صحافيون وباحثون يجلّدون “الإعلام العمومي” ويصفونه “بالمحرض” على حراك الريف

أجمع صحافيون وباحثون، في ندوة وطنية نظمتها جمعية “الحرية الآن” مساء أمس الاثنين 19 يونيو الجاري، بالرباط، على أن الإعلام العمومي ساهم بشكل أو بآخر في الاحتقان الذي تعرفه منطقة الريف، محملين إياه مسؤولية حملة الاعتقالات والاختطافات التي تعرض لها نشطاء الحراك الشعبي، متهمين الدولة بتسخير الإعلام العمومي لتشويه الحراك والتحريض عليه ومغالطة الرأي العام.

وقالت الإعلامية، فاطمة الإفريقي، التي قامت بتسيير أشغال اللقاء، إن المواكبة الإعلامية لحراك الريف تباينت بين وسائل إعلام دولية ووطنية، وعلى المستوى الوطني، تباينت بين الإعلام الرسمي و”المستقل” وبين صحافة المواطن ومواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضحت الإفريقي، أن الإعلام الرسمي، اختار المقاربة الأمنية للتناول الإعلامي “لحراك الريف” واختار “التضليل والكذب والفبركة ولم ينفتح على صوت الحراك”، في المقابل تضيف المتحدثة “هناك إعلام مستقل حاول أن ينحاز عاطفيا ومبدئيا للحراك وصوره بنوع من البطولة والمثالية والتقديس، وهناك إعلام حاول أن يكون موضوعيا مهنيا وينقل الحدث والصورة والحقيقة ومنحاز لقيم الصحافة كمبدأ وكوظيفة اجتماعية أولا وليس فقط وظيفة صحافية وتقنية، بالإضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعية التي تنقل الأخبار والحدث في إطار بث مباشر يومي للحراك”.

واعتبرت الإفريقي أن “حراك الريف” كشف الواقع الإعلامي المغربي، مضيفة “لم تكن لنا تقاليد مهنية مرسخة في الجسم الصحافي على مستوى المواكبة لمجموعة من القضايا السياسية، وعندما يكن مأزق سياسي مثل ما نعيشه اليوم، تكتشف هذه الحقيقة المرتبطة أصلا بالانتقال الديمقراطي المجهض والمتأخر والذي لم يتحقق أو لن يتحقق”، على حد قولها مبرزة أن “الإعلام الرسمي هو انعكاس لهذا الإصلاح السياسي الموعود منذ سنين”.

بدوره، اتهم عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، الدولة بتسخير وسائل الإعلام العمومية لمعادة “حراك الريف” وتقديم صورة خاطئة على الحراك لتأويل مضامين الحراك ومغالطات الرأي العام في موضوع الأحداث الجارية في منطقة الريف، وبتسخير وسائل إعلام مستقلة “بين قوسين” لإحداث هذا التكامل ما بين الإعلام العمومي وامتدادها في المجتمع”.

وأضاف البقالي في مداخلته، إن وسائل الإعلام العمومية تحولت في حراك الريف إلى محرض رئيسي ضد منطقة الريف وهذا يكتنفه خطر خطير جدا، مشيرا إلى أن هناك ” تكامل وتقاطر ما بين الإعلام العمومي وامتداد لإعلام الدولة داخل المجتمع لمحاولة بسط وجهة نظر معينة”، وزاد: “الإعلام العمومي أخطاء الرهان لأنه عوض أن يساهم في إتمار قناعة ايجابية في المجتمع من خلال نقاش حقيقي نجده مهتم بمفهوم الجهوية الموسعة.”

وتساءل البقالي عن السبب الذي دفع بعض وسائل الإعلام لكي تنصب نفسها معادية لظاهرة اجتماعية وعلى أي أساس وهل من قبيل الصدفة؟ مبرزا أن هناك “افتتاحيات في بعض الجرائد التي سماه بالاسم كــ”الأحداث المغربية و “الصباح” و “الأخبار” تعادي الحراك ولذلك كان هناك ردود فعل مهمة وتستحق أن تدرس، كأن يصور نشطاء الحراك جريدة ما في المرحاض وهذا موقف يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار”.

كما تساءل رئيس نقابة الصحافة، في معرض مداخلته عن سبب “الحضور المباغت لوسائل الإعلام العمومية فجاءة لتتبع ما يجري في الريف ويطرح وجهة نظر معينة دون سابق إنذار” مضيفا استمر الحراك في منطقة الريف 7 أشهر وللحظة تدخلت وسائل الإعلام العمومية بوجهة نظر واحدة وأحادية وتناصر اتجاه معين”، مردفا القول: “أخلاقية المهنة الصحافية في وسائل الإعلام العمومي أكثر فظاعة وانتهاكا لحقوق الجمهور وللقيم التي تنبني عليها مهنة الصحافة “.

من جانبه، قام الأستاذ الجامعي، والباحث عبد الرحيم العلام، بتنصيف تعامل الإعلام المغربي مع الحراك الشعبي بالريف إلى ثلاثة أصناف، موضحا أن هناك صنف إعلام المواطن أو المناضل الذي تبنى قضايا حراك الريف ودافع عليها، وصنف أخر تجند بقوة لتشويه صورة الحراك ونعته بمجموعة من النعوتات، وهناك إعلام حاول أن يقبض العصا من الوسط وحاول أن يوازن ويحافظ على نوع من الحيادية وفي الغالب لم يتوافق فيها، وإعلام دولي تخترقه مصالح داخلية وخارجية”.

وقال العلام في معرض مداخلته، إن الإعلام العمومي ساهم في خلق ما وصفها بالفئوية المجتمعية، مضيفا بأنه ساهم في تشويه صورة المغرب عندما قام التلفزيون العمومي بنقل مشاهد شغب وقعت بين جماهير كرة القدم ونسبها لحراك شعبي نضالي، مطالبه اقتصادية اجتماعية سياسية “.

من جهته، أكد الصحافي سليمان الريسوني، أن الإعلام المغربي ينقسم إلى ثلاثة أصناف، الصنف الأول هو إعلام البروبوغندا المستعد لشيطنة وتشويه أي حراك أو صوت نقدي.

وأضاف الريسوني إن الدولة تتوفر منذ سنة 1956 على ترسانة إعلامية ورقية والكترونية مستعدة لتشويه ومهاجمة كل الأصوات النقدية التي تغرد خارج السرب، أما الصنف الثاني يضيف الريسوني فهو إعلام مستقل تأسس في التسعينات ولا يزال يقوم من اجل أن يكون مستقلا، وهناك إعلام يرعي ويبرر بعض التجاوزات بحجة هبة الدولة.

وأوضح الريسوني أن الإعلام الرسمي دائما ينتصر للدولة، “حكومة وملكا ومحيطا ملكيا ومخزنا”، مبرزا أن الحكم في المغرب يعي أهمية الإعلام والدور الذي يلعبه، ويعي جيدا أن “يواجه نشطاء إعلاميين في حراك الريف، بالتالي يكرس جزء كبير من جهده لتمويل ودعم وخلق مجموعة من الإعلاميين والمواقع الإلكترونية، موضحا في ذات السياق أن في السابق من كانوا يدافعون عن الدولة والنظام كان لهم قدر من الثقافة والوعي والتكوين والذكاء، أما اليوم يقول الريسوني فـ”البلطجية” والعديد من المواقع التي خلقها النظام ويمولها ويعطيها المال والمعلومة الخاطئة لتشويه الأصوات المغردة خارج السرب عي من تتولى مهمة الدفاع عن الدولة “.

إدريس كسيكس، أستاذ باحث في الإعلام، قام بسرد كرونولوجي لمختلف مراحل انفتاح الإعلام العمومي، وربط ما وصفه بالتذبذب في الإعلام العمومي بالحراك الذي عرفه المجتمع، مشيرا إلى أن هناك تواطؤ وتبخيس من طرف بعض الإعلاميين والصحافيين وبعض المؤسسات لحراك الريف.

وأضاف كسيكس أن الانفتاح الإعلامي في المغرب يخضع لموازن القوى ولضغط المجتمع والمؤسسات السياسية، مبرزا أن البرلمان المغربي نفسه ليس مدافعا عن حرية الإعلام، مشيرا إلى أن المؤسسات الإعلامية أصبحت ضعيفة وليست لها القدرة لكي تصبح مستقلة بشكل واضح”.

وانتقد المتحدث في معرض مداخلته، ما وصفه بغياب أي تطرق لموضوع يتحدث عن تاريخ الريف وعن العلم الريفي الذي واجه المستعمر، قائلا إن “هناك تنميط في إنتاج الخبر واليوم ننتج التواصل أكثر ما ننتج الخبر”.على حد قوله.

بدوره، هاجم فيصل أوسار، عضو فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالحسيمة، وسائل الإعلام العمومية وطريقة تعاملها مع الحراك الشعبي الذي تعرفه منطقة الريف منذ أواخر أكتوبر الماضي، تاريخ طحن “سماك الحسيمة” محسن فكري.

وقال أوسار إن الإعلام العمومي يقوم بتشويه للحقائق التي نعيشها في منطقة الريف منذ مقتل محسن فكري، مضيفا نحن لا ننتظر من الإعلام العمومي شيئا”.

واعتبر الحقوقي أوسار، أن الإعلام الرسمي يعتبر من الأموات ولا يستحق الحديث عنه “فما بالنا بمناقشته”، متسائلا عن موقع الإعلام المغربي أمام الإعلام الأجنبي ووكالات الأنباء الدولية التي تنقل الأخبار لحظة بلحظة من الحسيمة.

كما انتقد المتحدث بشدة فبركة الإعلام العمومي لصور شغب في كرة القدم وإلصاقها بالوقفات والمسيرات الاحتجاجية السلمية التي تعرفها منطقة الريف، مؤكدا أن ليس هناك أي نقاش ولا أي حوار دون إطلاق سراح جميع معتقلي الحراك.

العالم الأمازيغي/ منتصر إثري

شاهد أيضاً

أكادير تحتضن الملتقى الأول لتجار المواد الغذائية

تحتضن مدينة أكادير من 24 الى 26 يوليوز الجاري الملتقى الأول لجمعية تمونت لتجار المواد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *