عيد الاستقلال بين الاحتفال والواقع

بقلم :محمد بوسعيدي

اليوم 18 نونبر انه يوم عطلة عيد الاستقلال، كلمة استقلال رددتها كثيرا في دواخلي،لينتصب في ذهني سؤالين عريضين: هل بالفعل حصلنا على الاستقلال بما في الكلمة من معنى؟ الم يحن الوقت لتقييم المرحلة البعدية؟ بدءا ارى ان غالبا ما يتحاشى بعض المؤرخين وصف المرحلة بالاستعمار، وسموها “حماية ” وحاولت ان لا اخوض في مراحل التاريخ حتى لا اتيه في اغوار التساؤلات، وان كنت مضطرا ان اتساءل حماية من؟ و من من؟…

على أي طردنا فرنسا من الارض، وانقسمنا قسمين، نعلن من خلالهما الندم حتى وان لم نعلنه علانية، فئة فقيرة ترمي بنفسها في البحر تسعى وراء العيش عند من طردت، واخرى ميسورة ترسل ابناءها للدراسة في الجامعات والمعاهد الفرنسية مؤمنة بالتفوق العلمي والمعرفي لعدو الامس، وتستفيد من عالم الحريات، والمسارح، والشواطيء النظيفة، و المرافق العامة، و المناظرالمبهرة، وجديد الاختراعات واسرار الموضة …..غيرنا ساعتنا لتساير اقتصادهم، نقلنا بالحرف مناهجهم، فتحنا المجال لشركاتهم لبناء الطريق السيار والقطار السريع …معالمهم بادية في تسريحات شعرنا، في تواصلنا وطريقة اكلنا، عاداتهم في اعراسنا، بل نبكي على موتاهم ولانقيم الحداد على ذوينا، المتحضر لدينا من يتحدث لغتهم بطلاقة مع اهله، في عمله، في ناديه …ننتظر كل صيف عملتهم عبر مهاجرينا لملء الخزينة وتنشيط اقتصادنا…معاهد فرنسية في اغلب مدننا…ابقينا قوانينها التي سنتها لاستغلال خيرات القبائل، من غابات، مقالع، اراضي جماعية … بل وفوتنا الاراضي المسترجعة لذوي النفود دون ان نسال انفسنا يوما لمن هي قبل ان تغتصبها فرنسا منهم؟…رحم الله طرفة بن العبد حين انشد قائلا : وظلم ذوي القربى اشد مضاضة : على المرء من وقع الحسام المهند.

كثيرا ما اسمع المسنين يرددون ان اغلب القناطر الصامدة والطرق التي لم تتاكل هي من انجاز فرنسا، مرددين اسماء معلمين ،اساتذة فرنسيين رغم بعد الزمن، اسماء خلدها الجد، وارغمت الذاكرة على الاحتفاظ بهم.

مضى على طرد الفرنسيين قرابة الستين سنة، دبر فيها بنو جلدتنا امورنا في حكومات متعاقبة، ونحن لازلنا سياسيا نعاني من ديموقراطية هشة، احزاب منبطحة، انتخابات يحكمها المال، نستورد برامج احزاب غربية قوية ونحن نعلم علم اليقين عجزنا على تفعيلها، اما اجتماعيا فلم نتحرر بعد من الفقر، المرض، الامية، الاجرام.

وأبقينا من طردوا الفرنسيين في الجبال يئنون تحت وطأة البرد، واستفاد الانتهازيون من الرخص والامتيازات، ورغم ذلك لم نقو رغم مرور السنين ان نبني لانفسنا وطنا متحررا من التبعية الفكرية والاقصادية والسياسية.

ونعمل دائما على التطبيل لبطولات الماضي متناسين العمل لاثبات الذات، وكل سنة يصنفنا تقرير الامم المتحدة في سلالم المتأخرين مع دول لاتملك من المؤهلات شيئا.

شيء جميل أن نحكم انفسنا بانفسنا، لكن ليس جميلا ان يكون استقلالنا اجوفا رغم مرور السنين. ورحم الله الشاعر الكبير المتنبي حين قال: عيد فبأي حال عدت ياعيد.. بما مضى أم بأمر فيك تجديد.

اقرأ أيضا

“اللغة الأمازيغية بالمغرب: تحديات البقاء ومخاطر الانقراض بعد إحصاء 2024”

تقف اليوم اللغة الأمازيغية بالمغرب، باعتبارها ركيزة أساسية في تكوين الهوية الوطنية المغربية، أمام تحدٍ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *