إن الإحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة التي يصل تقويمها لهذه السنة إلى سنة 2973، هي مناسبة أولا أن أتقدم فيها بالتهاني الحارة لملك البلاد محمد السادس، ولكل المغاربة وكل أمازيغ العالم وكل الشعوب المتنورة التي تقبل بالإختلاف وبالآخر.
وكما هو معروف فهذه المناسبة بالنسبة للمواطنين المغاربة خصوصا ولكافة شعوب شمال إفريقيا عموما، تحمل دلالة كبيرة، خاصة وأنها تؤكد على الإرتباط بالأرض، وهو ما يفسر تسمية هذا اليوم ببداية السنة الفلاحية في الوعي الجمعي للمغاربة. لأن المغاربة كانوا منذ عهود طويلة، ومازالوا متشبثين بأرضهم، أوفياء لانتمائهم، بمحيطهم الجغرافي والثقافي، وبهويتهم وبالقيم الجميلة التي تحملها ثقافتهم.
وهذه مناسبة كذلك وجب علينا أن نقف فيها لحظة تأمل لتقييم عملنا فيما يخص هذا الملف الذي اشتغلت عليه في مؤسسة رسمية لمدة سنة كاملة.
ومن هذا المنطلق وجب علي أن أذكر بأن الأمازيغية وتفعيل طابعها الرسمي، هو من أولويات اهتمامات حكومة أمغار السيد عزيز أخنوش، هذه الحكومة التي منذ اليوم الأول الذي باشرت فيه أعمالها كانت واعية بالمسؤولية التي ألقيت على عاتقها في هذا الملف، خصوصا بعد عشر سنوات عجاف من اللاإنجاز.
لهذا وعت بأن تولي لهذا الورش الملكي كامل الإهتمام بغرض النهوض به وإيلاءه عناية خاصة، فرصدت له في السنة المنصرمة 200 مليون درهم، وفي ميزانية 2023 رصدت له 300 مليون درهم، وهي ميزانية مهمة ساعدتنا وستساعدنا في القادم من الأيام على التنزيل السليم للأمازيغية بأوراش كبيرة في مجالات أخرى متعددة.
من بين الأوراش الأساسية التي أولت لها الحكومة الأهمية الكبرى هذه السنة هو ورش تعميم إدراج الأمازيغية في علامات ولوحات التشوير بمختلف الإدارات العمومية، إدراج الأمازيغية في الإدارة العمومية والشبه العمومية، من خلال التواصل الشفهي، كمرحلة أولى، كالتواصل والتفاعل المباشرين مع المواطنين بمراكز ال‘ستقبال بالإدارات ذات الطبيعة ال‘جتماعية كالصحة والعدل والثقافة والشباب والتواصل، وكذلك التواصل والتفاعل مع المواطنين عن بعد، عبر إدراج الأمازيغية في التواصل بمراكز الإتصال بالهاتف لتلبية طلبات المرتفقين الذين لا يستطيعون التنقل أو للمغاربة القاطنين بالخارج، كذلك إدراج اللغة الأمازيغية في المواقع الإلكترونية الرسمية لبعض القطاعات الوزارية. وكلها إجراءات أولية ستليها أخرى ستدفع اتجاه تعميم هذه العمليات داخل نفس الإدارات وتعميمها كذلك على باقي القطاعات.
إن الهدف الأساس من هذا الإجراء كأول خطوة في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية هو أولا، تسهيل وتيسير ولوج المرتفقين الناطقين بالأمازيغية إلى الخدمات العمومية التي كانت حكرا على الناطقين بالعربية والفرنسية فقط، ثم ثانيا العمل على تقريب المواطن من الإدارة وجدانيا وكسر عقدة الإدارة عند المواطن المغربي، ثم ثالثا، فتح المجال لكل شرائح المجتمع من الإستفادة من المرافق العمومية ومن الخدمات الإدارية دون تمييز أو حيف بسبب اللغة.
وهذه الإجراءات تدخل في اطار المشروع الاجتماعي، المجتمعي، الديمقراطي الذي تبنته بلادنا والذي بنت عليه أسس الدولة الاجتماعية. هذه الأسس التي لا يمكن فصلها عن مبدأ أساسي عام هو الحقوق اللغوية والثقافية للمواطن المغربي، ومفهوم الدولة الإجتماعية سيفرغ من محتواه، إذا لم نلح فيه على تأكيد رد الإعتبار للفرد داخل الجماعة، من خلال ما تقوم به الحكومة الآن إلا وهو الإهتمام برعاية الفرد، الإنسان، صحيا واجتماعيا عبر وضع العديد من إجراءات في مجال الصحة والرعاية الإجتماعية، وكذلك رد الإعتبار للفرد كشخصية وطنية ولرموزها اللغوية والثقافية والحضارية من خلال الإعتراف بلغته والاهتمام بثقافته وبعمق تاريخه الطويل.
وقديما قال الحكيم الأمازيغي:
ⵉⵖ ⵉⴳⴳⵓⵜ ⵡⴰⵡⴰⵍ ⵉⴼⵉⵙⵙ ⵢⴰⵏ
Igh iggut wawal ifiss yan
بمعنى إذا كثرت الثرثرة بدون فائدة فالصمت أفضل
صرخة العدد 264 يناير 2023/2973– جريدة العالم الأمازيغي