صرخة العدد 238 نونبر 2020/2970

فقدت الحركة الأمازيغية أحد أبنائها البررة الذي لن يكرر التاريخ مثله، إنه الأستاذ المناضل أحمد الدغيرني أو كما يلقبه أبناء وبنات الحركة الأمازيغية الداحماد أو أمغار، إنه بالفعل أمغار بكل ما تحمل كلمة تيموغرا من معنى الحكامة والحكمة.

الأستاذ أحمد ادغيرني تعرفت عليه في بداية تسعينيات من القرن الماضي بمنظمة تامينوت التي كانت تسمى الجمعية الجديدة للثقافة والفنون الشعبية، واستمرت صداقتنا ألى حين وافته المنية تغمده الله برحمته، صداقتنا كانت مبنية على الإحترام الكبير فكان كلينا يعرف حدود الآخر في تقبل أفكار ومواقف بعضنا البعض، كان يعاتب علي صراحتي الزائدة وكنت أعاتب عليه جرأته غير المحسومة المخاطر.

الأستاذ أحمد ادغيرني كان مناضلا أمازيغيا جامعا مانعا مارس النضال من جميع أبوابه بدءا من مهنته كمحامي حيث كرس مكتبه ومعارفه القانونية في الدفاع عن كل القضايا الأمازيغية، فكان رحمه الله من الأوائل الذين انتصبوا للدفاع في ثمانينيات من القرن الماضي عن فقيد الحركة الأمازيغية الدكتور علي صدقي أزايكو ثم مناضلي جمعية تيليلي في أحدات 1994 بكلميما، كذلك من الأوائل الذين بادروا للدفاع عن معتقلي الحركة الأمازيغية في كل المواقع بدون استثناء لموقع عن موقع، كما انخرط كذلك في الدفاع وتبني قضية معتقلي حراك الريف وقبلهم قضية الشهيد عمر خالق ءيزم.

مارس النضال من بوابة الإعلام والتواصل بدءا بمساهمته المادية والمعنوية في تأسيس جريدة تاسافوت التي كانت تصدرها جمعية تامينوت، ثم جريدة أمزداي الناطقة باسم مجلس الوطني للتنسيق بين الجمعيات الأمازيغية الذي كان الفقيد يترأسه، مارس النضال من بوابة السياسة فكان له الفضل في تأسيس الحزب الديمقراطي الأمازيغي الذي استطاع بحنكته السياسية وبحكمته الرزينة أن يجمع حوله مناضلين ومناضلات من كل جهات المغرب حول فكرة واحدة وهي تأسيس حزب مبني على مرجعيات أمازيعية حرر لها مشروعا جامعا مانعا وهو البديل الأمازيغي الذي استمد مرجعياته من الثقافة والحضارة والأعراف والتاريخ الأمازيغي بغرض القطع مع الأيديولوجيات المستوردة التي دأبت الأحزاب السياسية أن تؤسس عليها مرجعياتها.

الداحماد اختار في آخر أيامه أن يقيم بمسقط رأسه بئيكرار ن سيدي عبد الرحمان بأكلو وهناك قمت بزيارته رفقة زوجي ورفيقي في النضال رشيد الراخا، لم يكن أمغار يستطيع الكلام ولكن الشارة الثلاثية الأمازيغية كانت بمثابة حوار عميق بيننا تلتها ابتسامة ثم وداع، لم أكن أعرف أنه الوداع الأخير ولكن هكذا كان.

الداحماد ادغيرني كان متميزا في كل شيء في حياته وحتى بعد مماته، فيجب التذكير وتسجيل أنه أول مناضل في الحركة الأمازيغية يقدم جلالة الملك التعزية في حقه لعائلته الصغيرة ولعائلته الكبيرة، الحركة الأمازيغية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مكانته الرجل الغالية في المجتمع السياسي والحقوقي المغربيين، كما أن هذه التعزية الملكية التاريخية تحمل إشارات قوية من أهمها أنها بمثابة جواب للذين ينعتون المرحموم ادغيرني بالمتطرف والصهيوني وما إلى ذلك من نعوت مجانية ومجانبة للصواب، كذلك تحمل من بين طياتها إشارات مفادها أن الفقيد وبالرغم من كل الإنتقادات التي كانت توجه له من طرف الأصدفاء قبل الأعداء كان يسير في الطريق السليم والعبارات والكلمات التي استعملها جلالة الملك في رسالة التعزية من قبيل، «مناضل حقوقي، مشهود له بالكفاءة، صواب نهجه، الإلتزام بنبل وشرف مهنة المحاماة، سلامة مواقفه، جدية نضاله»، إن دلت على شيء فإنما تدل على أن الإنسان إذا كان مقتنعا بمواقفه ومبادئه ومناصرا للحق ولا يخاف من ذلك لومة لائم من له قناعات ومبادئ فما عليه إلا أن يناضل عليها وأن يتمسك بمواقفه مهما كانت النتيجة وأكيد أنها طال الزمن أو قصر ستكون الإعتراف بالجميل وهو ما حصل الآن للداحماد أدغيرني من أعلى سلطة في البلاد، هي إذن رسالة الى الشباب المناضلين والشابات المناضلات كل من موقعه وكل حسب قناعته، رسالة، تؤكد على أن من آمن بفكرة فليناضل من أجلها ويتمسك بها في إطار الشرعية والمسؤولية والجدية.

وقديما قال الحكيم الأمازيغي:

ⵓⵔ ⴰⵖ ⵉⵜⵜⵙⵏ ⴰⵜⵉⴳ ⵉⵔⴳⴰⵣⵏ ⵖⴰⵙ ⵉⵔⴳⴰⵣⵏ
Ur agh ittsn atig irgazn ghas irgazn

لا يعرف بحق الرجال إلا الرجال

صرخة العدد 238 نونبر 2020/2970 – جريدة العالم الأمازيغي

شاهد أيضاً

أمينة ابن الشيخ

صرخة العدد 280 ماي 2024/2974

إن واقعة توقيف فريق نهضة بركان، وحجز أمتعته بمطار هواري بومدين بالعاصمة الجزائرية، أعادت إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *