ندوة الرباط: دفاع معتقلي الريف يؤكد تعرضهم للتعذيب ويستعد للترافع دوليا

أكد عدد من المحامين والمحاميات، ممن تطوعوا للدفاع عن معتقلي حراك الريف، على أن المعتقلين تعرضوا كلهم إما للتعذيب الجسدي أو اللفضي، وذلك استنادا إلى أقوالهم المسجلة في محاضر التحقيق، ما اعتبره المحامون جريمة في حق المتابعين، يجب على النيابة العامة أن تفتح تحقيقا بشأنها.

جاء ذلك في ندوة وطنية حول موضوع “معتقلو حراك الريف بين القوانين الوطنية والتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان”، نظمتها جريدة “العالم الأمازيغي” بتعاون مع “الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان”، مساء أمس الجمعة 16 يونيو 2017.

الندوة التي جاءت بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، قامت بتسيير أشغالها مديرة جريدة “العالم الأمازيغي” أمينة ابن الشيخ، وعرفت حضور كل من المعتقلين عبد المنعم اسرتحيو وزكرياء قدوري، الذين قررت النيابة العامة باستئنافية الدار البيضاء، تمتيعهما بالسراح في انتظار التحقيق التفصيلي.

وخلال الندوة أكد، الاستاذ محمد ألمو، المحامي بهيأة الرباط، على أن محاكمة معتقلي حراك الريف، تنبني على التصريح الأول للأغلبية الحكومية وتذهب في اتجاه التخوين، مستندة في ذلك على بنود وقوانين لم يتم تحريكها منذ ما قبل سنوات الرصاص، من قبيل زعزعة ولاء المواطنين للدولة وتلقي أموال أجنبية.

وأضاف الاستاذ ألمو أن البنود التي تم الاستناد إليها في نقل المعتقلين من الحسيمة إلى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قصد متابعتهم من طرف الفرقة الوطنية، ليست في محلها، إذ لا يسمح بنقل المتهمين كيفما كانت تهمهم، من منطقة اعتقالهم إلى أخرى قصد متابعتهم، إلا في حالة الحرب.

ومن جهته أكد الاستاذ عبد الصادق البوشتاوي، المحامي بهيأة تطوان، أن اعتقالات نشطاء حراك الريف سياسية، حيث أن ملف المعتقلين لا يستند لأي عناصر مادية أو دلائل يمكن أن يحاكم النشطاء على أساسها، وقال بأن الدولة والحكومة هي من تعمل على زعزعة ولاء المواطنين للمؤسسات من خلال مقاربتها الأمنية وعدم تحقيقها للمطالب.

وأضاف الاساذ بوشتاوي أنه قام بمجموعة من المراسلات قصد إعطاء الملف بعدا دوليا، بالإضافة إلى تقديم ملف المعتقلين لدى منظمة الأمم المتحدة بجنيف، وذلك نظرا لتورط القضاء المغربي في المقاربة الأمنية المتبعة من طرف الحكومة، كما حدث أثناء سنوات الجمر والرصاص، والتي أثبتت هيأة الإنصاف والمصالحة ذلك. ودعا بوشتاوي القضاء أن يكون حكيما وأن يكون محايدا.

وبعد سرده لكرونولجيا أحداث الحراك منذ انطلاقه في 28 أكتوبر من السنة الماضية، استنكر بوشتاوي العسكرة والحصار الأمني الذي تعرفه مدينة الحسيمة، وانتقد بشدة الطريقة التي تم بها التحقيق في قضية مقتل محسن فكري، وقال بأن حراك الريف كان ضروريا من أجل التمرد على الظروف التي راح ضحيتها الشهيد محسن فكري.

المحامي الاستاذ عزيز رويبح، عن هيأة الرباط، قال بأن الدولة، على عكس سنوات الجمر والرصاص، أصبحت تخترق مواثيق حقوق الإنسان علانية، في رسالة منها على أنها مستعدة لخرق القانون والتراجع عن المسلسل الديمقراطي، من أجل ردع المجتمع عن التظاهر السلمي، واستدل رويبح في ذلك على الصور التي تم نشرها للمعتقلين أثناء ترحيلهم، والتي قال بأنه يصعب على أي شخص عادي تصويرها ونشرها.

والرسالة الثانية التي تريد الدولة توجيهها، حسب الاستاذ رويبح، هي أن الدولة تريد أن تعلن على أن جهات معينة قد أفلست سياسيا، ويمكنها أن تقول ما يملى عليها، وما يتم توجيهها إليه، وأضاف الرويبح “ما كنا ننتظر يوما، حزبا من الأحزاب الوطنية الكبرى الذي قدم الشيء الكثير خلال سنوات الرصاص، والذي كان له الفضل فيما حققه المغرب، أن ينقلب 180 درجة، وأن يجعل من حراك سلمي حركة انفصالية”.

من جهته الاستاذ الحسين الملكي، المحامي بهيأة الرباط، قال بأن المطالب التي رفعت في حراك الريف، تنتمي إلى الجيل الجديد من الحقوق التي جاءت بها الألفية الثالثة، وهي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مقابل الحقوق والحريات الفردية التي تميزت بها الألفية الماضية.

وقال الاستاذ الملكي أن أغلب المطالب المرفوعة في الريف، تبقى بالرغم من تعنت الدولة في الاستجابة لها، مجرد أعراض، لأن الداء الحقيقي حسب الملكي يكمن في انتزاع الحقوق الاقتصادية الجماعية وعلى رأسها الحق في الملكية، وقال أن الدولة انتزعت في إقليم الحسيمة وحده و في فترة الحراك 55 ألف هكتار، وصنفتها ملكا غابويا خاصا للدولة، وذلك بناء على 32 مرسوما.

ومن الجانب الأمازيغي، قال المحامي الاستاذ أحمد الدغرني عن هيأة الرباط، بأن قضية اللغة الأمازيغية لا زالت تطرح مشكلا داخل السجون بالنسبة للدولة، وقال أن عددا من معتقلى الحراك منعوا من التحدث باللغة الأمازيغية مع عائلاتهم، آخرها ما حدث مع المعتقلة سيليا الزياني التي منعت من التحدث بالأمازيغية مع والدتها التي لا تتقن إلا هذه اللغة.

وقال االاستاذ الدغرني بأن أغلب الأسئلة التي كانت توجه لمعتقلي الدار البيضاء، “والذين بلغ عددهم لحدود أمس 45 معتقلا”، كانت حول العلم الأمازيغي والريفي المرفوعين خلال المظاهرات، وهي التهم التي توجه لأول مرة بالمغرب حسب الاستاذ الدغرني، وأضاف أن أغلب المعتقلين يعيشون حالة نفسية متدهورة، وهم في أمس الحاجة للعلاج.

وفي ختام الندوة أكدت الاستاذة عائشة ألحيان، عن هيأة المحامين بالرباط، أن تهم الانفصال التي وجهها المسؤولون لحراك الريف، وهي منطقة أمازيغية، ليس بريئا، خاصة، تضيف الأستاذة ألحيان، “ونحن على مشارف إخراج القوانين المتعلقة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”، وإلا “لماذا لم يتم اتهام حركة 20 فبراير أو غيرها بالانفصال من قبل”.

ونبهت الاستاذة ألحيان إلى ضرورة الإبلاغ عن الخروقات الواضحة المتعلقة بحراك الريف، ودعت المحامين إلى تقديم شكايات لدى النيابة العامة من أجل فتح تحقيق حول معرفة من المسؤول عن نشر الصور الشخصية لناصر الزفزافي، وكذا تقديم شكايات إلى الهاكا بخصوص توضيف القناتين الأولى والثانية لصور تخريب ناتجة عن شغب جمهور الوداد، على أساس أنها من فعل متظاهرين بحراك الريف.

وقالت الاستاذة ألحيان أن معاناة النساء والأمهات في حراك الريف مضاعفة، نظرا للطريقة التي يتم بها تكسير الأبواب واقتحام البيوت، وكذا تأثير الصور المنشورة للمعتقلين أثناء فترة اعتقالهم، ودعت الاستاذة ألحيان المحامين المتطوعين للدفاع عن معتقلي الحراك إلى التنسيق فيما بينهم وتشكيل لجنة للدفاع، نظرا لحساسية الملف وطبيعته السياسية.

أمضال بريس/ كمال الوسطاني

شاهد أيضاً

أكادير تحتضن الملتقى الأول لتجار المواد الغذائية

تحتضن مدينة أكادير من 24 الى 26 يوليوز الجاري الملتقى الأول لجمعية تمونت لتجار المواد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *