إذا كان الشعرالأمازيغي (إزران) بوحا وجدانيا عن الأحاسيس والمشاعر والمعاناة التي تتلذ بها الذات الريفية و تعبيرا صارخا في مضى عن الواقع المعيشي للبيئة التي تدور فيها الأحداث, حيث يصورها الشاعر في قالب شعري موزون بكلمات مقفاة ذات جمالية في اللغة تبهر مسامع المتلقي, وصور بلاغية تعجز كل السامعين لها.
فإنه اليوم (أي شعر الإزري) شكل من أشكال الحيوية الإجتماعية التي يتعاطى لها الكل بدون استثناء, ولم يعد ينشد فقط في الأعراس والحفلات والأنشطة الفلاحية والموسمية كما عبر عن ذالك سلفا مجموعة من الباحثين, بل يمكن القول أنه في السنوات الأخيرة تخطى كل الحدود الكلاسيكية و أصبح ورقة تأريخية لا يستهان بها في تأريخ محطات مهمة من تاريخ الريف, فاليوم أصبح لزاما على الباحثين الأخذ به كوثيقة مرجعية محلية في استقراء التاريخ واستخراج المعطيات التي تخص منطقة الريف بالتحديد, لما له من صدق في التوصيف والدقة في تناول المعطيات والأحداث بكل نزاهة وتلقائية.
سنعرض في هذا المقال آخر ما جادت به القريحة الشعرية لدى الريفيين ونحن نقف اليوم على ناصية وباء فيروس كورونا, نترقبه وقد اخترق الدنيا طولا وعرضا, وأرغم أزيد من نصف سكان الأرض بالتزام بيوتهم وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى, مع تجميد كل الأنشطة الحياتية التي كان يمارسها الإنسان في شتى المجالات بسبب انتشار العدوى بطرق سريعة أرهبت العالم أجمع وأقعدته داخل الحجر الصحي كحل أخير لمحاصرته واحتوائه, فأغلت المحلات التجارية والمساجد والجامعات والمدارس والأسواق وجمدت حركة التنقل من وإلى كل البلدان, حتى بين المدن الصغيرة والقرى بل وحتى العائلات في صلة الرحم فيما بينها.
إن هذا الرعب الذي زلزل العالم لم يسلم منه الريفيون أيضا, تعايشوا مع كل التفاصيل الدقيقة منذ ظهور الفيروس في مدينة ووهان بالصين وانتقاله إلى كل بقاع العالم مخلفا آلاف الموتى وأزيد من مليوني مصاب, لكن الأنا الشاعرة الريفية تبقى دائما حاضرة في الأفراح كما الأزمات, فعبر الشعر الريفي عن هذه المأساة وشخصها بدقة متناولا أغلب العناوين الكبرى التي كانت بارزة في هذه الجائحة, ليبقى الإيزري حجة علينا وليس لنا, ما دمنا نتحدث عن هذا الشعر بالموت والفناء, فإنه يأبى أن يموت, ويحيى هو فينا, متجددا متراكما عبر عصور.
سنعرض هنا أبرز العناوين خلال هذه الجائحة وكيف تناولها الشعر الأمازيغي بالريف واستمال في تشخيصها والتعبيرعنها بموضوعية وصدق, بدءا بالمحطة الأولى (ظهور الفيروس) مرورا بتشخيص أثرها على الحركة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية دون أن يغيب الجانب العاطفي والديني الذي يبقى دائم الحضور في الإزري.
ظهور الفيروس
mana rɛjeb a yeḍhad itsara idduṛa
itadef zi tmijja itḥebbes gi ḍuṛa
الإعلان عن أخذ الإحترازات الضرورية (تعقيم اليدين)
iwa ya kuṛuna ci d ccem ci d rweswas
fus mara yessad qqaɣas ɛad ixessas
إعلان حالة الطوارئ الصحية
Tamcunta n kuṛuna nettat ma teḥkam
Tbelleɛ timzidawin tessexwa tineddam
غلق المساجد ومكة
a ɛemmas uneɛqir a ṛebbi i ddeqqa
belɛent temzidawin tbelleɛ ralla mekka
الحجر الصحي
qqim gi taddart inek a mami ha ɣufiɣ
kuṛuna taɣeddat necc uzzayek sxiɣ
**** **** ****
neqned gi tudrin a ḥafid ssalama
qqaɛ resbab ines d tamcunta n kuṛuna
ارتباط الشعر بسجن معتقلي الحراك الشعبي السابق (عكاشة)
ṛebbi idaneɣ yuran rḥebs n ɛukaca
igganeɣ d ssabab s rehrak n kuṛuna
الحب في زمن كورونا
ikunteɛlik llah a kuvid aṛumi
tejjiday ur ggiɣ ag mami amerqi
التدريس عن بعد
inas i kuṛuna ma tewtid iẓuṛan
ḍreq i lasatid ad sɣan imeḥḍan
تعاطي الإعلام الوطني والدولي مع كرونا
a kuṛuna reɛjeb kkulxi xam i tessawar
Tudfed s jjehd inem texrid qaɛ dduwal
**** **** ****
a kuṛuna reɛjeb awar uxam itekkes
Tejjid lbacar kkurci mani iḥebbes
تقييد الحركة والتنقلات
kuṛuna kuṛuna wellah ila xaṭaṛ
teqḍeɛ xay asari teqḍeɛ xay ahajaṛ
ملء المستشفيات بالمصابين
a kuṛuna tireft a lḥafid d lxaṭaṛ
tejja seppiṭaṛat kkulci mani iɛemmaṛ
**** **** ****
a kuṛuna reɛjeb d tifist i tedja
tɣeṭṭeṛ gi ccawariɛ tsekkan i seppiṭa
تزايد الوفيات في العالم
a kuṛuna reɛjeb i ma uɣam bu wemkan
tɛemmad seppiṭaṛat tɛemmad rad imeḍṛan
**** **** ****
a kuṛuna reɛjeb nnejmeɛ a rɛar inem
mecḥar d lbacar i tewwid ɣa yiri inem
الراميد
a ṛuḥ a ten yennan wa ɣares bu refrus
a necc ɣay rramid wa kessiɣ bu wemnus
تشخيص أصل الفيروس
min idjan gi ddenya a yekkid zi tcina
Ttawmi daneɣ tessek rehrak n kuṛuna
إجبارية ارتداء الكمامات
a mana lbirus a ya ḥafid ya salam
ijja ɛibad llah qqaɛ ttikumam
طبيعة كرونا
wenn iggin manaya aya ṛebbi fna-ṯ
mḥa-ṯ zi ddenya ya qa wɣas da bu tesɣat
في العالم وداخل البلد أثر كرونا على الأزمة الإقتصادية
nnesxed a kuṛuna nnesxed a lebla
qqa texrid timura texrid rad ddewla
طلب رفع البلاء
في الشعر الأمازيغي عموما كلما تعقدت الأمور على الشاعر ولا يجد سندا في محيطه فإنه يلتجأ إلى قوة أعظم دائما في نظره هي الله ( أيا الله تعالى – ايا سيذي ربي ..)
a ḥin ha ya ṛebbi ḥin ur tegg am rɛebd
Ksi xneɣ kuṛuna ḥuma untṛiḥ mɛeddeb
**** **** ****
ɛfu x l’umma inek aya llah taɛala
ssiɣd fus inek ksi xneɣ kuṛuna
**** **** ****
aya sidi ṛebbi i min dak nessexṣa
Tucid aneɣ kuṛuna ttneqq d lxaṭa
**** **** ****
aya sidi ṛebbi i minzi tɣa neɛder
tucid aneɣ kuṛuna taraneɣ ɣa dixer
إلى هنا يكون الإيزري قد عبر عن مختلف المواضيع التي مست الرأي العام الدولي والوطني دون إغفال الجانب المحلي المتعلق بالريف خصوصا, مقدما وصفا كرونولجيا عن فترات وأحداث ووقائع شغلت بال العالمين في هذه الفترة.
عموما يبقى الإيزري هو الأكثر تداولا وإنشادا بين الريفيين في كل الفترات الحاسمة التي تعصف بالتاريخ, فارضا نفسه بقوة رغم بروز القصيدة المغناة (ثاقسيسث) ورغم تراجع الفتيات (ثيبريغين ن أرايس) عن الإنشاد والميدان.
ملحوظة : (كل الشعر المذكور في هذا المقال جمعته من مصادر شخصية خاصة ما عدا إزريين إثنين).