شاركت رفقة وفد مغربي في اللقاء الدولي حول «استعراض واقع حرية الصحافة في ليبيا» وما أثار انتباهي، وأنا أتجول في شوارع العاصمة الليبية طرابلس، مدى التسامح الذي يميز الليبيين فيما بينهم، وفي سلوكهم اليومي، وما يميزهم أيضا هو النظام والتنظيم والاحترام والقبول بالآخر، وقد سجلت خلال زياتي لهذا البلد المغاربي، أن تلك الخصال هي مؤشرات واضحة، توحي على أن الليبيين متشبعون بقيم جميلة قلما نجدها في مجتمعات أخرى، إنها قيم التسامح وإعطاء لكل ذي حق حقه، وهذا ما يدل على أن الشعب الليبي بإمكان مكوناته التوافق فيما بينها للوصول بوطنهم إلى بر الأمان، وأنهم سينتصرون مهما حاولت الأيادي الخارجية الدفع بهم إلى التطاحنات والحرب الأهلية والقتال الداخلي والاصطفاف الذي لن يخدم بكل تأكيد مصالح الوطن والمواطن الليبي.
نعم تأكد لي أن ليبيا ستتخلص في القريب العاجل من كل التوترات وستخرج سالمة غانمة، ولن يرضى الليبيون لأنفسم الوقوع في خطأ نشوب حرب من أي نوع كانت، رغم كل المحاولات الخارجية التي تدفع بهم في ذلك الإتجاه، لسبب بسيط هو أن الليبي والليبية يتميزان بميزة التسامح، التي أعتقد جازمة أنها ليست في غيرهم من الشعوب بالكيفية التي توجد لديهم. ولاحظت ذلك من خلال طريقة تعامل بعضهم البعض، خاصة في لحظات السياقة.
تسامح الليبيين يسمح لمستعملي الطريق بالسياقة جماعة في أن واحد وفي اتجاهات مختلفة، دون وقوع حوادث سير ولا ملاسنات بينهم. الليبيون ينضبطون لقانون السير ويحترمون إشارات المرور ويعطون الأسبقية لصاحبها إلى درجة أنك لن تصادف في طريقك حادثة سير أو «أومبوتياج» ولا تسمع في الطريق أصواتا لمنبهات السيارات.
الليبيون متسامحون جدا، بل رأيت قمة التسامح والإحترام فيما بينهم، فقط يبقى على الأنظمة التي تمول وتسلح «المليشيات المسلحة» و«المرتزقة» أن يتركوهم في سلام لتقرير مصيرهم بأنفسهم بعيدا عن التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لدولة ليبيا التي تخلصت بعزيمة أبنائها وبناتها من سنوات الدكتاتورية والنظام الفاشي الذي حكمها بالحديد والنار.
الليبيون يعرفون جيدا مصالحهم ومصالح وطنهم، ويستطيعون أن يدبروا اختلافاتهم السياسية بالكثير من الهدوء والحكمة في احترام تام للتنوع الثقافي والتعدد اللغوي الذي تتميز به ليبيا على غرار دول المنطقة، وبإمكانهم كذلك إيجاد الحلول التوافقية لجميع مشاكلهم، بشرط أن تتوقف الدول التي تدعم أطرافا على حساب أخرى عن التدخل في شؤونهم، وأن يعي الليبي أن الحل في ليبيا هو حل ليبي/ليبي ولن يكون أبدا حلا من خارج ليبيا ومن غير الليبيين.
الجميع يعلم أن التدخلات الأجنبية زادت من تعقيد الأمور، وجر الدولة إلى مزيد من الفوضى واللاستقرار وتشتيت اللحمة الوطنية والوحدة الليبية، إلا أن الليبيين يستطيعون إيجاد صيغة دستورية توافقية، تضمن لهم الاستقرار والسيادة الوطنية في إطار وحدة وطنية لأراضي ليبيا في احترام تام لتنوعها الثقافي وتعددها اللغوي والمذهبي.
إن ليبيا بخير يا سادة، نعم إن الليبيين والليبيات بألف خير، فقط اتركوهم وشأنهم.
وقديما قال الحكيم الأمازيغي:
ⵉⵖ ⵉⴱⵏⵏⴰ ⵓⴳⵍⵉⴼ ⴰⴷ ⵉⵥⵟⵟⴰ
Igh ihnna uglif ad iZTTa
ويقال المثل للتعبير على أن الخلافات والخصومات والمعارك لا تنتج.
صرخة العدد 258-259 يوليوز-غشت 2022/2972 – جريدة العالم الأمازيغي
ⵉⴼⴳⴰⵏ ⵏ ⵜⵎⴰⵣⵉⵔⵜ ⵍⵉⴱⵢⴰ ⴹⴼⵕⵏ ⴰⴱⵔⵉⴷ ⵏ ⵉⵎⵊⴰⵀⴷⵏ ⵉⵎⵣⵡⵓⵔⴰ ⵏ ⵜⵎⵓⵔⵜ ⵏⵏⵙⵏ..
ⴷⴰⵔⵙⵏ ⴽⵉⴳⴰⵏ ⵏ ⵜⵖⴰⵡⵙⵉⵡⵉⵏ ⵉⵅⴰⵜⵔⵏ ⴱⴰⵀⵔⴰ ⵣⵓⵏⴷ ⴰⵎⵙⴰⵔⵉ ⴰⴷⵍⵙⴰⵏ ⴷ ⵓⵎⴰⴳⵓⵜ ⵏ ⵓⵙⵏⵉⵍⵙ ⴷ ⵓⵏⵏⵓⵕⵥⵎ ⵅⴼ ⵓⵎⴰⴹⴰⵍ ⴷ ⵜⵓⵙⵙⵏⵉⵡⵉⵏ ⵢⴰⴹⵏⵉⵏ , ⵜⵖⴰⵡⵙⴰ ⴰⴷ ⵡⵛⵉⵏ ⴰⵙ ⴰⵜⵉⴳ ⵎⵇⵇⵓⵔⵏ ⴳ ⵜⵓⴷⵔⵜ ⵏⵏⵙⵏ