في البداية لابد أن نهنئ المنتخب الوطني المغربي بالإنجاز التاريخي الذي حققه في مونديال “فيفا قطر 2022″، وبلوغه المربع الذهبي كأول فريق إفريقي يحقق هذا الإنجاز الذي سيبقى محفورا في الذاكرة الجماعية وفي تاريخ المغاربة وإفريقيا عموما، وتشريفه لكرة القدم المغربية والإفريقية في هذا المحفل الكروي العالمي أحسن تشريف.
وما يبعث بالفخر بالإضافة إلى هذا الإنجاز الكروي التاريخي والملحمة المُلهمة للأجيال القادمة، هو العديد من الرسائل، التي مرّرها “أسود الأطلس” والمدرب الوطني والجمهور المغربي في هذا “المونديال”، إن لم أقل الدروس وهي كثيرة أبرزها، حب الوطن، الثقة في النفس، الإيمان بقدرات بعضهم البعض، الحلم والعمل على تحقيقه، تقدير الذات وحبها، حب الوالدين واحترامهم، التضامن مع المحتاجين، ثم التشبث والافتخار بالأصل وبقيم تمغربيت.
كذلك، الحس القومي المغربي والتشبث بإفريقيا، الذي أبان عنه ربّان الأسود وليد الركراكي طيلة أيام هذه الملحمة العالمية بقوله: “أنا هنا أمثل المغرب وهذا ما يهمني، ويجب أن نعكس الصورة في أفضل المنصات في العالم وهي بطولة كأس العالم، ونريد أن نبرز العلاقة بين اللاعبين وذويهم وأمهاتهم، ومن أين أتينا ومن نحن وكيف يكون سلوكنا، لأن هناك العديد ممن يجهل ثقافتنا“.
كلام جميل يبرز قيم تيموزغا وثقافتنا المغربية الأمازيغية المعروفة عبر الزمن بعلاقة الأبناء بأمهاتهم وبصورة المرأة في المجتمع الأمازيغي، وتؤكد دوماً تلك القيم الاجتماعية التي تجمعنا وتبرز تلاحمنا وتشبثنا بهويتنا المغربية أننا نختلف عن أولئك الذين يحاولون تذويب تاريخنا الطويل والعميق والمتجذر في جيناتهم وتقزيم بل احتقار الشعوب الافريقية وفصل شمالها عن جنوبها بنية القفز والركوب على الإنجاز المغربي الافريقي التاريخي وجره إلى خندق “العروبة” عبر تعريب المغاربة ومجالهم الجغرافي واللاعبين الذين لا يتقن أغلبهم حتى الدارجة المغربية وما بالك باللغة العربية، فهم جميعهم يتحدثون بلغة امهاتهم وهي الأمازيغية وبطبيعة الحال لغات البلدان التي ولدوا وترعرعوا بها.
في مقابل تلك الرسائل الإيجابية التي وجهها لنا أسود الأطلس من قطر، هناك في وطني ويا للأسف من حاول إخراج هذا العرس العالمي من سياقه الكروي الرياضي إلى دائرة أيديولوجية ضيقة يمرر عبرها رسائل عرقية وعصبية قبلية اتجاه المغاربة والأفارقة باختلاف ألوانهم وتنوع ثقافتهم وتعدد لغاتهم.
نعم، إننا طيلة أيام هذا العرس الكروي الذي دام شهرا بالكمال والتمام، ونحن الأمازيغ نتعرض لكل أنواع الاضطهاد النفسي، من إقصاء هويتنا الإمازيغية المغربية وحرماننا من الاستمتاع بانتصارات منتخب يمثلنا كمغاربة أمازيغ وأفارقة، وكنا نلوم بلاد العرب والصحفيين والمعلقين العرب الذين يصفون كل شيء في المنتخب المغربي الإفريقي بالعربي، وكم دافعت عن حقي كأمازيغية في منتخب يمثلني ويمثل مغربيتي وافريقيتي، في الأخير استسلمت والتمست لهم العذر كونهم عربا أقحاح، لا يعرفون شمال افريقيا وتاريخها ولغاتها وثقافتها.
ولكن أن يمارس إعلام وطني نفس الإضطهاد، ويحرمني من الفرح بانتصارات أبناء وطني وينسبها إلى العرب، فهو فعل إقصائي، يرقى إلى أفعال جرمية، جريمة تزوير التاريخ وجريمة تزوير الجغرافيا.
نفس الشيء ينطبق على ما قامت به السلطات المغربية التي احتفلت بمنتخب وطني مغربي بهوية بصرية مبتورة منها الأمازيغية في الحافلة التي تقل الاسود، إنه خرق سافر لبنود أسمى قانون في البلاد الذي قطع مع اقصاء كل ما هو أمازيغي.
لماذا يا أبناء بلدي تتلذذون بطمس معالم هوية وطني وتدخلونها في فضاء عرقي عروبي ضيق؟، مع العلم أن العرب قالوها بالفم المليان في أكثر من مناسبة، قالوا عنا نحن المغاربة والشمال الإفريقيين أننا لسنا ولعمري لن نكون عربا، وقالوا عن المستعربين منا الذين لا زالوا يتمسكون بهذه العروبة الوهمية، إنهم فقط عرب من الدرجة الثانية، فما الأفضل لك يا ابن وطني أن تكون أمازيغيا حرا أم عربيا مستضعفا من الدرجة الثانية؟.
وقديما قال الحكيم الأمازيغي:
ⵏⵏⴰⵏ ⵡⴰⵎⴰⵏ: ⵡⵉⵍⵍⵉ ⵏⵙⵙⵡⴰ ⴰⴷ ⴰⵏⵖ ⵉⵙⵙⵏⵡⴰⵏ
Nnan waman : willi nsswa ad angh issnwan
قالت المياه: الذين نقوم بسقيهم هم من يقومون بطبخنا
صرخة العدد 263 دجنبر 2022/2972 – جريدة العالم الأمازيغي