بعد موافقة المجلس البلدي المسير لمدينة أكادير، بأغلبية أعضائه في الدورة الاستثنائية المنعقدة يوم 9 يوليوز 2018، على تسمية 43 زقاقا وشارعا بحي القدس بمدينة أكادير، بأسماء المدن والقرى الفلسطينية؛ شهد على إثر ذلك القرار موجة من الغضب من طرف النشطاء المغاربة، معتبرين تلك الخطوة بمثابة نشر التعريب وطمس الهوية الأمازيغية لمدينة أكادير.
“الحسين أمجوض”، فاعل جمعوي بمدينة أكادير، اعتبر أن فلسطنة المدينة ليست لأجل مساندة القضية الفلسطينية، بل لمحو الهوية الأمازيغية، وهذه الخطوة شبيهة بالتعريب تماما، واستهداف اكادير حسب الفاعل الجمعوي “هو استهداف للهوية الامازيغية وتعريب الطبونميا، وبهذه الهجمة تعتبر ضربا في الدستور المغربي، وعلى الدولة التدخل لوقف هذه المهزلة، كون المجلس ـ المنتخب ـ تجاوز صلاحياته التي هي السهر على مصلحة المواطنون، الى ما هو اخطر وهو مصلحة كيانات خارجية شرقية.
وعلى القائمين بالمجلس البلدي بمدينة اكادير يختم “امجوض”، احترام حرمة شهداء زلزال اكادير واطلاق اسمائهم على شوارع المدينة، بدل استيراد اسماء غريبة مخجلة من فلسطين و غيرها، وكذا على جمعيات المجتمع المدني تحمل المسؤلية في ترك هذا المشروع التعريبي يمر مرور الكرام، عليها توعية الناس بالأحياء عن دور ‘علم الاماكينية’ في الحفاض على تاريخ مدينة اكادير.
هذا ووصف الباحث “رشيد الحاحي” المبادرات الإيجابية والتفكير الصائب، تقتضي تعزيز هوية المدينة الترابية وإضافة أسماء أعلام محلية ووطنية، بل أكثر من ذلك التحلي بحس التدبير الديمقراطي واتخاذ المبادرة المنتظرة بكتابة أسماء الأماكن والأزقة باللغة الأمازيغية وحرفها تفيناغ أيضا، التي صارت لغة رسمية منذ دستور 2011، بدل تعريبها كليا واستبدالها بأسماء غريبة عن الفضاء والمجال الثقافي للمدينة والجهة ولغتها الأمازيغية الأكثر انتشارا وتداولا، الشيء الذي لا يمكن اعتباره سوى نتيجة لخيار الاستبداد والتعسف الإيديولوجي على الحي والمدينة وقاطنيها. متسائلا: هل من عقلاء لإيقاف هذا التعسف الإيديولوجي على هوية حي ومدينة وساكنتها؟.
في ما أكد “محمد أغري” خريج الحركة الثقافية الامازيغية، أن خطوة بلدية أكادير ليست بغريبة علي كل من يناضل من أجل الهوية الامازيغية، كوننا “متأكدون ان سياسة التعريب من مقدسات النظام ‘المخزني’ وهو غير مستعد للتراجع عنها، بل اكثر من ذلك يعبر كل مرة عن رغبة سياسية قوية لطمس هويتنا كشعب عريق له تاريخه و امجاده التي لن تمحى ابدا”، باختصار يضيف الخريج “نحن نعيش تحت نظام الابرتايد العنصري، متمنيا ان تكون هذه المهزلة فرصة للحركة الامازيغية لتقوية جسمها و ابداع اشكال تنظمية قوية لمجابهة هذا النظام الفاشي”.
من وجهة نظر “يوسف إيشو” طالب مجاز، إعتبر ما أقدمت عليه البلدية بأكادير، بمثابة فعل اجرامي إرتكب في حق هوية وثقافة الوطن، وفي حق الأطفال الأبرياء الذين سينشؤون في بيئة بعيدة عنهم، سيجدون أمامهم أسماء لا تعنيهم في شيء؛ متمنيا بناء وطن حقيقي وذات مغربية مبدعة وحرة، حيث يتطلب ذلك أن نحرره من الإغتراب والإستلاب الذي عاش فيه منذ قرون؛ وبمثل هكذا أفعال والتي قام بها المجلس البلدي يتبين أن هؤولاء لا هم لهم بالوطن ولا في الحفاظ على الذات المغربية المستقلة.
معتقدا “إيشو” أن على كل من في قلبه ذرة إيمان بتحرر الذات المغربية، أن يقف ضد هذه الخطوات التي لن تفيدنا في شي، معتبرا التنظيمات الأمازيغية معنية أكثر، لكونها دافعت ولازالت تدافع عن الذات المغربية الأمازيغية، وانتفظت ضد الطمس التاريخي والهوياتي، ولزاما التحرك والوقوف بكل ثقلها وبمسؤولية في هذا الشأن.
من جانبها أحاطت المستشارة الجماعية بمدينة تنغير “صباح العيدي”، أنها ليست ضد القضية الفلسطينية، وليست ضد أن يقرر الشعب الفلسطيني مصيره على أرضه، معتبرة القضية الفلسطينية لن تحل الا بأرض فلسطين؛ أما طمس معالم الهوية الامازيغية لأزقة وشوارع مدينة أكادير، حسب رأي “المستشارة الجماعية” لا ينفع القضية في شيئ بل العكس تماما، وليس هناك في الوجود قضية عادلة تحل على حساب قضية عادلة لشعب أخر. مننددة بقرار المجلس الجماعي لمدينة اكادير، الذي مرر هذه الجريمة النكراء ضد مدينة عريقة، مطالبة بتكثل الاصوات الحرة للتصدي لهذا الاستعمار الغاشم باسم القضية الفلسطينية.
في ما أشار “الطيب البوزياني” نقابي وحقوقي بمدينة تيزنيت، أن “المبدأ الذي يحكم عملية تسمية شوارع وأزقة المدن وساحاتها في كل العالم هو ترسيخ ثقافة البلد وتعريف الأجيال على شخصياته التاريخية الوطنية والاعتراف لها بما قدمته.. ولا مانع من الانفتاح على تسميات تنهل من التراث الإنساني ككل.. لكن أن يتم تسمية وإعادة تسمية 40 شارعا بأكادير (المدينة المغربية الأمازيغية) دفعة واحدة بأسماء مدن وقرى فلسطينية وإسرائيلية، فهذا فعل إيديولوجي مقيت واستمرار لسيرورة تخريب وطمس هوية هذا الشعب وأستيلابه ثقافيا، وهي السياسة الممنهجة التي انطلقت منذ ما يسمى بالاستقلال من طرف المخزن وأذياله القومجية والاسلاموية”.
مستحضرا النقابي والاستاذ لمادة الفلسفة، على سبيل المثال حسب رأيه “المعارضة والهجوم الشرس التي تعرض له المجلس البلدي لمدينة تيزنيت من طرف التيار المغربي لجماعة الاخوان، يوم قرر تسمية دار الثقافة بالمدينة بإسم الكاتب الأمازيغي العالمي محمد خير الدين.. كما لا يفوتنا التأكيد ان مثل هذه الممارسات العنصرية للمجلس البلدي لأكادير تتعارض جملة وتفصيلا مع المواثيق والعهود الدولية حول الحقوق الاجتماعية والثقافية للشعوب والأفراد.. كما لابد من الهمس في آذان أصحاب هذه الممارسات انهم بهذا لا يخدمون ما يسمونه قضية فلسطينية بل يسيؤون إليها من حيث يدرون أو لا يدرون”.
يشار أن المجلس البلدي لمدينة أكادير وافق على إطلاق أسامي فلسطينية على 43 زقاقا وشارعا بحي القدس بذات المدينة، حيث صادق على تسمية الازقة والشوارع بأسماء من قبيل: شارع فلسطين، بيت لحم، بئر السبع، باب العتم، جنين، خان يونس، يافا، النقب، غزة، باب حطة، الخليل، قلقيلية، باب الرحمة، رام الله، باب الناظر، الشام، المسجد الأقصى، باب المغاربة، قبة الصخرة، حيفا، صفد، المجدل، دير البلح، بيسان، باب الغوانمة، دير ياسين، باب الأسباط، أريحا، عكا، طبرية، باب السلسلة، رفح، نابلس، بيت المقدس، الناصرة، باب الحديد، النقب، بيت حانون، طولكرم، باب القطانين…عوض الاسماء الامازيغية التي كانت تطلق سلفا على تلك الشوراع والأزقة.
أمضال أمازيغ: حميد أيت علي “أفرزيز”