غياب المغرب من حفل قرعة كأس افريقيا المقام في المغرب

أمينة ابن الشيخ أوكدورت

أثناء مشاهدتي لحفل قرعة كأس أمم إفريقيا بالمغرب، صُدمت بما رأيت. كنت أتوقع احتفالًا يعكس هوية المغرب وثقافته العريقة، لكنه جاء خاليًا من أية مرجعية إفريقية، ولا أمازيغية ولا مغربية، احتفال لم يكن له لا طعم ولا لون ولا رائحة.

لم يكن هناك شيء يدل على أننا في بلد له جذور ضاربة في التاريخ والثقافة، لا في اللباس، ولا في الموسيقى، ولا حتى في الهوية البصرية للحفل، التي بدت باهتة وعشوائية.

الأدهى من ذلك أن الواقفين على هذه “الفرجة” بمعناها الدارجي، لم ينجحوا حتى في منحه لونًا غربيًا يليق به، فوقعوا في فخ التقليد الفاشل. كما ذلك الغراب الذي يريد تقليد مشية الحمامة ففشل بعد تمارين مكثفة، ولما أراد العودة الى مشيته الاصلية اكتشف انه نسيها، فلم يعد يمشي كالغراب ولا كالحمامة، وهذا تمامًا ما حدث في هذا الحفل، الذي لم يكن مغربيًا، ولا إفريقيًا، ولا حتى عالميًا، بل مجرد خليط فاقد للهوية والطابع.

جاء هذا الحدث في وقت يعيش فيه المغرب تصالحًا مع ذاته، وعلى مشارف انتهاء الاحتفالات بالسنة الأمازيغية، التي أصبحت رمزًا للنهضة الثقافية والاعتزاز بالهوية، فكان من المنطقي أن يكون الحفل مناسبة مثالية لاستثمار هذه الروح وإبراز عمق المغرب التاريخي والثقافي. لكن بدل ذلك، قدموا لنا عرضًا جافًا، بلا طعم، بلا إحساس، وكأنهم تعمدوا إفراغه من أي معنى.

حتى اختيار الزليج المغربي في تصميم كأس إفريقيا، الذي كان يمكن أن يكون بوابة لإبراز العمق الثقافي للمغرب، تم تجاهله تمامًا. هذا الرمز الذي يعكس ارتباط المغرب بجذوره الإفريقية لم يُستثمر كما يجب، وكأن هناك إصرارًا على تقديم بلدنا بوجه مشوّه، بلا ملامح واضحة.

على القائمين على تنظيم هذه التظاهرة وغيرها، أن يعوا بأن تنظيم كأس إفريقيا وكأس العالم مستقبلا ليس مجرد حدث رياضي، بل فرصة لتعريف العالم بلغاتنا المتعددة وبموروثنا الثقافي المتنوع وبهويتنا الاصيلة. لكن للأسف، الحفل جاء بلا رؤية، بلا انتماء، وبلا رسالة واضحة.

فهل سيتم تصحيح هذا الخطأ في التظاهرات القادمة؟ أم أننا سنستمر في إضاعة الفرص، والتخبط بين تقليد الغرب الفاشل والتجاهل التام لذاتنا؟ نأمل أن يستفيق القائمون على مثل هذه الفعاليات قبل فوات الأوان.

اقرأ أيضا

الدكتور إدريس البخاري يقدم كتابًا عن الحسن الثاني: حكمة ملك ومسيرة إنجاز

صدر حديثًا عن الدكتور إدريس البخاري كتابٌ يوثق المسيرة الحافلة للملك الحسن الثاني، مسلطًا الضوء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *