دعا وفد عن التجمع العالمي الأمازيغي، حل صباح أمس، 29 يونيو 2017، بمقر مفوضية الاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية بالعاصمة البلجيكية بروكسيل، لتفعيل اتفاقية الشراكة التي تربط المغرب بالاتحادالأوربي، التي تنص على أن احترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية، كما هو منصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، عنصر أساسي في هذه الاتفاقية.
وأطلع الوفد الأمازيغي الذي ضم رئيس التجمع العالمي الأمازيغي رشيد الراخا، وكاتبه العام امحمد بيهمدن، المسؤولين عن جهة شمال إفريقيا والسياسة الخارجية لجنوب البحر الأبيض المتوسط، المنتسبين لمندوبية العلاقات الخارجية الأوروبية، خلال الاجتماع الذي جاء بأمر من الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة بالشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، فيديريكا موغيريني، على تفاصيل الأحداث التي عرفتها منطقة الريف طيلة مسار الحراك الذي انطلق منذ مقتل محسن فكري، وعن أهم الخروقات التي شابت تعامل الدولة مع هذا الأخير.
وأضاف الوفد الأمازيغي، أن الحكومة المغربية عوض الاستجابة للمطالب المشروعة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية لنشطاء الحراك الشعبي بالريف، لجأت إلى استخدام القوة لقمع وتعنيف آلاف المواطنين الذين خرجوا للاحتجاج السلمي في مدينة الحسيمة وغيرها من المدن والقرى في منطقة الريف.
وذكر الوفد أن السلطات شنت حملة اعتقالات تعسفية في حق المحتجين وقادة الحراك، في خرق سافر للقوانين الوطنية والمعاهدات الدولية، وأقدمت على شن حملة إعلامية مباشرة وغير مباشرة لشيطنة المتظاهرين وتشويه سمعتهم في الريف وفي باقي المناطق الأخرى بالمملكة، وعمدت إلى اعتقال زعيم الحراك “ناصر الزفزافي” رفقة أكثر من 150 من نشطاء الحراك الشعبي بالريف، وتم في حقهم إصدار أحكام جائرة وثقيلة.
وفي ختام اللقاء قدم رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، رشيد الراخا، رسالة تدعوا الخارجية الأوروبية للتفكير في اتخاذ قرار يشمل التنديد بهذا الانحراف والانزياح الاستبدادي والقمعي غير المقبول من طرف الدولة المغربية، وكذا التأكيد على المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع معتقلي حراك الريف، وعلى رأسهم “ناصر الزفزافي”، دون قيد أو شرط، ثم دعوة السلطات المغربية إلى مباشرة حوار مفتوح مع ممثلي الحراك وحثها على الاستجابة لملفهم المطلبي، مع الإشارة إلى ضرورة إرجاع الأراضي المصادرة إلى مالكيها الشرعيين وتلبية مطالبهم الحقوقية الثقافية واللغوية.
ومن جهتهم عبر ممثلوا الاتحاد الأوروبي عن تخوفهم من تفاقم الوضع في الريف، واستمرار الخروقات التي تعرفها حقوق الإنسان بالمنطقة، وأكدوا على ضرورة إيجاد حلول عاجلة لمطالب الساكنة، معبرين عن استعدادهم لدعم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وكان رئيس اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، بيير أنطونيو بانزيري، قد استقبل يوم الثلاثاء الماضي، 27 يونيو 2017، ذات الوفد عن التجمع العالمي الأمازيغي، إلى جانب نشطاء في الحراك الریفي بأوروبا، كل من بلال عزوز وعبد الرحیم بركان.
وتحدث الوفد الأمازيغي لرئيس اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي، خلال اجتماع مطول جمع بينهما في البرلمان الأوروبي بالعاصمة البلجيكية بروكسيل، عن الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي فجرت الحراك الشعبي بمنطقة الريف، وقدم الوفد لرئيس ذات اللجنة ملفات مختلفة عن حالة حقوق الإنسان في جبال الريف، وعن استمرار انتهاكات هذه الحقوق التي لم تتوقف حتى يوم العيد، اليوم المفترض للسلام والأخوة، حيث سجلت عدة اعتقالات وإصابات في صفوف المحتجين.
وأبلغ الوفد أيضا عن قضايا التعذيب الجسدي والنفسي الذي تعرض له قادة الحراك الريفي أثناء اعتقالهم،وأوضح نشطاء الوفد الأمازيغي لرئيس اللجنة الأوروبية أن الحراك الشعبي بالريف الذي اندلع منذ اغتيال محسن من فكري، 28 أكتوبر 2016، يطالب سلميا بحقوق مشروعة،ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية، مشيرين إلى أن الحراك لا تربطه أي علاقة مع الحركات الانفصالية.
ومن جانبه أعرب النائب بالبرلمان الأوروبي المسؤول عن حقوق الإنسان، عن استعداده للتنقل إلى منطقة الريف قصد الاجتماع مع ممثلي السلطة وأعضاء المجتمع المدني في الأيام المقبلة، وذلك بعد تلقيه رسالة من طرف التجمع العالمي الأمازيغي.
رسالة موجهة إلى الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الإتحاد الأوروبي من طرف التجمع العالمي الأمازيغي:
إلى السيدة فيديريكا موغيرين
الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية في الإتحاد الأوروبي.
الموضوع: حول التدهور الخطير لأوضاع حقوق الإنسان بالريف
السيدة موغيريني
لا يخفى عليك أن المغرب مرتبط بالاتحاد الأوربي باتفاقية شراكة، دخلت حيّز التنفيذ منذ فاتح مارس 2000، وأضحى له “وضع متقدم” بمقتضى اتفاقية وُقعت في 13 أكتوبر 2008، وهو ما يؤكد الرغبة القوية للمملكة المغربية للتقرب من الاتحاد الأوربي في اتجاه تقارب مؤسساتي حقيقي، يروم المشاركة في المسؤولية وفي اتخاذ القرار لأجل شراكة متعددة الأبعاد. وهو وضع تم تعزيزه باتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق منذ فاتح مارس 2003. إلا أن اتفاقيات الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية لها كذلك أهداف رئيسية، ضمنها التعزيز الفعلي للديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، كما ورد في الفقرة التالية: “إن احترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية، كما هو منصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يُلهم السياسات المحلية والدولية للاتحاد الأوربي والمغرب ويعد عنصرا أساسيا في هذه الاتفاقية”. وهذا من شأنه أن يدعم خيار بناء دولة الحق والقانون وحماية أكثر لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، بشكل لا رجعة فيه.
أحيطك علما السيدة موغيريني، أن توصيات الأمم المتحدة، التي نشرتها لجنة الخبراء المكلفة بدراسة التقرير الرسمي الذي تقدم به المغرب أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في دورتها السادسة والخمسين المنعقدة في جنيف يومي 30 سبتمبر و 01 أكتوبر 2015، دعت المغرب إلى العمل بشكل فوري على سن القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، طبقا لمقتضيات الفصل الخامس من دستور 2011، ومضاعفة الجهود الرسمية لضمان إدماج وتعميم تدريس الأمازيغية في التعليم الأولي والإعدادي والثانوي والجامعي، وتكثيف حضور الأمازيغية في وسائل الإعلام العمومي مع وضع حدّ نهائي لإشكالية منع تسجيل المواليد المغاربة الجدد بأسماء أمازيغية.
وكانت لجنة الأمم المتحدة قد طلبت صراحة من الحكومة المغربية بمحاربة كل أشكال التمييز ضد الأمازيغ، خاصة في مجال التعليم والتشغيل، ووضع حد لمصادرة ممتلكاتهم ونزع أراضي الجموع، وهو ما يتسبب في الهجرة والنزوح، وإلى وضع خطة تنموية للمناطق المهمشة والتقليص من الفوارق بين المناطق والمجالات الحضرية والقروية.
وعِوض احترام اتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوربي وتوصيات الأمم المتحدة، والعمل على تحسين وضعية حقوق الإنسان بمختلف جهات المملكة، فإن السلطات المغربية مافتئت تنتهك أبسط حقوق السكان الامازيغ من خلال الاستمرار في نهج سياسة تمييزية ضدهم، ضاربة بعرض الحائط كل الصكوك الدولية لحقوق الإنسان ومتمادية في الدّوس على القوانين الوطنية والمعاهدات الدولية وكذا الاتفاقية المتعلقة بـ”الوضع المتقدم” مع الاتحاد الأوربي، وخير دليل على ذلك، ما يقع اليوم من أحداث خطيرة بمنطقة الريف.
والغريب في الأمر، هو أن الحكومة المغربية وعوض الاستجابة للمطالب المشروعة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية لنشطاء الحراك الشعبي بالريف، لجأت إلى استخدام القوة لقمع وتعنيف آلاف المواطنين الذين خرجوا للاحتجاج السلمي في مدينة الحسيمة وغيرها من المدن والقرى في منطقة الريف، وبعد حملة اعتقالات تعسفية، في خرق سافر للقوانين الوطنية والمعاهدات الدولية، أقدمت السلطات على شن حملة إعلامية مباشرة وغير مباشرة لشيطنة المتظاهرين وتشويه سمعتهم في الريف وفي باقي المناطق الأخرى بالمملكة، وعمدت إلى اعتقال زعيم الحراك “ناصر الزفزافي” رفقة أكثر من 150 من نشطاء الحركة الاحتجاجية الشعبية بالريف، وتم إصدار أحكام جائرة وثقيلة في حق 32 منهم يوم 14 يونيو المنصرم من طرف المحكمة الابتدائية بمدينة الحسيمة، ضمنهم 25 ناشطا قضت في حقهم ذات المحكمة بـ18 شهرا سجنا نافذا.
وعلاوة على ذلك، فإن هذه المنطقة، التي أعطت رجالا من خيرة أبطال المقاومة ضد المستعمر، كمحمد بن عبد الكريم الخطابي، وكبار رموز وقادة جيش التحرير، لم تنل قسطا كبيرا من التهميش فقط بل أكثر من ذلك فقد كانت ضحية سياسة تفقير مُمنهَجة من طرف الدولة التي لا تزال مستمرة في مصادرة أراضي القبائل، وفي هذا الإطار، يمكن على سبيل المثال الاستشهاد بعملية نزع ومصادرة أكثر من ثلاثين ألف (30.000) هكتار من أراضي الجموع، سنة 2016، في إقليم الحسيمة فقط.
لكل هذا، فإننا نعتقد أن سياسة القمع الباطلة التي تنهجها السلطات لن تجدي نفعا، إنما تدل على رغبة صريحة للنظام المغربي في تدشين انتقال ديكتاتوري وبناء دولة تدار بقبضة من حديد، وهو الوضع الذي يحاربه المواطنون والمواطنات الأمازيغ بشكل سلمي، في مختلف جهات المغرب وفي الدياسبورا بالبلدان الأوربية، للتنديد بالتسويف وبالحملات التي تستهدف الحراك وكذا مواصلة النضال المرير بهدف بناء دولة ديمقراطية تستند على نظام ملكية برلمانية.
ومن هذا المنطلق، فإننا نحثك السيدة موغريني للتفكير في اتخاذ قرار حول هذا الموضوع . يمكن أن يشمل هذا القرار في المرتبة الأولى، التنديد بهذا الانحراف والانزياح الاستبدادي والقمعي غير المقبول من طرف الدولة المغربية، والقرار الثاني يجب أن يركز على المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع معتقلي حراك الريف، وعلى رأسهم “ناصر الزفزافي”، دون قيد أو شرط، وفي المقام الثالث، دعوة السلطات المغربية إلى مباشرة حوار مفتوح مع ممثلي الحراك وحثها على الاستجابة لملفهم المطلبي، مع الإشارة إلى ضرورة إرجاع الأراضي المصادرة إلى مالكيها الشرعيين وتلبية مطالبهم الحقوقية الثقافية واللغوية.
وإذ نؤكد لكم أننا سنبقى رهن إشارتكم لإمدادكم بمزيد من التوضيحات حول هذا الموضوع، نرجو منك، السيدة فيديريكا موغيريني، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية في الإتحاد الأوروبي، ان تتفضلوا بقبول فائق تقديرنا واحترامنا.
الإمضاء: رشيد راخا ,رئيس التجمع العالمي الامازيغي