تحفل العلاقة بين الشعر والترجمة بمناطق لامفكر فيها تغري بمقاربتها واختراق الحدود التي سيجت منطوق هذه العلاقة وجعلت الترجمة مجرد ممارسة تقنية لا تستلزم سوى معرفة لغة النصوص الشعرية والمدار الثقافي الذي تنتسب إليه، إن الانخراط في تقليب أوجه العلاقة يتطلب الاستناد إلى المعرفة والنظر إلى الترجمة بوصفها فعلا قرائيا وتأويليا، استدعاء القراءة لمقاربة التقاطعات الكائنة بين الترجمة والشعر هو ما جعلته منظمة تاماينوت فرع أيت ملول محورا وإشكالية لجلسة نقدية من جلسات الملتقى الوطني للإبداع الأدبي الأمازيغي والقراءة في دورته الثانية، وهي الجلسة التي تم تنظيمها في المقهى الثقافي أسرير بالمدينة القديمة بتيزنيت صباح السبت 23 يناير 2021 .
وقد أدار مجرياتها الكاتب والباحث المغربي محمد أبوض الذي قدم في افتتاح الجلسة إضاءات حول الترجمة بما هي إشكالية معرفية وحاجة حضارية تسهم في تحقيق التفاعل الثقافي بين الشعوب، ليتحدث بعدها الشاعر إبراهيم أكيل عن تمثله للشعر بوصفه أيضا شكلا من أشكال قراءة عالم يتبدى مجهولا أمام الذات، وبوصفه قراءة لما يعتمل في الأعماق، إنه بحسبه لا يقل قيمة عن كل أشكال المعارف الإنسانية ، الشعر بهذا المعنى يظل حسب مؤلف ” تيلمي ن واضو ” الكتاب المفتوح الذي أعاد كتابة عالم ملتبس له قوانينه البانية التي تحكمه، وهو أيضا مرآة للقراءات التي راكمها المرء في تاريخه الشخصي، إبراهيم أكيل أنه بصدد كتابة عمل شعري جديد يسرد تاريخ أدم ما تطلب منه العودة لقراءة النصوص الدينية الإبراهيمية و الغوص في الميثولوجيا الكونية، إن كل كتابة لا تستند إلى القراءة حد تعبيره لا يعول عليها.
أما المترجم ريناس بوحمدي، مترجم أزهار الشر لبودلير؛ فقد اعتبر الترجمة لحظة من لحظات مساره الشخصي، واعتبر الترجمة فعلا شاقا، إن الانشغال بها ليس مجرد تمرين، بل هو اقتحام وتورط في المتاهة ومحاولة لمنح الخيانة ملمحا جماليا، كما تحدث أن اشتغاله على ترجمة الشعر الكوني إلى الأمازيغية هو فعل موجه بقصديات تروم استنبات أزهار جديدة في براري اللغة الأمازيغية والنهوض بها وتحديثها.