عائشة ألحيان: الأستاذ “الحسين الملكي” المناصر للقضية النسائية

مداخلة الأستاذة عائشة ألحيان، عن جمعية اتحاد العمل النسائي، خلال الندوة العلمية، التي نظمها منتدى المحامين بالمغرب واتحاد العمل النسائي وجريدة “العالم الأمازيغي”، يوم السبت، 12 ماي 2018، بالمكتبة الوطنية بالرباط، تأبينا لروح الفقيد “الحسين الملكي”.

بقدر ألم الغياب بقدر استحضارنا لكثافة ونوعية حضور الأستاذ الحسين الملكي بيننا فهو المتعدد الأبعاد كل بعد يكمل الآخر و يعمقه و يعطيه معنا وجوديا خاصا و استثنائيا:
الأستاذ الحسين الملكي الإنسان المتواضع
الأستاذ الحسين الملكي المحامي المتمرس
الأستاذ الحسين الملكي الباحث و الفقيه القانوني
الأستاذ الحسين الملكي الحقوقي و المناصر للقضية النسائية بشكل محايد غير منحاز إلا لقيم العدل و المساواة انسجاما مع ثقافته المغربية الأصيلة ، انطلاقا من هدا البعد في شخصية الفقيد قررنا في اتحاد العمل النسائي تنظيم هذا التأبين بشراكة مع منتدى المحامين بالمغرب و جريدة العالم الأمازيغي وفاء و عرفانا و امتنانا لكل ما أسداه من أعمال جليلة و متميزة في سبيل ضمان كرامة المرأة و النهوض بحقوقها و حمايتها و خاصة الحقوق الاقتصادية

فكتابات الأستاذ الملكي ومقالاته بالجرائد أو المجلات و مؤلفاته كانت مرجعا أساسيا للحركة النسائية و لاتحاد العمل النسائي على الخصوص في تعزيز مطالبها و مقترحاتها أثناء الترافع من أجل تغيير قانون الأحوال الشخصية و بالأساس في المطالبة “بتقنين نظام الكد و السعاية” لضمان حق الزوجة في الثروة المنشأة خلال الحياة الزوجية ، المطلب الذي تحقق فيما بعد بإدراج الفصل 49 في مدونة الأسرة .

الأستاذ الملكي واكب تعديلات قانون الأحوال الشخصية لسنة 1993 بالشرح و التحليل و الانتقاد أيضا و كان من المساهمين الأساسيين في إصدار جمعية هيئة المحامين بالمغرب في مؤتمرها الثاني و العشرين و لأول مرة توصية تهم “حماية الوضعية المالية للمرأة المتزوجة” من خلال المطالبة بالتنصيص على حق الكد والسعاية تشريعيا.

وفي سنة 1999 أصدر الجزء الأول من كتابه ” نضام الكد و السعاية ” و بالرغم من المجهودات المتميزة التي بذلها في هدا المجال فإنه أبى في إحـــدى الحوارات الصحافية سنة 2001 إلا أن يصرح و بتواضع الكبار بان الفضل في المساهمة في إشعاع الكد و السعاية يرجع بقسط وافر للجمعيات النسائية التي تنـاولته بشكل كبير في الآونة الأخيرة و يقصد مرحلة النضال و الترافع من أجل تغيير ق أ ش

لم يكتف الأستاذ الملكي بنشر مؤلفاته حول الكد و السعاية كأي مؤلف بـــــل واصل نضاله من أجل تقنينه و قدم اقتراحات مهمة سواء عنـــــد اشتغال اللجنة المكلفة بإعداد مشروع المدونة أو بعد صدور المشروع و عرضه على البرلمان حيث تناول مجموعة من الفصول بالتدقيق و تقديم الاقتراحات قصد تجويدهــــا
لتنسجم و فلسفة المدونة ، و خاصة الفصل 49 الذي طالب بحذف فقرته الرابعة التي تحيل على الإثبات وفق القواعد العامة و اقترح استبدالها بالإحالة في حالة عدم وجود اتفاق إلى القواعد العامة لنضام الكد و السعاية مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما قدمه لتنمية أموال الأسرة ” و طالب بحذف عبارة ما قدمه كل منهم من مجهودات حتى يبقى النص عاما و شاملا لكل المساهمات التي قد تكون رأسمالا أو شوارا أو ممتلكات منقولة أو عقارية …

ربما لم يكن الأستاذ الملكي أول من تناول موضوع الكد و السعاية لكنه ارتبط أكثر باسمه لأنه لم يتناوله فقط من الزاوية الفقهية و لكنه ربطه بالجانب الحقوقي و اعتبر أن تقنينه من شأنه أن يحفظ كرامة المرأة و يقضي على مجموعة من الظواهر التي تمس استقرار المرأة والأسرة خاصة و منها :
ظاهرة الطلاق التعسفي و ظاهرة تشريد الأطفال و المطلقات و كذلك ظاهرة التعدد و العنف المبني على أسباب إقتصادية …

الأستاذ الملكي الحسين كان كذلك مدافعا عن صورة المرأة في الإعلام و منتقدا للتمثلات و القيم التي يمكن أن ترسخها البرامج التي يقدمها في أذهان المتلقي ، و أخص بالذكر هنا مقاله الذي انتقد فيه إحدى حلقات برنامج مداولة و عنونه ب” محاربة السكن غير اللائق و ضرورة محاربة التمييز ضد النساء ” تناول فيه موضوعا مازال يؤرق العديد من النساء و هو حق الزوجة في الاستفادة من السكن الاجتماعي في إطار محاربة دور الصفيح و اعتبر أن إلغاء حق الزوجة و عدم اعتباره في موضوع السكن الاجتماعي و التعامل بمنطق رب الأسرة يخالف مقتضيات المادة 4 من مدونة الأسرة ، و يشكل مظهرا من مظاهر التمييز ضد النساء

الأستاذ الملكي إلى جانب إنتاجه الفكري الغزير كان حاضرا إلـــــى جانبنا في اتحاد العمل النسائي في العديد من المحطات النضالية ، و خاصة مشاركته معنا في المحاكم الرمزية الوطنية التي دأبت جمعيتنا على تنظيمها كل سنة ، و مــن بينها المحكمة العاشرة حول موضوع ” المرأة المغربية و الحق فـي الولوج إلى الملكيـة “والتي تناولت حق النساء في الأراضي السلالية و أراضي الكيش ، و المحكمة الثانية عشر حول موضوع ” من أجل الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية للنساء المغربيات ” و كانت مرافعاته في هذه المحاكم الرمزية سواء كدفاع أو من موقع ممثل الحق العام مميزة ساهمت في جودة الأحكام الصادرة عن هده المحاكم
الرمزية التي تشكل أداة للترافع أمام الجهات المسئولة .

الأستاذ الملكي إلى جانب نضاله الفكري و العلمي عمل على تأسيس مجموعة من الجمعيات : جمعية لخصاص ، جمعية الأرامل و جمعية الأيتام و كلها داخل المجال القروي إيمانا منه بضرورة تأهيل المجال القروي و النهوض بحقوق المرأة و الفتاة القرويتين من خلال محاربة الهدر المدرسي حيث أسست جمعية لخصاص مجموعة من البنيات كدور استقبال الفتيات حتى تتمكن من مواصلة تعليمهن ، إضافة إلى روض للأطفال و غيرها …

ساهم الأستاذ الملكي كذلك في عدة محطات لإلغاء عقوبة الإعدام من خلال المطالبة باعتماد القوانين و الأعراف الأمازيغية الجيدة و التي لا تتضمن لا عقوبة الإعدام ولا العقوبات الحبسية و لكن تعتمد ما يصطلح عليه اليوم بالعقوبات البديلة.

غادرنا الأستاذ الملكي و نحن فــي أمس الحاجـــة إليه كإنسان و صــــديق أولا و كمناضل و فقيه قانوني لدعمنا و مساندتنا باجتهاداتــه في الحملة الثانية التي أطلقها اتحاد العمل النسائي لتغيير مدونة الأسرة من أجل ملائمتها للدستور و للاتفاقية الدولية لمناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة ، فلترقد روحه بسلام و إنا لله و إنا إليه راجعون ./.

ذة/الحيان عائشة

شاهد أيضاً

أكادير تحتضن الملتقى الأول لتجار المواد الغذائية

تحتضن مدينة أكادير من 24 الى 26 يوليوز الجاري الملتقى الأول لجمعية تمونت لتجار المواد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *