مقدمة :
نُظر إلى إفريقيا بانتقاص وازدراء، إلى عهد قريب جدا (1) ووصف تاريخها باعتباره مجموعة من الأساطير والخرافات، يؤمن بها أناس متوحشون لا يمتون إلى الحضارة بصلة، مع استثناءات من باحثين منصفين يحترمون المنهج العلمي، ويحتكمون للعلم والمنطق في تقديراتهم.
إنّ مجهود تعديل النظرة الراسخة لإفريقيا، وإعادة الاعتبار لتاريخها العريق وكتابته بأقلام علمية نزيهة، بحاجة إلى مجهود أممي جماعي لكل الباحثين عن الحقيقة في العالم، لتصحيح المسلّمات الشائعة عن الشعوب الإفريقية، وعن تخصص شعوبها بالسحر والشعوذة والفكر الماقبل العقلي، في مقابل شعوب أوروبية تزدهر فيها العقلانية والقيم الحداثية. كما أن هذا المجهود التاريخي، أي بناء تاريخ إفريقي علمي وموضوعي، يجب أن ينصب نحو التنقيب عن التاريخ الإفريقي الغزير في مأثوراته، ووقائعه، وإبداعه.
وسنعمل من خلال هذا المقال تقديم مرافعة علمية تحاول تسليط الضوء على الكتابة التاريخية وأسس بناء فهم علمي وموضوعي لتاريخ افريقيا ، ثم سرد مجموعة من مصادر التاريخ الافريقي وأهم المؤرخين والمفكرين والفلاسفة المعاصرين الذين ساهموا مساهمة قيمة في مجهود بناء تاريخ إفريقي جديد، مبني على الإنصاف ومحترم لشروط الموضوعية العلمية .
1-الكتابة التاريخية وأسس بناء فهم تاريخي علمي للقارة الافريقية:
عانت الكتابة التاريخية عن إفريقيا ردحا من الزمن من الإقصاء المتعمد، والتهميش الممنهج من طرف الاسطوغرافيا الغربية الاستعمارية، التي سخرت التاريخ لغايات أيديولوجية، تستهدف الانتقاص من التاريخ الإفريقي، وتتبنى نظريات عنصرية قائمة على التمييز العنصري، وعلى تفوق العنصر الغربي على غيره من الأجناس والأقوام. فقد كانت القارة الإفريقية توصف بأنها قارة خالية جغرافيا، غير منتجة اقتصاديا، ومنعدمة الثقافة، عديمة الحضارة، تحتضن وحوشا ضارية، وأقواما من البرابرة الهمج.
ويكفي أن نطلع على ما كتبه بعض الفلاسفة والمفكرين، مثل هيكل عن إفريقيا، لنرى حجم الظلم، وقمة الازدراء الذي تعرض له تاريخ أعرق قارة في التاريخ، ومهد الإنسان الأول. فالربط الهيغلي العنصري بين المناخ، وبين تطور الشعوب، وأن التاريخ والحضارة مرتبطان بالمناخات الرطبة المعتدلة، واعتبار الهنود الحمر والأفارقة شعوبا ناقصة الإنسانية، وفاقدة الإحساس الإنساني، كلها أطروحات غربية، مبررة لاستغلال الشعوب من أجل “أنسنتها” وإدخال الحضارة إليها.
إفريقيا لم تكن أرضا خلاء، ولم تحتضن شعوبا منزوعة الروح، ومعدومة الحضارة، بل بالعكس تماما، إفريقيا كانت منذ القرون الغابرة، ذات تاريخ غني وثري، يكفي أن نرجع إلى ما كتبه كل من المؤرخ الكبير JOHN DONNELLY FAGE الذي تحفل كتبه بأخبار إفريقيا، بما كانت تعيشه هذه القارة من تنوع بشري، وثروات طبيعية هائلة، منذ أقدم العصور. كما أن كتابات (ROLAND OLIVE ) تناولت بطريقة علمية موثقة، الحيوية التي عرفتها إفريقيا في أقدم العصور، من رحلات، وقوافل تجارية وبحرية..
وعلى الرغم من أن الاهتمام بالتاريخ الإفريقي تقلص كثيرا بفعل عوامل عدة، أهمها السياسة الاستعمارية الغربية، التي مزقت أشلاء القارة الإفريقية، تنفيذا لمؤتمر برلين (1884م/1885م)، الذي وضع القارة الإفريقية على مشرحة التجزئة السياسية، والنهب الاقتصادي، والهيمنة الثقافية، وكل أشكال الاستعباد الإنساني، فان ذلك لم يمنع من تواتر مجموعة من الأدبيات الغربية في الفترة المعاصرة التي سعت أيضا إلى تصحيح النظرة الدونية لشعوب تلك القارة، ومهدت لدراسات تاريخية -إفريقية، وغير إفريقية-رصينة وبنظرة جديدة أكثر إنصافا وموضوعية. وفي هذا الإطار تندرج مجهودات معتبرة من بعض الأنثربولوجيين الذين حاولوا فهم أعماق إفريقيا، وفي مقدمتهم نجد “كلود ليفي شتراوس” الذي حاول دراسة إفريقيا، واعتبرها الأساس الذي بني عليه التاريخ العالمي، والوعاء الحضاري الذي انصهرت فيه تأثيرات الحضارة الإنسانية، أي المكان الذي انصهرت فيه كل التأثيرات وأرض التثاقف البشري بامتياز، فحاول شتراوس دراسة الأنظمة السياسية الكبرى في إفريقيا القديمة وإنجازاتها القانونية، ونظرياتها الفلسفية التي خفيت أو تم تجاهلها طويلا من طرف الغربيين، وفنونها التشكيلية وموسيقاها التي تستكشف بطريقة منهجية جميع الإمكانات المتوفِّرة عبر كل وسيلة للتعبير، والتي استنتج منها واعتبرها دلائل على أن إفريقيا ذات ماضٍ في غاية الخصب.
وفي سبيل تصحيح صورة إفريقيا في الأذهان، ومحاولة إعادة الاعتبار التاريخي لها، أقدمت اليونيسكو على مبادرة علمية هامة عام 1964م، تتمثل في مشروع صياغة “تاريخ أفريقيا العام”، بغية تغيير عدم المعرفة السائدة لتاريخ إفريقيا. وشارك في هذا السّفر الهام عدد كبير من الأفارقة ذوي اختصاصات علمية متقاطعة ومتكاملة، وقد ساهم في نفض الغبار عن تاريخ القارة الإفريقية، من النواحي الاجتماعية والدينية والعرقية والثقافية. ويكمن التحدّي، بإعادة بناء تاريخ إفريقيا، وتحريره من أي أحكام مسبقة عرقيّة تعود لفترة تجارة الرقيق والاستعمار، وبالتالي النهوض بالنظرة الإفريقية لهذا التاريخ.
2- اهم مصادر التأريخ لافريقيا انطلاقا من الكتابات العربية :
سؤالان مهمان يتبادران إلى الذهن فيما يتعلق بكتابة التاريخ الإفريقي، والإجابة عنهما مسألة ضرورية لكل باحث مجتهد باحث عن المعرفة التاريخية :
- السؤال الأول: ماهي المصادر الأساسية التي يجب على أي باحث مهتم بالتاريخ الإفريقي الاعتماد عليها، لتسعفه للاطلاع على التاريخ الإفريقي؟
- السؤال الثاني: من هم أهم المؤرخين والمفكرين والفلاسفة القدامى و المعاصرين الذين ساهموا مساهمة قيمة في بناء أسس فهم تاريخي علمي للقارة الإفريقية ؟
مصادر التاريخ الإفريقي يمكن تقسيمها إلى ثلاث أقسام وهي: المصادر المكتوبة العربية والأجنبية والآثار والرواية الشفوية وسنكتفي في هذا المقال بالمؤرخين والبحاثة الذين كتبوا ابحاثهم باللغة العربية على ان نخصص مقالات للباحثين الاخرين الذين كتبوا باللغات الأخرى .
كثيرا ما نعت التاريخ الإفريقي بأنه تاريخ أساطير وخرافات وسحر، واستطاعت هذه الصورة النمطية السلبية أن تصمد طويلا، فاعتبرت القارة الإفريقية قارة بلا تاريخ، وبلا حضارة، من قبل العديد من المؤرخين والفلاسفة. لكن هذه الصورة السلبية كان وراءها الجهل بالمقومات الحضارية والتاريخية التي تزخر بها القارة الإفريقية، كما روجت هذه الصورة لدواعي إيديولوجية، وأحيانا دينية لتبرير استعمار شعوب القارة، واستغلال ثرواتها، واستعبادها تحت مبررات إدخالها إلى “الحضارة الإنسانية”. لقد أقصي التاريخ الإفريقي عن التاريخ العالمي بدعوى أن الحضارة الإفريقية تفتقر إلى الكتابات، وإلى الدلائل المادية الملموسة على وجود حضارات بارزة، إلا أن التطور التاريخي، وأدوات البحث والتنقيب التاريخية، وتطور علم الأركيولوجيا، وبروز طبقة من المؤرخين والمثقفين الأفارقة في أوروبا بعد الحرب العلمية الثانية؛ عوامل تظافرت لتنفض بعض غبار الإنكار والنسيان على التاريخ الإفريقي.
تعتبر المصادر العربية أهم الكتابات التاريخية التي عرفتنا على أجزاء مهمة من تاريخ جزء من القارة الإفريقية، وقد حظي تاريخ منطقة السودان الغربي وغرب افريقيا بالقسط الأوفر من الكتابات التاريخية، وهذا أمر يمكن تفسيره بعاملي التجارة والدين في هذه المنطقة، فتاريخيا عرفت هذه المنطقة بأنها محورُ التجارة الإفريقية، بل والدولية في مرحلة من المراحل، وهذا ما يبرر وجود عدة حواضر ومدن معروفة تاريخيا في هذه المناطق، كما أن وصول الإسلام إلى هذه المنطقة ساهم في تكثيف جهود أسلمة هذا المجال، فتظافر عاملي الدين والتجارة في إشعاع المنطقة ثقافيا واقتصاديا وعسكريا.
وسنحاول ذكر بعض الكتابات العربية التي اهتمت بسرد بعض احداث ووقائع افريقيا و هي محاولة غرضها الأساسي هو تعريف القراء والباحثين ببعض الكتاب والمؤرخين الذين عاشوا في مراحل مختلفة والذين وصفوا افريقيا وعوائدها و ساكنتها و احوالهم في حقب زمنية مختلفة والهدف أساسا هو فتح نافذة للتعرف على تاريخ افريقيا ونفض الغبار عنه و محاولة استكناه ما تحفل به القارة الافريقية من كنوز تاريخية واثرية مايزال التاريخ المعاصر خصوصا الاركيولوجيا تفاجئنا و تدعم رؤانا بخصوص تاريخية التاريخ الافريقي وان افريقيا هي مهد الحضارة الإنسانية بدون منازع .
- الإصطخري (ت 346هـ /957م):
هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي الإصطخري، وهو عالم فلكي وجغرافي ومؤرخ، زار العديد من البلدان العربية والافريقية، وقال عن بلاد السودان ما يلي : “وأما زويلة، فإنها من حد المغرب وهي مدينة وسطة لها كورة عريضة، هي متاخمة لأرض السودان، وبلدان السودان بلدان عريضة إلا أنها قفرة قشفة جدا، ولهم في جبال لهم فيها عامة ما يكون في بلاد الإسلام من الفواكه، إلا أنهم لا يطعمونه، ولهم أطعمة يتغدون بها من فواكه ونبات غير ذلك مما لا يعرف في بلدان الإسلام، والخدم السود الذين يباعون في بلدان الإسلام منهم، وليس هم بنوبة ولا بزنج ولا بحبشة ولا من البجة، إلا أنهم جنس على حدة أشد سوادا من الجميع وأصفى، ويقال إنه ليس في أقاليم السودان من الحبشة والنوبة والبجة وغيرهم إقليم هو أوسع منه، ويمتدون إلى قرب البحر المحيط، مما يلي الجنوب ومما يلي الشمال على مفازة تنتهي إلى مفاوز مصر من وراء الواحات، ثم على مفاوز بينها وبين أرض النوبة، ثم على مفاوز بينها وبين أرض الزنج، وليس لها اتصال بشيء من الممالك والعمارات، إلا من وجه المغرب، لصعوبة المسالك بينها وبين سائر الأمم” . ما يلفت الانتباه فيما قاله الإصطخري عن السودان، أنه يقيم تمييزا بين سكان السودان والزنوج، وهذه إحالة تاريخية هامة، تحتاج لمزيد من الدراسة والتمحيص، كما أنه لا يذكر المراجع والمصادر التي اعتمد عليها في تدوين كتابه، عكس البكري مثلا، الذي قدم بالتفصيل مصادره التي استند عليها في كتاباته التاريخية والجغرافية. للإشارة، فكتاب (مسالك الممالك) للإصطخري، تم تحقيقه وتقديمه من طرف عدد من المستشرقين، ومؤخرا صدر في طبعات جديدة أنيقة من دور النشر ببيروت والقاهرة.
- (ابن حوقل الموصلي النصيبي) (ت 380هـ / 990م):
يوجد ابن حوقل الموصلي النصيبي في مقدمة الرحالين، الذين ضربوا في الأرض، واخترقوا المسالك والممالك والمفازات في آسيا، وإفريقيا، وأوروبا، طيلة ثلاثين سنة من القرن الرابع، الذي كان عصرا فريدا في تاريخ الإسلام، تقاسمت فيه بغداد، والقاهرة، وقرطبة، النفوذ السياسي والاقتصادي، والمجد الحربي والعلمي.
بدأ ابن حوقل رحلته من بغداد سنة (331هـ -943م)، واتخذ التجارة وسيلته ومعاشه، كما ذكر في مقدمة كتابه (المسالك والممالك) ، ويظهر من مقدمة الكتاب، أنه كان غير مطمئن إلى الحالة السياسية التي كانت تعيش عليها مدينة السلام. وبضميمة ذلك إلى ما في كتابته من ميل إلى تأييد سياسة الفاطميين، وقد دون ابن حوقل معلوماته في كتابه (المسالك والممالك)، جامعا بين المشاهد، والدراسة، والأخبار، وتخطيط الخرائط على الاصطلاح القديم، الذي كان يجعل الجنوب أعلى الخريطة والشمال أسفلها، والغرب يمينها والشرق يسارها. فزار بلاد العرب، وفارس، والسند، وسجستان، ثم انعطف إلى أوربا، فشاهد بلاد البلغار، ووصل إلى أعلى نهر الفولكا. وشاهد مصر، والمغرب، وقسما من الصحراء، والأندلس، وصقلية، ثم رجع إلى بغداد.
يعتبر ابن حوقل النصيبي مرجعا تاريخيا وجغرافيا هاما بالنسبة للباحثين في تاريخ إفريقيا الشمالية خصوصا، ويعتبر إسهامه التاريخي دليلا على وجود حركية تجارية، وبشرية، ودينية، داخل القارة الإفريقية، وفي علاقاتها مع القارات الأخرى. وقد اعتمد المستكشفون الأوروبيون على هذا المرجع الهام، واستثمروه في غزواتهم ورحلاتهم فيما بعد، ولعل دليل اهتمامهم بهذا الكتاب، هو نشره وتحقيقه من طرف المستشرق م. ج. جوية لايدن ، سنة 1873م، وتم نشره سنة 1938م، بليدن. كما اهتم به العديد من المستشرقين مثل دوزي .
- (المقدسي)، (ت390هـ/1000م) :
اشتهر بكتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم)، وكان أول من اهتم به هو المستشرق النمساوي شبرنغر ، وعمل على نشره في سلسلة الجغرافين العرب، التي كان يصدرها المستشرق الهولندي دي خويه في ليدن سنة 1877م، الذي قام بتحقيقه، وتقديمه، ونشره في حلة جديدة عام 1906م، وطبع في ليدن.
وقد بدأ المقدسي كتابه بمدخل طويل ومكثف عن الجغرافية الطبيعية، معتمداً على من سبقه في تقسيماتهم، والتسميات الدارجة التي تبنوها، وعالج في القسم الأول أقاليم عربية، مثل: جزيرة العرب، والعراق، والجزيرة العليا، وبلاد الشام، ومصر، والمغرب، ثم عرّج في القسم الثاني، على الأقاليم الفارسية، والبلدان الإسلامية الشرقية، مثل: بلاد ما وراء النهر، وخراسان، والديلم، والقوقاز، وفارس. اعتمد المقدسي في منهجه في الكتابة على الملاحظة والتدقيق في رحلاته ومشاهداته، يتحرى ما يُنقل إليه ويتفحصه ويدققه، وكان يُعنى بالعادات الغريبة، وكان يعمد أيضاً في حالات كثيرة إلى تغيير اسمه، أو إلى التنكر للدخول في الأماكن والطوائف المختلفة. يعتبر المقدسي مصدرا مهما من مصادر التاريخ للمغرب ولغرب السودان، حيث إن كتابه تكلم عن الحواضر، مثل سجلماسة، وزويلة، وفزان، وأواغشت، كما تتطرق للتجارة البينية التي كانت تربط المغرب بالسودان، الذي قصد به السودان الغربي؛ استفاد المقدسي من كتابات الذين سبقوه، مثل البلخي م والإصطخري.
- البكري (ت487 هـ/1094م) :
يعد كتاب (المسالك والممالك) من أهم مؤلفات المؤرخ والجغرافي أبو عبيد البكري، حيث تناول فيه سيرته، وحياته، وشيوخه، وتلامذته، وكذا منهجه؛ وهو كتاب جمع بين التاريخ والجغرافيا، كما ذكر فيه العديد من المؤلفات التاريخية والجغرافية، وغيرها… وتحدث عن الممالك، وعرض العديد من شعوب العالم، ووصف الإمبراطوريات والقصص التاريخية…وله مؤلفات أخرى في علوم مختلفة.
قدم البكري في كتابه هذا، أول وصف مفصل لإمبراطورية غانا الإسلامية في غرب إفريقيا، ويعتبر من أهم المصادر التاريخية لتلك الحقبة، في جنوب غرب إفريقيا، وشمال غرب إفريقيا، حيث دولة المرابطين، ونظرا لاستيقائه الكثير من المعلومات من التجار والمسافرين، فقد قدم وصفا دقيقا لطرق التجارة في الصحراء الكبرى بإفريقيا، والتي تضاهي بأهميتها طريق الحرير التاريخي بين الصين وأوروبا.
ذكر البكري بالتفصيل بداية دخول بلدات غرب إفريقيا في الإسلام، أواخر القرن العاشر الميلادي، مثل غاو التي تقع اليوم في مالي، وعدد من البلدات والمدن المتناثرة على ضفتي نهر النيجر. إن لكتاب (المسالك والممالك) خصائص مميزة، تجعل المعلومات الجغرافية دائمة الامتزاج بالمعلومات ذات الصبغة التاريخية، ويُسجل للبكري أنه استطاع تقديم مصادر جغرافية وتاريخية دقيقة ومهمة بدون أن يغادر بلاده الأندلس.
أما كتابه الخالد الآخر، فهو (معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع)، وهو جهد توثيقي، حاول الكاتب فيه توثيق أسماء الأماكن والبلدان، بعد أن لاحظ تعدد التسميات، نتيجة تنوع لهجات بني البشر، فأراد أن يكون هناك مصدر تاريخي موثوق، يستطيع الباحثون الرجوع إليه للتوصل إلى الأسماء والألفاظ الصحيحة للأماكن.
واعتمد البكري في تأليف معجمه الجغرافي والتاريخي على مصدرين: الأول مصدر تاريخي مثل كتاب) صفة جزيرة العرب(، للحسن بن أحمد الهمداني، ومصدر ثان وهم الرواة من المسافرين والتجار، حيث كان البكري يلتقيهم باستمرار لمعرفة أسماء البلدان والبلدات التي مرُّوا بها، وأحوال الشعوب فيها.
- الإدريسي (564هـ -1160 م) :
هو أبو عبد الله محمد الإدريسي القرطبي الحسني السبتي، وشهرته بالإدريسي، وهو عالم وكاتب وجغرافي، ورسام خرائط كان يعيش في بالرمو، صقلية في بلاد الملك روجر الثاني. وُلد الإدريسي في سبتة، التي كانت تابعة لدولة المرابطين. بالإضافة لشهرته في رسم الخرائط في العصور الوسطى، كتب الإدريسي، في التاريخ، والأدب، والشعر، والنبات. ودرس الفلسفة، والطب، والنجوم، والجغرافيا، والشعر في قرطبة، ثم بدأ رحلته إلى إسبانيا والبرتغال، ثم زار إفريقيا وآسيا الصغرى. استخدمت مصوراته وخرائطه في سائر كشوف عصر النهضة الأوربية، حيث لجأ إلى تحديد اتجاهات الأنهار والمرتفعات والبحيرات، وضمنها أيضًا معلومات عن المدن الرئيسية بالإضافة إلى حدود الدول.
في مقدمة كتابه الهام (أشهر جغرافيي العرب والاسلام)، يقول المؤلف (محمد عبد الغني حسن): “الواقع أننا أغفلنا الإدريسي منذ وفاته في القرن السادس الهجري، واسقطه مؤلفو التراجم من حسابهم، إلا فئة قليلة دانت له بالوفاء، من أمثال العماد الأصفهاني صاحب (خريدة القصر) والصفدي صاحب (الوافي بالوفيات) …والواقع أن استدعاء روجر الثاني للإدريسي، ليؤلف له كتابا وثيقا في الجغرافية، وليصنع له خريطة صحيحة مضبوطة للأرض، هو أكثر شهادة على ما كان للعرب من تفوق فكري في ذلك الزمان “.
وفي الوقت الذي أهمل فيه مؤرخو الإسلام الإسهامات العلمية للإدريسي، الذي لم يكن جغرافيا فقط، بل كان ذا خبرة كبيرة في الطب، والصيدلة، وعلم النباتات، استفادت من أبحاثه معظم أقطار أوروبا، لذلك اهتم المستشرقون بكتاباته، فحققوها وطبعوا كتاب (نزهة المشتاق في ذكر الأمصار)، بمطبعة الميديتشي بروما سنة 1592 م، وقام المستشرق الهولندي (دوزي) بتحقيق الجزء المتعلق بالمغرب، والسودان، ومصر، والأندلس، بمدينة ليدن سنة 1864م. وقد أعاد الإسباني (لويس سافدرا) طبعه ونشره بمدريد، سنة 1881م، ويرى المستشرق النمساوي (مجيكMZIK) أن الإدريسي استطاع أن يتجاوز أخطاء بطليموس في وصفه لإفريقيا، وخصوصا لأنهارها الكبرى، كنهر النيجر. يعتبر الإدريسي مصدرا مهما من مصادر التاريخ لإفريقيا، ومازالت دراساته وخرائطه تشكل مواد للدراسة والتعمق في عدد من بلدان العالم.
- (ياقوت الحموي)، (575هـ-1179 م) / (627هـ-1229م) :
هو الشيخ الإمام شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت الحموي، سمي بالحموي نسبة إلى التاجر الذي اشتراه، حيث إنه تعرض للأسر وهو صغير السن، يقال إن أصله رومي أو إغريقي، نال تعليما إسلاميا جيدا، وتوسع في دراسته فاهتم بالنحو والأدب، امتهن استنساخ الكتب وبيعها ببغداد، مما أهله، وفتح المجال أمامه للتعرف على عدد كبير من الكتاب والأدباء ومشاهير الرواة ببغداد.
بعد وفاة سيده الذي عتقه من الرق، انغمس في أمور التجارة والرحلات، فزار مختلف أصقاع العالم، كانت الزاد المعرفي والفكري، الذي جمعه في عدد من الكتب التي ألفها، ومنها معجم لمشاهير الرجال، عنوانه (إرشاد اللبيب إلى معرفة الأديب )، المشهور تحت اسم (معجم الأدباء) نشره المستشرق (مارغليوث)، كما أصدر كتابا عن الأسماء المتماثلة للأمكنة والتي تهم أمكنة مختلفة، عنونه ب (المشترك وضعا والمختلف وقعا)، قام بنشره (وستنفيلد) في غوتتجن عام 1848م، وأخيرا معجمه الجغرافي الكبير (معجم البلدان)، الذي قام بالانتهاء من كتابته عام 1224م، وهو معجم مرتب على الحروف الهجائية، وأهميته تكمن في أنه يثبت أسماء الأماكن، بالشكل، واللفظ، والاشتقاق، ويحتوي الكتاب على مسح جغرافي لعدد كبير من المناطق، التي يبين خصائصها الطبيعية، والبشرية، والعمرانية، ومعظم الأحداث التي شهدتها من حروب ومجاعات وأوبئة. ويتميز (ياقوت) عن كثير من المؤلفين من أبناء عصره بملكة النقد، التي تتجلى عندما يروي بعض الأساطير الذائعة في عصره وفي حكمه على تلك الأساطير. يقول المستشرق (أخناطيوس كراتشكوفسكي) في كتابه (تاريخ الأدب الجغرافي عند العرب) عن (ياقوت الحموي)، ما يلي:” كان ياقوت أديبا واسع الأفق، وكاتبا جم النشاط متعدد النواحي، ومن دون حاجة إلى ذكر مصنفاته، التي لم تصل إلينا، فإنه يكفي أن نشير إلى معجم الأدباء، الذي لا يقل حجما أو أهمية عن معجمه الجغرافي، بل ربما يفوقه، فيما يتعلق بالمادة التاريخية والحضارية عن العالم الإسلامي.” كان إسهام (ياقوت الحموي) كبيرا في التعريف بالقارة الإفريقية، وخصوصا بمناطق السودان الغربي، وشرق القارة الإفريقية كذلك، لذلك فهو مصدر مهم لا غنى عنه للتعرف على التراكم التاريخي والجغرافي فيما يتعلق بالدراسات التي تعنى بإفريقيا.
- (ابن فضل العمري):
يعد أحمد ابن فضل الله العمري واحدًا من رواد علوم الأدب، والجغرافيا، والحضارة، والعمران، في تاريخ الحضارة الإسلامية، فقد احتل مكانة علمية كبيرة على المستوى العربي والإسلامي والعالمي؛ نتيجة جهوده العظيمة في مجال الدراسات الأدبية، والجغرافية، والتاريخ، وأحوال العمران.
ويكتسب كتابه الموسوعي (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار) أهمية كبيرة، فهو موسوعة شاملة عن العالم العربي والإسلامي، حتى القرن الثامن الهجري، الرابع عشر الميلادي، ومن أضخم الموسوعات العربية التي تفاخر معظم مكتبات العالم بامتلاك أجزاء منها.
فقد كان لابن فضل الله العمري الفضل في الكثير من الدراسات، فقد عني بدراسة الجغرافية السياسية، والفلك، وتواريخ الأمم وعجائبها، وتجول في البلاد من الشام إلى الحجاز والأناضول، وغيرها من بلاد الأرض. فترك العمري مؤلفاتٍ عديدةً في ضروب من العلم مختلفة، جمع فيها فأوعى، وهي تشهد بسعة اطلاعه، وتعدد ميادين ثقافته… شرع العمري في تأليفه بعدما اعتقل وصودرت أمواله، أثناء الإقامة الجبرية التي فرضها عليه الناصر بن قلاوون سنة 738هـ، بسجن القلعة والتي دامت حتى 740هـ، ومات سنة 749هـ، بالحمى بدمشق من غير أن يتمه.
يعتبر ابن الفضل العمري مصدرا مهما من مصادر التاريخ الإفريقي، إذ احتوت موسوعته الجغرافية على وصف دقيق لمسالك التجارة الصحراوية الإفريقية، كما تتضمن وصفا غنيا عن مناطق كثيرة في السودان الغربي، وشرق إفريقيا.
- (ابن بطوطة)، (704-779//1304م-1377م) :
هو أبو عبد الله محمد بن إبراهيم اللواتي نسبة إلى قبيلة لواتة المعروف بابن بطوطة . ولد ابن بطوطة بطنجة يوم الإثنين 17 رجب 703 هـ /24 فبراير 1304م، ترعرع في أسرة تنعم بالعيش الرغيد، وعاش طفولة سعيدة، في وسط على قدر هام من العلم والمعرفة، فأسرته مارس بعض أفرادها القضاء، والتأليف، ومعروفة بالنبوغ العلمي. قام ابن بطوطة بثلاث رحلات، وقد استغرقت في مجموعها، نحو تسع وعشرين سنة، ففي الرحلة الأولى، قام بتأدية فريضة الحج، وجاب بلاد المشرق العربي والإسلامي، حيث انتقل من بلاد المغرب متجها إلى مصر، ثم الشام سنة 1325 م، وزار الحجاز، وإيران، والعراق، سنة 1326 م، كما زار اليمن، والبحرين، وعمان، وبلاد فارس، وبلاد السند والهند، وتبريز، ووصل إلى الصين. في المرحلة الثانية زار فيها الأندلس، وتحدث عن جمالها، وخاصة، غرناطة، التي خص لها وصفا دقيقا جميلا. في المرحلة الثالثة، خرج من سجلماسة سنة 1352م، متوجها إلى جنوب القارة الإفريقية، حيث زار الصحراء وبلاد السودان الغربي، وكان أول رحالة، تغلغل إلى مجاهل إفريقية، ودون عنها معلوماتٍ قيمةً كانت مجهولة.
وبعد رحلاته تلك، عاد إلى فاس حيث استرسل في ذكر أخبار المناطق التي زارها، وانبهر الجميع بما حكى عن غرائب وعجائب المناطق التي تعرف عليها، فأمره السلطان (أبو عنان المريني) بكتابة أخباره ومذكراته، فأملاها على كاتب السلطان (محمد بن جزي الكلبي) سنة 756هـ. كانت بحق، رحلة ابن بطوطة التي تضمنها كتاب (تحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) من أشهر كتب الرحلات في التاريخ، هو كتاب يصف رحلة ابن بطوطة، ويتحدث عن البلدان، أهلها وحكامها وعلمها، ويصف الألبسة بألوانها وأشكالها وحيويتها ودلالتها، ولا ينسى الأطعمة وأنواعها وطريقة صناعتها، ويعد الكتاب مصدرا هاما من مصادر التاريخ الإفريقي، لكل عالم، أو مؤرخ، أو جغرافي، أو عالم اجتماع، أو لكل أديب وأنثربولوجي، أراد التأصيل التاريخي، للاهتمام بإفريقيا، حيث استطاع ابن بطوطة في رحلته أن يعطينا فكرة عن واقع المجتمعات الإفريقية، وعاداتها، وحكامها، وعن ملابس ساكنتها، ومأكلهم، ومشربهم، وديانتهم، وطقوس احتفالاتهم .. لذلك تم الاهتمام بكتاب رحلة ابن بطوطة، وتم ترجمته إلى أكثر من 10 لغات عالمية.
- (ابن خلدون)، (1332م-1406م) :
يعتبر ابن خلدون من العبقريات العالمية، التي بصمت العالم، بل اعتبر أحد القامات العلمية، التي نحتت علم التاريخ، ونقلته من مجرد فن يسرد الأحداث، وتعاقب الأمم والحكام، أي التاريخ الحدثي، إلى علم يهتم بالإنسان، والعمران، والعادات، والتقاليد، في منهج غير مألوف في عصره. لذلك انتقد ابن خلدون منهج أسلافه في كتابة التاريخ، وقام بثورة حقيقية في منهج وأسلوب وفلسفة التاريخ، ألهمت الكثير من الكتاب والمؤرخين والفلاسفة بعده، مثل (ايف لاكوست) و(توينبي). وماتزال دراسات كثيرة تنجز حول أفكاره، ومنهجه التاريخي، وفلسفته في الكتابة التاريخية.
بكل تأكيد، ما يميز الأبحاث والدراسات التاريخية والاجتماعية التي قام بها ابن خلدون، هو المنهج الذي اتبعه في تحليل الظواهر التاريخية والاجتماعية التي عاينها، وطريقة طرحه الأسئلة، وأهم من ذلك كله، نحته لمصطلح فريد من نوعه الذي سماه في المقدمة ب “علم العمران البشري”، ووضع بذلك أساسا لعلم الاجتماع، قبل أن يطور مفاهيمه وآلياته أوغست كونت في القرن التاسع عشر.
وقد استحق ابن خلدون لقب أعظم سياسي ومفكر عرفته إفريقيا والأندلس في القرن الثامن الهجري، لذلك اهتم بكتاباته وفتوحاته العلمية في التاريخ والاجتماع الإنساني مجموعة كبيرة من المؤرخين والمفكرين في كل الأزمنة والأمكنة، فمنهم لسان الدين بن الخطيب الذي خصص له حيزا هاما في كتابه (الإحاطة في تاريخ غرناطة)، وشمس الدين السخاوي، صاحب السفر الهام (الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع)، وأبو المحاسن بن تغري بردي ،صاحب كتاب (المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي)، ومحمد عبد الله عثمان، صاحب كتاب (ابن خلدون، حياته وتراثه الفكري).
واهتم به الغربيون أيما اهتمام، مثل الحيز الهام الذي خصصه لابن خلدون المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي في كتابه حول دراسة التاريخ، والذي قال بأن ابن خلدون: “قد تصور وصاغ فلسفته، هي بلا شك أعظم نتاج أبدعه أي ذهن في أي عصر وفي أي بلد”، والكتاب الهام الذي خصصه الباحث والجغرافي الفرنسي (ايف لاكوست) في كتابه الخاص بابن خلدون، و(جورج مارسيه) الذي قال عن مقدمة ابن خلدون: “هي إحدى أكثر المؤلفات ضرورة، وأكثرها أهمية من بين المؤلفات التي أنتجها العقل البشري”.
كما اهتم المؤرخون والفلاسفة المغاربة بفكر ابن خلدون، ويكفي أن نذكر منهم (محمد عابد الجابري) وكتابه الهام الذي هو في الأصل أطروحته للدكتوراه، (العصبية والدولة عند ابن خلدون) ، وعبد الله العروي، وبنسالم حميش، وعلى أومليل … وبالفعل فإن آثار ابن خلدون تضيء مرحلة جدَّ هامة من ماضي البلدان التي تصنف حاليا في عداد البلدان ذات الوضع المتخلف، بما فيها البلدان الافريقية. وابن خلدون بقيامه في القرن الرابع عشر، بتحليل علمي للشروط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لشمال إفريقيا القروسطي جعل كتاباته مصدرا هاما من مصادر التاريخ الإفريقي، من حيث المنهج الجديد المتميز عن سابقيه، والذي تجاوز فيه نمط ومنهج كتابة التاريخ ممن سبقوه، كالطبري والمسعودي وابن إسحاق … بل اكتشافه لطريق نظر جديدة في التاريخ، تأخذ بعين الاعتبار علل الظواهر ومسبباتها، وهو ما أكده ابن خلدون نفسه في كتابه المقدمة، واصفا طريقة صياغة موضوعاته: “ولما طالعت كتب القوم، وسبرت أغوار الأمس واليوم، نبهت في القريحة من سنة الغفلة والنوم، وسمت التصنيف من نفسي وأنا المفلس أحسن السوم، فأنشأت في التاريخ كتابا، رفعت به عن أحوال الناشئة من الأجيال حجابا، وفصلته في الأخبار والاعتبار بابا، وأبديت فيه لأوليه الدول والعمران عللا وأسبابا… وسلكت في ترتيبه وتبويبه مسلكا غريبا، واخترعته من بين المناحي مذهبا عجيبا، وطريقة مبتدعة أسلوبا، وشرحت فيه من أحوال العمران والتمدن، وما يعرض في الاجتماع الإنساني من العوارض الذاتية، ما يمتعك بعلل الكوائن وأسبابها، ويعرفك كيف دخل أهل الدول من أبوابها حتى ننزع من التقليد يدك، وتقف على أحوال ما قبلك من الأيام والأجيال وما بعدك”.
دارس التاريخ الإفريقي، لابد وأن يكون له اطلاع بما كتبه ابن خلدون، ولا نستغرب الاهتمام الذي أعطي لكتاباته من طرف المستشرقين، الذين لهم الفضل في اكتشافه وتحقيق كتبه، قبل أن يصل الاهتمام الإسلامي متأخرا. ويشكل كتاب “العبر وديوان المبتدإ والخبر في أيام العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر”، من المصادر التي لا غنى للباحث عنها في الدراسات الإفريقية، وخاصة المتعلقة بالسودان (بالتسمية التاريخية)، حيث بدأ المؤلف كتابه بمقدمة، تناول فيها منطقة الصحراء والسودان في الإقليمين الأول والثاني، وذكر غانة ومالي وكوكو، وتحدث بإسهاب عن حركة القوافل التجارية التي تجوب الصحراء طولا وعرضا، وتناول القبائل التي ساهمت في حضارة المنطقة الجغرافية من غرب إفريقيا، وخصوصا القبائل الصنهاجية والزناتية، التي تعمر مدنا تاريخية، مثل ورقلان وتوات وفزان، كما قدم ابن خلدون معطياتٍ تاريخيةً، بالغة الأهمية فيما يتعلق بعلاقة المغرب بالممالك السودانية، خاصة في الجزء السادس والسابع من سفره التاريخي الضخم، وجاءت معطيات ومعلومات ابن خلدون عن ممالك غانة ومملكة مالي الإسلامية، التي تأسست في القرن السابع الهجري، وتحدث عن الأسر الحاكمة في هذه البلاد.
- (القلقشندي)، (756هـ-821هـ):
أثرى المكتبة العربية في مصر في عصره، وخلَّدته أعماله عبر القرون، فترك مؤلَّفاتٍ كثيرةً مهمَّة، أشهرها من الكتب: (صبح الأعشى في صناعة الإنشاء)، و(مآثر الإنافة في معالم الخلافة)، و(نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب)، و(سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب)، و(قلائد الجمان في التعريف بقبائل الزمان)…
كان عمل القلقشندي في ديوان الإنشاء وراء تأليفه لموسوعته الضخمة (صبح الأعشى في صناعة الإنشاء)؛ فقد أتاح له العمل في الديوان التعرُّف على كلِّ تفاصيل النظم السياسية والإدارية لسلطنة المماليك عن قرب، وقد استغرق تأليف هذا العمل الموسوعي عشر سنوات حتى أتمَّه. ويبدو أنَّ تأليف القلقشندي لموسوعته كان بناءً على طلبٍ من أحد كبار المسؤولين في الدولة وربَّما كان السلطان نفسه، وذلك بعد أن وضع مقامةً صغيرةً عن صناعة الإنشاء، حيث يقول القلقشندي في مقدِّمته لكتاب (صبح الأعشى في صناعة الإنشاء): “وكان في حدود سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، عند استقراري في كتابة الإنشاء بالأبواب الشريفة السلطانية، عظم الله تعالى شأنها، ورفع قدرها، وأعزَّ سلطانها، أنشأت مقامة بنيتها على أنَّه لا بُدَّ للإنسان من حرفةٍ يتعلَّق بها، ومعيشةٍ يتمسَّك بسببها، وأنَّ الكتابة هي الصناعة التي لا يليق بطالب العلم من المكاسب سواها، ولا يجوز له العدول عنها إلى ما عداها، ونبهت إلى ما يحتاج إليه كاتب الإنشاء من المواد، وما ينبغي أن يسلكه من الجواد، وضمنتها من أصول الصنعة ما أربت به على المطولات وزادت، وأودعتها من قوانين الكتابة ما استولت به على جميع مقاصدها أو كادت…”.
الدارس للتراث الثقافي والسياسي والإداري الإفريقي، لابد أن يطلع على ما كتبة القلقشندي، خصوصا في الجزأين الخامس والسادس، اللذين تناولا ممالك السودان التاريخية، مثل مالي، وغانا، وكانو، وأقاليمها، ومجموعة من المعطيات التاريخية الثمينة التي تصلح للاستخدام التاريخي؛ وقد اعتمد القلقشندي على المؤرخين الذين سبقوه، خصوصا (فضل الله العمري). وبعد حياة وافرة عامرة في الفقه والأدب والتاريخ والأنساب، تُوفِّي القاضي شهاب الدين أبو العباس القلقشندي في يوم السبت عاشر جمادى الآخرة سنة (821هـ=1418م)، وله خمسٌ وستون سنة.
- (المقريزي)، (ت845ه-1442م):
أجمع المؤرخون على أن المقريزي من أكبر وأعلم المؤرخين المصريين، في النصف الأول من القرن التاسع الهجري، ويكفي دليلاً على هذا أن كبار مؤرخي ذلك الجيل من المؤرخين في مصر كانوا تلاميذ المقريزي. واستحق كتاب المقريزي (السلوك لمعرفة دول الملوك) المكانة الأولى بين كتب التاريخ في عصره، ومن مؤلفاته أيضاً كتاب (عقد جواهر الأسفاط من أخبار مدينة الفسطاط)، الذي حاول فيه المقريزي أن يكتب عن تاريخ مصر خلال الفترة التي امتدت منذ وصل العرب إليها إلى مرحلة ما قبل تأسيس الدولة الفاطمية.
يتميز التحليل التاريخي عند المقريزي بنزعات مادية علمية فيها نفحات خلدونية وإن لم يذكر ذلك، يعتمد على الأسس المادية في مناقشته وطرحه للقضايا، فهو يأخذ بمبدأ السببية، ويتنكر لمبدأ القدرية. يعتبر كتاباه (السلوك لمعرفة دول الملوك) و(الذهب المسبوك في ذكر من حج من الخلفاء والملوك) مهمّين، وقد تناول الكتاب حج مجموعة من ملوك السودان، وعدد من المعطيات التاريخية الثمينة، فيما يخص حج السلطان منسا موسى ملك مالي، كما تحدث عن ركب حجيج بلاد التكرور خلال القرن الثامن الهجري.
- (الشيخ محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي)، (ت 909هـ -1503م):
يعتبر كتابه (أسئلة الأسقيا وإجابة المغيلي)، نموذجا من اللقاء والتثاقف الثقافي، والعلاقات الدينية بين المغيلي وباقي علماء، وفقهاء، وساسة السودان الغربي. إذ يحتوي الكتاب على الكثير من العناصر المفيدة عن الأحوال الاجتماعية والاقتصادية ببلاد سنغاي في أيام الأسقيين، خصوصا، ما كتبه الشيخ المغيلي لما التقى الأسكيا الحاج محمد بكاغو سنة 1502م.
ورغم أهمية هذا الكتاب في تاريخ العلاقات الإفريقية بين ضفتي القارة الشمالية والغربية، ورغم أن أسئلة الأسقيا محمد التي كان قد وجهها للمغيلي، تعتبر الوثيقة المباشرة الوحيدة التي وصلت إلينا من سلاطين سنغاي، وفيها إطلالة تاريخية عن بعض الأوضاع الاجتماعية والسياسية بدولة سنغاي أثناء حكم الأسقيين، إلا أن مؤرخين محدثين مهتمين بالدراسات الإفريقية أمثال موني، ودولافوس، ودي كاستري، وريش، لم يولوه الاهتمام اللازم. ذلك فكتابات الشيخ المغيلي تعتبر مصدرا ثمينا من مصادر التاريخ الإفريقي التي لا محيد عنها لأي باحث في تاريخ إفريقيا.
- (حسن الوزان) أو (ليون الإفريقي)، (ت960هـ/1552م):
هو الحسن بن محمد الوزان الفاسي الزياتي الزناتي الأصل والغرناطي المولد. ب لم يكتفِ ليون الافريقي بذكر جغرافية إفريقيا فقط في كتابه ” وصف افريقيا”، بل تعدّاه لما رآه في أوروبا وآسيا كذلك، وانتهى الحسن الوزان من تأليف الكتاب وترجمته عام 1526م .
كانت رحلات (ليون الافريقي) إلى السودان مصدرا مهما من المصادر التاريخية التي يعتمد عليها المؤرخون لدراسة التاريخ الإفريقي، والتعرف على أحواله وسكانه ومناخه في مرحلة مفصلية من تاريخ إفريقيا الوسيط، لذلك فرحلة حسن الوزان مع عمه إلى تمبكتو في سنة 1504م، وكانت رحلته طويلة مشعّبة تمت في صحبة القوافل، وقـُدّر للحسن أن يشهد خلالها سائر ممالك إفريقية الوسطى وحوض نهر النيجر، وأن يدرس جغرافيتها وأحوالها دراسة موفقة، وكانت تمبكتو يومئذ في أزهر عصورها، وكانت قاعدة لمملكة كبيرة قوية، تتزعم مقاليدها أسرة (صونغاي).
وقد أتيح للحسن أن يخترق في تلك الرحلة سائر ممالك السودان الواقعة في تلك المنطقة، وعددها خمس عشرة مملكة، متجهاً إلى تمبكتو نحو الشرق، ثم بعد ذلك نحو الجنوب. وهذه الممالك هي: ولاتة، وغنيا، ومالي، وتمبكتو، وجوجو، وجوبر، وأجادز، وكانو، وونجزج، وكافينا، وزمفرا، وونجرا، وبرنو، وجاوجو، ونوبي. وكان يبدي في وصفه الموجز لمواقع هذه الممالك ومعالمها الجغرافية دقة واضحة، ويلخص لنا أحوال حكامها وشعوبها في تلك العبارة: “إن حكام هذه الممالك وسكانها على قدر كبير من الثراء والنشاط وهم يشغفون بإقامة العدالة، ولو أن منهم طوائف تحيا نوعا من الحياة الهمجية” .
- (محمود كعت التمبكتي الكرمني)، (ت1593م):
هو محمود بن الحاج المتوكل بن محمود الكرمني الونكري نسبا، ولد سنة (876هـ) في منطقة كورما قرب غاو عاصمة السونغاي، ثم رحلت أسرته إلى تنبكتو فيما بعد.
ولا يمكن التطرق لتاريخ إفريقيا عموما ولتاريخ السودان (بالتسمية التاريخية)، خصوصا، دون التعرف على المساهمات التاريخية الثمينة للمؤرخ والفقيه والقاضي محمود كعت الكرمني، الذي كان كتابه الهام (تاريخ الفتاش في أخبار البلدان والجيوش وأكابر الناس وذكر وقائع التكرور وعظائم الأمور وتمييز أنساب العبيد من الأحرار)، مصدرا مهما من مصادر التعرف على تاريخ السودان الغربي، على جميع أصعدته السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية. فالكتاب الذي سماه بعض المؤرخين ب “إنجيل السودان” يتحدث بإسهاب عن مماليك وأقاليم مالي وسلطانها (منسا موسى)، الذي تحدث بإعجاب عن شخصه وشخصيته وأخلاقه، وغانة، وسنغاي، التي عايش أحداثها في مرحلتين تاريخيتين حاسمتين، في عهد (سني علي) الذي وصفه بالظالم الفاسق الفاجر، و(محمد الأسكيا الكبير) الذي صحبه في رحلته الحجية والتي ذكرها في كتابه سنة 1496م.
وكانت حياته حافلة بالعطاء العلمي والثقافي إلى أن وافته المنية عام (1591م/1000هـ). لم يستطع (كعك التمبكتي) إتمام سفره التاريخي الهام، وتكفل حفيده ابن المختار بإتمامه رغم الجدل العلمي الكبير الذي ما يزال يثار حول الكاتب الحقيقي لكتاب الفتاش، حيث إن الكتاب ربما قد تعرض لتحريفات وإضافات بعد وفاة كاتبه، من طرف الشيخ نوح بن الطاهر ترويجا له للخلافة المهدية التي ادعاها الشيخ أحمد لوبو زعيم الخلافة الإمامية في ماسنة .
- (أبو فارس عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم الفشتالي)، (ت 1031هـ/1621م):
هو عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم الفشتالي، وزير القلم الأعلى أبو فارس الصنهاجي، فقيه، أديب، ناظم، وهو متولي تاريخ الدولة المنصورية ، وهو متضلع في الشعر والأدب، بل اعتبره بعض المؤرخين آية من آيات الله في النظم والنثر .
ولد الفشتالي عام (952هـ/1546م)، حسب أحمد ابن القاضي، في حين اعتبر أحمد المقري أن ولادته كانت عام (956هـ/1549م)، وكان مكلفا بكتابة وتحرير الرسائل السلطانية، ذلك ما أهله ليطلع على أحوال الدولة السعدية وأخبارها في عهد السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي خصوصا، لذلك اعتبره بعض المؤرخين بالمؤرخ الرسمي للدولة السعدية، كما كان شاعرا للبلاط الرسمي السعدي .
من أشهر كتبه وأكثرها أهمية للتأريخ للعلاقات المغربية الإفريقية في العهد السعدي، كتاب (مناهل الصفا في مآثر موالينا الشرفاء)، وقد قام بكتابته باقتراح وإصرار من السلطان المنصور السعدي، ليجعل منه كتابا يبجل من خلاله منجزات ومفاخر الدولة السعدية، ويجيب من خلاله على ما يعتبره أخطاءَ وزلاتِ المؤرخين الآخرين من المعاصرين له.
كان الفضل للمؤرخ والأديب المغربي (عبد الله كنون) في نشر هذا الكتاب لأول مرة سنة 1964م، رغم أن تلك النسخة التي اعتمد عليها تم تطويرها وتنقيحها فيما بعد. حيث قام الباحث (عبد الكريم كريم) بإعادة تحقيق الكتاب باعتماد نسختين محفوظتين بالخزانة الملكية بالرباط . أهمية الكتاب في التاريخ الإفريقي تكمن في أنه مصدر هام في العلاقات بين بلاد المغرب -في العهد السعدي-وبين الممالك الإفريقية، حيث يفصل الكتاب في العلاقات التجارية والاقتصادية والسياسية، من وجهة نظر السعديين بطبيعة الحال، لكن المعطيات والمعلومات التاريخية التي أتى بها الفشتالي غاية في الأهمية، لمعرفة ذهنيات وثقافات المغاربة اتجاه باقي الأفارقة في هذا العصر الذهبي، الذي استحكم فيه المغرب على جميع الأصعدة.
- (أحمد بابا التنبكتي)، (ت1036هـ/1627م):
هو أبو العباس أحمد بن الحاج أحمد المسك بن الحاج أحمد بن عمر بن محمد أقيت المسوفي، الصنهاجي، التنبوكتي، يعرف باسم أحمد بابا التنبكتي، وهو صاحب كتاب (نيل الابتهاج بتطريز الديباج) .
يعتبر أحمد باب التنبكتي من أجلّ العلماء الأفارقة الذين أثروا الخزانات العلمية والفكرية بكتابات قيمة في شتى المجالات العلمية، وكان لإسهاماته التاريخية تأثير كبير في تمتين وتوطيد العلاقات بين شمال القارة الإفريقية وغربها. تتلمذ على يديه عدد كبير من مشايخ وعلماء سونغاي في عهد الأمير أسكيا (1549م-1582م)، فتبحر في العلوم، والقراءات، والفقه المالكي، والحكم العطائية، والشفاء للقاضي عياض.
اتصفت مواقف العالم الجليل بابا التنبكتي بالجرأة والشجاعة، مما كلفه السجن 14 سنة، في سجون المنصور السعدي، هو وثلة من العلماء والقضاة بسبب معارضتهم للغزو السعدي للسودان، وقد أدى اعتقاله وسجنه إلى إتلاف خزانته التي كانت تعج بأمهات الكتب، وأنفس المخطوطات، وبالفعل يوم السبت 25 جمادى الثانية 1002هـ/18 مارس 1593م، نُفي أحمد بابا من تنبكتو باتجاه مراكش، بأمر من قائد جيش المنصور هو الباشا محمود بن زرقون، الذي احتل تنبوكتو، وأجبر (بابا التنبكتي) على الإقامة في مراكش 14 عاما بعيدا عن الأهل والوطن، ثم رجع إلى تنبكتو فوصلها في 10 ذي الحجة 1016هـ/ 27 مارس 1607م، وكان ذلك بعد وفاة أحمد المنصور الذهبي.
تعتبر مؤلفات الفقيه والعلامة (بابا التنبكتي) مصدرا مهما من مصادر التاريخ الإفريقي، حيث أرخت للعلاقات الثقافية التي تربط بين المغرب والسودان الغربي، ويعد كتابه (نيل الابتهاج بتطريز الديباج) من المصادر الأساسية التي عرفت بأعلام أفارقة في المغرب، وفي بلاد السودان الغربي، حيث أرخ الكتاب لعلماء المالكية في السودان الغربي، وأورد سيرهم وكتاباتهم وتوجهاتهم الدينية، كما أرخ لعدد من الأعيان والأئمة الذين أغنوا الحركة الفكرية والعلمية في السودان الغربي. بدأ بكتابة كتابه في بلدته بتمبوكتو، وأنهاه في سجنه بمراكش، لذلك فهو يؤرخ لنا كذلك للحياة السياسية والثقافية والفكرية للمغرب الأقصى في عصر الدولة السعدية. وقد اعتمد في كتابة (نيل الابتهاج بتطريز الديباج) على مصادر كثيرة ومتنوعة، منها ما كتبه ابن خلدون في تاريخه، ولسان الدين الخطيب في كتابه (الإحاطة في أخبار غرناطة) و(المعيار) للونشريسي، وقد طبع كتابه عدة مرات، حيث طبع طبعة أولى بالمغرب سنة 1898م، والثانية بالقاهرة سنة 1911م، كما طبع في طرابلس في طبعة أنيقة ومنقحة سنة 1998م. أما الكتاب الثاني الهام للفقيه (بابا التنبكتي) فهو تكملة للكتاب الأول لذلك سماه ب (كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج)، والذي عرف فيه بسبعمائة عالم من علماء المشرق والمغرب والأندلس وبلاد السودان الغربي، ويمتاز الكتاب بأنه تضمن عددا من المصادر التي اعتمد عليها (التمبوكتي) أو (التنبكتي) في إعداد وتوثيق كتابه، وهي مصادر هامة في التاريخ الإفريقي، وأكثرها ما يزال مجهولا أو مفقودا.
- عبد الرحمان السعدي، (ت1066هـ-1655م):
من كبار علماء الدين الذين لهم باع طويل في التاريخ الإفريقي، شغل إماما للمساجد، وفقيها تطلب مشورته لدى الحكام، كما عمل كاتبا وموثقا لدى حكام سنغاي، مما أهله للتعرف على عدد من الوثائق الهامة، وجعل تاريخه (تاريخ السودان) من أهم المصادر التاريخية التي تؤرخ لمرحلة هامة من تاريخ السودان الغربي، وخاصة أثر الغزو السعدي سنة 1591م.
استفاد عبد الرحمن السعدي من كتابات العالم (بابا التنبكتي)، كما كان من معاصري (ابن المختار حفيد محمود عكت الكرمني)، كما كان (تاريخ السعدي) توثيقا مهما لدولة الأساكي ولانهيار مملكة مالي، وذكر عددا كبيرا من القضاة والعلماء الذين ذاع صيتهم آنذاك بالسودان الغربي، وخصوصا بتنبكتو، كما تحدث في كتابه بإسهاب عن المدينة وذكر ظروف نشأتها وصلحائها، كما تحدث عن بعض المآثر والمساجد التي تم بناؤها؛ كالمسجد الكبير الذي بناه (موسى منسا)، وتناول كذلك الحاكم الجائر (سن علي) وظروف وحيثيات مجيء الباشا (جودار) إلى بلاد السودان الغربي.
- (البرتلي محمد أبو بكر الولاتي الشنقيطي)، المتوفى سنة (1219هـ/1804م):
عرف بالطالب محمد بن أبي بكر الصديق الإمام المشهور، العلامة الحجة الحافظ المطلع، وهو من العلماء الشناقطة الأفذاذ الذين ساهموا بالتعريف بعدد كبير من العلماء، والفقهاء، والقضاة بشنقيط، ومنطقة تكرور عموما. ويعتبر كتابه (فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور)، من المصادر التاريخية الهامة في التاريخ الإفريقي، إذ اشتمل الكتاب على ترجمة لحوالي مئتي عالم عاشوا في منطقة تكرور لمدة تقارب 160 سنة (1056هـ-1215هـ)، كما تضمن سفره الهام التعريف بالكتابات الفقهية، والمتون، والنوازل الفقهية، المعروفة في عهد المؤلف.
وقد اتبع المؤلف في كتابته لهذا العمل التاريخي الهام طريقة المغاربة، في الخط، وإعجام الحروف، وترتيبها، مما يدل على التأثير الثقافي المغربي مع علماء وأدباء شنقيط، في هذه المرحلة التاريخية الهامة من تاريخ القارة الإفريقية. وقد اعتمد المحققان المغربيان (محمد إبراهيم الكتاب) و(محمد حجي) بشكل أساسي ، على النسخة التي وجدوها بنواكشوط لدى خزانة الشيخ (المختار بن حامدون) وقارنوها بنسخ أخرى حصلوا عليها. وقد تم تحقيق الكتاب في طبعات أخرى جديدة بعد التحقيق الأول.
- (محمد بن أبي بكر الأزاريفي)، (ولد سنة1322هـ-1904 م):
هو صاحب كتاب تاريخي هام عنونه ب (أزهار البساتين في التجوال إلى السوادين)، والذي يعتبر رحلة قام بها الفقيه والعالم الجليل إلى عدد من الدول الإفريقية، في إطار رحلات علم وتصوف بالدرجة الأولى، حيث سافر في ركب عدد من المتصوفة التيجانيين، ومنهم (محمد الحبيب بن محمود التيجاني)، وقد زار المؤلف دولا إفريقية عدة وهي بالترتيب: السنغال، مالي، نيجيريا، ساحل العاج، وغينيا.
كتاب الأزاريفي وإن لم يهتم كثيرا بوصف الأمكنة والبلدان والشعوب التي زارها، إلا أنه كتاب أبرز لنا التأثير الثقافي والعلمي المغربي على الثقافة الإسلامية في هذه البلدان، حيث ذكر تشبع العلماء الأفارقة بالمذهب المالكي، وبالأدبيات الدينية المغربية، وبتضلع فقهائهم في علوم القرآن، وفي القراءات المختلفة له، كما انتبه الكاتب إلى وجود وتنامي ظاهرة التبشير المسيحي في عدد من البلدان الإفريقية وخاصة في نيجيريا.
3- في سبيل الختم :
يعتبر الترافع حول تاريخ افريقيا مسالة ضرورية وملحة بل واجب علمي واخلاقي على كل غيور على الحقية التاريخية و كل مؤمن بالمصير المشترك للافارقة ، لان من شان الترافع والتدافع العلمي الرصين ان يميط اللثام عن تاريخ قارة تعرض للتشويه والتحريف من قبل سياسات ثقافية اقصائية في سياقات وازمنة تاريخية مختلفة، كما ان هدف الترافع الاسمى هو بناء الشخصية الافريقية المتوازنة المعتزة بتاريخها المتصالحة مع ذاتها وهذا الاعتزاز لا يمكن ان يكون الا بتعريف الناشئة وعموم المهتمين، بالتاريخ الافريقي المدون باقلام علمية نزيهة تسترشد بالعلم والحقيقة التي لا يمكن الا تكون ثورية . حان الوقت لبناء سردية تاريخية افريقية بعيدة عن الكلشيهات الأيديولوجية الاختزالية التي عملت بكل جهدها في فترات تاريخية من اجل نزع التاريخ والحضارة عن القارة الافريقية ، بناء يقوم على استحضار النقد التاريخي للتراكم العلمي حول افريقيا والاستفادة منه بروح نقدية يقظة بناءة.
_______________________
(1) حمل خطاب ساركوزي يوم 26 يوليوز 2007 بدكار نفس النظرة الاحتقارية إلى الإنسان الإفريقي، فقد قال بأن كارثة إفريقيا تتمثل في أن الإنسان الإفريقي لم يدخل التاريخ العالمي بعد، متناسيا أن الاستعمار الفرنسي كان له التأثير الأكبر في تخلف ركب التنمية عن الوصول إلى القارة الإفريقية، رغم أن فرانسوا هولاند في خطابه بدكار يوم 10 دجنبر 2012م، حاول تصحيح خطاب ساركوزي، حيث تحدث عن الدماء الإفريقية التي سالت من أجل بناء الإنسانية وقام بنقد تاريخي لاذع للعبودية التي تعرضت لها القارة الإفريقية وخص بالذكر جزيرة كوري التي نالها من مظالم العبودية الشيء الكثير، لكنه لم يذهب في تصريحاته إلى حد الاعتذار عن جرائم الاستعمار، وهو المطلب الإفريقي الحقيقي . نفس المسار نهجه الرئيس الفرنسي ماكرون في خطابه بواكادوغو عاصمة “بوركينا فاصو” أثناء لقائه مع مجموعة من الشباب البوركينابي بجامعة كي زيربو يوم 28 نونبر 2017م، حيث لم يقدم اعتذارا صريحا عن جرائم فرنسا في حق الشعوب الإفريقية، بل اكتفى بالحديث عن ضرورة تجاوز تركة الماضي الثقيل الذي ما يزال يلقي بظله على العلاقات الإفريقية الفرنسية.
(2) – هيكل، فيلسوف ألماني ولد في شتوتغارت في المنطقة الجنوبية الغربية من ألمانيا توفي في 14 نوفمبر عام 1831م، ويعتبر أحد أهم الفلاسفة الألمان، وأهم مؤسسي المثالية الألمانية في الفلسفة في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. في مقدمة كتابه “فلسفة التاريخ”، تحدث على كون الشعوب الإفريقية هي شعوب غير تاريخية، وينعت الرجل الإفريقى بالرجل الطبيعي، أو أنه يعيش الحالة الطبيعية الدونية بكل وحشيتها، وإذا أراد الأوروبيون فهم الرجل الإفريقي، يجب تناسي كل طرائق رؤيتهم للأشياء، كما يجب ألا يفكروا لا في إله روحي، ولا في قانون أخلاقي، يجب تعليق كل احترام وكل أخلاق لما نسميه مشاعر، لأن كل ذلك ينقص الإنسان (الإفريقي) الذي ما زال في مرحلة خام، لا يمكن أن نجد في طبعه ما يمكن أن يذكرنا بالإنسان. ثم يُعَرِّجْ هيجل على موضوع العبودية في الحضارة الإفريقية ويجعل منه خاصية إفريقية بامتياز، إذ إن في كل الممالك الإفريقية المعروفة تُشَكِّل العبودية مؤسسة محلية، وهي تطغى بشكل طبيعي، لهذا فهو بعد أن يخبرنا أن الأوروبيين يبيعون الأفارقة كعبيد في القارة الأمريكية، يعلق على ذلك قائلا: مع ذلك فمصيرهم في بلدانهم الأصلية أنكى وأشد بسبب وجود عبودية مطلقة أيضا!
هيكل، الجزء الأول العقل في التاريخ ترجمة وتقديم وتعليق الدكتور امام عبد الفتاح امام الطبعة الثالثة 2007 ص 53
(3) -John Donnelly Fage )يونيو 1921-غشت 2002) كان مؤرخًا بريطانيًا ومن أوائل المؤرخين الأكاديميين المتخصصين في التاريخ الإفريقي، وخاصة في فترة ما قبل الاستعمار، في المملكة المتحدة وغرب إفريقيا. نشر عددًا من الدراسات المؤثرة في تاريخ غرب إفريقيا بما في ذلك مقدمة في تاريخ غرب إفريقيا (1955م). بعد ذلك شارك في تأسيس مجلة Journal of African History، وهي أول مجلة أكاديمية متخصصة في هذا المجال، مع Roland Oliver في عام 1960م.
(4) – ولد أوليفر في سريناغار، كشمير، الهند عام 1923م. بعد دراسته الجامعية والدكتوراه في جامعة كامبريدج بين عامي 1941م و1948م، انضم رولاند أوليفر إلى هيئة التدريس في كلية الدراسات الشرقية والإفريقيةSOAS) ) في جامعة لندن، حيث كان محاضرًا ومقارئًا وأستاذًا على التوالي حتى تقاعده. في عام 1986م. كان تعيينه محاضرًا في التاريخ الإفريقي بمثابة بداية المجال الأكاديمي المعاصر للتاريخ الإفريقي. أصبحت ندوة التاريخ الإفريقي التي أسسها وترأسها في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية أهم مكان لتقدم الدراسات الأكاديمية للتاريخ الإفريقي في أي مكان في العالم، سافر على نطاق واسع في جميع أنحاء إفريقيا في (1949م-1950م و1957م-1958م)، وزار القارة كل عام تقريبًا منذ ذلك الحين. في أعوام 1953م و1957م و1961م، نظم مؤتمرات دولية حول التاريخ الإفريقي وعلم الآثار، والتي ساهمت كثيرًا في ترسيخ هذا الموضوع باعتباره تخصصًا أكاديميًا. كان محررًا مؤسسًا، مع جون فاج، في عام 1960م، لمجلة التاريخ الإفريقي كما ساهم في عام 1960م في كتاب تاريخ إفريقيا في كامبريدج الذي ظهر في ثمانية مجلدات بين عامي 1975م و1986م. في عام 1963م، أجرى دراسة استقصائية لـ 250 من الأكاديميين الأفارقة العاملين في المملكة المتحدة، وأسس جمعية الدراسات الإفريقية في المملكة المتحدة(ASAUK) نفسها. أصبح رئيسها الرابع في 1966م-1967م.في عام 2004م، حصل أوليفر على جائزة الأفارقة المتميزين من جمعية الدراسات الإفريقية في المملكة المتحدة (ASAUK) وفي عام 1993م تم انتخابه عضوا في الأكاديمية البريطانية. توفي في 9 فبراير 2014م عن عمر يناهز 90 عامًا في فريلشام، بيركشاير، إنجلترا.
(5) – عالم الاجتماع الفرنسي ليفي شتراوس ولد في عام 1908م في العاصمة البلجيكية بروكسل، وترعرع في بيئة فنية وثقافية وأدبية، أثناء اندلاع الحرب العالمية الأولى انتقل للعيش في مدينة فرساي في فرنسا مع عائلته، دخل إلى الجامعة في عام 1927م في باريس وحصل على الإجازة في الفلسفة والقانون عام 1932م، ودرس في هذه المرحلة أعلام علماء الاجتماع الفرنسيين، ليشغل منصب أستاذ في علم الاجتماع في جامعة ساو باولو سنة 1934م، فقام بدراسة القبائل البدائية هناك من السكان الأصليين، شغل منصبًا في كلية البحث الاجتماعي هناك، فأتيح له كتابة أطروحة الدكتوراه الخاصة به بعنوان البنى الأولية للقرابة، في عام 1946م وعام 1947م عمل في الملحق الثقافي الأمريكي، ثمَّ عاد إلى فرنسا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، في عام 1950م أصبح مديرا للدراسات في المعهد التطبيقي للدراسات العليا في جامعة باريس، وفي نفس العام قام برحلة بحث ميداني إلى الباكستان الشرقية، يعدُّ شتراوس من أهم البنيويين في العصر الحديث، فأطلق عليه لقب رائد البنيوية المعاصرة وشيخ البنيويين، لأنه جعل من المنهج البنيوي القاعدة التي انطلق منها في جميع المجالات التي درسها وبحث فيها، خاصّة في الأنثروبولوجيا، توفي شتراوس في عام 2009م في مدينة باريس، تركَ كلود ليفي شتراوس عددًا من المؤلفات المثيرة، التي كتبها بعد أن خاضَ تجربةً طويلةً في البحث والدراسة، فقد تنقل بين عدد كبير من الوظائف وسافَرَ إلى كثير من البلدان حول العالم، ما أكسبه خبرةً واسعة نتيجة اطلاعه، واستطاع من خلال ذلك أن يسكبها كلها في مؤلفاته الشهيرة، وفيما يأتي أهم مؤلفاته : ”الفكر البري” يشيرُ ستروس في هذا الكتاب محاولًا أن يثير دهشة القارئ إلى المعرفة البشرية وقد انغلقت على ذاتها باجتماع العلم والسحر في لغة معلوماتية حديثة، ويشير إلى الاتحاد بين البدائي والمعاصر، واتحاد الإنسان بالذهن والمادة والكون، فيُبقي الزمان بعيدًا ويجعل من الطقوس والأساطير فضاءً جديدًا، ويرى أن تقسيمات العلوم تنهدم تباعًا لتظهر الأنثروبولوجيا كأنها شيء يجمع خبرات المجتمعات النيولتية والاكتشافات التي وصلت إليها المجتمعات الحديثة. كتاب (العرق والتاريخ) تناول شتراوس فيه محاولة مختصرة لم تقف عند موضوعها الرئيس، بل تجاوزته لتكون مدخلًا جديدًا للتأمل في الثقافة الغربية ومفهوم الحضارة وحول السمة الاحتمالية للزمن التاريخي وغيرها، وكانت من جملة الأفكار التي طرحها، والتي تمت صياغتها بلغة واضحة وبمنتهى الدقة ودون تكلف، وقد كان هذا الكتاب أحد المؤلفات التي نشرته اليونسكو حول مشكلة العنصرية في العالم.
(6) – من أجل تحقيق هذه الغاية، طلبت اليونسكو المساعدة من مجموعة من أبرز الخبراء الأفارقة، وغيرهم حينها. ويجسّد عمل هؤلاء الخبراء 35 عاماً من التعاون بين أكثر من 230 مؤرّخاً ومختصّاً، وذلك تحت إشراف لجنة علميّة دوليّة، ثلثي أعضائها من إفريقيا. أنتجت مجموعة ”تاريخ إفريقيا العام” عملاً رائداً، لا مثيل له في مسعاه لتغطية تاريخ القارة الإفريقية بأكملها، وذلك منذ ظهور الجنس البشري، وحتى التحديات المعاصرة التي تواجه الأفارقة والشتات الإفريقي في العالم. لا يسمح مشروع تاريخ إفريقيا العام بترك أية فترة من تاريخ هذه القارة طيّ النسيان، بما في ذلك فترة ما قبل الاستعمار، ويتناول مصير إفريقيا كجزء لا يتجزّأ من مصير البشرية جمعاء، من خلال إبراز علاقاتها مع القارات الأخرى وتسليط الضوء على إسهام الثقافات الإفريقية في التقدم العام للبشرية. نشرت اليونسكو هذا العمل التاريخي المؤسس في ثمانية مجلدات، غنيّة بالأشكال التوضيحية من خرائط ومخططات وأشكال ورسوم بيانية ومجموعة مختارة من الصور الفوتوغرافية بالأبيض والأسود. وإنّ معظم النصوص مشروحة بالكامل ومصحوبةٌ بفهرس، وقائمة شاملة من المراجع. وكانت اليونسكو خلال السنوات الأخيرة قد باشرت عمليّة إعداد وصياغة ثلاثة مجلّدات جديدة في مجموعة تاريخ إفريقيا العام (وهي المجلّدات التاسع والعاشر والحادي عشر). وقد اعتمد تأريخ تاريخ القارة الإفريقية على عدة مصادر مكتوبة، وأخرى شفوية، وبالاعتماد على تطور العلوم المساعدة للتاريخ، وخصوصا علم الأركيولوجيا والأنثربولوجيا وعلم اللسانيات…، وهي علوم تمكن من خلالها العلماء من التأكيد على أن القارة الإفريقية هي مهد البشرية، وبواسطة هذه العلوم تم تفكيك شفرات مجموعة من الكتابات والرموز القديمة، التي وجدت في مناطق عديدة من إفريقيا، مما يؤكد أن إفريقيا عرفت لغات وكتابات مختلفة قبل الإسلام وقبل الغزو الأوروبي.
(7) – أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي الإصطخري، المعروف بالكرخي المتوفى: (346هـ/957 م)، يُلقب بالإصطخري؛ وذلك نسبةً إلى مدينة إصطخر التي كان قد نشأ فيها، كان عالماً فلكياً، وجغرافياً، ومؤرخاً عربياً مسلماً، قدم العديد من الإسهامات والإنجازات التي كان لها دور كبير وواضح في تقدم وازدهار الدولة العربية والإسلامية، إلى جانب دورها في زيادة مكانته وقيمته واشتهاره، كان من مواليد مدينة إصطخر الواقعة في ذلك الزمان في جنوب إيران، والتي نشأ وترعرع فيها.
إضافةً إلى ذلك، فقد كان لأبي القاسم الإصطخري العديد من الدراسات والأبحاث والاكتشافات، التي بدورها ساهمت في تقدّمه وزيادة مكانته وقيمته في العالم العربي والغربي، حيث يُقال أنّ شهرته وصلت إلى العديد من الدول الأوروبية، خاصةً أنّ أبحاثه واكتشافاته كانت مُستمرة دون انقطاع. يُعدّ الإصطخري واحداً من أهم وأبرز العلماء الذين برعوا في علوم الفلك والجغرافيا والهندسة، حيث كانت أولى اهتماماته هي الحصول على كم هائل من العلوم والمعرفة التي تختص بتلك المجالات؛ الأمر الذي جعل منه واحداً من أبرز العلماء الذين حققوا شهرةً عالمية، وتاريخية في وقتٍ وجيز.
وقد عُرف عنه أنّه جاب مُعظم مناطق ودول العالم؛ وذلك بحثاً عن العلم، ورغبةً منه في تقدّيم نفسه وزيادة أفكاره ومعلوماته، إلى جانب أنّه كان يعتمد على مبدأ التجربة والتطبيق، قبل أن يُقدّم أي اكتشاف أو إسهام كان قد توصّل إليه، حيث زار في بداية حياته جميع البلاد العربية ومن ثم اتجه إلى الهند، حتى قرر بعد ذلك الانتقال إلى سواحل المحيط الأطلسي.
اِلتقى أبو القاسم الإصطخري بعددٍ كبير من العلماء والباحثين والمؤرخين، كما أنّه تتلمذ على يد أشهرهم، حيث أخذ علومه ومعرفته عن أهمهم، إضافةً إلى أنّه كان يُقيم العديد من المُحاضرات والندوات التي كان يعقدها في شتى البلاد والدول، والتي كان يتحدّث فيها عن أهم العلوم والمعارف التي اختص بها، فقد كان يحضر تلك المُحاضرات العديد من كبار الشيوخ والعلماء والأساتذة.
حظي أبو القاسم الإصطخري بمكانةٍ وقيمة عظيمة في نفوس كل من عاصره من علماء، إضافةً إلى أنّه قد ذُكر في العديد من الكتب والمؤلفات، التي كتبها من تبعه وعاصره من علماء وأساتذة، حيث تم ذكره في كتاب” كشف الظنون” الذي كتبه حاجي خليفة والذي بيّن فيه أهم الصفات والخصائص التي يتجلى فيها الإصطخري، ومن الكتب التي ألّفها نجد: كتاب (صور الأقاليم): ذكر أبو القاسم الإصطخري أنّه كان قد اقتبس اسم هذا الكتاب من إحدى الكتب التي ألفها أبو زيد البلخي؛ والذي كان له التأثير الكبير والواضح في نفس الإصطخري وعلومه. كتاب (مسالك الممالك): يُعدّ هذا الكتاب من أهم وأشهر الكتب التي قدّمها الإصطخري، إضافةً لكونه من أقدم تلك الكتب، كما أنّه كان بمثابة موسوعةٍ علمية.
(8) – قشفة: وضع محقق الكتاب في طبعة ليدن 1937م معنى لها بانها مشقة. في معجم المعاني الجامع قشف معناها: قشف عيشه أي ضاق وساء قشف الرجل: كان رث الهيئة قشف.
(9) – أبو اسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي الاصطخري، المعروف بالكرخي، ” المسالك والممالك، مطبعة بريل في مدينة ليدن الهولندية، 1937، ص 42
(10) – طبع كتاب ابن حوقل مرتين في ليدن عاصمة الاستشراق، كان عنوانه في الأولى (المسالك والممالك)، وفي الثانية بعنوان: (صورة الأرض). وكلا العنوانان ليسا إلا اسما لمسمى واحد، وهي رحلة ابن حوقل البغدادي. وما يهمنا في هذا الحديث بالخصوص هو المعلومات القيمة التي احتفظ لنا بها ابن حوقل فيما يرجع لإفريقيا، فقد زار المغرب في القرن الرابع، أي في ذلك العهد المظلم من التاريخ المغربي، الذي لا نكاد نعرف عنه إلا معلومات غامضة لا تشفي غليلا ولا تطفئ ظمأ الباحثين…
وقد كتب ابن حوقل عن المغرب أكثر من أربعين صفحة، تحدث فيها عن طرابلس وإفريقية والمغرب الأوسط والأقصى، وهذا ما كان يعرف عندهم بالمغرب إذ ذاك. وحديث ابن حوقل، الرحال الجغرافي التاجر، يصف الطرق، والمسالك، والموارد الاقتصادية، وحالة الأسواق، وحالة الإنتاج، مع تتبع الآثار ومظاهر المدينة والعمران، ويشير إلى الحالة السياسية باقتضاب؛ وأهم ما ينفرد به ابن حوقل هو هذا التتبع الدقيق، لأسماء المدن والقرى، وما تمتاز به من أسواق ومتاجر ومعاهد، فهو يذكر لنا في المغرب مثلا مدنا هي: مدينة، أزيلا، وأغمات، وسجلماسة، وفاس، وطنجة، وسبتة، ومليلية.
ويقول ابن حوقل في زيارته للمغرب ومصر: “وأما المغرب فبعضه ممتد على بحر المغرب في غربيه، ولهذا البحر جانبان شرقي وغربي وهما عامران، وأما الغربي فمن مصر وبرقة، إلى إفريقية، وناحية تنس إلى سبتة وطنجة، فالمغرب خاصة، وأزيلي وما في أضعاف هذا الإقليم، وأما الشرقي فهو بلد الروم، من حدود الثغور الشامية إلى القسطنطينة إلى نواحي رومية. وبدأت بذكر حده المحيط به من قبوله، وحده من مصر الإسكندرية على النيل وأراضي الصعيد، حتى تمضي على ظهر الواحات إلى برية تنتهي إلى أرض النوبة، آخذا إلى البحر المحيط، ممتدا إلى جهة الغرب بنواحي أرض غانة وأرض أوداغست، ثم يستمر عاطفا إلى الشمال، مارّا على بلاد برغواطة وماسة، إلى فوهة بحر الروم، الذي يأخذ من البحر المحيط، بين أرض طنجة وأرض الأندلس..، ثم البحر المحيط الجنوب يمر على ماسة ومغارب سجلماسة وظاهر السوس الأقصى، ويمتد على ظواهر اودغشت وغانة وكوغة وفيول سامة وغريوا في بلد لا عدد لأهلها، إلى أن يصل إلى البرية التي لا تسلك إلى الحين”.
(11) – مايكل يان ده خويه Michael Jan de Goeje مستشرق هولندي ولد في 13 أغسطس 1836م في درونريب، وتوفي في ماي 1909م. تخصص في جامعة ليدن بالدراسات الشرقية ومن أساتذته المستشرق، وكانت رسالته للدكتوراه بعنوان (نموذج من الكتابات الشرقية في وصف المغرب مأخوذ من كتاب البلدان لليعقوبي.
عمل في التدريس بجامعة لايدن، وكان أبرز اهتماماته الجغرافيا وكذلك التاريخ الإسلامي، ومن إنتاجه تحقيق كتاب فتوح البلدان للبلاذري، كما شارك وأشرف على تحقيق تاريخ الطبري، وهو غزير الإنتاج. كما لعب دوراً قيادياً في المؤتمر العالمي للمستشرقين، المنعقد في مدينة الجزائر في 1905. وحصل على دكتوراه فخرية من كمبردج. وكان رئيس محرري دائرة معارف الإسلام.
(12) – راينهارت بيتر آن دوزي Reinhart Piter Anne Dozy مستشرق هولندي بارز ولد سنة 1820م وتوفي سنة 1883م، اشتهر خصوصاً بأبحاثه في تاريخ العرب في إسبانيا وبمعجمه «تكملة المجامع العربية»، ولد في مدينة لايدن في هولندا وتوفي فيها، تضلع في اللغة العربية يكتب باللاتينية والفرنسية والإنكليزية والألمانية والإسبانية والهولندية والإيطالية..
نشر أول مرة البيان المُغرب في أخبار المَغرب» لابن عِذاري المراكشي ) وصدَّره بمقدمة فرنسية وذيله بمعجم وحققه على مخطوطات بالأسكوريال (1851م) وقام «فانيان» بنقل هذا الكتاب إلى الفرنسية في الجزائر في جزأين (1901م-1904م) واستدرك عليه ثم صححه «ليفي بروفنسال»، ونشرالجزء الثالث منه في عام 1932م. وابتداء من عام 1851م، تفرغ دوزي لتأليف كتابه الأساسي «تاريخ المسلمين في إسبانيا من بداية فتح الأندلس إلى مجيء المرابطين. ثم كتب «نظرات في تاريخ الإسلام» و«بحوث في تاريخ إسبانيا وآدابها في العصر الوسيط». عين دوزي في عام 1850م أستاذاً للتاريخ العام في جامعة لايدن،. ونشر وترجم بالتعاون مع «دي خويه» كتاب (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) للإدريسي مع تعليقات ومعجم.
(13) – شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر البنّاء المقدسي، يقال له المقدسي، لأنه من مواليد القدس سنة (335هـ -390هـ/. 947م-1000م)، جغرافي ورحالة، كتابه يعتبر نموذجا للكتاب العلمي المرتب المنظم المبوب المقسم، كما أنه يحتوي نقدا علميا صريحا للجغرافيين الذين سبقوه، يقوم الكتاب بوصف جغرافي دقيق لكل الأماكن التي زارها، وهي كثيرة، ومنها المغرب. ذكر البحار، والأنهار، وبعد ذلك يقدم للقارئ أسماء الأماكن، وخصائص الأقاليم، والمذاهب، والأديان المنتشرة فيها. يتميز كتاب المقدسي بالدقة في توصيف البلدان، وإظهار عادات الناس، وزيادة على ذلك، فهو كتاب مكتوب بلغة جميلة، وأسلوب رصين، وعبارة رقيقة، وتعبير دقيق. وقد ترجم أربعة أجزاء من كتاب المقدسي إلى اللغة الإنكليزية، ونشرها في كلكتا بالهند (1897م-1910م) المستشرقان (رانكنغ وآزو). ونشر المستشرق الفرنسي (آندريه ميكل) ترجمة جزئية لكتاب (أحسن التقاسيم)، مع تعليقات وشروح في دمشق سنة 1963م. قسم المقدسي في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) العالم الإسلامي إلى أربعة أقسام، ولكل قسم منها خرائط مستقلة، واستخدم طرقاً لتمثيل الظاهرات الجغرافية حتى يمكن للجميع فهمها؛ فرسم الطرق المعروفة بالحمرة، والرمال الذهبية بالصفرة، والبحار المالحة بالخضرة، والأنهار بالزرقة، والجبال المشهورة بالغبرة.
(14) – مستشرق نمساوي الأصل، ثم تجنس بالجنسية الإنجليزية، واشتهر بكتابه عن حياة النبي محمد(ص). ولد ألويس اشبرنجر، ابن كرستوفر اشبرنجر، في قرية ناسريت Nassereit في منطقة التيرول جنوبي النمسا، في يوم 3سبتمبر سنة 1813م. وتلقى دراسته الثانوية في مدرسة في انسبروك، وانتقل منها إلى جامعة فيينّا في سنة 1832م، ودَرَس الطب واللغات الشرقية، وكان أساتذته في اللغات الشرقية هم همّر ـ يورجشتل Hammer – Purgstall وروزنتسفاي Rosenzweig.وفي سنة 1836م سافر إلى باريس، ومن هناك سافر في نفس السنة إلى لندن حيث اشترك في المشروع الذي اقترحه إيرل أوف مونستر Earl of Munster عن «علم الحرب عند المسلمين».وفي سنة 1838م حصل على الجنسية البريطانية. وفي 12 يونيو سنة 1841م حصل على درجة الماجستير في اللاهوت من جامعة ليدن Leyden بهولندا برسالة عنوانها: «أوليات الطب العربي في عهد الخلافة. كما ترجم «مروج الذهب» للمسعودي (لندن سنة 1841م) وفي سنة 1881م عاد إلى هيدلبرج، حيث توفي في 19 ديسمبر سنة 1893م.
(15) – البلخي، (235 – 322 ه = 849 -934 م) أحمد بن سهل، أبو زيد البلخي: أحد الكبار الأفذاذ من علماء الإسلام. جمع بين الشريعة والفلسفة والأدب والفنون. ولد في إحدى قرى بلخ، وساح سياحة طويلة، ثم عاد وقد علت شهرته فعرض عليه حاكم تخوم بلخ وزارته فأباها وذكر له الكتابة فرضيها، فكان يعيش منها إلى أن مات في بلخ. وقد سبق علماء البلدان في الإسلام كافة إلى استعمال رسم الأرض في كتابه (صور الأقاليم الإسلامية) وفي فهرست ابن النديم قائمة مؤلفاته. وهي كثيرة، منها (أقسام العلوم) و(شرائع الأديان) و(كتاب السياسة الكبير) و(كتاب السياسة الصغير) و(الأسماء والكنى والألقاب) و(ما يصح من أحكام النجوم) و(أقسام علوم الفلسفة) و(كتاب الشطرنج) و(أدب السلطان والرعية) و(كتاب القرود) و(فضائل بلخ) و(أخلاق الأمم) و(نظم القرآن).
(16) – ولد البكري حوالي سنة 1021م، في قصر والده في مدينة ولبه، في غرب الأندلس، وكان والده عبد العزيز يلقب بمعز الدولة، إذ كان من أمراء الطوائف. وهو عبد الله بن عبد العزيز بن محمد بن أيوب بن عمرو البكري المشهور، خاصة بكنيته أبو عبيد، نشأ أبو عبيد البكري في بيت إمارة وسيادة… وتتلمذ على يد أبي حيان، وأبي العباس أحمد بن عمر العذري، وأبي بكر المصحفي، وأبي بن عبد البر الحافظ الذي تسلم منه إجازة رواية. ذهب البكري سنة (478هـ/1085م-1086م) إلى إشبيلية، موفدا من قبل محمد بن معن لدى المعتمد بن عباد، عندما ذهب إلى المغرب الأقصى، يستنجد بعون المرابطين ضدّ التهديد “النصراني”. يعتبر أبو عبيد البكري ألمع جغرافيي الأندلس، واتسم عمله بالموضوعية والانسيابية، والمنهج العلمي الصارم، ومما لا شك فيه، أن كتاب (المسالك والممالك) كانت له المساهمة الكبرى في شهرة البكري، فقد جمع البكري في كتابه هذا، بين الجغرافيا والتاريخ، من المسالك، ووصف البلدان والشعوب والمدن، وتمتزج بالمُلح والأساطير والاستطرادات التاريخية، ويبقى انتباه القارئ دائم اليقظة.
وزاد البكري على ما جاء في مؤلفات، كتبها مؤرخون سابقون له، كما تطرق إلى التراث الشعبي الموروث لعدد من الشعوب في أرجاء العالم المعروف آنذاك، وأبرز العادات والتقاليد الغريبة، لكنه في نفس الوقت رفض أي شيء يتنافى مع العقل والمنطق في كتاباته.
(17) لقد استقى الإدريسي علومه في الجغرافيا من رحلاته الكثير التي جال فيها أرجاء العالم المعروف عنده في ذلك الوقت، وقد وثق هذه الرحلات في كتابه المعروف باسم (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق)، ومن بينها: رحلة الاستكشاف إلى المتوسط، لقد ساعدت أهواء الإدريسي ورغباته في تحقيق أعظم رحلات جغرافية سُطّرت في ثنايا الكتب، فبدأ الإدريسي بشقّ رحلاته عندما بلغ السّادسة عشر من عمره، وكان لا يذهب في رحلاته بغية الاستجمام، وإنّما يُسطر في ذاكرته ما يراه، فساعدته دقة ملاحظته التي تمتّع بها على إنجاز ما لم يستطعه كبار التّجار، الذين شقوا عباب البحر مرات عديدة، كانت رحلته الأولى – في السادسة عشر من عمره- إلى البلدان الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، ثمّ شقّ طريقه بعد ذلك حتى تغلغل في شمال إفريقيا، فأقام في تلك البلاد، يدرس عادات أهلها وتقاليدهم وحياتهم، ثم انطلق بعد ذلك إلى سواحل فرنسا وذلك في المحيط الأطلسي.
مال إلى سواحل إنكلترا، ليشاهد بالعيان ما لم يقدر عليه من قبل، وخاض المجهول وسار فيه، وركب البحر، ورأى تلاطماته، ووقف على شطآنه، وانتقل بين البلدان، يتأمل سماءها، ونجومها، وكواكبها، وتلالها، وجبالها، ويُسطّر تلك المعلومات جميعَها، في عقله، لأنَّه سيكون نقطة التّحول في العالم الجغرافي، وقد أفرد الشريف الإدريسي كتابًا كاملًا من كتبه يتحدّث فيه عن أسفاره ورحلاته.
لقد انتهج الإدريسي منهجًا خاصًّا في جمعه للمعلومات، لم يأت عليه عالم جغرافيّ قبله، وأمّا منهجه فكان يقوم على: الاستفادة من الرّحلات الخاصة، لم يفصل الإدريسي ما بين الحياة العلمية والحياة العملية، ولم يعمد فقط إلى الكتب حتَّى يستقي منها المعلومات الجغرافية، بل كانت أولى خطواته في جمع المعلومات هو الاعتماد على رحلاته التي قام بها، فقد كان يُسجّل في ذاكرته كلّ ما تراه عينه ويقع عليه لحظه.
استفاد كثيرا من الرحلات التجارية، حيث تلقى بعض معلوماته من التجار الذين خبروا المسالك واطلعوا على عادات وتقاليد وأديان عدد من البلدان التي لم يستطع زيارتها، فصار يأخذ المعلومات من التّجار والحجّاج، ويدوّنها عنده، فيُحاول مطابقة جميع المعلومات مع بعضها حتَّى يخرج الكلام من بين يديه، لا تشوبه شائبة الكذب. لقد أسفرت رحلات الإدريسي الكثيرة، واطلاعه الواسع على العلوم، عن كثيرٍ من الإنجازات العلمية، ومن بينها: توثيق المعالم الجغرافية على حقيقتها، حيث برع الإدريسي في علم الجغرافيا فاشتهر فيه، حتّى وصف بأنه من أكبر رحالة العرب والمسلمين، ولمَّا استقر الإدريسي في بلاط ملك صقلية، وقدّم له العيش الرّاغد حتّى يتمكّن من التأليف، وطلب ملك صقلية من الإدريسي أن يقوم بتأليف كتاب يجمع فيه خبرته في علم الجغرافيا يذكر فيه حقيقة التضاريس دون أساطير، فكان له ذلك بعد خمسة عشر عامًا، جمع في ذلك الكتاب عصارة جهده وعقله ووقته، فأسماه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق)، فكان ذلك الكتاب موسوعة جغرافية عظيمة، بقي العالم الإسلامي والمسيحي لثلاثة قرون يستقي منه المادة الجغرافية.
لمّا عرف العالم الطّباعة كان كتاب نزهة (المشتاق..) من أوائل الكتب التي عرفت حبر الطباعة، وتعدّدت نسخها وقد تُرجم ذلك الكتاب إلى العديد من اللغات الأجنبية، من بينها اللاتينية، والفرنسية، والإسبانية، والإنجليزيّة، وكذلك الإيطاليّة. لم يكن الإدريسي ذاك العالم الذي اختصّ في الجغرافيا فقط، إلا أنَّه برز فيها ولمع نجمه بها، وإنَّما كان له يد في كثيرٍ من العلوم الأخرى، مثل علم النّبات، والطب، والصيدلة، وغيرها. ومن بين تلك المؤلفات: (الجامع لأشتات النبات): وقد عُرف ذلك الكتاب باسم (المفردات) وكذلك باسم (الأدوية المفردة)، وقد اتّصف الكتاب بالدّقة العالية من ناحية كتابة اسم العقار، ووصف خصائصه، يتألف الكتاب من مئة وثمانٍ وأربعين صفحة، وتحوي مكتبة الفاتح في إسطنبول جزءًا منه. (روض الأنس ونزهة النفس): وقد عُرف ذلك الكتاب باسمٍ آخر وهو كتاب (المسالك والممالك)، ولم يتم الوقوف على ذلك الكتاب، إذ هو مفقود، ولكن هناك اختصار عن ذلك الكتاب واسمه (أنس المهج وروض الفرج)، وهو في مكتبة حكيم أوغلو باشا في الأستانة -أي إسطنبول-. (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق): وقد ألف ذلك الكتاب في بلاط ملك صقلية، ولم ينته من تأليفه إلا بعد إقامته عليه مدة خمسة عشر عامًا، وقد أتمّ ذلك الكتاب في عام 1154 للميلاد، وكان ذلك في شوال.
(18) – صلاح الدين خليل بن ابيك الصفدي، الوافي بالوفيات، دار إحياء التراث العربي، ط.1، بيروت، 2000، ص. 138.
(19) محمد عبد الغني حسن، أشهر جغرافيي العرب والإسلام، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، ط.1، 1971، ص.ص. 3-4
(20) – محمد عبد الغني حسن، المرجع نفسه، ص. 180.
(21) – عبد الرحمن حميدة، أعلام الجغرافيين العرب ومقتطفات من آثارهم، دار الفكر، ط.1، دمشق، 1995، ص. ص. 447-448
(22) – اخناطيوس كراتشوفسكي، مستشرق روسي عاش ما بين 1883م و1951م، وهو من مؤسسي مدرسة الاستشراق الروسي، صاحب كتاب “تاريخ الأدب الجغرافي العربي ” نقله إلى العربية صلاح الدين عثمان هاشم
(23) – اغناطيوس كراتشكوفسكي، تاريخ الأدب الجغرافي العربي، (ترجمه إلى العربية صلاح الدين عثمان هاشم)، ط.1، موسكو، 1957، ص. 344.
(24) – أجمعت المصادر والمراجع على أن العمري ولد في مدينة دمشق، في الثالث من شوال سنة (700هـ- 1301م)، في أسرة ذات عراقة أدبية، عمل في ديوان الإنشاء مع والده لما كان الأخير كاتب السر بدمشق، في أيام سلطنة الناصر محمد بن قلاوون الثالثة يعتبر كتابه (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار) أهم وأشهر كتبه، وهي في الحقيقة موسوعة علمية كبيرةـ ودائرة معارف كبرى جغرافية، تعد من أجل الموسوعات وأكثرها أهمية، وهي أقدم مصدر وصف فيه مصنفه دولة المماليك، والدول الإسلامية المعاصرة لها، وضمنه كثيرا من العلوم الإنسانية. طبعت الموسوعة في ثمانية وعشرين جزءا. اكتسب ابن فضل الله العمري شهرته الجغرافية من موسوعته الكبرى، وتعتبر من أهم ما وصل إلينا من التراث العربي الإسلامي على اعتبار أنه نتاج القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادي. وهو كتاب موسوعي يشمل معظم علوم عصره، وشكل مصدرًا هامًا للتاريخ، والعلوم، والجغرافية البشرية، لدرجة أنه اعتمد عليه الجغرافيون، الذين جاؤوا من بعده، واعتبر لديهم مرجعا هاما في علم الجغرافيا.
(25) – صلاح الدين خليل بن ابيك الصفدي، مرجع سابق، ص. 254.
(26) – كرم البستاني، رحلة ابن بطوطة، دار بيروت للطباعة والنشر، ط.1، بيروت، 1980، ص. 5.
(27) – زكي محمد حسن، مرجع سابق، ص. 136.
(28) – رحاب خضر عكاوي، موسوعة عباقرة الإسلام في الطب والجغرافية والتاريخ والسياسة، ج.2، دار الفكر العربي، ط.1، بيروت، 1993، ص. 195.
(29) طبعت رحلة ابن بطوطة كاملة لأول مرة في باريس سنة 1853م مع ترجمة فرنسية بعناية ديفر يمري DEFREMERY وسانجنتي Sanguinetti وتلتها طبعة 1288هـ بمطبعة وادي النيل، والتي حققها أبو السعود أفندي على أصل طبعة 1858 بباريس. وطبعة المطبعة الخيرية سنة 1322هـ. وصدرت سنة 1933 طبعة في القاهرة بعنوان مهذب رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، نشرتها المطبعة الأميرية.وهناك طبعة المكتبة التجارية الكبرى، سنة 1958، وطبعة دار المشرق سنة 1974، وأخرى نشرتها دار إحياء العلوم سنة 1987، وحققها محمد عبد المنعم العريان، وأعد فهارسها مصطفى القصاص، وأيضا طبعة الأكاديمية المغربية سنة 1417هـ-1997م، تحقيق عبد الهادي التازي، الذي استدرك على تحقيقه هذا بكتاب سماه المستدركات على تحقيقي: رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، نشرته وزارة الثقافة المغربية سنة 2004م. وطبعة مؤسسة الكتب الثقافية سنة 2007م، وفي 2020م نشرت مؤسسة هنداوي طبعتها للكتاب.
(30) – أوغست كونت ( Auguste Comte)،(1798م-1857م) عالم اجتماع وفيلسوف فرنسي، أعطى لعلم الاجتماع الاسم الذي يعرف به الآن، أكد ضرورة بناء النظريات العلمية المبنية على الملاحظة، إلا أن كتاباته كانت على جانب عظيم من التأمل الفلسفي، ويعد هو نفسه الأب الشرعي والمؤسس للفلسفة الوضعية، وهو يعتبر تلميذا لسان سايمون .
(31) – محمد بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن سعيد بن علي بن أحمد السّلماني الخطيب الشهير لسان الدين ابن الخطيب ولقب وذو العمرين.
كان علامة و شاعرا وكاتبا وفقيها مالكيا ومؤرخا وفيلسوف وطبيبا وسياسيا من الأندلس درس الأدب والطب والفلسفة في جامعة القرويين بمدينة فاس، نشأ لسان الدين في أسرة عرفت بالعلم والفضل والجاه، وكان جده الثالث “سعيد” يجلس للعلم والوعظ فعرف بالخطيب ثم لحق اللقب بالأسرة منذ إقامتها في لوشة، وتأدّب في غرناطة على شيوخها، أخذ القرآن، والفقه، والتفسير، واللغة، والرواية والطب عن مجموعة من العلماء والشيوخ.
(32) – ابو المحاسن جمال الدين يوسف بن الأمير سيف الدين تغري بردي الأتابكي اليشبقاوي الظاهري. ولد بالقاهرة سنة 813 هـ/ 1410م – توفى بالقاهرة سنة 874 هـ/ 1470م، وتغري بردي محرفة من تنكري يردي، ويردي بالتركية تعني عطا الله مؤرخ مصري كان أبوه من كبار أمراء المماليك في عهد السلطان الظاهر سيف الدين برقوق وابنه الناصر فرج بن برقوق. تتلمذ علمياً ودينياً على أيدي كبار المشايخ والعلماء مثل ابن العيني، ثم لازم مجلس شيخ المؤرخين تقي الدين المقريزي فتعلم منه حب التاريخ والتأريخ. وبذلك انتمى ابن تغري إلى طبقة الأمراء وأرباب الدولة وتتلمذ على أيدي كثير من العلماء.
(33) – ارنولد جوزف توينبي ( Arnold J. Toynbee) مؤرخ بريطاني ولد في 14 أبريل 1889م في لندن وتوفي في 22 أكتوبر 1975م، من أهم أعماله موسوعة دراسة للتاريخ، وهو من أشهر المؤرخين في القرن العشرين.
(34) – ايف لاكوست، العلامة ابن خلدون ترجمة ميشال سليمان، دار الفارابي، ط.2، بيروت، 2017م، ص. 10.
(35) – ايف لاكوست، المرجع نفسه، ص. 10
(36) – محمد عابد الجابري، فكر ابن خلدون، العصبية والدولة، معالم نظرية خلدونية في التاريخ الاسلامي، مركز دراسات الوحدة العربية، ط.1، 1994
(37) – ايف لا كوست، المرجع نفسه، ص. 10.
(38) -عبد الرحمان بن خلدون، المقدمة، مرجع سابق، ص.ص. 12-13.
(39) – وُلِد القلقشندي في خمسينيَّات القرن الثامن الهجري (756هـ)، وتُوفِّي في عشرينيَّات القرن التاسع الهجري (821هـ)، فأدرك بذلك عصرين من عصور التاريخ المصري؛ عصر دولة المماليك البحرية، وعصر دولة المماليك الجراكسة، وبين مولد القلقشندى ووفاته، عاش الرجل حياةً حافلةً غنيَّة، مكَّنت له من تأليف موسوعاته الأدبيَّة والتاريخيَّة الكبيرة. هو القاضي شهاب الدين أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد بن عبد الله الشهاب بن الجمال أبي اليمن الفزاري القلقشندي ثم القاهري الشافعي، الفقيه، المؤرِّخ، الأديب، البحَّاثة، المصنف. وُلِد في قلقشندة، من قرى محافظة القليوبيَّة بقرب القاهرة، وذلك سنة (756هـ=1355م). رُشِّح القلقشندي للعمل في ديوان الإنشاء، وكان من أهم دواوين الدولة في ذلك العصر، وترقَّى في العمل في الديوان ووصل فيه إلى أرفع المناصب، وقد بدأ عمله في ديوان الإنشاء في القاهرة سنة 791هـ، في زمن السلطان الظاهر برقوق (784هـ-801هـ)، وذلك حسبما يقول لنا القلقشندي نفسه في مقدِّمته لكتاب (صبح الأعشى..).
(40) – القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، مطبعة دار الكتب، ط.1، القاهرة،1922م، ص. 9.
(41) – يعرف بشيخ المؤرخين وعمادهم، واسمه أحمد بن علي المقريزي المعروف باسم (تقي الدين المقريزي)، ولد وتوفي في القاهرة (764 هـ ـ 845 هـ) / (1364م -1442م)، ممن اهتموا بالتأريخ بكل نواحيه.المؤرخ تقي الدين أحمد أبو محمد وأبو العباس بن علي بن عبد القادر بن محمد المقريزي الشافعي الأثري، من أعلام التاريخ، سار شوطاً بعيداً في حدود الفكر والعقل. عُرف بالمقريزي نسبة لحارة في بعلبك تعرف بحارة المقارزة، فيقال إن أجداده من بعلبك وأن والده ذهب إلى القاهرة حيث ولي بها بعض الوظائف ، ولد المقريزي حسبما يذكر هو نفسه بعد سنة (760هـ). وتوفي في مصر عصر يوم الخميس 16 رمضان سنة 845 هـ بالقاهرة. شغل المقريزي العديد من وظائف الدولة في عصره، حيث ولي فيها الحسبة والخطابة والإمامة عدة مرات، ثم عمل مع الملك الظاهر برقوق، ودخل دمشق مع ولده الناصر سنة (810هـ)، احتل المقريزي مركزاً عالياً بين المؤرخين المصريين في النصف الأول من القرن التاسع الهجري، حيث إن معظم المؤرخين الكبار كانوا تلاميذ المقريزي، مثل (أبي المحاسن يوسف بن تغري بردي) مؤلف الكتاب التاريخي (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة)، و(السخاوي)
(42) – كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك لتقي الدين أحمد بن علي المقريزي حققه وقدم له ووضع حواشيه، الدكتور مصطفى زيادة والدكتور عبد الفتاح عاشور، كلية الآداب القاهرة 1936م، كما أن هناك طبعات أخرى مثل طبعة حققها محمد عبد القادر عطا الناشر: دار الكتب العلمية -لبنان/ بيروت الطبعة: الأولى، 1418هـ -1997م عدد الأجزاء: 8
(43) – أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم المغيلي، من أكابر العلماء وأفاضل الأتقياء، وكان شديد الشكيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ينتمي إلى قبيلة مغيلة، نواحي تلمسان، لا يعرف بالتدقيق تاريخ ولادته وإن اتفق الجميع على أن وفاته كانت عام 909 هـ. الفقيه المغيلي من أبرز الشخصيات الدينية والعلمية التي كان لها الأثر العظيم في العلاقات بين علماء شمال إفريقيا وغرب إفريقيا، أي السودان الغربي بالتسميات التاريخية الحديثة، وواحد من العلماء الذين كان لهم حضور قوي في الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية في تاريخ السودان.
(44) – محمد بن عبد الكريم المغيلي، أسئلة الأسكيا وأجوبة المغيلي، (تقديم وتحقيق عبد القادر زبابدية)، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر،1974، ص. 5.
(45) – ولد بمدينة غرناطة، حسبما يذكر لنا ذلك في خاتمة كتابه، في فترة حياتها الإسلامية الأخيرة، وذلك في سنة (839 هـ (1488م). حيث لما سقطت غرناطة في أيدي الملكين الكاثوليكيين فرديناند وإيسابيلا، في بداية سنة 1492م، وانتهت بذلك دولة الإسلام في الأندلس، غادرت أسرته الوطن القديم غرناطة فيمن غادره من آلاف المسلمين، الذين لم يطمئنوا إلى الحكم الجديد، وعبرت البحر إلى المغرب، واستقرت بمدينة فاس.
ويقص علينا الحسن الوزان مراحل حياته، خلال أحاديثه عن رحلاته، فهو قد اشتغل في حداثته، كمعظم طلبة هذا العصر، بالتوثيق في مارستان فاس، بأجر قدره ثلاثة دنانير في الشهر. وقد بدأ رحلاته في أنحاء المغرب، وأواسط إفريقية، برحلة مع عمه إلى تمبكتو (في مالي)، وذلك في سنة (910 هـ) /(1504م)، وهو فتى في السابعة عشرة من عمره، وكانت من أعظم وأهم رحلاته، حيث قام من خلالها بعدة رحلات هامة في شمال إفريقية، وفي قسطنطينية، ومصر وبلاد العرب، وبلاد أرمينية وشمال فارس.
(46) نشر راموزيو كتابه «وصف إفريقيا» سنة 1550م في مدينة البندقية، بعد فترة لا تزيد عن أربعة وعشرين عاما من فراغ الحسن الوزان من تأليف مصنفه المذكور باللغة الإيطالية، ثم توالت بشكل كبير وملفت للاهتمام الترجمات الأوروبية للكتاب بعد ذيوع صيته أوروبيا، رغم أن الترجمات لم تكن دقيقة ومحترمة للنص الأصلي.
وفي سنة 1555م ظهرت الترجمة الفرنسية بجهود تامبورال، وفي العام التالي 1556م، تمت ترجمته إلى اللاتينية بقلم جان فولريان، في مدينة آنفرس البلجيكية. وفي سنة 1600م ظهرت الترجمة الإنكليزية على يد جون بوري، وتم نقل الكتاب إلى اللغة الهولندية في عام 1665م. وفي 1805م تمت ترجمته إلى الألمانية. وفي 1896م ظهرت طبعة إيطالية حديثة. وفي 1896م، أعاد براون نشر الكتاب بالإنكليزية اعتمادا على طبعة بوري بينما كان يعمل. شيفر على نشره بالفرنسية في باريس، في عامي 1896م و1898م.
هذا وقد كرّس له المستشرق الفرنسي ماسينيون دراسة مستفيضة ضمن بحثه عن تاريخ المغرب المعنون «المملكة المغربية في أوائل سنين القرن السادس عشر، لوحة جغرافية استنادا إلى ليون الإفريقي». وفي عام 1952م، ظهرت في مدريد الترجمة الإسبانية، وفي نفس الفترة أفرد له المستشرق الروسي اغناطيوس كراتشكوفسكي بحثا جيدا في مؤلفه الضخم «الأدب الجغرافي عند العرب» ترجمة صلاح الدين عثمان هاشم.
(47) – الحسن بن محمد الوزان الفاسي، وصف افريقيا، دار الغرب الإسلامي، ط.2، بيروت، 1983، ص. 192
(48) – مقاديم عبد الحميد، “حركة التأليف التاريخي في بلاد السودان الغربي من ق11هـ الى ق12هـ/17-18م”. مقال منشور بمجلة عصور الجديدة، مج . 11، ع.1، مارس 2021م، ص. 359.
(49) – كان التعريف الأول بكتاب تاريخ الفتاش على يد المؤرخ إدوارد دوبوا عام 1896م، عند زيارته لتمبكتو لكنه لم يجد الكتاب كاملا. سنة 1911م عثر الباحث البير بونيل دي ميزيير Albert Bonnel de Miziere على نسخة في مكتبة الشيخ محمد الإمام ابن السيوطي ثم حصل jules brevie على نسخة أخرى في سنة 1912م في خزانة الشيخ عبد الله والي باه بمنطقة كاي في أقصى غرب مالي ومن هاتين النسختين قام الباحثان موريس دولافوس وهوداس بتقديم وتحقيق النسخة الفرنسية من تاريخ الفتاش عام 1913م.
(50) -يسمي المؤرخ إدوارد دوبوا Edward Dubois كتاب الفتاش ب “إنجيل السودان” نظرا لأهميته في التأريخ للسودان و”كتاب السودان الشبح” بعدما لم يتمكن من جميع أجزائه المتناثرة قبل أن يتم ذلك فيما بعد. يمكن الرجوع إلى كتاب الفتاش، تحقيق آدم بمبا الطبعة الأولى 2014م، عن مؤسسة الرسالة ناشرون دمشق.
(51) – مقاديم عبد الحميد، نفس المرجع، ص. 350.
(52) – نوح بن الطاهر بن أبي بكر بن موسى تلميذ الشيخ المختار الكنتي، نسبت إليه عدد من الرسائل التي بعث بها إلى عواصم الإسلام يدعي فيها أن سيكو أمدو هو الخليفة الثاني عشر للمسلمين الذي سيظهر في ماسنة ببلاد التكرور.
(53) – الشيخ أحمدو بن لوبو، هو قائد الحركة الدينية السياسية التي نجحت في إقامة دولة مآسينا ونصب كإمام سنة 1818م في مآسينا في دلتا النيجر، قبل أن تتمدد دولته في اتجاه تنبكتو وأزواد.
(54) – تعتبر دولة ماسنة دولة إسلامية نابعة من حركة الإحياء الإسلامي التي عرفتها منطقة مالي، فأبرز رجالات الدولة هم من خريجي زاوية الشيخ سيدي المختار الكنتي وفيها تلقوا تكوينهم الديني والفكري والسياسي، مثل الشيخ أحمدو بن لوبو والشيخ ألفا نوح طاهر وهناك من يعتبرهم من اتباع الطائفة المهدوية.
(55) – أبي العباس أحمد بن محمد المكناسي الشهير بابن القاضي، درة الحجال في أسماء الرجال، (تحقيق الدكتور محمد الأحمدي أبو النور)، دار التراث، ج. 3، القاهرة، ص.129.
(56) – أحمد بن محمد المقري، روضة الآس العاطرة الأنفاس في ذكر من لقيته من أعلام الحضرتين مراكش وفاس، المطبعة الملكية، ط.2، الرباط، 1983م، ص. 113.
(57) – أبو فارس عبد العزيز الفشتالي، مناهل الصفا في مآثر موالينا الشرفا، (دراسة وتحقيق عبد الكريم كريم)، مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والثقافية، الرباط، 1972م، ص. 2.
(58) – ليفي بروفنسال، مؤرخو الشرفاء، (تعريب عبد القادر الخلادي)، الرباط، 1977م، ص. 80.
(59) – يعتبر كتاب «مناهل الصفا» مصدرا أساسيا معاصرا للدولة السعدية، ألفه عبد العزيز الفشتالي، متولي تاريخ الدولة ووزير القلم الأعلى في بلاط أحمد المنصور الذهبي، ليكون كوثيقة رسمية يعتمدها المؤرخون المشارقة في كتاباتهم عن الدولة السعدية، وذلك على إثر تلقي المنصور من المؤرخ التركي مصطفى ابن حسن الحسني الجنابي النسخة الأصلية من كتابه «العيلم الزاخر، في أحوال الأوائل والأواخر»، «أجمع ما جمع في دول الملوك»، والمحتوي على 82 بابا، بعدد الدول التي تعرض إلى تاريخها. وقد لاحظ المنصور نقصا وخلطا في الباب المخصص للمغرب فكتب إلى المؤرخ التركي يشكره على هديته القيمة ويصله بـ 1500 أوقية ذهبا، وفي نفس الوقت ينبهه إلى ما فيه تجاه المغرب من «غلط واضح وضوح النهار… إذ سلك شعبا وقد سلكت الدولة واديا، وجرى على غير سمتها فلم يجد هاديا.»، ويطلب منه في الأخير ألا ينشر الكتاب إلا بعد تصحيحه على ضوء ما سيصله في كتاب تاريخ الدولة السعدية .
(60) – عبد الله بن عبد الصمد كنون الحسني الشهير عبد الله كنون (ولد سنة 30 شعبان 1326 هـ/1908 م وتوفي 9 يوليو 1989م) كان فقيها، وكاتبا، ومؤرخا، وشاعرا، وأكاديميا وصحافيا مغربيا، وأمينا عاما سابقا لرابطة علماء المغرب وأحد الرواد الكبار في إرساء قواعد النهضة الأدبية والثقافية والعلمية في المغرب، منذ منتصف العشرينيّات إلى أن توفاه الأجل.
(61) – أبو فارس عبد العزيز الفشتالي، نفس المرجع، ص.122
(62) – أحمد بابا بن أحمد بن الفقيه الحاج أحمد بن عمر بن محمد التكروري التنبكتي السوداني، نيل الابتهاج بتطريز الديباج، دار الكاتب، ط2، طرابلس، 2000م
(63) – أبو عبد الله محمد بن ابي بكر الصديق البرتلي الولاتي، فتح الشكور في معرفة اعيان علماء التكرور، (تحقيق محمد إبراهيم الكتاني ومحمد حجي)، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1981م
(64) – قام المؤرخان المغربيان محمد إبراهيم الكتاني ومحمد حجي بتحقيق كتاب “فتح الشكور” اعتمادا على ثلاث نسخ، وهي:
أ-نسخة الشيخ المختار ولد حامدون بنواكشوط تحتوي 206 ترجمة.
ب-نسخة المعهد الفرنسي بباريس تحتوي 116 ترجمة.
ج-نسخة المعهد الموريتاني للبحث العلمي بنواكشوط تحتوي 213 ترجمة.
إلا أنّ الباحث شوقي الهامل، استند في تحقيقه على أربع نسخ أخرى مضافة للتي ذكرت أعلاه، وهي:
د-نسخة جامعة توبنكن بألمانيا تحتوي 216 ترجمة.
هـ-نسخة ثانية بالمعهد الموريتاني للبحث العلمي تحتوي 211 ترجمة.
و-نسختان بمركز أحمد بابا التنبكتي بمالي، كل منهما تحتوي 216 ترجمة، وتعتبر تلك التي تحمل الرقم 684 أقدم النسخ.
وبفضل تعدّد النسخ والمقابلة الدقيقة بينها، تنبّه الباحث إلى بعض الأخطاء التي شابت تحقيق العالمين المغربيين.
لمزيد من التفصيل ينظر إلى محمد القادري، اجتماعيات العلماء في بلاد موريتانيا وشمال مالي “ق. 16-19″من خلال كتاب “فتح الشكور في معرفة أعيان العلماء التكرور”تحقيق ودراسة شوقي الهامل مع ترجمة إلى الفرنسية. كما قام الباحثان عبد الودود ولد عبد الله وأحمد جمال ولد الحسن بتحقيق آخر في طبقة أنيقة منقحة ضمن منشورات مركز نجيبويه للمخطوطات بموريتانيا.