في كل لقاء أو محفل نواجه دائما بالسؤال التالي: «هل فعلا الإعلام الأمازيغي يخدم القضية الأمازيغية؟». أعتقد أنه قبل الإجابة عن هذا السؤال لابد من تعريف، ما المقصود بالإعلام الأمازيغي؟.
للتوضيح فقط، فالإعلام عموما يعرف بأنه الوسيلة الاجتماعية الرئيسية للتواصل مع الجماهير، وهو مجموعة من المعلومات التي تنشر بواسطة الوسائل الإعلامية مثل الصحافة، الإذاعة، التلفاز وهذه المعلومات تنقل إلى الجمهور عبر طرق كثيرة كالترفيه، التسلية والأخبار.
لكن بخصوص الإعلام الأمازيغي، شخصيا أفصل فيه بين المكتوب والسمعي البصري. فالإعلام المكتوب، في اعتقادي، كل مادة إعلامية ذات مضمون أمازيغي بغض النظر عن لغة الكتابة.
في حين الإعلام السمعي البصري هو كل مادة إعلامية منطوقة باللغة الأمازيغية بغض النظر عن مضمونها.
وللإجابة عن السؤال الذي انطلقنا منه، لابد من استحضار وضعية الأمازيغية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حين كان الفراغ سيد الموقف، من خلال غياب واضح وجلي للإعلام الأمازيغي مكتوبا كان أو سمعيا بصريا. ومقارنة الوضع في تلك الفترة بالوضع الحالي، على علاته طبعا، لأننا لا زلنا لم نتخطى عتبة خطر انقراض اللغة الأمازيغية كما تنبأت بذلك اليونسكو.
طبعا تكنولوجيا الإتصال لعبت دورا في تقليص مسافات التواصل الشيء الذي جعل هذا الإعلام، يفيد ويحقق الكثير للأمازيغية في جميع المجالات، بغض النظر عن وسائل نشره.
أيضا لا أحد ينكر دور التكنولوجيا الحديثة في التعريف بالأمازيغية قضية، هوية، لغة وثقافة. تكنولوجيا الاتصال والتواصل قربت مواقف الأمازيغ عبر العالم وفتحت النقاش وأغنته في نفس الوقت ليشمل جوانب العديد من الملفات والمبادئ واستطاعت هذه التكنولوجيا أن تخلخل مواقف الكثير من المواقف الجامدة. النقاش الجريء والواضح الذي ساد في الآونة الأخيرة كسر عقدة «الشلح» عند البعض، ومن ثم الافتخار بالذات وبالأصول التاريخية للأمازيغ ليس في تامازغا الكبرى، بل في كل بقاع العالم، وأخيرا ساعدت على الترافع عن القضية وإيصال الصرخة الكبرى لكل أمازيغ العالم.
حين يكون الحديث عن الإعلام، فالمقصود بذلك كل ما ينشر ويذاع ويبث في المنابر الإعلامية الورقية والمواقع الإلكترونية والقنوات الإذاعية والتلفزيونية، من مقالات أكانت شعرا، أخبار، أفلاما، مسرحيات وبرامج حوارية توعوية وترفيهية. إنها كلها وسائل وأشكال ووظائف حاملة لمضامين ساعدت الذين لا يعرفون من الأمازيغية إلا «الشلح القروفي» أن يتعرفوا عليها ويعرفون أن الأمازيغية لها ناطقين وباحثين وخبراء ولسانيين وشعراء، وهؤلاء هم بشر ككل البشر الذين خلقهم الله يفكرون، يبدعون في الفن ويناقشون السياسة ويحللون علم الإجتماع ويتفننون في الطبخ ويتقنون فن الموضة والعيش، وهم ليسوا أولئك الذين قيل فيهم «يأكلون الكسكس ويلبسون البرنس ويحلقون الرؤوس». بل إنهم مبدعون في الحكي والتمثيل على ركح المسرح وفي بلاطوهات أكبر الأستديوهات السينمائية ويمتعون أنفسهم وغيرهم بلوحات الرقص ونغمات الموسيقى، بكل تلاوينها من «وايورا لا بويا» و «الا لا يدا لا لي» و«تاماوايت» إلى غير ذلك من الألوان الموسيقية العالمية، نعم إنهم الأمازيغ من حافظوا على تراثهم وأبدعوا فيه وأوصلوه إلى العالمية عبر سمفونيات جميلة.
وأنها مناسبة إذن أن نشد على أيدي كل من ساهم في إبراز والتعريف بثقافة وهوية ولغة تامازيغت وكل من ترافع عليها بالعلم والمعرفة والسياسة والفن…
وقديما قال الحكيم الأمازيغي:
ⵡⴰⵏⵏⴰ ⵓⵔ ⵉⵎⵓⵔⵔⵉⵢⵏ ⴰⵔ ⵉⵜⵜⵖⴰⵍ ⵉⵣⴷ ⵓⵔⴰⵔⵏ ⴳⴰⵏ ⵉⴷⵔⴰⵔⵏ
Wanna ur imurriyn ar ittghal izd yurarn gan idrarn
بمعنى
من لم يتجول يخال التلال جبالا
صرخة العدد 245 يونيو 2021/2971 – جريدة العالم الأمازيغي