صدرت ترجمة كتاب “أمريكي بين الريفيين: رحلة مراسل “شيكاغو تريبيون” في شمال المغرب (1925)”، وهو متوفر في المكتبات، وهي أول ترجمة باللغة العربية لكتاب مراسل أجنبي في حرب الريف.
كان فنسنت شيين خلال رحلته عبر الريف وغمارة وجبالة في مطلع سنة 1925 أول شاهد عيان على مخلفات انسحاب الإسبان من الشاون، والذي يعتبره بعض المؤرخين “أنوالا” ثانية، وأول صحفي يتحدث للشريف الريسوني بعد الأسر، وأول كاتب يروي قصة حياة جوزيف كليمس أو “الحاج ألمان”.
التقى شيين بالقيادات الريفية، وتحدث للأسرى الإسبان والناس العاديين من بحارة وفلاحين وقواد. وهو يقدم، في قالب شبه روائي، شهادات نادرة عن كل هذه النماذج، يراقب نظراتهم ويصف حركاتهم، وينقل أقوالهم ويقدم انطباعاته عن شخصياتهم. ورغم أن وصفه لا يخلو أحيانا من أحكام مسبقة وتعميمات ذات طابع استشراقي، إلا أن له عينا نافذة للملاحظة وقدرة على السرد المشوق الذي يعيد الحياة لهذه الشخصيات. وإلى جانب الأهمية التاريخية لهذه الشهادات، فهي لا تخلو أيضا من التفصيل الإثنوغرافي والسوسيولوجي.
من بين كل الصحفيين الأجانب، يعتبر فنسنت شيين المراسل الذي أمضى أطول مدة في شمال المغرب أثناء الحرب الاستعمارية. لكن اسم شيين اقترن أيضا بأحداث كبرى بعد حرب الريف، إذ شهد أحداث الحرب الأهلية الصينية، ثم أحداث ثورة البراق في فلسطين سنة 1929، وكان أحد آخر الصحفيين الذين اضطروا لمغادرة كاتالونيا رفقة الروائي إرنست همنغواي بعد اجتياحها من طرف قوات فرانكو في الحرب الأهلية الإسبانية.
تسلل بعد ذلك إلى فيينا عشية الاجتياح النازي للنمسا، وكان في لندن أثناء قصف المدينة في الحرب العالمية الثانية، كما كان على بعد بضعة أمتار من المهاتما غاندي لحظة اغتياله، يعتبر شيين بحق شاهدا استثنائيا على أهم أحداث النصف الأول من القرن العشرين.