دعا نشطاء وباحثون أمازيغيون إلى ضرورة التفعيل الترابي للأمازيغية وجعلها رافدا من روافد التنمية بمختلف الجماعات والأقاليم المغربية، وفق ما ينص عليه دستور 2011 وكذا القوانين التنظيمية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية باعتبارها “رصيدا مشتركا لجميع المغاربة”.
فمن جانبها أكدت مديرة جريدة “العالم الأمازيغي” أمينة ابن الشيخ، في ندوة ضمن فعاليات الدورة الحادية عشرة لمهرجان الجوز بإقليم الحوز، على أن تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية لا يقتصر على اللغة وحدها، وإنما يهم الثقافة بكل ما تحمله من رهانات حقيقية للتنمية.
وأضافت ابن الشيخ في ذات الندوة المنعقدة حول موضوع “الأمازيغية بين التفعيل في المجال الترابي ورهانات التنمية”، أن المهرجانات الثقافية يمكنها أن تشكل رافعة حقيقية للتنمية، من خلال جلب السياح والمستثمرين من أبناء المنطقة وغيرهم، ما يستوجب إعداد بنية تحتية ملائمة.
وفي ذات السياق أشارت ابن الشيخ، إلى تجربة مهرجان “تيفاوين” بتافراوت الذي أصبح منذ تأسيسه سنة 2005 قاطرة للتنمية، وملتقى سنويا لأبناء المنطقة.
ومن جهته دعا رئيس منظمة تماينوت، عبد الله صبري، رؤساء الجماعات المحلية والمجالس الإقليمية والجهوية لإدماج الأمازيغية في المجال الترابي، وفقا لما نصت عليه دورية 2021 في شأن تنزيل المخطط الحكومي المندمج لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وقبلها دورية 2019 المتعلقة بإدماج الأمازيغية في المجال الترابي.
وأكد صبري على ضرورة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، المنصوص عليه في دستور 2011، الذي أجمع عليه كل المغاربة، وكذلك القوانين التنظيمية المتعلقة بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجالات التعليم والحياة العامة ذات الأولوية.
وبدوره أكد رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، رشيد الراخا، أنه كان من المفروض أن يعرف المغرب بعد ترسيمه للأمازيغية في دستور 2011، ثورة ثقافية ونقاشا وطنيا في جميع أنحاء المغرب وفي المهجر حول الهوية الحقيقية لهذا البلد، وهو ما لم يتحقق حتى هذه السنة (2023/2973)، “سنة النهضة الأمازيغية”.
وأضاف الراخا أن الحكومة، بالإضافة إلى التزاماتها بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في مجال التعليم من أجل ضمان استمراريتها، فهي ملزمة أيضا بإعادة النظر في مناهج التاريخ بالمدرسة المغربية، التي تختزل تاريخ المغرب في 12 قرنا.
فبالإضافة إلى تاريخ الممالك الأمازيغية العريق، يضيف الراخا، فقد كان للأمازيغ كل الفضل في بناء الدول الإسلامية ابتداء من كنزة الأوربية والدة المولى ادريس الثاني، إلى المرابطين مع يوسف بن تاشفين وزينب النفزاوية ثم ابن تومرت وتأسيس الدولة الموحدية.
وأشار الراخا إلى نتائج دراسة حول الانثربولوجية الجينية، أكدت أن بعض الشعوب الاوروبية المطلة على البحر الابيض المتوسط (الباسك، والاسبان، والبرتغاليين، وسكان جنوب إيطاليا والصقليين…) لديهم نفس الأسلاف مع شعوب شمال افريقيا، وتحديدا في الصحراء الكبرى.
وأضاف أن آخر ما توصل إليه الباحثون في الأركيولوجيا والتاريخ هو الاكتشاف الأخير لإنسان جبل إيغود، على بعد 100 كيلومتر من مراكش، أماط اللثام عن حقيقة علمية جديدة أحدثت رجة في المجتمع العلمي برمته، حيث تم تحديد تاريخ اللقى التي عثر عليها بجبل إيغود بحوالي 315 ألف سنة قبل اليوم، وبالتالي فإن هذه العظام تعد أقدم بقايا لفصيلة الإنسان العاقل المكتشفة لحد الساعة، إذ يفوق عمرها عمر أقدم إنسان عاقل تم اكتشافه إلى الآن بحوالي 100 ألف سنة.
وفي كلمة له بالمناسبة، أشاد الصحافي الجزائري، هشام عبود، بهذه الندوة الجماهيرية، التي تتحدث “بكل حرية عن التحديات التي تواجه الأمازيغية والتنمية، وعن التاريخ الأمازيغي الذي طمس في بلاد الأمازيغ”.
وقال عبود “إن الكفاح من أجل الاعتراف بالهوية الأمازيغية لا يقتصر على دولة من الدول، وإنما هي قضية جميع الأمازيغ، لأنه عندما ولد الأمازيغ لم تكن هناك لا مغرب ولا جزائر ولا تونس”.
يشار أن فعاليات الدورة الحادية عشرة لمهرجان الجوز الذي تنظمه جمعية “أصدقاء المنتزه الوطني لتوبقال للمحافظة على البيئة وشجرة الجوز” تحت إشراف عمالة إقليم الحوز وبشراكة مع مجلس جهة مراكش أسفي ومجلس جماعة أسني، بمركز جماعة أسني، تحت شعار “أدرار : التاريخ، الثقافة، التراث، السياحة الجبلية ورهانات التنمية”، متواصل بمركز جماعة أسني، إلى مساء يوم الأحد 29 يناير 2023.
وحسب رئيس جمعية “أصدقاء المنتزه الوطني لتوبقال للمحافظة على البيئة”، علي أيت امحند، فإن الجهات المنظمة للمهرجان تهدف لترسيخ تقليد ثقافي واقتصادي يمزج بين الموروث الثقافي والطبيعي الذي تزخر به منطقة “أسني” وبين الحاجة الملحة للمساهمة في التعريف بالخصوصيات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والمؤهلات الطبيعية بالمنطقة وبأهمية مساهمتها في الدفع بعجلة التنمية.
وفي هذا الصدد، يضيف أيت امحند، تمت برمجة تضم أنشطة مختلفة ومتنوعة، فنية وثقافية ورياضية، بالإضافة إلى تنظيم معرض للمنتوجات المجالية وتوفير فضاء للجمعيات والتعاونيات النسائية والفلاحية، بالإضافة إلى أنشطة موازية من وورشات ثقافية للأطفال وأنشطة رياضية، وأخرى متنوعة كـ”التبوريدة” وسهرات فنية.
وختم أيت امحند أن الدورة الحادية عشرة لمهرجان “الجوز” اختارت الاحتفاء بالفنانين والجمعيات والتعاونيات المحلية والإقليمية، “وجعل العنصر البشري المحلي في صلب التنمية، عبر تكوينه وتأهيله وتحفيزه عمليا وجعله محورا أساسيا في صلب التنمية المنشودة”.