أخبار عاجلة

نساء آيت بوكماز بين صقيع التهميش وغياب الحق في العلاج: صرخة من الهضبة المنسية

بقلم: فاطمة بنعيسى

مستشارة اجتماعية نفسية تربوية، أستاذة اللغة الأمازيغية، وفاعلة ميدانية مهتمة بشؤون المرأة والطفولة.

خرج المئات من سكان آيت بوكماز، يوم الأربعاء، في مسيرة احتجاجية نحو مقر ولاية جهة بني ملال خنيفرة، حاملين مطالب بسيطة لكنها ملحّة: طرق صالحة، خدمات صحية، وكرامة معيشية. لكن وسط هذه الأصوات الصادحة، هناك صوت غالبًا ما يُهمل: صوت المرأة البوكمازية التي تدفع يوميًا ثمن العزلة، وتكابد في صمت أثقال التهميش.
في هذه الهضبة الجميلة والمعزولة، لا تزال النساء يواجهن واقعا قاسيا ومزدوجًا: معاناة المرأة كإنسانة، وكمواطنة في منطقة محرومة من أبسط الحقوق الصحية. فغياب المراكز الاستشفائية والمستوصفات الفاعلة يُحوّل الولادة، المرض، أو حتى أبسط وعكة صحية إلى رحلة محفوفة بالمخاطر، لا تنتهي غالبًا إلا في مراكش أو بني ملال، على مسافة مئات الكيلومترات.
*المرأة بين الألم واللا مرئية

حين تمرض المرأة في آيت بوكماز، فهي لا تتجه إلى المستشفى بل إلى “الصبر”.
حين تستعد للولادة، فإنها لا تحجز غرفة، بل تتهيأ لاحتمال الوضع وسط البرد، أو على الطريق، أو بين أيدي قابلات منقذات يعملن بإمكانيات منعدمة.
غياب سيارة إسعاف مجهزة، وانعدام طبيب قار، كلها تفاصيل صغيرة في عيون المسؤولين، لكنها حياة أو موت بالنسبة للأمهات والفتيات.
*الطريق… ممر للمعاناة
تدهور الطريق الجهوية رقم 302 عبر تيزي نترغيست، والطريق رقم 317 عبر آيت عباس، ليس فقط مشكلة تنقل، بل مشكلة بقاء. فالمرأة الحامل التي تتعرض لمضاعفات في منتصف الليل، قد لا تصل إلى المستشفى في الوقت المناسب، وقد تُسجّل كـ”حالة وفاة مأساوية” في صمت القرى.

صوت المرأة… غير مسموع!

رغم أن المرأة البوكمازية تتحمل النصيب الأكبر من المعاناة، إلا أنها غائبة عن مراكز القرار، وعن طاولات الحوار، وعن وفود التفاوض.
كثيرات منهن لم يُتح لهن التعليم الكافي، أو الوسائل الكفيلة بإيصال صوتهن. ومن هنا، تصبح الاحتجاجات الشعبية فرصة لقول ما لم يُقل منذ سنوات.
لكننا نطمح لأكثر من مجرد الصراخ. نريد سياسة صحية عادلة ومقاربة اجتماعية تراعي خصوصية الجبل والمرأة فيه.
لذا:
نطالب السلطات الصحية ووزارة التجهيز، والمجالس المنتخبة، بإجراءات ملموسة وعاجلة، أهمها:
1 *فتح مركز صحي مجهز بطبيب قار في تبانت.
2 توفير سيارات إسعاف فعّالة على مدار الساعة.
3 إصلاح الطرقات الجبلية بشكل عاجل لتأمين حياة النساء والأطفال.
4 دعم النساء الحوامل والمرضعات ببرامج اجتماعية حقيقية.
5 تمكين النساء المحليات من المشاركة في اتخاذ القرار الجماعي.

«إن المرأة البوكمازية ليست فقط “ضحية الجغرافيا”، بل ضحية سياسات عمومية غير عادلة. وقد آن الأوان لإعادة الاعتبار لها لا بالتصفيق أو الكلام المنمق بل بالفعل بالخدمة بالكرامة وبالحق في الحياة».

اقرأ أيضا

المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يصدر دليل المراسلة الإدارية لترسيخ الأمازيغية في المرفق العمومي

في خطوة نحو تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، أصدر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كتاب المراسلة …

تعليق واحد

  1. محمد بنعيسى

    بارك الله فيك الأستاذة والدكتورة فاطمة بنعيسى ❤️🙏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *