صرخة العدد 220/ماي 2019/2969

لقد مر على ترأس سعد الدين العثماني للحكومة الحالية سنتين بالتمام والكمال، ومرت على ترأس حزب العدالة والتنمية للحكومات السابقة والحالية أكثر من سبع سنوات، كلها سنوات عجاف لا تنمية ولا تربية، ومرت على الدستور الذي نص على رسمية اللغة الأمازيغية أكثر من ثمان سنوات وإلى حدود الآن لا جديد في ما يخص ملف الأمازيغية، سواء على المستوى التشريعي ولا على المستوى التنفيذي، والحصيلة التي تقدم بها رئيس الحكومة بمناسبة مرور نصف ولايته دليل على أن هذه الحكومة لا تعير للشعب المغربي أي اهتمام، ولا تسمع لنبضات قلب هذا المجتمع على غرار سابقتها التي كان يترأسها ابن كيران، للأسف كنا نخال أن موقف العدالة والتنمية سيتغير بتغير أمينه العام من ابن كيران إلى العثماني، ولكن إن كان طبيعيا أن لا تجد في القنافذ أملس فليس من الطبيعي أن تجد، والحالة هذه، في حزب العدالة والتنمية بل في الإسلاميين على اختلاف ألوانهم ومللهم ونحلهم، سياسي عاقل، إذ في ملف الأمازيغية يستوي عندهم المتشدد والمتحرر، فهم يرفضونها لغة وثقافة وبالأحرى أن يقبلوها هوية.

وإذا كان البعض منهم يداري هذا الكره ويحاول إلباسه لبوسا من التقية والادعاء بمسايرة مطالب الحركة الأمازيغية، شأن ذلك بعض مناضلي حزب العدالة والتنمية الذين يمارسون الحربائية ويتماطلون بل يرفضون التصويت على القوانين التنظيمية لأجراة اللغة الأمازيغية وإخراج المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وبسببهم لا تزال هذه القوانين تراوح مكانها لمدة أكثر من ثمان سنوات، فإن البعض الآخر لا يتوانى في إظهار ذلك الكره، بل يتباهى به كما فعل ويفعل أبو زيد الإدريسي، وكما فعل ويفعل الكتاني الذي صرح بكرهه وبعنصريته اتجاه اللغة الأمازيغية وحرفها تيفيناغ لا لشيء إلا لأن اقتراح وضعها أي اللغة الأمازيغية بحروفها تيفيناغ على الأوراق النقدية، كما نص على ذلك مشروع القوانين التنظيمية الخاصة بأجرأة الأمازيغية، هذا المقترح الذي تم رفضه معارضة وأغلبية.

إن ما نتأسف له أكثر هو أن العداء لكل ما هو أمازيغي لا يتوقف عند حزب رئيس الحكومة فقط، بل امتد إلى الأحزاب كلها معارضة وأغلبية التي تختلف مع الحزب الحاكم في كل شيء إلا في إقصاء الأمازيغية ومحاربتها ومنعها من ممارسة وظيفتها الدستورية، إذ أعلن فريقا «الاستقلال» و«البام» بمجلس النواب، عن انسحابهما من اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة التعليم والثقافة والاتصال، التي عهد إليها الانكباب على دراسة تعديلات مختلف الفرق، بخصوص مشروع القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، ومشروع القانون التنظيمي 04.16 المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. وأكد الحزبان تشبثهما بمطلب العودة إلى تطبيق المسطرة التشريعية العادية. وهنا أيضا نتساءل عن الأسباب التي دفعت بالحزبين للانسحاب في هذا الوقت بالذات؟ ولماذا اليوم بعد أزيد من 8 سنوات عن ترسيم الأمازيغية في الدستور؟. وهل الانسحاب اليوم وبهذا الشكل يخدم تفعيل القوانين السالفة الذكر؟ نحن لا نعتقد.

ان مُعاداة حزب رئيس الحكومة للأمازيغية للأسف لم يتوقف عند المشرعين(نواب ومستشارين) وشيوخهم، بل تجاوزه إلى الشأن المحلي، ذلك أن السيد محمد صديقي عمدة مدينة الرباط المنتمي للحزب «الإسلامي»، رفض تسلم رسالة وجهناها له باللغة الأمازيغية، مضمونها هو تغيير أسماء جميع الأزقة، الشوارع والأحياء التي لا تستحضر الهوية الأمازيغية المشتركة بين المغاربة بأسماء أخرى لشخصيات وأماكن وأحداث تاريخية… تنسجم مع الهوية الوطنية ومع الدستور الجديد، وكتابتها باللغة الأمازيغية وبحرفها الأصلي الأصيل تيفيناغ، في مساواة تامة مع اللغة العربية، إلا أن السيد العمدة رفض تسلم الرسالة فقط لأنها مكتوبة باللغة الأمازيغية وبحرفها الأصلي تينيفناغ، وفي تحد تام للدستور أعاد السيد صديقي كتابة كل لافتات الأزقة والشوارع، في مدينة الرباط العاصمة، باللغتين العربية والفرنسية، مقابل إقصاء تام للأمازيغية، في حين، لم يتوانى أعضاء نفس الحزب «الحاكم» في إطلاق أسماء عربية خليجية وفلسطينية على أزقة وشوارع المدن التي يتولوا تسييرها ما يعتبر تزوير وتحريف للطبونومية الأمازيغية الذي لم يتوقف مع الأحزاب الحاكمة منذ الاستقلال إلى اليوم، سواء تلك الأحزاب التي تتشدق بالسماء أو تلك التي تتشدق بأغراس أغراس، لان موقفها من الأمازيغية سيان.

وقديما قال الحكيم الأمازيغي:

ⵡⴰⵏⵏⴰ ⵉⵜⵜⴰⴽⵔⵏ, ⵉⵖ ⵓⵔ ⵜⵓⵎⵉⵣⵏⴰⵙⵙⴰⴷ
ⴰⴷ ⵜⴰⵎⵥⵏ ⵉⵎⴰⵍ.

بما معناه: «ما كل مرة تسلم الجرة».

صرخة العدد 220/ماي 2019/2969 – جريدة العالم الأمازيغي

اقرأ أيضا

أمينة ابن الشيخ

صرخة العدد 285 أكتوبر 2024/2974

يمتاز المغرب بتاريخ عريق وطويل تعكسه الإكتشافات الأثرية المتنوعة التي شهدتها البلاد في العقود الأخيرة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *