التجاهل والصمت هو الطابع الغالب في تعامل الدولة مع مطلب الحركة الأمازيغية
تنصل الحكومة والبرلمان من الاستجابة لمطلب ترسيم السنة الأمازيغية هو جزء من وضعية جد معقدة ومستعصية على الفهم
كيف تنظرون إلى تنصل الحكومة من مطلب ترسيم السنة الأمازيغية؟
يجب الإشارة إلى أن تنصل الحكومة والبرلمان من الاستجابة لمطلب مهم في رمزيته والمتمثل في ترسيم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا وعطلة مؤدى عنها، هو جزء من وضعية جد معقدة ومستعصية على الفهم، فلا قانون تنظيمي في الأفق ولا سياسات منصفة للأمازيغية في التعليم والإعلام، والجماعات الترابية، ولا رؤية واضحة للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية…الخ، انه استمرار جحود الدولة ومؤسساتها وبطء تفاعلها مع كل مطالب الحركة الامازيغية على رأسها تفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية وإقرار رأس السنة الامازيغية عيدا وطنيا، حيث لم يشفع للأمازيغية ترسيمها في الدستور لتحظى باهتمام أصحاب القرار الرسمي والساسة على حد سواء.
هذا التماطل يشعرنا بالحكرة والإقصاء الذي تعاني منه الأمازيغية بهذا البلد، ويدفعنا للتساؤل بخصوص جدية الدولة في تمكين الامازيغية من مكانتها وتوفير شروط نمائها وحمايتها، ويضمن إستراتيجية للنهوض بها.
هل نستطيع القول إن حزب «العدالة والتنمية» هو من وقف ضد ترسيمها علما أن كل أحزاب التحالف الحكومي طالبوا برسمية السنة الأمازيغية؟
مسؤولية الحزب قائمة بشأن تعثر ملف الامازيغية عموما وعدم إقرار السنة الامازيغية، من موقع الحزب كربان السلطة التنفيذية، إلا أنه لا يمكن حصر المسؤولية في حزب العدالة والتنمية لوحده لأن في ذلك استهداف سياسوي لا غير وبأهداف انتخابوية صرفة، حيث أن المسؤولية متقاسمة بين الحكومة والبرلمان والقصر على حد سواء. حيث لا يمكن شيطنة الحزب، أو جعله تلك الشجرة التي تخفي غابة المناهضين والرافضين لأي تقدم في ملف الأمازيغية.
هذا ليس دفاعا عن الحزب، والكل يعلم مواقفنا بخصوص توجهاته وإيديولوجيته، حيث عبرنا وبشكل صريح عن رفضنا لمواقفه ومنهجيته في العمل والتعاطي مع القضايا المرتبطة بالأمازيغية. ولكن من موقعنا كمنظمة مدنية يفرض علينا أن نكون موضوعيين في حكمنا على مواقف وممارسات المؤسسات والأحزاب السياسية حيث مسؤوليتها قائمة في كل ما يقع، وما يطبع السياسات العمومية من تعثر وتخبط، والعجز عن إصدار قرار بترسيم السنة الامازيغية مسؤولية الجميع دون استثناء. وبالمناسبة نتساءل عما يمنع جميع الأحزاب وبرلمانييها من تقديم مقترح قانون للمؤسسة التشريعية، وهذا يدخل في صلب اختصاصاتها، وبحساب الخشيبات، وبالنظر إلى عدد الأحزاب وبرلمانييها، التي عبرت في بيانات عن مساندتها للقرار، كان سيتم تمريره بأغلبية مريحة. إلا أن هذه الأحزاب تستغبي وتستبلد المواطن(ة)، حيث اكتفى بعضها بطرح سؤال شفوي او كتابي أو إصدار بيان …الخ، إجراءات وتدابير لا تخرج عن إطار الاستغلال الإعلامي والبروبكندا الفارغة لا غير.
كيف تفسرون هذا الموقف الذي أظهرته الدولة اتجاه مطلب ترسيم السنة الأمازيغية؟
التجاهل والصمت هو الطابع الغالب في تعامل الدولة مع مطلب الحركة الامازيغية بشأن ترسيم السنة الأمازيغية، كما أنها في موقف لا تحسد عليه نظرا للحرج الكبير الذي سببه لها الموقف الأخير للجارة الجزائر.
الدولة لحدود الساعة لم تعبر عن رأيها الحسم بشكل واضح، ولكن عدم التجاوب أو الرد يعتبر تكتيك وإجراء تلجأ إليه الدولة في الأمور الشائكة والمحرجة، لربح المزيد من الوقت وامتصاص الغضب الشعبي. فهي لم تعبر عن قبولها أو رفضها للمطلب، بل اكتفت بالصمت، كما أنها لم تعرقل الاحتفاء الشعبي بهذه المناسبة، حيث نزل الكثير من المسؤولين والسياسيين لمشاركة المواطنين والجمعيات المحتفلة حفلاتهم، وهو ما يفسر كثرة الأنشطة التي نظمت بالمناسبة، في مختلف مناطق المغرب، وحتى تهافت السياسيين للاحتفال وطرح النقاش في قبة البرلمان وخارجها.
وكيف تنظرون من وجهة نظركم إلى ترسيمها في الجارة الجزائر؟
قرار مهم إلى جانب قرارات أخرى كتعميم تعليم الأمازيغية…الخ، وأعتقد أن القرار الرئاسي الجزائري هو محاولة لاسترجاع زمام المبادرة في ملف الأمازيغية، كما أن الجزائر لا تتوانى في استثمار القرار في علاقته المتوترة مع المغرب. ويمكن اعتبار ذلك طبعا إشارة للدولة المغربية في إطار المنافسة بين الدولتين. ولكنه لن يخفي الكثير من الاحتجاجات والمواقف الرافضة لسياسات النظام الجزائري سواء في غرداية أو في مناطق أخرى، مثل الاحتجاجات التي عرفتها ولاية تيزيوزو منتصف دجنبر المنصرم بسبب عدم تعميم تدريس الأمازيغية.
الجزائر بهكذا إجراء حققت سبقا تاريخيا يحسب لها، ولكن ذلك يستوجب جرعة زائدة جرأة وجدية لاتخاذ إجراءات وتدابير فعالة في مجال التعليم والإعلام….الخ، رغم الاكراهات التي تواجها في مجال إرساء الديمقراطية وضمان الحقوق والحريات العامة، كما أنها بهكذا قرار تكون أطلقت سيرورة لإنصاف نضالات الحركة الامازيغية الجزائرية والتي تمتد إلى عدة عقود، وشرعت في التصالح مع كل مكونات شعبها خاصة الامازيغ، يلزمنا المزيد من الوقت لتقييمها والحكم عليها.
حاوره: منتصر إثري