يرى الأستاذ سعيد بنيس أن هناك علاقة وثيقة بين العمل الصحفي والعلوم الاجتماعية بشكل عام، والسوسيولوجيا بشكل خاص، نظرًا للتداخل في الإشكالات والمواضيع المتناولة، بالإضافة إلى التشابه في المقاربات والأدوات الميدانية المعتمدة. فالصحافة، كما السوسيولوجيا، تعنى بدراسة الديناميات المجتمعية في ارتباطها بمجالات متعددة، مثل السياسة، الثقافة، الاقتصاد، الرياضة، الفن، والحروب والنزاعات.
ويؤكد الأستاذ بنيس أن هذه الحقول يتم التعامل معها عبر منهجيات وأدوات مستوحاة من البحث السوسيولوجي، مثل المقابلة، الاستمارة، الملاحظة بالمشاركة، التحليل السردي والمضموني، وجمع وتحليل المعطيات الإحصائية والتقارير الدولية. ومن هذه الزاوية، يطرح تساؤل حول مدى تأثير هذا التداخل على طبيعة الخطاب الصحفي، ومستوى اللغة، وأنماط التحليل، وهل يمكن أن يؤدي إلى نوع من التوازي في الكتابة بين المجالين؟
للإجابة على هذا التساؤل، يميز الأستاذ بنيس بين مستويين من الكتابة:
• الكتابة الأكاديمية، التي تواكب المنهج السوسيولوجي، وتعتمد على التوثيق العلمي، والإحالات، والتفسير والتأويل في إطار نظري يضبط المسافة الموضوعية مع الظواهر المدروسة.
• الكتابة الصحفية، التي تسعى إلى تقديم رؤية أو نقل خبر أو تحليل ظاهرة من زاوية ذاتية، حيث يوظف الصحفي أدوات وتقنيات مستمدة من السياق المجتمعي، مع الحرص على أسلوب لغوي متمايز يبتعد عن القوالب الجاهزة، ويمنح النص طابعًا أكثر تأثيرًا وجاذبية.
وفي هذا السياق، يشدد الأستاذ بنيس على ضرورة تحقيق توازن بين طبيعة الصحافة، التي تقتضي الاختزال والوضوح، وبين الأدوات التحليلية التي يوفرها المنهج السوسيولوجي، بما يمكن الصحفي من الدفاع عن القضايا المجتمعية، والتأثير في الرأي العام بفعالية. فنجاح العمل الصحفي لا يتوقف فقط على نقل المعلومة، بل على قدرته في تبديد الغموض، وتقديم محتوى يعزز الفهم، دون الإخلال بالمسافة الموضوعية المطلوبة في الكتابة.