نص سردي من زمن الطفولة

الحسين بوالزيت صحفي وباحث في التاريخ

عندما كنا نزمجر في الوادي، ونقرأ دع اللقالق ترحل، وأترك النمل يدخل بيته. ولم نكن نعلم ان النمل يسكن في “المرس” ولا بيت له….

اقترحه عليكم الحسين بوالزيت، من ساكنة الوادي

في سهل، وفي طرفه الجنوبي الغربي، تنبثق فجأة بنايات طينية ملتصقة بهضبة متوسطة الارتفاع، تتخللها شعاب تبدو وكأنها انفجرت من باطن الأرض، كأن عمالقة قد قاموا بحفرها بدقة متناهية. وكأن جبارًا من الجبابرة يسقط من السماء، قطرة تلو الأخرى، فتتحول إلى سيل جارف يحفر في الأرض. بنيات تبدو في سكون الليل وكأنها فوانيس زيتية مشتعلة تنير طريق عملاق كتاب العبر وهو يتجه نحو المحيط المقدس، ليطعم اهله هناك في مدينة أطلنتيس.

تبدو هذه البقعة الخضراء وكأنها غريبة عن كل ما حولها، مما يثير دهشة الإنسان ويجعله يتساءل: كيف انفجرت المياه والخضرة في مكان مثل هذا؟ وكيف اختفت تلك المعالم من حولها؟ ولكن هذا العجب يزول تدريجيًا ليحل محله نوع من الإعجاب الغامض والتأمل. إنها حالة تعبر فيها الطبيعة عن عبقريتها وجموحها، وتبقى عصية على أي تفسير.

أما وادي ماسة، فقد يبدو بالنسبة لسكانه مألوفًا، وأحيانًا لا يثير تساؤلات كبيرة، لأنهم اعتادوا على رؤية أشجار “تمايت” تملأ الوادي، وتعودوا أن يروا الينابيع تتفجر في أماكن عديدة خلال فصل الشتاء وبداية الربيع. ورغم اعتيادهم، يشعرون أن هناك قدرة مباركة ترعاهم وتيسر لهم الحياة.

وعندما تصل القوافل “أيوغن”، وقد جللتها الأتربة وأكوام الجلاميد وجدوع الأشجار، وتبدأ في التدفق نحو المحيط، خصوصًا في المرحلة الأخيرة، يتدفق الماء ليملأ أحشاء “تاغيا” قرب ولي الغيث، الذي يهتز نشوة بوصول القافلة من جديد، قافلة تقدف بكل مكوناتها إلى بحر يونس، صديق الحوث.

وفي تلك اللحظة، يقول لسان ولي الغيث: إن الذي خلق الكون والبشر والشجر، هو الذي خلق وادي ماسة في هذا المكان بالذات، ليولد فيه نبي من جديد، ليكون منقذًا من الموت والفناء. فهذه التلال الجافة والشعاب العالية العطشى، الصحراء “الزور” فوقها، غادرة، لكنها ليست ملعونة. وادي ماسة وجد ليكتب ميثاقهما. وعندما تستقر قافلة الماء وتفك أحمالها، ويشعر الوادي بخدر شديد لذيذ، لا يلبث أن يتحول إلى رضا عارم يسيطر على كل شيء في الوادي.

(يتبع)

اقرأ أيضا

الرباط.. افتتاح معرض “لحظات معلقة” للفنان المكسيكي ميغيل ميلو

الرباط – افتتح، أمس الأربعاء بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بالرباط، المعرض الفني “لحظات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *