ببالغ الحزن والأسى، تلقيت نبأ وفاة الفنان التشكيلي والمناضل الأمازيغي عبد الله واكريم، ابن دوار أداي بجماعة أملن، نواحي تافراوت، الذي وافته المنية صباح يوم الأحد 13 يوليوز 2025، بعد مسار نضالي وفني عميق ترك فيه بصماته على المشهد الثقافي الأمازيغي.
رحيل واكريم لا يمثل فقط فقدان فنان تشكيلي موهوب، بل هو غياب أحد الأصوات الصادقة التي اختارت أن تقاوم بصمت، وأن تُعبّر عن وجع الأرض واللغة والإنسان بريشة مُشبعة بالرموز، بالحلم، وبالانتماء. لم يكن يرسم من أجل الجمال فقط، بل من أجل استعادة الكرامة الثقافية ورفض الإقصاء، مستحضرًا في كل عمل فني ثقل التاريخ وتحديات الحاضر.
عبد الله لم يكن فنانًا معزولًا عن محيطه، بل كان فاعلًا جمعويًا مؤمنًا بقوة المبادرة المحلية، وبقدرة الفن والثقافة على التغيير. حضر في الملتقيات، دعم أنشطة الشباب، وفتح بابًا للأمل في قرى الأطلس الصغير، دون صخب ولا ادعاء، بل بإيمان عميق بالقضية الأمازيغية التي جعل منها نهجًا ومسارًا حياتيًا.
عرفته عن قرب إنسانًا متواضعًا، صبورًا، لا يلهث وراء الأضواء، بل يجعل من الريشة وسيلة للبوح وللتوثيق، وكان دائمًا ما يقول لي: “علينا أن نحفظ الذاكرة الجماعية حتى لا تُمحى من على الجدران والقلوب”. وقد فعل. فقد رسم ما لم يُكتب، وترك أثرًا في لوحات، وفي وجدان من عرفوه أو صادفوا أعماله في المعارض أو الملتقيات.
وإذ أودعك اليوم يا عبد الله، أودّع فيك فنانًا آمن بالهوية كفعل يومي، والمقاومة كالتزام أخلاقي، والفن كجسر نحو الكرامة. أودّعك بقلب يعتصره الأسى، لكن بروح مؤمنة أن ما زرعته من ألوان ووعي لن يضيع.
رحمك الله يا ابن تافراوت، يا مناضلًا صامتًا، وفنانًا صدّاحًا بلغة اللون.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
ستبقى لوحاتك ذاكرة نابضة، وستبقى تافراوت تذكر اسمك بفخر.