مع كل حرب تدور رحاها في الشرق الأوسط بين فصيل مسلح من الفصائل الفلسطينية وبين الجيش الإسرائيلي مثلا، فإن صداها في المغرب يسمع من خلال نقاش عقيم وغير ذي جدوى، قد ينصب في كثير من الأحيان على علاقة الحركة الأمازيغية بالقضية الفلسطينية، التي يُصر البعض من المستلبين عندنا، على المزايدة علينا بها وتغليفها كعادتهم، بغلاف العروبة العرقية والإسلام السياسي من جهة، وعلاقتها أي “الحركة الأمازيغية” بدولة إسرائيل من جهة أخرى، لدرجة أن البعض أصبح “محترفا” في توزيع وتلفيق الاتهامات الباطلة ونسج أفلام “هوليودية” من وحي خيالهم متأثرين بأيدولوجيتهم العروبية التي أكل عليها الدهر وشرب بالإضافة إلى وهم الانتماء إلى المشرق على حساب قضايا أوطانهم المغاربية، لا لشيء إلا من أجل الضرب في الحركة الأمازيغية المتشبعة بالقيم الإنسانية، وبقيم الحرية والتضامن مع كل شعوب الأرض بعيدا عن “العرقية العنصرية “و”الأيدولوجيات المقيتة”.
فما يجري في فلسطين بالشرق الأوسط، الذي بالمناسبة ندينه بأشد العبارات، لا يحتاج للمزايدات السياسوية، إنما يحتاج للحكمة والتبصر والبحث عن الحلول والطرق السليمة والسلمية لتعيش مختلف الشعوب والأعراق والأديان بالمنطقة في سلام.
فلا بأس أن نجدد التأكيد لرفع اللبس في موضوع التضامن مع القضية الفلسطينية، فالحركة الأمازيغية المعروفة بنضالها ورفضها، بل ومقاومتها ضد كل أنواع الظلم والعدوان، لا يمكن لها إلا أن تقف، وتصطف إلى جانب الشعوب المدافعة عن الحرية والاستقلال، وتتمسك بالقوانين والمواثيق الدولية وفي مقدمتها حل الدولتين، ليس من منطلق “عرقي عنصري” و لا من منطلق “الإيديولوجيا المقيتة”، إنما من منطلق إنساني محض، وإذا كان البعض يتضامن مع امتداداته العرقية والإيديولوجية، وهذا ما يجري للأسف في المغرب، إذ نجد من جهة، الإسلاميون يتضامنون مع الحركات الجهادية الإسلامية الفلسطينية من قبيل “الجهاد الإسلامي” و”حركة حماس” وغيرها من الحركات الإسلامية، ويتهمون بالمقابل الحركات الأخرى، التي لا تسير في فلكهم بالعمالة مع اسرائيل، ونجد في الضفة الأخرى الحركات اليسارية التي تتضامن بدورها مع رفاقها اليساريين في فلسطين، ويتهمون بدورهم غيرهم من الحركات المقاومة بخدمة أجندة إسرائيل وأمريكا، وهكذا..، أما الحركة الأمازيغية فهي الإطار الوحيد الذي يتضامن مع القضية الفلسطينية كقضية شعب بغض النظر عن انتماءات قيادته وفصائله.
إن ما دفعني للجزم بأن التضامن، في المغرب من طرف بعض ما يسمى بالهيئات الحقوقية والتنظيمات السياسية والاطارات المدنية، يغلب عليها الطابع الأيديولوجي والعقائدي والعرقي أكثر منه انساني محظ، هو غياب ردود أفعال من طرف هذه الفئات، إزاء ما يجري في إقليم أزواد، من قتل للمدنيين العزل من أطفال ونساء وشيوخ، وتدمير للمدن والقرى والمآثر التاريخية، وطمس للمعالم الثقافية والحضارية للمنطقة، وتهجير شعب بأكمله قسرا من وطنه، من طرف “الجيش المالي” و”مرتزقة فاغنر” الروسية.
لماذا، إذن، لم نر مثلا تنظيم مظاهرات ووقفات ومسيرات متضامنة مع الشعب الأزوادي والكردي والأرماني، والتنديد بما يتعرضون له من همجية وقتل، إذا كان هؤلاء بالفعل وليس بالشعارات، يؤمنون ومقتنعون بحق الشعوب المقهورة في تقرير مصيرها وفي حقها في العيش الكريم؟!.
بالتأكيد لن يحدث ذلك، لأنه باختصار من يحرك البعض ليس “هول الجرائم” التي تمارس ضد الانسانية، إنما “الأيدولوجية والعرقية”، وهي ثنائية أعمت بصيرة بعض المرضى الذين لا يشرفنا في هذا المنبر ذكر أسمائهم، منهم من أصبحوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين، وأبانوا عن تبعيتهم العمياء للحركات الإرهابية ضدا على مصالح بلادهم، وهذا للأسف ما ترك القضية الفلسطينية تراوح مكانها مادام هؤلاء المرتزقة يتاجرون ويسترزقون بها، وبالشعب المسكين الذي لا ذنب له، إلا أن قضيته بين يدي محامون فاشلون، وإلى هؤلاء أقول، إنكم لن تنالوا منا، ولن ننصاع وراء هلوساتكم المثيرة للضحك والسخرية، وأن وطننا خط أحمر، وقضاياه من أولوياتنا وبدون مزايدات، تليه كل القضايا الإنسانية للشعوب المضطهدة، وفي مقدمتها الآن وفي الحال، قضية الطوارق بأزواد.
وقديما قال الحكيم الأمازيغي:
ⵡⴰⵏⵏⴰ ⴷ ⵙⵉⵜⵏⵖ ⵉⵙⴹⵓⵇⵇⵔⵏ ⵏⴰⴳⴳⵯⵉⵏ ⵙⵔⵙ
Wanna d Sitngh isDuqqrn naggin srs
ومعناه: للي دق علينا غنجاوبوه و”كفى من الاستفزازات”
صرخة العدد 274 نونبر 2023/2973– جريدة العالم الأمازيغي