شقير: ربط دخول ادريس الأول بتاريخ المغرب “مغالطة سياسية وأيدولوجية”

انتقد الأستاذ والباحث في العلوم السياسية، محمد شقير “تقزيم تاريخ المغرب وربطه بدخول مولاي إدريس الأول”، معتبرا ذلك “مغالطة سياسية وأيديولوجية تجعل المغرب لا يدمج فترة طويلة من تاريخه”.

وقال شقير في مداخلته خلال ندوة “المملكة المغربية: أيقونة 28 قرنا من النظام الملكي بشمال افريقيا“، المنظمة مساء يومه الجمعة 12 يناير 2024، ضمن افتتاح فعاليات الدورة العاشرة من مهرجان “باشيخ” بمدينة طنجة ” لا ينبغي ربط دخول ادريس الأول بتاريخ المغرب، ولا يجب العمل على أدلجة تاريخ الدولة في المغرب، لأن تاريخه يتجاوز 20 قرنا”، مشيرا إلى أن ” حكم ادريس الأول كان من فاس إلى تلمسان، في الوقت الذي كانت تتواجد فيه إمارات أخرى على امتداد الرقعة المغربية على غرار إمارة النكور، سجلماسة، إمارة بورغواطة التي كانت تعتبر من أكبر الإمارات في تاريخ المغرب”.

وقال الدكتور شقير في معرض كلمته “لا يمكن بشكل مؤدلج التغاضي على كل هذه الإمارات والتركيز على أن إدريس الأول هو الذي قام ببناء الدولة المغربية”، مضيفا “عندما نتحدث عن الدولة في المغرب، نسمع عن الدولة الإدريسية والمرابطية والموحدية وكأننا عدّة دول، في حين نحن دولة واحدة تتطور عبر تعاقب القرون، بالتالي هذه التجزئة للتاريخ تجعل الوعي التاريخي لدى المغاربة وعيا مشوشا”، وزاد المتحدث “نعاني من عدم تمثل فترة طويلة من تاريخ المغرب، لأن الأدبيات الرسمية عادة ما تركز على أن تاريخ الدولة بدأ مع دخول إدريس الأول، وهذا يجعل المغرب لا يستوعب ولا يدمج فترة طويلة من تاريخه، ويعتبر بأن تاريخ الدولة هو 12 قرنا فقط”.

وأضاف الباحث “هناك تشويش تاريخي جد خطير يتطلب إعادة النظر في مقاربة الدولة، على أساس أن الدولة في المغرب من أعرق الدول في شمال إفريقيا، بحيث أن هذه العراقة السياسية تأتي من عدة عوامل أساسية”، وأبرزها “الرقعة الجغرافية المغربية الممتدة على حدودها الطبيعية، وهو ما سمح بتطور منطق الدولة منذ عدة قرون، وهذا ما يميز تاريخ المغرب على باقي الدول، والعامل الثاني هو الوحدة السوسيولوجية، رغم أن المغرب عانا من عدة هجرات، إلا أن التركيبة الاجتماعية بقيت دائما منسجمة نظرا لهذه الوعي المشترك ولطبيعة الطبوغرافية المغربية”. يورد المتحدث.

وقال شقير إن “جبال الأطلس وجبال الريف والصحراء تشكل هوية سياسية وذاتية جعلت المغرب يحافظ على هاته الخصوصية”، والعامل الثالث الذي ظهر مع الوقائع التاريخية هو أن “كل الحملات والاحتلالات الأجنبية كانت تأتي إلى المغرب وقدت فقدت زخمها، وهذا ما كان يسمح لحد ما باستمرار دولة المغربية والحفاظ على استقلاليتها “.

بالإضافة إلى هذه العوامل، يضيف محمد شقير، هناك عامل أساسي وهو “تشكل السلطة المركزية، والتي تجسدت في “أكليد” الذي يعتبر مصطلحا سياسيا خاصا بالمغرب، وهو الذي سهل تشكل الدولة ويمكن اعتباره مؤسس الدولة المغربية، في حين يمكن اعتبار الملك بعد عدة قرون هو موحد الدولة”.

وفيما يخص “أكليد” كمؤسس للدولة المغربية، يضيف “كانت نتيجة لعاملين أساسين، العامل الأول هو أن “أكليد” كان زعيما قبليا، والعصبيات القبلية الأقوى كان هي التي تستطيع أن تتحكم في باقي العصبيات الأخرى، ويستطيع أن يبسط نفوذه على باقي القبائل، وكان يحيط نفسه بـ”تجماعت” وهو مفهوم سياسي عريق في الثقافة السياسية الأمازيغية وتعتبر أكثر نماطا ديمقراطيا في المجال المغربي”.

والمسألة الثانية، حسب ذات المتحدث، هي أن “أكليد” كان زعيما حربيا وقائدا عسكريا بامتياز، والدليل على هذا هو أن كل الملوك الأمازيغ الأوائل كانوا عبارة عن قواد جيوش، ومن هنا نفهم هذه السلسلة الملوكية التي عرفها المغرب، والتي بدأت مع بوكوس الأول والثاني، ليأتي في ما بعد جوبا الثاني وبطليموس، هذه السلسلة استمرت إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وإلى حين اغتيال بطليموس”.

وخلص الباحث في العلوم السياسية، محمد شقير إلى أن “مسألة الملكية متجذرة في تاريخ المغرب، وهذا ما جعل الراحل الحسن الثاني يقول بأن الملكية هي صانعة تاريخ المغرب، وهذا معناه، أنها كانت دائما تشكل الركيزة الأساسية التي تتحرك بها الدولة وتتطور وتحافظ على استقلالها وعلى كينوناتها السياسية”.

طنجة: منتصر إثري

تصوير ومونتاج: خيرالدين الجامعي

اقرأ أيضا

الإحصاء العام: استمرار التلاعب بالمعطيات حول الأمازيغية

أكد التجمع العالمي الأمازيغي، أن أرقام المندوبية تفتقر إلى الأسس العلمية، ولا تعكس الخريطة اللغوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *