حاوره: حميد أيت علي “أفرزيز”
نرحب بك استاذ “جميل بناصر” في بساط جريدة الانسان الحر “العالم الامازيغي”، منبر الامازيغ وصوت المقهورين، نشكرك على سعة صدرك وقبول دعوتنا.
بداية نبذة عن الاستاذ “جميل” ومساره الدراسي؟
أزول أدلسان لكل من آمن واستوعب وعمل بقيم تيموزغا، إسمي جميل بناصر الملقب ب”يوفتن”، من بين مؤسسي “الحركة التلاميذية الأمازيغية” بمدينة تنغير، خريج “الحركة الثقافية الامازيغية موقع إمتغرن”، حاصل على عدة شواهد من بينها شهادة الباكالوريا في التخصصين العلوم الرياضية والآداب والعلوم الإنسانية، حاصل كذلك على دبلوم الدراسات الجامعية العامة في الرياضيات، ودبلوم مهندس تطبيقي في الهندسة الصناعية… وأعمل حاليا أستاذ مادة الرياضيات.
كيف كنت تتصور الجامعة وانت تلميذ بثانوية تنغير؟
بإعتباري أحد مؤسسي الحركة التلاميذية الأمازيغية، فقد خضت مناظرات مع شبيبة العدل والإحسان داخل الثانوية، و كنت كذلك أجيب على “ترهات اليسار” في فاتح ماي من كل سنة، حيث حققت “الحركة التلاميذية الأمازيغية” إكتساحا للمشهد داخل ثانوية “صلاح الدين الأيوبي الكوردي” بتنغير، وكل هذا الزخم النضالي دفعنا فاتورة نضالنا المستميث من أجل تلميذ يعي ذاته الحقيقية، ويعلن القطيعة مع الولاء الإصطناعي للمشرق، إذ كنا نتعرض لمضايقات كثيرة، ولحد الآن لازلت تكتب عبارة عنصر غير منضبط في شواهدي المدرسية، رغم إنضباطنا ومواظبتنا، لكن بالفعل لم نكن منضبطين لنصرة “قضايا العرب”، ومما سبق كان تصوري للجامعة غير بعيد لما عشته في الثانوي، فالعنف المعنوي ذقناه في الثانوي ولم أتصور أن الأمر سيتحول إلى عنف مادي في الجامعة.
كيف كنت تُعَرِّف العنف بالجامعة، وهل كنت تظن يوما أنك ستكون ضحية لهذا العنف؟
العنف الجامعي كنت أعتبره من ماضي الحركة الطلابية وزمنه ولَّى، حيث لم أتصور يوما أنني سأتعرض للعنف وتمزيق جسدي، بسسب أفكاري وقناعاتي، لكن تجري الرياح عكس ماتشتهيه السفن كما يقال، إذ تفاجئنا سنة 2003 بهجوم غادر في مقصف الحي الجامعي بالرشيدية، على مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية من قبل عصابة “البرنامج المرحلي المتقاعدين”، أسفر عن إصابات بليغة لكل من “الزير مصطفى ـ أعلي سليمان ـ أتمغارت محمد ـ الطويل محمد وآخرون…” مما حتم علينا إتخاذ الحيطة والحذر.
في سنة 2007 وقع ما لم يكن في الحسبان، عشرات المعتقلين السياسيين وعشرات المعطوبين نفسيا وجسديا.
حدثنا عن ليلة 13 يوليوز 2007؟
حوالي الساعة السابعة والنصف مساءا، ولجت للحي الجامعي بالرشيدية لوحدي، في طريقي لغرفتي بالجناح 6، صادفت ثلاثة طلبة ينتمون لما يسمى “فصيل النهج الديمقراطي القاعدي ـ البرنامج المرحلي- “، جالسين في إحدى المقاعد قبالة الباب الرئيسي للحي.
بعد ولوجي لغرفتي قمت بأداء صلاة المغرب وتأكدت من جمع أغراضي كوني سأعود لقريتي نواحي تنغير تزامنا مع العطلة، غادرت الغرفة من جديد وفي طريق العودة، إعترضوا طريقي وإنهالوا علي بالضرب “بالزبارات “، بشكل عشوائي، محاولا مني تفادي الاصابة على مستوى الرأس بيداي، وهو ما نتج عنه بتر أحد أصابعي، وكسر على مستوى الكتف، ومن شدة الضرب والدماء التي سالت إنهارت قواي وسقطت أرضا، فشلت حركتي وحبست صراخي وأغمضت عيناي وصبرت على شدة الألم، مما جعل المعتدين يتوقفون عن ضربي معتقدين أنني فارقت الحياة، على الفور غادروا المكان إلى وجهة مجهولة.
بعد ذلك أحسست بتجمهر الطلبة وموظفي الحي علي، كنت أسمع عبارة من قبيل “قتلوه مسكين ـ جميل مشى ضحية”؛ بمجرد حضور سيارة الإسعاف تأكدوا أنني مازلت على قيد الحياة، وبدؤا في طرح الأسئلة من قبيل “من ضربك؟ وبماذا ضربوك؟، كنت أردد على مسامعهم الأسماء الثلاثة “ح.م ـ ب.م ـ أ.م”، لأنني فقدت الأمل في الحياة وكنت فقط أريد أن يعرف رفاقي الأمازيغ من قتلني.
عجز أطباء المستشفى المحلي “مولاي علي شريف” بالرشيدية من إجراء العملية الجراحية، لعدم توفر التجهيزات حسب قول الطبيبة التي لم أعد أتذكر إسمها، ومن هذا المنبر أشكرها وأدين لها بإنقاذي من موت محقق، تم نقلي صبيحة اليوم الموالي لمدينة أمكناس، لتجرى لي العملية الجراحية.
بالمناسبة الشكر موصول “لأجعجاع محمد ـ عكوري يوسف، الذين لم تربطني بهم أية علاقة قبل الحادثة، ولم أكن أعرفهم لا من بعيد ولا من قريب قبل محاولة الإغتيال وهذا الكلام للتاريخ.
كيف تعاملت معك الحركة الثقافية الأمازيغية بالخصوص، والحركة الامازيغية عامة بعد تعرضك للعنف؟
كان لمناضلي موقع أمكناس الفضل الكبير في مواساتي، والمجال لايتسع لذكر جميع الأسماء، وأحيي من هذا المنبر جيل 2007 بأمكناس… بخصوص موقعي إمتغرن كان له الفضل في التعريف بقضيتي، جمعوا مساهمات مادية للتخفيف عن أخي “ابراهيم”، الذي كان أخا وأبا في نفس الوقت، وفضله علي لا يقدر بثمن. كان منزلنا في تنغير محجا للأمازيغ طيلة شهور، دعوات الأمهات لازال صداها في أذناي، لا اعرف كيف سأشكر كل من واساني، وسأكتفي بكلمة “تانميرت” لكم أيها الأحرار.
لا يجب أن أنسى شكري لبعض الجمعيات والاطارات ـ جمعية تانكرا بتنغير ـ منظمة تامينوت ـ جمعية أسيد بمكناس ـ جمعتي تاسورت وبوكافر بألنيف ـ موقع يافلمان، وعدة شخصيات وفعاليات أمازيغية كالمرحوم “السعيدي محند أمزيان”، والأساتذة، “عمر درويش ـ عبد الله حيتوس ـ مصطفى القاديري”، وأعتذر لمن لم أذكره بإسمه، كونهم بالمئات، مع شكري للحركة الأم
ازيغية بالمهجر بكل من “إسبانيا ـ الولايات المتحدة الأمريكية…”، فالشكر موصول لكل من تضامن معي ماديا ومعنويا دون أن أنسى مناضلي تنسيقية أيت غيغوش، وتانزروفت وباقي التنسيقيات المنضوية تحت لواء الحركة الثقافية الأمازيغية…
نصيحة للحركة الثقافية الامازيغية ولجموع الأمازيغ؟
الحذر والحذر من الوقوع في الفكر والمنطق الماضوي، فالعالم يشهد تطورات متلاحقة ويجب تكييف إستراتيجياتنا مع مستجدات العالم، الاخير أصبح قرية صغيرة، ولا بد من معرفة مايحاك ضد الشعب الأمازيغي في تمازغا ككل، لا يجيب أن نخندق نضالنا في ما هو محلي محض، علينا تكثيف الجهود لربط علاقات مع أمازيغ مختلف دول تمازغا. لا يجب أن نجعل من إختلافاتنا خلافا وعامل تفرقة، بل جعله من غنى الحركة الأمازيغية، والمهم بالنسبة لي ليعمل الكل من موقعه وتجاوز عقلية التخوين والمخزنة، فهما عاملين للهدم لا البناء، المُمَخزن في نظري الآن، من يصر على تشتيت نضالات إمازيغن، ودماء الشهيد “إزم” يجب أن تكون الفصل بين مرحلتين من نضالات إيمازيغن من أجل التحرر. وما يجب تصحيحه، أن التاريخ لا يعيد نفسه بل الإنسان هو من يكرر غباءه، أملي أن تعودوا أنفسكم على أن تكون أيامكم إحترام وإنسانية وتفاهم؛ البصمة الجميلة حتى وإن غاب صاحبها لا تغيب.
شخصيات وإطارات ارجو ان تعطيني كلمة في حقهم؟
- إزم؟
إسم على مسمى وكان لي الشرف التعرف عليه، حيث مدني برقم هاتفه في الأيام الثقافية الأولى للحركة الثقافية موقع الشهيد، وأصر علي أن أزوره من حين لآخر، لكن لله ماأعطى وما أخذ، اللهم إرحمه وإجعله من الصديقين والشهداء، وإغتياله لن يمحى كما تمحى السبورة.
- تنسيقية أيت غيغوش؟
غصة في حلق المخزن
- محمد بودهان؟
مكتبة ومرجع لي في النضال
- أعضوش وأسايا؟
من عظماء الحركة الثقافية الأمازيغية
- نبا؟
صديقي وأخي تقاسمت معه الكثير ولي الشرف بإدراج إسمي في إحدي ألبوماته “تابرات إوبما”
- أنور أعمري؟
رجل الأفعال لا الأقوال تكريمه دين على الأحرار
- معتوب لونيس؟
ناضل بالقيثارة ومات مقتولا فداء للقضية الأمازيغية، تعلمت منه الكثير وكانت أغنياته مؤنستي في محنتي، كنت استمع لها ولا أبالي بالألم، كونها تمدني بجرعة من الصبر والتحمل لتنسيني كل شيء.
كلمة أخيرة استاذ “جميل” ولنعتبرها مسك الختام؟
شكرا لجريدة “العالم الامازيغي” على الإلتفاتة، وكلمتي الأخيرة قول الإيطالي “أمبيرتوا إيكو ” ـ إن أدوات مثل تويتر وفيسبوك تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد كأس من النبيذ دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فورا، أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل….إنه غزو البلهاء”.