“العالم الأمازيغي” عشرين سنة من أجل الدفاع عن الأمازيغية
البداية كانت حين أحسسنا بل تذوقنا مرارة التهميش والإقصاء من طرف المنابر الإعلامية المسماة وطنية مع نهاية التسعينيات وبداية عهد جديد حسبناه آنذاك أنه عهد قطع مع كل حيف وتهميش وإقصاء وأمام صدمة الواقع وعزوف الإعلام المغربي تبني مواقفنا وفضح الحيف الممارس ضد قضيتنا ورفضه إبلاغ صرختنا، ارتأينا نحن مجموعة من الغيورين على قضينا أن نخوض مغامرة وتجربة إنشاء جريدة تعرف بالهوية الأمازيغية وتنهض بالثقافة الأمازيغية، جريدة تدافع عن الحقوق اللغوية والثقافية لشعوب شمال إفريقيا والساحل، واختيار اسم “العالم الأمازيغي” كاسم للجريدة ليس اعتباطا بل هو إسم نريد منه أن يكون حاملا لهم علم أمازيغي يمتد من صحاري الساحل إلى ما بعد بحار الشمال.
“العالم الأمازيغي” إذن أنشأت منذ سنة 2001 كتتويج لنضالات الحركة الأمازيغية لعقد من الزمن بعد ميثاق أكادير، كما كانت فاتحة خير على الحركة الأمازيغية، فتلتها أحداث كلها تصب في مصلحة القضية الأمازيغية، كخطاب العاهل المغربي بتاريخ 17 أكتوبر 2001، ثم إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بنفس السنة، لذلك واكبت الجريدة كل النقاشات التي صاحبت إنشاء هذه المؤسسة كما واكبت بل انخرطت بكل تفان في النقاش الدائر حول اختيار الحرف لكتابة اللغة الأمازيغية بتخصيص ملفات حول الموضوع كان آخرها ملف بعنوان “معركة الحرف”، كما واكبت الجريدة كذلك أوراش إدراج الأمازيغية في التعليم والإعلام بملفات جريئة تستفز فيها المسؤولين عن تلك القطاعات ومنها على الخصوص النقاش الدائر حول إنشاء القناة الأمازيغية. كما أننا نفتخر في جريدة العالم الأمازيغي بأن كانت لها الشجاعة والفضل في فتح ملفات كثيرة كانت ولا زالت من الطابوهات التاريخية، السياسية والإجتماعية التي كان يمنع الخوض فيها من طرف الإعلام المغربي إما لعدم الإهتمام أو جهلا ولكن في أكثر الأحيان خوفا، ومن هذه المواضيع التي كان لنا السبق في فتح النقاش حولها ما هو مرتبط بتاريخ المغرب الذي طمسته أيادي المستعمر وأيادي الأيديولوجيين الذين اعتبروا المغرب لهم وليس لغيرهم، وهي شعارات رفعها من كان يسمي نفسه بالحركة الوطنية والوطنية منهم بريئة.
من أبرز هذه الملفات، ملف حول شخصية عبد الكريم الخطابي المعروف بمولاي محند، حرب الكيماوية على الريف من طرف الإسبان وحلفائها في العشرينيات من القرن الماضي والتي تعرف بحرب الغازات السامة، ملف حول الملكية والأمازيغية، الإسلام والأمازيغ، دور الجنود المغاربة في الحرب الأهلية باسبانيا، ملف حول حيثيات اغتيال عباس لمساعدي .. وملفات كثيرة أخرى تاريخية منها المرتبطة بأصل الانسان، إنسان جبل ءيغود نموذجا، وعلم الحفريات ومنها المرتبطة بتاريخ المقاومة وجيش التحرير والدور الذي لعبته في تحرير الوطن، ملفات سياسية مغربية وإقليمية ثم شمال إفريقية كتغطيتها للحركات الإجتماعية بكل شبر من شمال إفريقيا في المغرب، الجزائر، ليبيا، أزواد، ملفات ثقافية وفنية كتغطيتها للمهرجانات الموسيقية والسينمائية والندوات الثقافية، ملفات اجتماعية حقوقية كالملفات المرتبطة بإشكالية الأراضي والمناجم وحقوق القبائل من الإستفادة منها ثم كذلك ملفات حول حقوق المرأة، إلى غيرها من الملفات التي تلامس واقع الانسان بصفة عامة وحياة المواطن المغاربي بصفة خاصة.
انخرطت جريدة العالم الأمازيغي كذلك في الدفاع عن مأسسة الأمازيغية وترسيمها في الدستور المغربي، وكانت رافعة سندا ووسيلة أساسية ومحورية في ترسيم الأمازيغية في دستور 2011، ثم تلتها حملات ترويجية للتسريع بإخراج القوانين التنظيمية لأجرأة الأمازيغية، وكذلك القوانين التنظيمية لإخراج المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.
كذلك كانت ومازالت منصة للنقاش وتداول الأفكار من خلال نشر مقالات رأي وحوارات لشخصيات بارزة في كل الميادين والعلوم من مغاربة وشمال أفارقة وأجانب، كما كانت ولا زالت نافذة تعريفية وسندا للفنانين والفنانات الذين طالهم النسيان من طرف الإعلام المغربي. لا ننسى أن الجريدة كذلك خلال كل هذه السنوات العشرين كانت مدرسة فالكثيرين هم من تعلموا عبر صفحاتها، أبجديات الحركة الأمازيغية وحروف تيفيناغ، كما كانت ولازالت مرجعا للطلبة والباحثين حول الحركة الأمازيغية والثقافة الأمازيغية وغيرها من المواضيع ذات الصلة بالهوية والتاريخ الشمال إفريقي والساحل.
الآن بعد استمرار الجريدة لعشرين سنة، ها نحن نعقد العزم في الإستمرار على هذا الدرب الشاق، رغم العديد من الإكراهات والتحديات، وكلنا أمل في بلوغ أقصى ما يمكن من الصدور، إغناءا للمكتبة الأمازيغية، وتنويرا للأجيال الصاعدة، لتعريفهم بهويتهم الأمازيغية وبتاريخ وطنهم المشرف، وإبراز كل ما تزخر به الثقافة والهوية والحضارة والتاريخ الأمازيغي، وكذا تكريسا لسياستها الإعلامية الهادفة التي تقوم على أساس النضال والتحرر من عقدة الأجنبي.
في الأخير يجب التذكير بأننا لم نكن لنستمر لو لم نلمس المساندة الكبيرة، أولا، من الزملاء الصحفيين الذين مروا من هنا ومن ما زالوا صامدين معنا. ثانيا من كل المتعاونين معنا من كتاب الرأي رحم الله من فقدناهم واطال الله في عمر من مازالوا بيننا. كما لا يجب أن تفوتني هذه الفرصة لتقديم الشكر الجزيل لكل قرائنا الأوفياء، وأصحاب الأكشاك والمكتبات وكل بائعي الجرائد الذين يتصلون بنا ليطمئنوا هل الجريدة في طريقها إليهم عند كل موعد صدورها، وعمال المطبعة الذين يسهرون على طبعها في حلة جديدة وبألوان جميلة.
الشكر موصول كذلك لكل من يدعموننا من مؤسسات خاصة التي آمنت برسالتنا ووضعت ثقتها في منبرنا، منها O capital groupe والشركات التابعة لها منها Bank of Afrika، سلفين والوطنية للتأمين، في شخص رئيسها السيد عثمان بنجلون وزوجته الدكتور ليلى مزيان، شركة اتصالات المغرب في شخص رئيسها السيد عبد السلام أحيزون، شركة واد سوس في شخص الأخ والصديق السيد حسن بالحسن.
الشكر موصول كذلك للمؤسسات العمومية التي ساندتنا ولا زالت منها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ووزارة الاتصال.
وأخيرا الشكر الجزيل والمعذرة الصادقة لإبني الذي استحمل ولا يزال يستحمل أن تتقاسم معه الجريدة اهتمام والديه بل في أغلب الأحيان حتى قوت يومه، لكن لا خوف عليه وهو العارف أن الإستمرار في هذا النهج قدرنا لم نندم، لن نتعب ولن نمل.
وقديما قال الحكيم الأمازيغي:
ⵉⵣⵉⵎⵎⵔ ⵓⵔ ⴰⵜ ⵙⵙⵉⵃⵉⵍⵏ ⵡⴰⵙⴽⵉⵡⵏ ⵏⵏⵙ
Izimmr ur at ssiḥiln waskiwn nns
ليس بحمل قرنيه يتعب الكبش
صرخة العدد 244 ماي 2021/2971 – جريدة العالم الأمازيغي