ندوة دولية تناقش التحدي التكنولوجي والاستقلال الاقتصادي لوسائل الإعلام المغاربية

افتتح المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، صباح يومه الجمعة 17 نونبر 2023، بالعاصمة الرباط أشغال الندوة المغاربية المنظمة على مدى يومــي 17 و18 نونبــر حــول موضــوع: “إعادة التفكير في وسائل الإعلام المغاربية.. من التحدي التكنولوجي إلى الاستقلال الاقتصادي والتحريري”.

وانطلقت الندوة المغاربية بجلسة افتتاحية تناول فيها الكلمة كل من سامي المودني، رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، وايريك فالط الممثل الدائم لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونيسكو المكتب المغاربي بالإضافة إلى فتحي الدبابي مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام بالرباط.

ومن المرتقب أن تتناول باقي المحاور مواضيع تتعلق بـ”الحاجة إلى الصحافة اليوم”، “مستقبل الصحافة في ظل التطور التكنولوجي”، ” واقع حرية الصحافة في المنطقة المغاربية”، ” النموذج الاقتصادي للمؤسسات الإعلامية ورهان الاستدامة” و”الاستقلالية التحريرية”.

واعتبرت الورقة التأطيرية للندوة “حرية التعبير حجـر الزاويـة فـي أي مجتمـع ديمقراطـي، توفـر لوسـائل الإعـلام حريـة الاستكشاف والتحقيـق وإعـداد التقاريـر دون عوائـق. لكـن وكمـا تشـير إلـى ذلـك الرسـالة الملكيـة، فـإن هـذه الحريـة مرتبطـة ارتباطـا وثيقـا بالمسـؤولية. وفـي عالـم حيـث المعلومـات وفيـرة ويمكـن التلاعـب بهـا بسـهولة، فـإن دور وسـائل الإعلام لا يقتصـر علـى تقديـم المعلومـات، بـل يتعـداه إلـى ً القيـام بذلـك بنزاهـة ودقـة. وهـذا لا يضمـن مصداقيتهـا فحسـب، وإنمـا يحافـظ أيضـا علـى مجتمـع ٍ مسـتنير وواع”.

وقالت إن “الرقمنــة أدت إلــى تفاقــم التحــدي المتمثــل فــي المعلومــات المضللــة، مــع الانتشار الســريع “للأخبار الزائفــة”، الأمــر الــذي يتطلــب مــن وســائل الإعــلام المزيــد مــن اليقظــة. وفــي ً المنطقــة المغاربيــة، تقــدم كل دولــة مســارا مختلفا فيما يتعلق بخرية الصحافة”.

وأشارت إلى أن الأحكام الدستورية في المغرب، أدت إلــى إصــلاح مدونــة الصحافــة والنشــر، التــي تضــم القانــون المتعلـق بالصحافـة والنشـر، والقانـون الخـاص بالنظـام الأساسـي للصحافييـن المهنييـن، والقانـون المتعلـق بإحـداث المجلـس الوطنـي للصحافـة. ومـن المؤكـد أن هـذه المدونـة متقدمـة، ولكـن يبقـى مـن الضـروري مواءمـة هـذا التقـدم مـع التشـريعات الدوليـة المتعلقـة بحقـوق الإنسان. علاوة علـى ذلـك، فـإن قيـاس فعاليـة هـذه المدونـة يتـم مـن خـال تطبيقهـا علـى مسـتوى الممارسـة، خاصـة فـي القضايـا المتعلقـة بالنشـر”.

وبخصوص تونس، أكد المصدر نفسه أن “التطـورات التـي عرفتهـا البـلاد منـذ يوليـوز 2021، أثــارت مخــاوف مــن تراجــع حريــة الصحافــة”. مشيرة إلى أن مــا يتعلــق بالإطار القانونــي، “فــإن التعديــل الدســتوري الــذي تــم إجــراؤه فــي يوليــوز 2022، والــذي يمنــح الرئيــس صلاحيات تشــريعية واســعة علــى حســاب الضوابــط والتوازنــات التــي كانــت قائمــة حتــى ذلــك الحيــن، قــد عرّض الفصل بين السلطات للخطر ويشكل تهديدا حقيقيا للمكتسبات التونسية في مجال حرية الصحافة”.

وأضاف أن ” المرســوم بمثابــة قانــون رقــم 54 الصــادر فــي شـتنبر 2022، والـذي مـن المفتـرض أن يحـارب “الأخبار الكاذبـة”، يمثل تهديـد ًا جديـدا لحريـة الصحافـة فـي البلاد”.

وفي الجزائر، قالت إن “الإطار التشريعي أصبح مقيدا للحريات بشكل متزايد”، مضيفة “إذا كانت المادة 54 من الدسـتور تضمـن حريـة الصحافـة، فإنهـا تقيـد نشـر المعلومـات والأثراء التـي يجـب أن تحتـرم الثوابت الدينيــة والثقافيــة وقيــم الأمة”. كمــا يعاقــب القانــون الجنائــي المعــدل لســنة 2020 بالســجن مــن سـنة إلـى ثالثـة سـنوات، علـى نشـر “الأخبار الكاذبة” و “خطاب الكراهية” والـذي يهـدف إلـى المـس بـ”النظام والأمن الوطني” أو “أمن الدولة والوحدة الوطنية”.

وفـي هـذا السـياق، تنتشـر الرقابـة والرقابـة الذاتيـة علـى نطـاق واسـع، حيـث يشـدد قانـون الإعلام الجديـد لسـنة 2023 الرقابـة علـى عمـل الصحافييـن فـي الجزائـر، ويفـرض بشـكل خـاص عقوبـات جديـدة، ويمنـع علـى وسـائل الإعلام الجزائريـة الاستفادة مـن أي تمويـل أجنبـي مباشـر أو غيـر مباشـر أو مسـاعدات ماديـة، ويعاقـب علـى ذلـك بغرامـات ثقيلـة”.

ليبيـا مـن جهتهـا، تقول الورقة التأطيرية للندوة المغاربية، “غرقـت فـي أزمـة عميقـة منذ رحيل معمر القذافي سنة 2011”. وبالنظـر لهـذا ً الوضـع، “كثيـرا مـا يجـد الإعلام والصحافيـون أنفسـهم مجبريـن علـى خدمـة أحـد أطـراف النـزاع، علـى حسـاب استقلالية خطوطهـم التحريريـة”.

وقالت إن ليبيا أصبحـت تمثـل نقطـة سـوداء بالنسـبة للإعلام فـي المنطقـة المغاربيـة، “فقـد فـر معظـم وسـائل الإعلام والمراسـلين مـن البـلاد، بينمـا يحـاول الباقـون ضمـان سـلامتهم مـن خـلال العمـل تحـت حمايـة أحـد أطـراف النـزاع، ولـم يعـد لـدى الصحافييـن الأجانب إمكانيـة تغطيـة الأحـداث. ولـم تعـد وسـائل الإعـلام التقليديـة، باعتبارهـا صاحبـة مصلحـة فـي الصـراع، تلعــب دورهــا فــي ضمــان الحصــول علــى المعلومــة الحــرة والمســتقلة والمتوازنــة، التــي تعكــس القضايـا الحقيقيـة التـي يواجههـا المجتمـع الليبـي، خاصـة شـريحة الشـباب”.

فـي المقابـل، يقول ذات المصدر “يجـد هؤلاء الشـباب فـي وسـائل التواصـل الاجتماعي مسـاحة للحـوار المفتـوح، لكنهـا قـد تفضـي إلـى التطـرف ونشـر خطـاب الكراهيـة. ومـع ذلـك، هنـاك العديـد مـن المبـادرات الناشـئة التـي تحـاول خلـق نمـوذج إعلامي جديـد أكثـر استقلالية فـي هـذا البلـد”.

“بينمـا فـي موريتانيـا، ومنـذ إلغـاء تجريـم المخالفـات الصحافيـة قبـل نحـو 10 سـنوات”، أصبـح بإمـكان الصحافييـن العمـل فـي بيئـة “أقـل قمعـا”، “لكنهـم يعيشـون فـي ظـروف تتسـم بعـدم الاستقرار إلـى حــد كبيــر”. موضحة أنه “ـلا توجــد فــي موريتانيــا، لحــد الآن أي هيئــة تنظيميــة للصحافــة، أو قانــون إطــار يضمــن الحــق فــي الوصــول إلــى المعلومــة، أو يفــرض احتــرام التعدديــة والشــفافية فــي وســائل الإعــلام، كمـا لا يوجـد قانـون يضمـن حريـة التعبيـر وسـلامة الصحافييـن والحـق فـي الحصـول علـى المعلومـات الموثوقـة. حيـث إن عمـر بعـض النصـوص المعمـول بهـا والمتعلقـة بحريـة التعبيـر يتجـاوز 50 سـنة”.

وأشارت إلى أن عقوبـة جرائـم الصحافـة لاتزال هـي السـجن، فـي حيـن يشـكل اعتمـاد قانـون جديـد بشـأن الجرائـم الإلكترونية فـي عـام 2020، مصـدرا للقلـق فـي هـذا القطـر المغاربـي”. مضسفة أن “فـي فبرايـر 2021، التـزم رئيــس البــلاد بتنفيــذ سلســلة مــن المقترحــات لتعزيــز حريــة التعبيــر، بمــا فــي ذلــك إنشــاء مجلــس وطنــي لإعلام وتحســين الوصــول إلــى المعلومــات العامــة”.

كمــا أن حمايــة المصــادر في موريتانيا وفق ذات المصدر قــد “تتعــرض للتهديـد فـي حالات معينـة تتعلـق “بالأمن القومي” دون تحديـد هـذا التعبيـر الفضفـاض بوضوح”، مبرزة أن العقـود الأخيرة فـي موريتانيـا شهدت تطـورات كبيـرة، تخـص حريـة الصحافـة مـع قانـون سـنة ً. .2006 ومـع ذلـك، لا يـزال التنفيـذ الملمـوس لأحـكام القانونيـة يمثـل تحديا كبيرا يجب التغلب عليه ولابد من اسـتكمال التقـدم التشـريعي بالإصالحـات والمراقبـة الصارمـة”.

شاهد أيضاً

الإنطلاقة الرسمية لمساق تعلم اللغة الأمازيغية عن بعد، إحتفالا بالذكرى 13 لترسيم اللغة الأمازيغية

يعلن المعهد الملكي للثقافة الامازيغية عن الإنطلاقة الرسمية لمساق تعلم اللغة الامازيغية عن بعد، إحتفالا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *