صرخة العدد 228 يناير 2020/2970

كثير من الأصدقاء والزملاء يعيبون علي أنني في كل مرة أقدم في افتتاحية الجريدة صورة سوداوية عن القضية الأمازيغية وعلاقتها بالدولة والمؤسسات، وكثيرا ما يتهمونني بالقساوة اتجاه الأحزاب السياسية وباللاموضوعية في تناول المواضيع المتعلقة بالأمازيغية وعلاقتها بمؤسسات الدولة.

إلى هؤلاء وغيرهم أقول أنني لا أقوم في هذا الركن المتواضع إلا بنشر النزر القليل مما تعانيه الأمازيغية على جميع المستويات بل في بعض الأحيان أتحفظ وأتفادى وصف الواقع الأمازيغي بتدقيق ممل لترك فجوة أمل للعاملين والمناضلين في الحقل الأمازيغي ولأترك لهم ولي بصيص أمل من خلاله نستطيع الإستمرار في النضال بعقلانية وبرغماتية وفي إطار سلمي حداثي ديمقراطي.

أريد بنفس المناسبة أن أذكر أنني في وصفي لواقع الأمازيغية في وطني العزيز فإني لا أتكلم من فراغ بل أستند على معطيات واحصائيات رسمية تعترف من خلالها الدولة بأنها مقصرة في حق الأمازيغية لغة وثقافة وهوية، والمرآة التي تعكس ذلك التقصير والإقصاء هو التعليم الذي خصصت فيها الوزارة حسب ميزانيتها فقط 180 أستاذ للغة الأمازيغية مقابل 15.000 أستاذا أغلبهم للغة العربية، مع العلم أن الأمم المتحدة في توصيتها للمغرب حول تعليم الأمازيغية ألزمت عليها أن تبذل جهودا مضاعفة لإنجاح التعليم بالأمازيغية وبالتالي فعوض 180 أستاذ يلزم لتعليم الأمازيغية فقط في المستوى الإبتدائي أكثر من 15.000 أستاذ ناهيك عن المستوى الإعدادي والثانوي ثم الجامعي.

في مجال الإعلام كذلك ومثال، فاللغة العربية تملك أكثر من عشر قنوات إذا أضفنا إليها القنوات الخاصة في حين الأمازيغية تملك قناة واحدة ووحيدة هي القناة الثامنة التي فرضت عليها دفاتر التحملات 30% من العربية مع عدم إحترام 20% من الأمازيغية المخصصة في دفاتر التحملات للقنوات الأخرى. كذلك في نفس مجال الإعلام فإنه لا بد من التذكير كذلك في إطار التمييز بين الأمازيغية والعربية بأن طلبات العروض الخاصة بالبرامج التلفزية يفرض فيها على المنتج بالأمازيغية دبلجة البرامج بجميع اللهجات أو التعابير الأمازيغية مع الترجمة المكتوبة باللغة العربية وبأثمنة أقل بكثير عن البرامج المنتجة باللغة العربية بنفس معايير الإنتاج ونفس مدة البث…

مرآة أخرى تعكس التمييز إن لم أقل العنصرية ضد الأمازيغية وأقصد ما تم استحداثه مؤخرا من طرف الحكومة من استثناء معهد التعريب من عملية الضم إلى المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية في مقابل نسخ الظهير الملكي المحدث للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية المغربية المؤسسة الوحيدة المعهود لها النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين.

بالعودة إلى الأمم المتحدة ففي تقريرها لسنة 2019 الذي أنجزته المقررة تنداي أشيوم حول التمييز العنصري بالمغرب، فإنها أي (الأمم المتحدة) توصي المغرب بالإعتراف بممارسته للتمييز والعنصرية ضد الأمازيغية وما دام لا يعترف بذلك فلا يمكن أن يبدأ بأي إصلاح كحال أي مريض ما دام لم يعترف بمرضه فلن يبحث عن تشخيص الداء وبالتالي لن يبحث عن الدواء، لذلك ومن هذا المنبر أقول للدولة المغربية بكل مؤسساتها دون استثناء أنه حان وقت امتلاك الجرأة للإعتراف بالخطأ لجبر الأضرار وتصحيح ما يمكن تصحيحه.

وقديما قال الحكيم الامازيغي:

ⵎⴰⵢⴰⴷ ⵉⴷⵔⵓⵙ, ⴰⵀⴰ ⴹⵔⵏⵏ ⴳⵉⵙ ⵉⵣⴰⵏ
Mayad idrus, aha Drnn gis izan

بمعنى: هذا قليل وفيه سقط الذباب

العدد 228 يناير 2020/2970 – جريدة العالم الأمازيغي

شاهد أيضاً

أمينة ابن الشيخ

صرخة العدد 281 يونيو 2024/2974

إن اختيار، موضوع “تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في مجال العدالة” وبتنسيق مع هيئة نقابة المحامين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *