وجهت هيئة الدفاع عن معتقلي “حراك الريف” رسالة إلى وزير العدل المغربي، يستفسرون فيها عن أسباب استثناء موكليهم من الاستفادة من العفو النلكي الذي أعلن عليه مؤخرا، واستفاد منه الآلاف من المعتقلين.
وتساءلت الهيئة في رسالتها الموقعة من طرف النقيب عبد الرحيم الجامعي ، ومحمد اغناج، وأسماء الوديع ، وعبد العزيز النويضي:”هل أن خطر الوباء بالسجون لا يعني موكلينا كما يعني كل سجين مقيم بها؟ وهل كوفيد 19 أخبر اللجنة أنه لن يتسرب لزنازنهم وأن بقائهم بالاعتقال لا يشكل تهديدا لحياتهم ولسلامتهم ؟ وهل يُفهم من استثناء موكلينا من قبل لجنة العفو، يعني تركهم في عزلتهم وأمام مصيرهم المجهول وحدهم مع خطر وقوع الإصابة عقابا جديدا لهم ؟ وهل أن لجنة العفو كان لديها رأي و موقف مسبق منهم كلهم وقررت بالتالي عدم الإلتفات إليهم و دراسة حالتهم والبحث هل أن المعايير التي وردت ببلاغ وزارتكم لا تنطبق عليهم ؟ وهل فكرت لجنة العفو على الأقل في مَن مِنهم مَحكوم بجنح أو فِي من اقتربت عقوبتهم وأوشكت على النهاية ؟”.
وتابعت الرسالة :”وهل اطلعت لجنة العفو على الملفات الطبية للمرضى من موكلينا المتوفرة لدى المندوبية العامة لمعرفة من يحمل منهم أمراضا أو أعراضا مرضية مزمنة ( مرض الأمعاء والبواسير والأعصاب، القلب … وغيرها) والذين يُصَارعون تهديداتها يوميا ومنذ سنوات ؟ ولماذا قررت اللجنة التي حددت المعايير التي اعتمدتها في سرية، حصر لائحة ضمت أكثر من خمسة آلاف سجين وعدم تطبيقها على موكلينا احترامًا لمبدأ المساواة وتجنبا لكل تمييز وإعمَالا لقواعد الحِياد حتى يستفيدوا من فرصة سمح بها القانون تسمح لهم استعادة حريتهم ؟ وهل يمكن القول بأن لجنة العفو تعرضت مثلا لضغط او تلقت إشارات أو اتخذت موقفا ذاتيا أو سياسيا قررت معه استبعاد دراسة حالة موكلينا وعدم تسجيل أي واحد منهم باللائحة ؟ وهل تساءلت اللجنة كيف سيرَى ويتلقى الرأي العام ومعه موكلونا وعائلاتهم قرارها الإقصائي، وكيف سيقدرون أبعَادَه وتداعياته وما قد يتسبب فيه من مخاطر عليهم بالسجن وعلى صحتهم وعلى سلامتهم البدنية و النفسية، و تداعياته كذلك على التعبئة المجتمعية التي انصرف فيها الجميع للمواجهة الحقيقية للوباء كأولوية الأولويات، والتي بادر بعض موكلينا كالعديد من المواطنين، إلى الانضمام إليها من وراء أسوار السجن بمساهمة قَدْرِ الحال لفائدة صندوق الدعم ؟”.
وقالت الهيئة إن “تعامل لجنة العفو مع معتلقي الريف هو تعامل نقيض لدولة المؤسسات والقانون، كما يشكل خطرا عليهم يمكن وصفه بالحيف والتمييز والانتقائية”، معتبرة ان “اختيارها تنحيتهم من لائحة العفو بالرغم من أن المعايير التي حددتها اللجنة والتي ورد ذكرها ببلاغ وزارة العدل تنطبق عليهم دون استثناء ، وضع يطرح كل التساؤلات عن مشروعية موقفها إزاءهم”.
واسترسلت “إننا نعتبر أن لموكلينا الحق في الحرية و الإفراج والعفو كوسيلة للتخلص السريع وقبل فوات الأوان من خطر الوباء ومن انتشار الفيروس، ولهم الحق في الوقاية بمعانيها الحقيقية الواسعة وهي استعادتهم حريتهم والتحاقهم بذويهم للتحصين والاعتزال إذ بدونه سيكون مصيرهم في كف الوباء بكل اليقين، وفي ذلك تتحمل اللجنة مسؤولية ما قد يصيبهم لا قدر الله من مخاطر”.
وطالبت الهيئة “بمعرفة و بيان ما يمكن أن يجيب عن التساؤلات أعلاه وعلى غيرها، مع موافاتنا بالمبررات التي حالت دون دراسة ملفاتهم من قبل اللجنة، وبيان أسباب عدم تسجيلهم في لائحة الأشخاص المقترحين منها ومعرفة أسباب إقصائهم، وكذا سبب عدم اطلاع اللجنة على ملفاتهم الطبية التي تفيد أن العديد منهم يحمل أمراضا لا زالت عالقة بهم وآثارها تهددهم وسلامتهم كل لحظة، وتبرر ادراجهم باللائحة”.
وزادت “إننا على استعداد أن نلتقي بكم في حدود صلاحياتكم واختصاصات وزارتكم، لاعطائكم ما يمكن أن تكونوا في حاجة إليه من إفادات أو بيانات تُظهِر لكم أحقيتهم في معاملتهم بالمساواة وباحترام لحقهم في الصحة وفي السلامة بمثل المقاييس التي أشار إليها بلاغ وزارتكم، حتى تتمكنوا من تدارك الإغفال أو الإهمال الذي يمكن أن تكون لجنة العفو قد وقعت فيه”.
وشددت الهيئة على أنه “من حق موكليها أن يستعيدوا حريتهم لأنهم تعرضوا لمتابعات قامت على اعترافات انتُزِعت من بعضهم تحت الإكراه والتعذيب خلافا للقانون الوطني والدولي، كما شهد بذلك أطباء المجلس الوطني لحقوق الإنسان بنزاهة وتجرد وموضوعية، وصدرت ضدهم عقوبات في محاكمة لم تتقيد بمعايير المحاكمة العادلة المقررة في الدستور وفي القانون الدولي لحقوق الإنسان وفي أدبيات اللجان الأممية المعنية بالموضوع، محاكمة هُدِرت فيها قرينة البراءة وحقوق الدفاع، محاكمة وصفها مراقبون تشهد لهم نزاهتهم انها من اسوء واخطر المحاكمات الجماعية التي شهدها المغرب والتي وضعت من جديد علامات استفهام حول حالة استقلال قطاع العدالة والقضاء، فهل فكرت لجنة العفو في كل هذه المعايير الأكثر موضوعية من أي معيار ؟”.
وطالبت رسالة هيئة الدفاع عن معتقلي حراك الريف ب”مراجعة بعض مواد ظهير العفو الذي لم يعد مواكبا للأوضاع المجتمعية والقانونية والحقوقية لمغرب اليوم، من أجل تجديدها وإدخال تعديلات عليها، وبصفة خاصة للتنصيص فيه بوضوح على معايير قانونية دقيقة الصياغة وشفافة التي تَفْرَضُ نفسها على الجميع بما فيهم أعضاء لجنة العفو لتكون وحدها مرجعا لهم تقيد رأيهم وسلطتهم، لأن الرجوع لرأي الأعضاء فقط دون معايير محددة كما هو منصوص عليه بالمادة 10حاليا، أمر غير مقبول لأنه يترك باب التأويل مفتوحا واحتمال الانزلاق في الخطأ والتمييز قائما كما وقع مع موكلينا”.
واستطردت :”فما هو صحيح صائب لدى أعضاء اللجنة ربما غير صحيح عند غيرهم، وما هو عَاِدل في رأيهم ظُلم عند غيرهم، وهذا ما نتمنى أن تنتبهوا إليه بسرعة، وتقدموا كل المبادرات التشريعية لتجاوزه، حتى يطمئن الجميع لعمل اللجنة وحتى تزداد لمصداقيتها المناعة و الشرعية، وحتى لا يتصرف أحد في حقوق الأشخاص وفي تحديد مراكزهم وفي مدى حقهم في الحرية حسب عقليته وتقديره الذاتي، وحسب رأيه الخاص دون قيد ولا رقابة أو رقيب”. وفق ما جاء في الرسالة.