اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها، نشرته يوم أمس الاثنين، 09 شتنبر، السلطات الجزائرية بـ” شن اعتقالات واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد، استهدفت المتظاهرين الذي يحملون الراية الأمازيغية التي ترمز للأمازيغ. مطالبة “بإطلاق سراح كل شخص اعتُقِل لحيازته راية أو التلويح بها وإسقاط التهم ضده”.
وأشارت المنظمة الدولية إلى أنه “لا يزال نحو 40 متظاهرا وراء القضبان بعدما اعتقلتهم قوات الأمن في الجزائر العاصمة وعنابة والشلف ومدن جزائرية أخرى، أغلبهم يومي 21 و28 يونيو ، بسبب تلويحهم أو رفعهم رايات أمازيغية”. مشيرة إلى أنه “لا يزال أكثر من 30 منهم محتجزين في الجزائر العاصمة، بحسب تقديرات عبد الرحمن صلاح، محامي يمثل متظاهرين عديدين، وهو أيضا أمين عام ” شبكة المحامين للدفاع عن حقوق الإنسان”، منظمة غير حكومية جزائرية”.
وأوضحت أن ” قضاة التحقيق أحالهم إلى التحقيق بتهمة “المساس بسلامة وحدة الوطن”، وهي جريمة يعاقَب عليها بالسجن ما بين سنة و10 سنوات، بموجب المادة 79 من قانون العقوبات”. مبرزة أن “بموجب قانون الإجراءات الجزائية، قد تدوم تحقيقات قضاة التحقيق حتى أربعة أشهر، مع إمكانية التجديد مرتين، يتعيّن بعد ذلك إخلاء سبيل المتهمين أو إحالتهم إلى المحاكمة”.
وذكرت المنظمة الدولية أن في 19 يونيو ، قال قايد صالح رئيس أركان الجيش، في كلمة ألقاها بمدينة بشار جنوب غربي البلاد: “للجزائر راية واحدة تمثل سيادة الدولة الجزائرية واستقلالها ووحدتها الترابية… تم إصدار أوامر صارمة لقوات الأمن من أجل تطبيق صارم للقوانين سارية المفعول والتصدي لكل من يحاول المساس بمشاعر الجزائريين في هذا المجال الحساس”. و “لم يحدد قايد صالح ما هي “القوانين سارية المفعول” التي كان يشير إليها. بعد يومين من كلمته، بدأت قوات الأمن في اعتقال من يرفعون الرايات الأمازيغية في مختلف أنحاء البلاد”.
وأشارت إلى أن رفع الرايات الأمازيغية والنشاط المُناصر للأمازيغ أصبح مسألة شائعة في الجزائر منذ مطلع الثمانينيات. “يركز بعض النشطاء على تعزيز الثقافة الأمازيغية، بينما يطالب آخرون بالسيادة الذاتية لمنطقة القبائل ذات الأغلبية الأمازيغية، ويدعو آخرون إلى استقلال منطقة القبائل. رغم أن مطالب الحكم الذاتي أو الاستقلال لا زالت خلافية، لم تتعامل السلطات الجزائرية في السنوات الأخيرة مع رفع الراية الأمازيغية كجريمة”.
وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها، أن “قاضية بمدينة عنابة شرقيّ البلاد حكمت في 08 غشت ببراءة ندير فرتيسي، متظاهر، من تهمة “المساس بسلامة وحدة الوطن” وأمرت الشرطة بإعادة رايتين أمازيغيتين إليه كانتا قد صودرتا لدى توقيفه في 5 يوليو/تموز. أمضى فرتيسي شهرا في الحبس الاحتياطي”.
وأكدت “رايتس ووتش” أن “التلويح براية لمجتمع عرقي هو تعبير سلمي يحميه “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، الذي صادقت عليه الجزائر في 1989، و”الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب”.
وأشارت إلى أن “السلطات المحلية منعت سلسلة من الاجتماعات المخطط لها بالقرب من مدينة بجاية من قبل جمعية “تجمع عمل الشبيبة” (جمعية راج)، مجموعة نشطة في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية منذ اندلاعها”. مضيفة أن “السلطات اعتقلت أكثر من 20 من الناشطين الحقوقيين المؤيدين للديمقراطية كانوا يخططون لإقامة اجتماع لجمعية راج في ساحة عامة في بجاية. أطلِق سراحهم بعد ثلاث ساعات ولم يحصل الاجتماع”.
وأضافت أن السلطات أمرت “ثلاثة أحزاب معارضة في 27 غشت الماضي، بإلغاء اجتماعها المشترك المزمع عقده في الجزائر العاصمة في اليوم التالي دونما تفسير. الأحزاب الثلاثة، “جبهة القوى الاشتراكية” و”التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” و”حزب العمل”، أعضاء في “قوى البديل الديمقراطي”، تحالف سياسي أُنشئ لدعم دعوة المحتجين إلى انتقال ديمقراطي. كان الاجتماع سيُكوّن التجمع الافتتاحي للتحالف”.
كما أشارت إلى احتجاز السلطات الجزائرية للمسؤول في هيومن رايتس ووتش أحمد بن شمسي، يوم 19 غشت الماضي، بينما كان يرصد مسيرة الجمعة في شارع ديدوش مراد وسط الجزائر العاصمة. احتجزته السلطات 10 ساعات وصادرت جوازات سفره لمدة 10 أيام دون إخطاره بأي تهمة، ثم رحّلته خارج البلاد. بحسب “مراسلون بلا حدود”، رُحّل العديد من الصحفيين الأجانب منذ أبريل.
وقالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: “تسامحت السلطات الجزائرية في البداية مع احتجاجات الملايين التي بدأت في فبراير/شباط للمطالبة بالإصلاح السياسي، لكنها بدّلت توجهها الآن لتسجن الملوّحين بالرايات وتعيق المتظاهرين الراغبين في الانضمام إلى المسيرات”.
وأضافت “مع انتهاك السلطات للحقوق وتكثيف قمعها للمعارضة، بدأ المتظاهرون يستعدون لمسيرات أكبر في سبتمبر/أيلول. ينبغي للسلطات التراجع ومنح الشعب الجزائري حريتي التعبير والتجمع اللتين من حقه”.
وقالت “هيومن رايتس ووتش” إن السلطات الجزائرية سجنت العشرات لتظاهرهم السلمي خلال الأشهر الستة التي تلت اندلاع موجة من مظاهرات الشوارع التي أفضت إلى استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
* منتصر إثري