شهد موقع كاشكوش بجماعة بني سعيد حدثاً علمياً وتربوياً مميزاً، تمثل في تصوير حلقة وثائقية من إعداد القناة الأمازيغية الثامنة، خصصت للتعريف بأهمية الاكتشاف الأركيولوجي الجديد الذي عرفه الموقع، تحت إشراف العالم الأركيولوجي الدكتور يوسف بوكبوط، الباحث في المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث.
يمثل هذا الاكتشاف إضافة نوعية للمشهد الأركيولوجي المغربي، كونه يؤرخ لحقب استيطان بشري قديم، ويكشف عن إمكانيات علمية كبيرة للبحث في تاريخ المنطقة. وقد شارك في هذا الورش العلمي الباحث حمزة بن عطية، الذي أتم أطروحة الدكتوراه تحت إشراف الدكتور بوكبوط، بمساهمة علمية دقيقة عكست تفاعل البحث الأكاديمي مع المعطيات الميدانية.
كما أغنى الحلقة حضور أساتذة باحثين في التاريخ القديم من جامعة عبد المالك السعدي، الذين قدموا رؤى تاريخية وسياقية تفتح آفاقاً لفهم أعمق للأهمية الاستراتيجية للموقع ضمن تاريخ شمال المغرب.
في هذا السياق، عبّر رئيس جماعة بني سعيد عن رغبة الجماعة في تثمين الموقع، وجعله رافعة للتنمية المحلية من خلال مشاريع بيئية وتربوية وسياحية مندمجة. وقد أبرز في استجوابه خلال الحلقة الوثائقية أن هذا الاكتشاف لا يهم فقط الباحثين، بل يفتح المجال أيضاً لمبادرات تعليمية وثقافية لفائدة الناشئة.
وقد ساهمتُ شخصياً في الحلقة بصفتي فاعلاً تربوياً وابن صاحب مزرعة كاشكوش، عبر مداخلة ركزت على أهمية دمج هذا المورد الطبيعي والثقافي في الديناميات التعليمية، من خلال تنظيم زيارات مدرسية ميدانية ترسّخ التعلم القائم على التجربة والملاحظة.
ومن بين اللحظات الرمزية المؤثرة في هذه التظاهرة، مشاركة محمد أمين، حفيد صاحب المزرعة، في استجواب يعكس تواصل الأجيال، وتربية الطفل على الاعتزاز بالهوية والمجال.
ولم يكن لهذا التوثيق أن يكتمل دون جهود الطاقم الإعلامي، حيث قام الصحافي محمد شقرون بإعداد البرنامج باحترافية عالية، مدعوماً بتصوير فني دقيق أبدع فيه الأستاذ طارق، الذي نقل المشاهد بعدسة تدمج بين الجمال البصري والدقة الوثائقية.
ننتظر بثّ هذه الحلقة الوثائقية بفارغ الصبر، ونأمل أن تكون منطلقاً لمشروع بيئي-تربوي-ثقافي متكامل، يُعزز الانتماء المجالي، والوعي البيئي، والذاكرة التاريخية لدى التلاميذ، ويُسهم في خلق جسور فعالة بين المدرسة والجامعة.
الاستاذ يوسف بزطاوي، مفتش تعليم في جهة تطوان، و هو ابن صاحب المزرعة التي يتواجد فيها الموقع الأثري كاش كوش (ظهر المودن), بواد لاو