فؤاد ازروال مسرحي وقصاص وباحث في الأمازيغية، ينحدر من مدينة الناضور التي ولد بها سنة 1964، نشر مجموعة من الإبداعات الدرامية والقصصية ابتداء من سنة 1991، وحاز على جائزة أحسن درماتورجيا بالمهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي بأكادير سنة 2005، والجائزة الوطنية للثقافة الأمازيغية ـ صنف الإبداع سنة 2011عن مجموعته القصصية (أذفل أزكواع/ الثلج الأحمر). كما أصدر مجموعة من الدراسات في مجال الأدب والفنون الأمازيغية أهمها: (الأدب الأمازيغي المعاصر) و(في الأدب والفن الأمازيغيين) و(الضحك في الثقافة الأمازيغية) … ويشتغل باحثا بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بمركز التعابير الفنية والدراسات الأدبية والإنتاج السمعي البصري. وقد أصدر أخيرا، في أواخر سنة 2023، مجموعته القصصية الثانية (إلدجيكن ءور كامن ذي تاكرست/ الأزهار لا تنمو في الشتاء) لتشكل إضافة نوعية إلى المنجز السردي الأمازيغي الحديث.
ـ ما هي الإضافة التي يمكن أن يحملها إصدارك الجديد في مجال فن القصة القصيرة الأمازيغية؟
إن أي إصدار جديد، لأي كاتب مبدع في مجال السرد الأمازيغي، في هذه المرحلة، يعد ـ بنفسه ـ إضافة كمية للمنجز السردي الأمازيغي الجديد في المقام الأول، كما أنه ـ ولا بد ـ أيضا ـ يحمل بصمة خاصة لمبدعها، فتساهم بذلك في تحقيق إضافة كيفية كذلك. أما بالنسبة لمجموعتي القصصية الأخيرة، فقد حاولت أن أكتب قصصها انطلاقا من وعيي الخاص بالجنس الأدبي القصصي، وبمقوماته واشتراطاته، وانطلاقا من قناعتي بضرورة خلق أسلوب خاص مغاير عن أساليب المبدعين الآخرين. وأيضا حرصت كثيرا ـ في هذه المجموعة ـ أن أعمل على انتقاء تيمات قصصية قريبة من التيمات التي تهيمن في الساحة القصصية المعاصرة، وإن كانت كلها تحاور مسألة الموت في مختلف أبعادها ودلالاتها الانسانية والوجودية، وحاولت ألا أقع النمطية، أو أن أستعجل الكتابة. لقد اهتممت جيدا بجوانب كل قصة من قصص المجموعة، بدءا باللغة والأسلوب، ثم زاوية معالجة الموضوع، وطريقة بناء الشخصيات والأمكنة والفضاءات… لقد سعيت ـ بكل ما أستطيع ـ إلى تحقيق التجديد، وإلى التجريب تنفادي إعادة الأساليب والأشكال والموضوعات السائدة في السرد الأمازيغي الجديد.
ـ كيف شكلت عالمك القصصي في هذه المجموعة الأخيرة؟ وماد ور البيئة الثقافية في ذلك؟
إن العالم القصصي الذي طغى على إبداعات هذه المجموعة مستوحى ـ في أغلبه ـ من العالم الحقيقي والواقعي الذي أعيش فيه، إذ منه استوحيت الكثير من الشخوص والأحداث والفضاءات، ولكن دون أن أكتفي بترجمته ذلك قصصيا فحسب، بل إني أعيد تشكيله وصياغته بحرية واسعة لأصنع منه عالما جديدا أبتعد به عن المعتاد والمعروف المبتذل. فهو بذلك عالم قريب زاخر بمفردات البيئة الثقافية الأمازيغية التي نشأت فيها وبها، وبين الأخيلة والصور المبتدعة التي يمكن أن تكون جاذبة وممتعة.
ـ ماهي المعايير اللغوية والفنية التي التزمت بها في قصصك؟
إن اللغة في السرد القصصي هي بمثابة الهواء الذي تحيا وتنمو به الحكاية أو القصة، فكلما كانت نقية وراقية المعنى كلما كان الحكي أو القص راقيا وسلسا. ولهذا حاولت أن أعتمد على الكلمات والعبارات التي تحمل مقدارا كافيا من القوة للتأثير في الوجدان والمشاعر، وفي نقل المعاني والأفكار دون السقوط في التبسيط والتسطيح.. وإذا كانت اللغة نحقق دورا كبيرا في بناء المنجز السردي، فإن المستوى الفني يشاركه في ذلك، ويعززه، ولذلك سعيت ـ أيضا ـ إلى تحقيق مستوى مقبول وجاذب في البناء الفني، مراعيا الدقة والترابط الكافيين في تسلسل الاحداث، وفي تصوير الأحداث والشخصيات، واهتممت كثيرا بإنجاز النهاية المناسبة، وغير المتوقعة، حتى يحصل نوع من المسافة الجمالية.
ـ ما المغاير في مجموعتك هذه عن باقي ما يكتبه القصاصون الآخرون بالأمازيغية؟
حاولت أن أكتب بأكثر من تقنية وأسلوب: عجائبي، بوليسي، رمزي، نفسي… حتى آخذ مسافة عن الكتابة الكلاسيكية المهيمنة على الإبداع القصصي الأمازيغي، والذي يميل ـ في الغالب الأعم ـ نحو أسلوب الحكاية الشعبية… حاولت أن أكتب بطريقة تحدث الصدمة أحيانا، وتثير الاستغراب والدهشة أحيانا، وتستفز الذهن ويقينياته أحيانا أخرى… إن قصص المجموعة تتحدث عن كل أنواع الموت العنيف والغريب التي تعري الحياة المدنية المعاصرة، وتفضح زيفها ورياءها، والتي تحدث في فضاءات محتفلة، وأماكن وأزمان متباينة.
ـ كيف ترى واقع القصة القصيرة الأمازيغية راهنا؟
إن كتاب القصة القصيرة الأمازيغية لا يزالون قليلين، وهم يبذلون مجهودات كبيرة لأجل نشر وإصدار ما يكتبونه، ولأجل الاستجابة للانتظارات الكبيرة المعلقة عليهم في النهوض بالأدب الأمازيغي والرقي به. عموما، هناك حركية قصصية صاعدة، وتحتاج إلى الدعم والمواكبة لتتطور وتنمو بسرعة.
إنجاز: موحا مخليص