صرخة العدد 240 يناير 2021/2971

مع كل مناسبة الإحتفالات بالسنة الأمازيغية، نتابع ونلاحظ الكثير من ردود الفعل حول “ءيض ءيناير”، يعرب عنها معارضون سياسيون وتيارات دينية وأيديولوجية متشددة، خصوصا بعض السلفيين المعروفين بعدائهم التاريخي لكل ما يرمز للتاريخ والثقافة والهوية الأمازيغية، وما تحمله من قيم إنسانية؛ لكن كما عودتنا الأمازيغية، فإنها تنتصر كل مرة، على هؤلاء الشعبويين، المتأدلجين والمنظرين من فراغ والمغردين خارج السرب، ممن لا يزالون يعادون القضية الأمازيغية في وطنها.

لقد فرض التقليد نفسه فأضحى ءيض ءيناير الأمازيغي، مناسبة لاحتفال شعبي أمازيغي عالميا ودوليا بامتياز من تامازغا إلى الدياسبورا، وأصبحت حملات من مناضلين ومناضلات، من جمعيات وإطارات تنتمي إلى الحركة الأمازيغية تطالب بترسيم السنة الأمازيغية كعيد وطني وعطلة رسمية مؤدى عنها، كل حسب الطريقة والوسيلة التي يراها الأنجع لتحقيق الهدف الأهم والمشترك، بيانات ورسائل إلى السلطات، فيديوهات تحسيسية، ندوات فكرية تاريخية، بالإضافة إلى دعم هذا المطلب الآني من طرف بعض الأحزاب السياسية التي تساند مطلب الحركة الأمازيغية، كذلك كل حسب درجة اقتناعها بهذا اليوم الإحتفالي. فمنها من يكتفي بتقديم رسائل التهاني للشعب المغربي، ومنها من يسارع لتنظيم ندوات، ومنها من تجاوز كل ذلك فانصب على العمل على مستوى التشريع كحال فريق التجمع الدستوري الذي تقدم بمقترح قانون للبرلمان لترسيم السنة الأمازيغية واقرارها عيدا وطنيا مؤدى عنه، و منها بالطبع من فضل لزوم الصمت.

هذه السنة كذلك، كما حال كل السنوات الماضية، عرفت ظهور أعداء التاريخ والفرح، فبعد أن اغلقت المساجد أبوابها بسبب كورونا صعد فقهاء الظلام لا التنوير، منابر »اليوتوب«، بعدما حرموا الغرب و ما يأتي منه، إلا مواقع التواصل االجتماعي التي يستغلونها لإصدار «سمومهم»، ومنها بدؤوا يوزعون على المغاربة صكوك الإيمان والغفران، ويحللون ويحرمون كما يريدون.

إلا أن المفارقة الغريبة والعجيبة، هي أن هؤلاء «المنظرون الإفتراضيون» يمارسون دعواتهم بالأمازيغية ويوظفون في أحيان كثيرة كلمات معيارية في اللغة الأمازيغية لنشر الأفكار الوهابية والمتطرفة التي لا علاقة لها بالدين الإسلامي الوسطي المعتدل الذي تتميز به بلدان شمال إفريقيا، واختاره من سبقونا وكيفوه مع عاداتهم وتقاليدهم الأصلية.

ان شعوب شمال إفريقيا والساحل استطاعت أينما وجدت كسر الطابوهات فتصالحت مع ذاتها ومع تاريخها، فأصبحت تحتفل بتاريخ انتصارات أجدادها، وتحتفل كذلك بأمنا الطبيعة وبأمنا الأرض.

إنها مناسبة فعلا يجب أن نقف فيها وقفة تقييم انتاجاتنا ومجهوداتنا السنوية بنجاحاتنا واخفاقاتنا، هي كذلك لحظة تأمل ولحظة تقويم الإعوجاج لننطلق من جديد.

إنها لحظة التصالح مع ذواتنا ومع تاريخ أجدادنا الضارب في القدم، هي مناسبة للإحتفال بالأرض وتقديم الشكر لها على ما تجود به علينا من خيرات تقينا جوعا وخصاصا.

هي مناسبة كذلك لاستحضار ما تزخر به ثقافتنا من أعراف وعادات جميلة تجاوزت في احترامها الإنسان، الحيوان، الأرض والطبيعة إلى احترام الأرواح التي نتشارك معها هذه الأمكنة ونتقاسم معها هذه الحياة، ويتجلى ذلك قي وضع طعام بدون ملح للأرواح من عوالم أخرى قبل وضعه على مائدة العائلة كعربون محبة واحترام.

فكيف إذن للأمازيغي الذي يحترم الإنسان والحيوان والطبيعة والأرواح أن لا تحترم حقوقه وتصان كرامته؟.

وقديما قال الحكيم الأمازيغي:

ⵡⴰⵏⵏⴰ ⵉⵙⴹⵓⵇⵇⵓⵔⵏ ⵏⴰⴳⴳⵯⵉⵏⵏ ⵙⵉⵙⵙ
Wanna isḍuqqurn nagginn siss

صرخة العدد 240 يناير 2021/2971 – جريدة العالم الأمازيغي

اقرأ أيضا

أمينة ابن الشيخ

صرخة العدد 285 أكتوبر 2024/2974

يمتاز المغرب بتاريخ عريق وطويل تعكسه الإكتشافات الأثرية المتنوعة التي شهدتها البلاد في العقود الأخيرة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *