يجيد مسؤولونا العمل وفق مقولة ميكيافيلي في كتابه الأمير التي مفادها أنه “لم يسبق لأحد أن فشل في اختلاق الأعذار والمبررات”، إذ ونحن نقترب من مرور السنة الرابعة على ترسيم الأمازيغية في الدستور المغربي، لا زال هؤلاء المسؤولون في الحكومة والبرلمان يخلقون المبررات والأعذار تلو الأخرى للتغطية على تقاعسهم في تفعيل النص الدستوري المتعلق بالأمازيغية، إلا أن هذه الأعذار الأقبح من الزلات التي قدموها طيلة أكثر من ثلاث سنوات ربما قد تنطلي على بعض من عامة الناس.
ولكن لن تنطلي على الجميع، حين لا يكتفي هؤلاء “الزعماء” أمناء الأحزاب، رؤساء الفرق البرلمانية ومسؤولين بالدولة، بتوظيف هذه التبريرات والأعذار، بل يلجؤون للعمل بسياسة تعويم المشاكل من خلال تبنيها، كما يفعل أي ديكتاتور في مقابل الساخطين من أفراد الشعب، وهو ما يفسر لجوء كثير من السياسيين والمسؤولين المتنفذين في أجهزة ومؤسسات الدولة لمطالبة المبني للمجهول بتفعيل ترسيم الأمازيغية، بل أكثر من ذلك يتصرفون ويتحدثون كضحايا، ولعل المستمع إليهم تستبد به الدهشة وهو يتساءل عن موقع هؤلاء في أحزابهم ودور برلمانييهم ووزرائهم، وهم لا يؤتون أية أفعال، ويكتفون بترديد الكورال وراء فئات الشعب المهمشة والمضطهدة حين تصرخ ساخطة من أجل حق من حقوقها المهضومة منذ عقود.
لعلها سياسة جديدة لدى من كانوا يعادون الأمازيغية قبل ترسيمها، سياسة تتمثل في عدم القيام بأي شئ والإكتفاء بترديد الكورال وراء الحركة الأمازيغية، لذا فحين يطالب الأمازيغ هؤلاء بإقرار أي حق من حقوقهم، يستثمره هؤلاء السياسيون والمسؤولون في مناسبات أمازيغية أو حزبية محدودة ليعيدوا تكراره على مسامعهم إعمالا ب “بضاعتكم ردت إليكم”.
إننا، ونحن نتابع سلوكات المسؤولين المغاربة في الدولة والحكومة والبرلمان، لا يغيب عنا أنهم وهم يسارعون الخطى لتمرير جملة من القوانين التنظيمية تهم أوراشا حساسة وإستراتيجية ممتدة لعقود، يفعلون ذلك في ظل غياب أي حديث أو سياسة جدية لإقرار القانون التنظيمي للأمازيغية، وبالتالي فهم يبنون كل أوراش ومشاريع “مغرب ما بعد 2011” على أساس الدستور القديم وباعتبار اللغة الرسمية الوحيدة للبلد هي العربية، وبشكل آخر يفرغون القانون التنظيمي للأمازيغية من أية فعالية حتى قبل صياغته، إذ حتى لو خرج إلى حيز الوجود بمعجزة، فسيصطدم بترسانة من القوانين التنظيمية المناقضة له والتي يقتضي لتغيير كلمة فيها بعد ذالك إلى إجراءات معقدة وطويلة تفوق إدخال تعديلات على الدستور نفسه.
إن من يتباكون من السياسيين المغاربة على عدم تفعيل ترسيم الأمازيغية إنما يفعلون ذلك كذبا ويتواطئون في مؤامرة واضحة تبتدأ فصولها بمرور كل دقيقة وتستكملها بإقرار كل قانون في غياب القانون التنظيمي للأمازيغية، وإلا فهم يتواجدون في مواقع بالدولة ويملكون سلطات تنفيذية وتشريعية، ولكن للأسف يتدخلون بكل ثقلهم حين يتعلق الأمر بمصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة، ويتقاعسون حين يرتبط الأمر بأمن واستقرار المغرب الذي تدخل الأمازيغية كذلك في صلبه، وقد رأينا جميعا كيف خرج الأمازيغ إلى جانب الساخطين من الشعب سنة الربيع الديمقراطي، وإذا كان ترسيم الأمازيغية قد نفس إلى حد ما من الاحتقان الذي يسري في أوسطا ملايين الأمازيغ، فإن الضحك على ذقونهم والتلاعب بهم لسنوات يعد من وجهة نظرنا مغامرة غير مأمونة بمصير البلاد و العباد.
بالنسبة للنشطاء الامازيغ فلم يعد ما ستقوم به الحكومة والأحزاب الممثلة في البرلمان يكترثون له وإنما هم مشغولون بتحديد الجهات البديلة التي يمكن التوجه إليها لتحقيق إقرار شامل وحقيقي لحقوقهم وهي واضحة ومعلومة، وهي التفعيل الشعبي للامازيغية احب من احب و كره من كره.
وقد قال الحكيم الامازيغي قديما:
ⵜⵏⵏⴰ ⴰⵙⵏ ⵜⵢⴰⴻⵥⵉⵟ ⵉ ⵜⴰⵔⵡⴰ ⵏⵏⵙ:
– ⵛⵓⵡⵎⴰⵜ ⴰⵖⵏⴱⵓ ⵉⵎⵎⴰ ⵜⵓⵏ ⵓⵔ ⵜⵍⵍⵉ ⴱⵓⴱⴱⵓ
و قال كذالك:
ⴱⴷⴷ, ⴰⴷ ⵜⴰⴳⵜ! ⴰⵣⵣⵍ, ⴰⴷ ⵜⴰⵡⵉⵜ! ⵇⵉⵎ, ⵓⵔ ⵜⵍⵍⵉⵜ ⵓⵔ ⵜⵜⵉⵍⵉⵜ