المكان الطبيعي للتلاميذ في هذا الوقت من السنة هو داخل حجرات الدراسة أملاً لاكتساب معارف و مهارات و قيم تمكنهم من التفوق و التميز في حياتهم الشخصية و للدفع بعجلة بلادهم في كل المجالات نحو الأمام، لكن لفيروس كورونا سلطته العليا أفرض بها على الجميع التزام البيوت، الشيئ الذي أدى لتوقف الدراسة في المؤسسات عامة، و هو ما اقترحت معه الوزارة الوصية على قطاع التربية والتعليم حلا متمثلا في ما أطلقت عليه تسمية “التعليم عن بعد” كحل اجرائي لهذه الظرفية الوبائية مع العلم أنه يفتقد لشروط المساواة بين أبناء الوطن الواحد، إذ يحرم تلاميذ الجبال و الفقراء عامة من حقهم في التعلم، إلا أن من مزياه أنه عَرَّى و أمام الملأ، عبر القنوات الفضائية التي تبث فيها الدروس، عن واقع اللغة الأمازيغية في التعليم التي تمة إقرار إدماجها في النظام التربوي منذ شتنبر 2003.
لا تمر دائماً الأرقام والإحصائيات التي تقدمها الوزارة والتصريحات الإيجابية لمسؤوليها حول عملية إدماج الأمازيغية في التعليم أفقيا و عموديا دون أن تسيل ورائها كثيرا من المداد، فدائما ما كانت متناقضة مع الواقع ومع التقارير الميدانية التي تنجزها أطراف أخرى، كما أنها تخلق تذمرا واسعا لدى مناضلي الحركة الأمازيغية الذين لا يهدأون ولا يملون عن المواكبة النقدية لكيفية تدبير وسير هذه العملية نظرا لحجم طموحاتهم وحجم القضية الأمازيغية.
وإذ نقدم الأرقام الآتية للأسبوع الرابع لبدء “التعليم عن بعد “، أي من 6 إلى 11 أبريل، حول الحيز الزمني المخصص للغات المدرسة بالمدرسة من السنة الأولى إلى الخامسة ابتدائي، وهي المستويات التي تبث دروسها قناة تمازيغت، فإننا نؤكد أنها أرقام تقريبية قد تتضمن هامش الخطأ لكن لن يتعدى بضع دقائق قليلة جداً، أرقاماً قمنا برصدها عبر متابعتنا لهذه القناة وكذا للإعلانات اليومية المنشورة في الصفحة الرسمية للوزارة بالفايسبوك ( يمكنكم العودة إليها للتحقق من الأرقام)، كما يالي:
-زمن اللغة الأمازيغية لجميع المستويات الخمسة كان هو حصتين في هذا الأسبوع، واحدة يوم 6 أبريل و الثانية يوم 9 منه، بحولي 10 دقائق لكل حصة أي ما مجموعه 20 دقيقة تقريباً.
-اللغة الفرنسية كان من نصيبها حولي 4 ساعات و 40 دقيقة موزعة على حصص مبرمجة بشكل يومي.
-أما اللغة العربية فكانت لها حصة الأسد بأزيد من 7 ساعات موزعة هي الأخرى على حصص مبرمجة بشكل يومي.
إن القراءة التي تقدمها هذه الأرقام لا تعكس إلا واقع اللغة الأمازيغية وسط جدران الأقسام في الظرفية الطبيعية للعملية التعلمية، الذي هو واقع تحاول الحكومات المتعاقبة تلميعه، كما أنها أرقام تشير لإعدام الفصل الخامس من الوثيقة الدستورية و معه ضرب عرض الحائط 57 سنة-أي منذ المقالة الأولى للهرم محمد شفيق سنة 1963 إلى اليوم- من التضحيات الفكرية، و السجالية و المادية.. التي قدمتها نخبة الحركة الأمازيغية ليظل عدم تحقق المساواة المطلوبة بين اللغة الأمازيغية وغيرها، حيث لا تحظى الأمازيغية بنفس الإرادة السياسية،و فرص النماء و التطور التي تتمتع بها نظيرتها العربية وكذا الفرنسية.
و في الأخير، إن سيرورة الأحداث التي طالت موضوع تدريس الأمازيغية و النتائج المحصلة تحتم على الحركة الأمازيغية و خصوصا نخبتها التفكير في آليات عمل جديدة تمكنها من إسقاط جدار المقاومة التي تبديها العقليات القديمة داخل دواليب الدولة و الأحزاب، وكذا من رفع الحجر المفروض على الأمازيغية لغة وثقافة و تاريخ بشكل نهائي، لكي تلعب الأمازيغية أدوارها الطلائعية في مجالات التعليم و الإعلام و القضاء و بجميع مؤسسات الدولة العمومية منها و الخاصة.
*أستاذ
ألف تحية للأستاذ السيد شكنو ، على غيرته الدائمة على الأمازيغية و على أ ج ت ف ع ت .