يعتبر اتحاد كتاب المغرب من أهم الإطارات الثقافية والادبية التي لعبت دورا كبيرا في الثقافة والأدب المغربي المكتوب بالعربية، كما لعب دورا في نشر الحداثة والعقلانية منحازا إلى الفكر اليساري (خصوصا القومي وهذا هو نقطة ضعفه) وحافظ على استقلاله عن الدولة لكنه لم يحافظ على استقلاله الايديولوجي فارتمى منذ السبعينات في حضن الاتحاد الاشتراكي، وهذه التبعية الايديولوجية هي من الأسباب التي أضعفته كثيرا وجمدته منذ 10 سنوات.
تأسس في بداية الستينات من طرف محمد عزيز الحبابي مع ثلة من الكتاب، وهدفه الأساسي هو الاهتمام و تشجيع الادب العربي بالمغرب، وارتبطت نشأته أنذاك بظروف تاريخية ثقافية وسياسية بدأت فيها تأثيرات الايديولوجية القومية سواء اليسارية أو السلفية الاستقلالية تهيمن على الساحة الثقافية والسياسية بالمغرب. بدأ الامر ب “اتحاد كتاب المغرب العربي”، ليغير محمد الحبابي اسمه إلى “اتحاد كتاب المغرب”، الذي حاول إقامة التوازنات بين اجنحته المتصارعة (حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وهو التيار اليساري الذي انشق عن حزب الاستقلال سنة 1959، وبقية اليسار الماركسي) والتي انتهت بتحالف اليسار مع الاستقلاليين وإزاحة عزيز الحبابي من الرئاسة في مؤتمر اتحاد كتاب المغرب سنة 1968، حيث تقاسم فيه الحزبان الزعامة في الاتحاد فأسندت قيادة الاتحاد لعبد الكريم غلاب (حزب الاستقلال) وأسندت النيابة لمحمد برادة (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية).
وبعده بسنوات أي في مؤتمر اتحاد كتاب المغرب المنعقد سنة 1976 سينقلب المنتمون إلى الاتحاد الاشتراكي (وهو الاسم الجديد للاتحاد الوطني للقوات الشعبية التي حظرته السلطة) ، بتحالف مع اليسار الماركسي، على حلفائه الاستقلاليين ليستأثر كتاب هذا اليسار القومي باتحاد كتاب المغرب، ولينغمس بذلك اتحاد كتاب المغرب أكثر في الايديولوجية القومية العربية.
وحافظ الاتحاد على ايديولوجيته اليسارية الجديدة وعلى هدفه الرئيسي المسطر كبند في قانونه الاساسي منذ الستينات وهو “خلق ونشر ثقافة عربية ديموقراطية ” ورسخها أكثر ، ورغم ظهور الحركة الثقافية الامازيغية ومساهمتها الرائدة في نشر الادب الأمازيغي بلغته منذ السبعينات، بقي الاتحاد وفيا لايديولوجية العروبة متبنيا للمواقف الايديولوجية القومية.
سيعرف هذا البند المتعلق بالعروبة تعديلا طفيفا في المؤتمر 15 للاتحاد والمنعقد بالرباط يوم الاحد 11 نونبر 2001 ليصبح: “يهدف الاتحاد الى المساهمة الفعالة في خلق ونشر ثقافة عربية ديموقراطية منفتحة على تنوعها اللغوي وأبعادها المتعددة”، مجلة آفاق العدد 67، أبريل 2002.
هذا التعديل لم يمس كثيرا الايديولوجية القومية للاتحاد، فما يهمه هو نشر الثقافة العربية بالمغرب، والإضافة التي أضافها على الرد الأساسي هو “المنفتحة على تنوعها اللغوي”، أي الانفتاح على التنوع المنتمي الى هذه الثقافة العربية (منذ بدايته كان الاتحاد يرى في الثقافة الأمازيغية وجها من وجوه الثقافة العربية)؛ وجاء هذا التغيير بعد الاعتراف الرسمي بالأمازيغية في خطاب أجدير التاريخي يوم 17 اكتوبر 2001 ، أي ان التغيير فرض على الاتحاد فرضا، مع التذكير بالدور الكبير الذي قام به الكتاب مناضلو الحركة الثقافية الأمازيغية (المنتمون إلى الاتحاد) الذين ضغطوا على اتحاد كتاب المغرب في مؤتمره سنة 1998 لتغيير سياسة بند العروبة في قانونه الأساسي أمثال أحمد الدغيرني، حسن إد بلقاس، احمد عصيد، محمد المستاوي.. ليشمل الأدب المغربي المكتوب بالأمازيغية، وانسحبوا من المؤتمر لكن تم ارجاعهم على أساس العمل من أجل تغيير بند العروبة في القانون الأساسي للاتحاد .
ولم يغير الاتحاد هذا البند الذي يحصر اهتمامه بالأدب المكتوب بالعربية الا سنة 2011 ليعترف بالأمازيغية، أي بعد ترسيمها في الدستور، والمفارقة التاريخية هنا هي أن هذا الإطار الذي كان يفتخر بشعارات التقدمية وبالفكر اليساري تجاوزته الأحداث وسقط في معاداة حركة التاريخ (ومعاداة حركة التاريخ نسميها رجعية) فقد استلزم منه الأمر 40 سنة ليعترف بالأمازيغية.