في الحاجة إلى تعديل قانون الجمعيات

ثورة المجتمع المدني بالمغرب، خاصة منذ بداية القرن إلى الآن، والمساهمة الفعلية في تطور المملكة المغربية، وتنزيل أوراش كبرى ذات الصلة، تتطلب اليوم إعادة النظر في القانون المنظم للجمعيات، والذي لم يع صالحا لهذا الزمان سواء بنسخته الأصلية أو المعدلة ، في ظل مغرب إنخرط في الدينامية المدنية بشكل قوي .
واستحضارا لتجارب دول أخرى غالباً ما تكون انموذج لنا في السياسات العمومية، فإن تجربة جمهورية فرنسا في العمل الجمعوي والمدني قد تجاوزتنا بكثير خاصة في الجانب القانوني والتنظيمي وفي الصلاحيات والمهام الموكلة للجمعيات بالجمهورية الفرنسية، وكذا الإمكانيات والوسائل لإنجاح مهمة الفعل الجمعوي والمدني، وصلت درجة إعتبار عمل الجمعيات عمل إنساني كوني.
وعودة إلى تجربة المغرب الجمعوية، وإن كان هناك تفاوت في الجهات والمناطق، ووجود أزمة الفعل المدني والجمعوي، أمام وجود نشاز في بعض الجمعيات ، وتسجيل حالات الاستغلال وسوء التدبير ، والتحكم، وجمعيات بألوان سياسية وحزبية، وأخرى تغرد خارج السرب وتغني بالتوجهات المضادة.
فإن الوقت قد حان لتعديل قانون 1958وتجويده، خاصة واننا نملك تجربة جمعوية كبيرة، وخبراء جمعويين ومدنيين ، يمكن استثمار طاقتهم وأفكارهم وعصارات تجاربهم من أجل قانون للجمعيات يؤسس لتجربة جديدة ، تجعل بالفعل الجمعيات في مستوى قوي للقيام بأدوارها والعمل من أجل الوطن ومستقبل هذا البلاد .
ومن بين الأبواب الكبيرة التي يجب إعادة فتحها بكثير من الديمقراطية والمشاركة ومنح مزيد من المساحة للجمعيات.
_ التمثيلية بالمجالس المنتخبة ، وبالبرلمان ، وتجاوز مرحلة مجالس تكافؤ الفرص ومقاربة النوع .
_ الولوج إلى الدعم العمومي ، مع تقوية الحكامة المالية والتدبيرية، ومنح قوة قانونية للجمعيات للحصول على التمويلات ، واستثناءها في بعض القوانين كقانون الجماعات الترابية الذي يلزم هذه الأخيرة بدعم حسب الاختصاصات الذاتية ، مما يحرم الجمعيات ذات تخصص ثقافي مثلا من الدعم لدى المجالس المنتخبة.
_ بسط مساطر التأسيس والتجديد، ومنح فرص الممارسة المدنية والجمعوية لكل المواطنين بدون شروط معقدة وأحيانا تعجيزية من أجل عرقلة الفعل المدني والجمعوي.
_ الاسراع إلى إخراج مجلس الشباب والعمل الجمعوي إلى حيز الوجود ، وتدبيره بشكل معقلن وبإيم الكفاءة والسيرة الذاتية الجمعوية، وليس بمنطق المصلحة والقرابة والحزبية .
_ إعادة النظر في جائزة المجتمع المدني التي كانت نتيجة للنقاش المجتمعي حول المجتمع المدني بالمغرب، وكان يرجى منها خيراً قبل أن تسقط في الزبونية والقرابة الحزبية بين الفاعل السياسي.
_ المحافظة على أرشيف وتجارب المجتمع المدني المغربي عبر إحداث مؤسسة أرشيف الجمعيات والذي سيشكل مادة أساسية لاكتشاف المغرب الحقيقي، وأبناءه وبناته الذين إختاروا العمل المدني التطوعي من أجل تحقيق الذات والمساهمة في الرقي بالمجتمع المغربي.
ولا غرابة أن تكون الجمعيات المجتمع المدني اليوم في منافسة كبيرة لمؤسسات عمومية وشبه عمومية في التفكير والتنظير والتنزيل لأوراش ومشاريع وبميزانية بسيطة جداً ، بفعل التطوع وخدمة الوطن وحب الخير.

الحسن بنضاوش

اقرأ أيضا

الملك محمد السادس يوجه رسالة ملكية إلى المشاركين في المناظرة الدولية حول العدالة الانتقالية

وجه الملك محمد السادس رسالة سامية إلى المشاركين في المناظرة الدولية حول موضوع “مسارات العدالة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *