صرخة العدد 157/نونبر 2013/2963

في العدد السابق وفي نفس المقام تحدثنا عن المناهج الدراسية ومضامينها، التي تفتقد للرؤية التربوية ولا تراعي مستقبل المتخرجين، المهني والاجتماعي، كما تبتعد عن الواقع المغربي الثقافي، الحضاري والتاريخي، لأن واضعي تلك المناهج التعليمية للاسف ليسوا مغاربة بل هم مشارقة هربوا من بطش دولهم واستقروا بالمغرب تعددت انتماءاتهم فمنهم البعثي ومنهم الاصولي وكلهم يجتمعون على تقديس إيديولوجية القومية العربية والإسلام السياسي، مما جعلهم يحولون المدرسة المغربية، إلى مستنبت هدفه الأول غرس قيم العروبة والإسلام السياسي في فلذات أبناء المغاربة، في إطار غسل إيديولوجي للأدمغة استمر لأكثر من نصف قرن.

والغريب أنه بعد عقود من الإبادة اللغوية والثقافية للأمازيغية، وبعد عقود من الفشل والإخفاق الدراسي بشهادة تقارير المنظمات الدولية ومؤسسات الدولة المغربية نفسها، لازال مقدسو المشرق العربي، يحاربون بكل ما يستطيعون أية إرادة لإصلاح التعليم بالمغرب، سواء تعلق الأمر بمراجعة وضعية اللغات أو تغيير مضمون المناهج الدراسية .إنهم بصراحة هم من  تسبب في الوضع المخزي الذي وصل إليه التعليم بالمغرب، ويستمرون في الدفاع عن ذلك الخزي والفشل، بل ويخوضون المعارك من أجل استمراره، كما يخونون كل المبادرات التي تروم إصلاح القطاع التربوي بالمغرب، ضدا على مصلحة البلاد ومستقبل أبنائها، فيما يشبه جهادا مقدسا ومبررا بمقتضى ايديولوجية القومية العربية والإسلام السياسي، لكنه جهاد في سبيل فشل التعليم المغربي وقتل أي مبادرات جادة لإصلاحه.

 إن الأخذ بما ورد في توصيات المنظمات الدولية والمناظرات الوطنية، ذات العلاقة بإصلاح وإنجاح التعليم ومعالجة مشاكله، صار خيارا لا بديل عنه، والجدال الذي يجرى مؤخرا حول الدارجة التي نعتبرها لغة وسطى بين العربية والأمازيغية، يجب أن يبقى بعيدا عن أوهام القومية العربية التي أوصلتن اللدرك الأسفل في القطاع التربوي، بحيث أصبح التعليم المغربي مهزلة فلا المدرسين ولا التلاميذ يستشعرون الإحساس بأنهم في وطنهم، بل يعانون كمن عنده انفصام الشخصية في البيت والشارع واقع وفي المدرسة حلم.

ومن الجدير التذكير بأن النقاش حول التدريس والتعليم باللغات الأم ليس وليد اليوم، بل هو مطلب من مطالب الحركة الأمازيغية منذ عقود من الزمن، وكان معارضو هذا الطرح، المبني على المرجعية الحقوقية قبل المرجعية العلمية، يطلقون العنان للتهم المجانية من قبيل تقويض الهوية الوطنية، وكأن سر الهوية الوطنية يكمن في الالتفاف حول أوهام  القوميين العرب وحول اللغة العربية الفصحى التي لا أساس لها في واقع أرض وسماء بلادنا.

ويبدو سخيفا اليوم استمرار البعض في ترويج الاتهامات بالتعامل والتأمر مع الأجنبي ضد مصلحة الوطن.

ففي المناظرة التلفزيونية بين المفكر المغربي عبد لله العروي، والإعلامي نورالدين عيوش يظهرمن  يدافع عن مصلحة الوطن، ومن يدافع عن مصلحة العرب المشارقة، إذ أن المفكر العروي لم يستحضر بتاتا مصلحة التلاميذ المغاربة ومستقبلهم، بل تحدث كمهووس بعلاقته بذلك العربيالذي سنفقد معه التواصل إذا ما استعملنا الدارجة.

والسؤال الذي يفرض نفسه هو هل هذا الدفاع عن العربية دفاع مبني على قناعة علمية أم خوف؟ لأن السيد العروي في وقت معين  أثناء المناظرة قالبغيتو يقطعو ليا الراس، فهل إذنمنبع المدافعين عن الفصحى هو قناعة أم الخوف، وممن يا ترى؟

وهل دفاع السيد العروي ومن يقاسمه الرأي عن اللغة العربية حب واقتناع أم مصلحة؟ سؤال مشروع مادام العروي يتهم الأساتذة والخبراء الذين اشتغلوا مع مؤسسة زاكورة بأنهم يريدون فقط العمل”، وهذه جملة منه، تروم استصغارهم واحتقارهم واتهامهم بالطمع ليس إلا، ووجيه كذلك أن نتساءل عما إذا كان استنتاجه ذاك مستنبط من تجربته الذاتية؟

إن حجج السيد العروي في الدفاع عن اللغة العربية للأسف، لا تستند لا إلى العلم ولا إلى الحق، ولا إلى الواقع، مما يضع كل هذه الأطروحات والنظريات المشابهة ضد مصلحة الوطن، وطن اسمه المغرب لا غير.

وفي مثل هؤلاء قال الحكيم الامازيغي:

ⵢⴰⵥⵓⵎ ⴰⵙⴳⴳⴰⵙ  ⵉⵔⵥ ⵓⵥⵓⵎ ⵙ ⵓⴳⵓⵍⴰⵙ

Yazum asggas irz uzum s ugulas

صرخة العدد 157 / نونبر – جريدة العالم الأمازيغي

اقرأ أيضا

أمينة ابن الشيخ

صرخة العدد 285 أكتوبر 2024/2974

يمتاز المغرب بتاريخ عريق وطويل تعكسه الإكتشافات الأثرية المتنوعة التي شهدتها البلاد في العقود الأخيرة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *