الكتابة الأمازيغية والبونية، وفي القرن 19، برزت دراسات اهتمت بهذه النقيشة وخلال القرن العشرين أصدر أول مجموع corpus للنقائش الأمازيغية بشكل عام، وآخر خاص بنقائش المغرب، إلا أن هذين المجموعين لم يهتما بالكتابات الموجودة على اللوحات الصخرية. وهذا ما قام به باحثون مغاربة، حيث جمعوا حوالي أربعين نقيشة قام بنشرها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة 2003 تحت عنوان:

” Tirra, aux origines de l’écriture au Maroc

تيرا، أصول الكتابة بالمغرب” وهكذا، واعتمادا على شكل النص وطريقة كتابة ونوعية حروفه ونطقها ميز الأخصائيون في هذا المجال، بين ثلاث أبجديات هي: الأبجدية الشرقية ( Alphabet oriental) والأبجدية الغربية (Alphabet occidental) والأبجدية الصحراوية (Alphabet Saharien) ونجدها بالمناطق الصحراوية، ويتركز تواجد نقائشها على اللوحات الصخرية بمنطقة تيشيت ولاته بموريتانيا الحالية. وغالبية هذه النقائش نصوص أمازيغية مختصرة. ومن هذه الأبجدية الصحراوية ستنبثق تيفيناغ القديمة وتيفيناغ الحديثة. هذه الأخيرة لا يزال شعب التوركـَ يستعملها. كما أن النقائش التي عثر عليها في جزر الكناري تنسب إلى هذه الأبجدية الصحراوية.

يقول الأستاذ محمد شفيق في كتابه ” من أجل مغارب مغاربية بالأولوية ص(51-52) ” لنا نحن المغاربة، سكان المغرب الكبير، معلمة ثقافية نبخسها حقها من الاهتمام والصيانة، لقد ظلت صامدة لنوائب الدهر بصورة تلقائية منذ آلاف السنين، بل منذ أن وجد المغاربة. هي أهم معالمنا الحضارية، لا لأنها أقدمها فقط، ولكن لأنها هي التي صنعت خصوصياتنا التي نتميز بها عن غيرنا. وهي معلمة لم يحدثها جيل واحد من أسلافنا وأجدادنا، بل ساهم في إنشائها وفي إغنائها كل جيل منذ أن نطق البشر… إن تلك المعلمة، هي أوال أمازيغ” كما سماها الحسن الوزان؛ هي ” اللسان الغربي” كما سماها البيذق من قبل الوزان؛ هي اللغة الأمازيغية الضارب وجودها في القدم بحيث يتلاقى المؤرخون (Gabriel Camps) واللسانيون المهتمون بالدراسات المقارنة (Werner Vycichl)في القرار بأنها أقدم اللغات، مستندين من جهة ّإلى الآثار المادية المتجسمة في نقوش ” تيفيناغ” كما تتجلى عبقريتها في كونها تلقى جذورها في أعماق التاريخ، وفي كونها تتميز ببنيات لغوية وصرفية وتركيبية خاصة بها. وتستعمل اللغة الأمازيغية مجموعات بشرية تتفاوت كثافتها، ودرجة التداول بهذه اللغة تختلف من قطر لآخر حسب معطيات ذاتية وشروط موضوعية مرتبطة بوضع اللغة الأمازيغية والموقف منها (من مداخلة الأستاذ أحمد بوكوس، من كتاب سلسلة أعلام الثقافة الأمازيغية ” محمد شفيق”، منشورات عكاظ، الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، أيام الثقافة الأمازيغية الرباط 16 و23 نونبر 1990.ص ص: 19-20).

إلا أنه لوحظ بعض الخصوصيات في كتابة جزر الكناري، ولذلك تنعت بكتابة الكوانش(Guanche)، لكنها كتابة أمازيغية دون شك، بينما عثر بالصحراء المغربية الحالية على بعض النقوش معها كتابة تيفيناغ. وعثر في تدرارت الجنوبية (ليبيا) على كتابة تيفيناغ الحديثة مع نقوش للفرس والنعامة، مما يعني أنها استعملت في وقت عاش فيه الحيوان بالمنطقة (الأستاذ مصطفى أعشي، نشرة إبنغميسن أسيناكَ العدد ¾ منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ص 37).

وتنتمي اللغة الأمازيغية إلى ما يسمى بالأسرة الإفريقية -الآسيوية، وتحديدا إلى فصيلة الحامية السامية. والتي تتكون من الفرع السامي والفرع المصري القبطي، والفرع التشادي، ثم الفرع الليبي- الأمازيغي. (الأستاذ أحمد بوكوس، الأمازيغية والسياسة اللغوية والثقافية بالمغرب، مركز طارق بن زياد، الطبعة الأولى نونبر 2003، ص 36 -41).

ومع تنامي الوعي وظهور جمعيات ومنظمات مدنية أمازيغية، وتعزيز البحث الأكاديمي في التاريخ والحضارة واللغة في المغرب وشمال إفريقيا، عادت حروف تيفيناغ لتبرز من جديد، وتؤدي دورها الخاص من خلال الكتابات الأمازيغية التي واكبتها الجرائد، والمجلات.

وبخصوص موضوع حماية أشكال التعبير الثقافي المعرضة للخطر نشرت اليونسكو خريطة تفاعلية عبر موقعها الإلكتروني تحدد من خلالها اللغات المهددة بالانقراض في العالم بحسب معايير مختلفة، واضعة خمسة مستويات مختلفة تحدد تصنيف وحيوية اللغات المهددة بالاندثار وهي: اللغات الهشة، واللغات المعرضة للخطر، واللغات المعرضة لخطر كبير، واللغات المحتضرة، واللغات الميتة أو المندثرة.

وقالت المنظمة إن المغرب به ثمانية تعبيرات لغوية مهددة منها لغتان اندثرتا فعلا، وصنفتها كالتالي:

اللغات الهشة:

حيث وضعت اليونيسكو الأمازيغية التي يتحدث بها مواطنو مدينة فكيك (أقصى شرق المغرب) ضمن اللغات المهددة بالانقراض، وذلك لأن ما بين 20 و30 ألف شخص فقط هم من يتحدث بها. وتتكون فكيك من سبع واحات وهي: آيت لوداغير، آيت لمعيز، آيت عدي، وآيت سليمان، وآيت عناج، وآيت إزناين، آيت عمار.

اللغات المعرضة للخطر:

“أمازيغية بني يزناسن”، وضعتها نفس المنظمة كذلك من التعبيرات الأمازيغية المهددة بالمغرب، وبني يزناسن هي قبائل أمازيغية في شمال شرق المملكة.

اللغات المعرضة لخطر كبير:

كما صنفت المنظمة الأممية لغات منبثقة عن الديانة اليهودية والتي مازال بعض اليهود المغاربة يتحدثون بها ضمن التعبيرات المعرضة لخطر كبير، وهي:

– اليهودية الأوروبية المعروفة في المغرب باسم Haketía، على أنها مهددة بالانقراض بشدة، وهي لغة تتبع اللغة الإسبانية اليهودية وتطغى عليها الدارجة المغربية، ويتحدث بها يهود المغرب، وتسمى أيضا بالإسبانية-العبرانية وكانت منتشرة في الشمال والشمال الشرقي للمغرب.

– اليهودية الأمازيغية المغربية، على أنها منقرضة؛

كما أوردت اليونيسكو كذلك “أمازيغية صنهاجة اسراير” ضمن اللغات المهددة بالانقراض، وتنتشر في شمال المغرب وغرب منطقة الريف.

كما صنفت “أمازيغية غمارة”، وهي أمازيغية تنتمي إلى عائلة الأمازيغية الشمالية ويتكلمها حوالي 10.000 شخص في المغرب، نواحي مدينتي تطوان والشاون، وتصنف ضمن خانة التعبيرات المهددة بالانقراض.

الأمازيغية المندثرة

هي الأمازيغية- اليهودية، وهي أمازيغية كانت تنتشر فيما سبق بجنوب المملكة، وكان يتحدث بها سكان مدينة ورززات وبولمان دادس وإيميني وتنغير.

– و”أمازيغية آيت روادي”، وكان يتحدث بها ما يقارب 1637 شخصا، في جهة تادلة أزيلال.

خديجة عزيز

اقرأ أيضا

جمعية مارابيل نحتفل برأس السنة الأمازيغية 2975

بمناسبة حلول السنة الأمازيغية الجديدة 2975 نظمت جمعية مارابيل التي يترأسها السيد محمد الحموتي حفل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *