مدريد تستضيف قمة “الناتو” وتسعى لإقناعه بالأهمية الاستراتيجية للتهديدات التي يتعرّض لها جناحه الجنوبي


تعتزم إسبانيا التي تستضيف قمة لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، إقناع التكتل بالأهمية الاستراتيجية للتهديدات التي يتعرّض لها جناحه الجنوبي.

ويُفترض أن يتمّ، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية، تبني خلال هذه القمة التي تُعقد من 28 إلى 30 يونيو في العاصمة الإسبانية، “المفهوم الاستراتيجي” الجديدة للناتو، الذي سيمثّل المراجعة الأولى لخريطة طريق الحلف منذ 2010.

وهذه فرصة، تضيف الوكالة الفرنسية، كانت تحلم بها مدريد للدفع من أجل النظر إلى الأمور “من كل الزوايا” بما في ذلك التهديدات غير التقليدية مثل الإرهاب أو “الاستخدام السياسي لموارد الطاقة والهجرة غير القانونية” من الجنوب، وفق ما أكد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس.

وشدد ألباريس خلال مؤتمر صحافي على أن “التهديدات تأتي من الجناح الجنوبي بقدر ما تأتي من الجناح الشرقي”.

من جانبها، قالت وزيرة الدفاع مارغاريتا روبلس “هناك هذه الحرب في أوروبا لكنّ الوضع في إفريقيا مقلق بالفعل”، مشيرةً خصوصًا إلى الجماعات الجهادية النشطة في منطقة الساحل.

“تهديدات روسية” في إفريقيا

لمحاولة إقناع شركائها بأهميّة الجناح الجنوبي، تلوّح مدريد بالتهديد الروسي في إفريقيا، ولمحت أيضًا إلى أن موسكو هي التي تقف خلف خلافها مع الجزائر.

وقال ألباريس، حسب ذات المصدر  “للأسف، التهديدات التي تأتي من الجنوب هي أكثر فأكثر تهديدات روسية آتية من الجنوب”. وتندد الحكومة الإسبانية بالوجود المتزايد لمرتزقة روس من مجموعة “فاغنر” الخاصة في مالي وإفريقيا الوسطى.

وتخشى مدريد خصوصًا من أن يؤدي انعدام الاستقرار في هذا الجزء من القارة الإفريقية إلى زيادة الهجرة غير القانونية نحو أوروبا، وفي المقام الأول إسبانيا.

وارتفعت حصيلة قتلى المهاجرين غير النظاميين، والذين قضوا أثناء محاولتهم، الجمعة، اقتحام مدينة مليلية إلى 23، وفق حصيلة نشرتها السلطات المغربية المحلية مساء السبت.

وأعلن مصدر في السلطات المحلية بإقليم الناظور، مساء السبت، ارتفاع عدد قتلى هذه المحاولة إلى 23 قتيلا، موضحا أن “18 مهاجرا وعنصرا في قوات الأمن لا يزالون يخضعون لمراقبة طبية”.

من جهته، قال المكلّف بملفّ الهجرة في الجمعيّة المغربيّة لحقوق الإنسان بالناظور، عمر ناجي، لوكالة الصحافة الفرنسية، “معلوماتنا تُشير إلى سقوط 27 قتيلا”، مشيرا إلى أنّ هذا الرقم “مرشّح للارتفاع في ظلّ العنف الذي طبع المواجهات بين المهاجرين وقوّات الأمن”.

وجدّد التشديد على مطالبة الجمعيّة بـ”فتح تحقيق عاجل ومعمّق لكشف ملابسات هذه المأساة غير المسبوقة من نوعها في الناظور وفي المغرب عامّة”.

وانضمّت منظّمات غير حكوميّة أخرى إلى هذه الدعوة، إضافة إلى “المنظّمة الديمقراطيّة للشغل”، أوّل نقابة تُدافع عن العمّال المهاجرين في المملكة.

وحضّت الأخيرة الحكومة على “فتح تحقيق في هذه المأساة والقيام بما هو ضروريّ لصالح الضحايا من الجانبَين”.

بدأت هذه المحاولة الجماعيّة لاقتحام السّياج قرابة الساعة 06,40 عندما عمدت “مجموعة تضمّ حوالي ألفَي مهاجر إلى الاقتراب من مليلية”، حسب الشرطة المحلّية.

وأوضحت الشرطة أنّ “أكثر من 500” منهم “قدِموا من دول في أفريقيا جنوب الصحراء” واقتحموا المركز الحدودي مستخدمين “مقصّات”، مشيرة إلى أنّ 113 منهم نجحوا في الدخول.

وهذه المحاولة هي الأولى منذ عودة العلاقات إلى طبيعتها في منتصف مارس بين مدريد والرباط، إثر خلاف دبلوماسي استمرّ نحو عام.

وأنهى رئيس الوزراء الإسباني الأزمة بإعلانه دعم مدريد خطّة الرباط لمنح حكم ذاتي للصحراء.

وقد استقبله العاهل المغربي الملك محمّد السادس بداية أبريل لتكريس المصالحة.

“تعاون استثنائي”

بالنسبة إلى مدريد، يتمثّل الهدف الأساس لهذا التطبيع في ضمان “تعاون” الرباط في السيطرة على الهجرة غير الشرعيّة.

ورحّب سانشيز الذي يُواجه انتقادات داخليّة حادّة بسبب تغيير موقفه، الجمعة، بـ”التعاون الاستثنائي” للرباط في شؤون الهجرة، وهو ما يؤكّد “الحاجة إلى أفضل العلاقات”.

وقُبيل هذه المصالحة، شهدت مليلية محاولات عدّة لاقتحام السياج الحدودي في بداية مارس، بما في ذلك أكبر محاولة للعبور تُسجّل في الجيب شارك فيها نحو 2500 مهاجر. ونجح 500 منهم تقريبا في الدخول وقتذاك.

“مافيات”

في مدريد، اعتبر رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، السبت أنّه “إذا كان ثمّة مسؤول عن كلّ ما حدث على الحدود، فهي المافيات التي تُتاجر بالبشر”.

وذكر أنّ “الدرك المغربي عمل بالتنسيق مع قوّات الأمن (الإسبانيّة) لصدّ هذا الهجوم العنيف الذي شهدناه” الجمعة.

وحاول نحو ألفَي مهاجر، صباح الجمعة، اقتحام السياج. وبحسب حصيلة أوّلية للسلطات المحلّية، فقد سقط خمسة قتلى في صفوفهم وجُرح 76 آخرون.

وأوضحت السلطات أنّ الضحايا قتلوا في حوادث “تدافع وفي سقوطهم من السياج الحديد” الذي يفصل مليلية عن الأراضي المغربيّة، في محاولة اقتحام شهدت “استخدام وسائل عنيفة جدا من جانب المهاجرين”.

شاهد أيضاً

تقرير رسمي.. “المجلس الوطني لحقوق الإنسان”: تدريس الأمازيغية يسير بوتيرة بطيئة والحيز الزمني في الإعلام “ضيق”

أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن “هناك تحديات مرتبطة بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية، والتأخر في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *