من الصعب تحديد المفاهيم، أو إجاد تفسيرات للممارسات الإجتماعية في مجتمع يعيش الانفصام حتى في علاقته بالعادات والتقاليد والممارسات الدخيلة، أو المستوردة.
والمجتمع المحافظ، كثيراً ما يعاني من انفصام يكاد يمزقه إلى تناقضات، وانهزامات أمام العادات والتقاليد والممارسات العالمية.
وإعتبارا لوحدة الإحتفال العالمي والكوني برأس السنة الميلادية بكل أنحاء العالم ، يتجدد في كل هذه المناسبة، نقاش الإحتفال وجدلية الدين فيه، وانقسام المجتمع إلى محتفل به بإعتباره مناسبة عالمية، وبداية التقويم الجديد، ومن يرى فيه بدعة، وإتباع النصارى، تصل درجة التحريم والتكفير.
وإن كانت نسبة إحتفاظ المجتمع المغربي نموذجا بخاصية المجتمع المحافظ في طريق إلى الإندثار أمام إمتداد ممارسات وأساليب تفقد المجتمع تلك الخاصية، وتضعها في الميزان مع وجود فوارق وأنماط في المجتمع تجاوزات التحفظ إلى أشياء أخرى.
مازال الإحتفال برأس السنة الميلادية في مقدمة الإحتفالات التي تعرف احتفالا شبه رسمي في الشارع، والإعلام ، وفي كل مناحي الحياة، دون إغفال الجانب الاقتصادي والمالي والسياحي الذي يعد الإحتفال برأس السنة الميلادية مناسبة سنوية غاية في الأهمية ، ويتم الاستعداد والاعداد لها منذ شهور.
ولا غرابة أن نجد من يحرم الإحتفال برأس السنة الميلادية، واخر يعتبره مناسبة اقتصادية وسياحية سنوية مهمة، ومن يقف في الوسط بين الطرفين، ويكتفي بالنظر والتأمل.
ومازالت أعتبر رأس السنة الميلادية، مناسبة تؤكد خصوصية المغرب في الاحتفالات العالمية، بحيث الإحتفال يعم المدن بالدرجة الأولى، والإعلام عبر السهرات الليلية، وفي نفس الوقت أصوات تصرخ معتبرة الإحتفال حرام وبدعة وخروج عن الدين.
وفي بداية العام الجديد، يتم الإجماع بدون منازع عن التسيير الإداري والمالي، والخدمات الخاصة والعامة، وكل شؤون الدولة والمجتمع حسب التقويم الميلادي.
وما جعل صوت التحريم لم تجد الأذان الصاغية إلى الآن بشكل المطلوب حسب عدد الدعاة إلى التحريم، وحجب الإحتفال أن المجتمع المغربي في الأصل كوني ، ولا يتدخل في عقيدة الأخر ، ولا يربط العلاقات الاجتماعية بالتدين .
وحتى نحتفل بشكل جيد، كان الأجذر بنا تقييم سلوكياتنا ومسارتنا في السنة الماضية من أجل الاستفادة من الأخطاء والهفوات وعليه تجاوزها في السنة الجديدة، وتطوير الذات من أجل العيش الكريم وخدمة الذات والمجتمع.